أزمة المناخ تُهدد “المياه الجوفية” ثاني أكبر مخزون للمياه العذبة في العالم

على مر السنين، تعرضت المياه الجوفية لضغوط هائلة لتلبية الاحتياجات البشرية للأنشطة الصناعية في جميع أنحاء العالم.

لكن الآن، فإن تغير المناخ لديه القدرة على تغيير الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمياه الجوفية، مما يؤثر على وظائفها البيئية.

تأثير أزمة المناخ

لا يؤثر تغير المناخ على كمية المياه الجوفية فحسب، بل يؤثر أيضًا على جودتها، فقد يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تسرب المياه المالحة إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية مما يؤثر على جودة المياه الجوفية وتلويث مصادر مياه الشرب.

بمجرد دخول المياه المالحة إلى نظام المياه العذبة، يكون من الصعب عكس العملية.

ما مدى تأثير أزمة المناخ على المياه الجوفية؟

المناطق المعرضة للخطر بشكل خاص هي المناطق الساحلية المنخفضة بالفعل والدول الجزرية الصغيرة النامية.

في السنوات الأخيرة أدى التغير المناخي في اضطراب هطول الأمطار أو الجريان السطحي أو التبخر، وهي أمور قد تؤثر جميعها على تغذية المياه الجوفية، خصوصًا في المناطق الجافة ذات هطول الأمطار المنخفض.

كما يمكن أن يؤثر تغير المناخ على تغذية المياه الجوفية بطرق مختلفة، إما من خلال التغيرات في متغيرات المناخ مثل ارتفاع درجة الحرارة وكمية الأمطار وتوزيعها، وأيضًا من خلال التغيرات الفسيولوجية للنبات الناجمة عن ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

تكيف النبات

لقد أظهر العلماء أن بعض النباتات تتكيف مع التركيزات العالية من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عن طريق إغلاق ثغورها كوسيلة لتنظيم دخول ثاني أكسيد الكربون وخروج بخار الماء إلى الغلاف الجوي.

يؤدي التكيف الفسيولوجي لبعض النباتات إلى انخفاض كمية المياه التي يتم رشحها، مما يعني أن النباتات يمكن أن تصبح أكثر كفاءة في استهلاك كميات أقل من المياه، وبالتالي إتاحة المزيد من المياه لإعادة شحن المياه الجوفية.

المخزون الاستراتيجي للحياة.. ما مدى تأثير أزمة المناخ على المياه الجوفية؟

لكن لم يتضح بعد مدى تأثير هذا التكيف الحقيقي على تغذية المياه الجوفية.

هل تنقذنا المياه الجوفية من تغيرات المناخ؟

يقول البنك الدولي إنه مع تزايد تأثيرات تغير المناخ، يمكن للمياه الجوفية أن تستمر في لعب دور حاسم في الحفاظ على النظم البيئية الحساسة التي تحبس الكربون وفي حماية المجتمعات الضعيفة من الأحوال الجوية القاسية.

لكنه يحذر من استنزاف منسوب المياه الجوفية، وتدهور نوعية المياه الجوفية، وتزايد المنافسة على هذا المورد لأن هذا يهدد استدامته، وهذا يعني أن المجتمعات قد تصبح أكثر عرضة للصدمات المناخية.

وفي حين أن بعض البلدان تستخدم المياه الجوفية بشكل غير كاف، فإن بلدان أخرى أصبحت تعتمد عليها بشكل مفرط. وبالفعل، فإن ما يصل إلى 92% من طبقات المياه الجوفية العابرة للحدود في الشرق الأوسط وجنوب آسيا تظهر عليها علامات استنزاف المياه الجوفية.

وفي جنوب آسيا، وفرت المياه الجوفية ميزة للإيرادات الزراعية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة، ولكن هذه الفائدة آخذة في الانخفاض مع استنفاد الموارد.

وعلى الطرف الآخر، فإن المياه الجوفية غير مستغلة بالقدر الكافي في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، ويعيش أكثر من 255 مليون شخص في المنطقة في فقر في مناطق من الممكن فيها توسيع استخدام المياه الجوفية الضحلة.

ومن خلال استخدام هذا المورد بشكل مسؤول ــ وتقييمه بشكل مناسب ــ تستطيع المنطقة تحسين إنتاجها الزراعي وتعزيز تنميتها.