الفساد في العراق مستمر.. ومكافحته جزء أساسي من عمل حكومة السوداني

أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية العراقية، صدور أمر استقدام بحق السفير العراقي الحالي لدى تركيا، بعد رصد تضخم في أمواله.

وذكر بيان للهيئة نشرته عبر حسابها في “فيسبوك”، أن “قاضي تحقيق محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية في بغداد أصدر أمرا باستقدام السفير العراقي الحالي لدى تركيا، على خلفية رصد دائرة الوقاية في الهيئة حصول تضخم في أمواله”.

 

 

ووفقا للبيان فإن “التقرير الفني لدائرة الوقاية أفاد بأن مقدار التضخم تجاوز ملياري دينار (أكثر من مليون و500 ألف دولار)”.

وأضاف البيان أنه “تم فتح قضية جزائية بحق السفير، بعد أن تبين أن قيمة التضخم الحاصل في أمواله لا تتناسب مع موارده الاعتيادية، مما يشير إلى وجود كسب غير مشروع”.

ولفت إلى “قيامه بإخفاء معلومات في استمارة كشف الذمة المالية الخاصة به، إذ قدم معلومات كاذبة ومضللة بخصوص مصادر أمواله”.

وأشار إلى أن “أمر الاستقدام الصادر بحق المتهم عن محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، جاء استنادا إلى أحكام قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع”.

ويذكر أن السفير العراقي، ماجد اللجماوي، قدم في 15 فبراير الماضي، نسخة عن أوراق اعتماده سفيرا مفوضا فوق العادة لدى تركيا، إلى رئيس دائرة المراسم في وزارة الخارجية التركية، وفقا للسفارة العراقية في أنقرة.

كما أعلنت دائرة التحقيقات في الهيئة صدور أمري استقدامٍ بحقّ رئيسي جامعة كركوك السابق والأسبق؛ لارتكابهما “عمداً ما يخالف واجبات وظيفتهما، وإحداث الضرر بأموال ومصالح الجهة التي يعملان فيها”.

الدائرة أفادت بأنَّ “محكمة تحقيق كركوك المُختصَّة بقضايا النزاهة أصدرت أمراً باستقدام رئيسي جامعة كركوك السابق والأسبق، في قضيَّة المُخالفات المُرتكبة في مشروع تجهيز الجامعة بالأثاث”.

وأضافت إنَّ المحكمة المذكورة “أصدرت أمر استقدامٍ ثانياً بحقِّ رئيس الجامعة الأسبق؛ لارتكاب مُخالفاتٍ في إزالة الملعب الخماسي المشيد من قبل كليَّة العلوم”، لافتةً إلى أنَّه تمَّت إزالة الملعب الذي بلغت كلفته (49,000,000) مليون دينارٍ بعد مرور شهرين فقط على إنجازه؛ لغرض إنشاء محلاتٍ تجاريَّةٍ بدلاً منه.

وتابعت إنَّ محكمة تحقيق كركوك المُختصَّة بالنظر في قضايا النزاهة أصدرت أمري الاستقدام؛ استناداً إلى أحكام المادتين (331 و340) من قانون العقوبات.

في سياق مرتبط بالفساد أيضاً، أعلن وزير الداخلية العراقي، عبدالأمير الشمري، طرد ضباط ومنتسبين في وزارته على خلفية تورطهم بقضايا فساد مؤكداً خفض الفساد بنسبة كبيرة في دوائر وزارته.

وذكر في مؤتمر صحافي عقده في محافظة المثنى جنوبي البلاد، مع محافظها أحمد منفي، أن “ملف الفساد شائك، ويحتاج إلى وقت للقضاء عليه بالكامل” لافتاً إلى تمكّن وزارته من “خفض الفساد بنسبة كبيرة في دوائر وزارة الداخلية”.

إجراءات رادعة

وكشف عن “إجراءات رادعة وحازمة بحق الضباط والمنتسبين الذين يتعاطون الرشوة وتصل إلى حد الطرد من الخدمة” معلناً في الوقت عينه “طرد أعداد من الضباط والمنتسبين المتورطين بقضايا فساد، إضافة إلى الإحالة على التقاعد”.

وكان الشمري، قد وصل إلى محافظة المثنى، يرافقه وكلاء الوزارة، وعدد من المديرين العامين.

ولا يقتصر الفساد في العراق على وزارة أو جهة حكومية محدّدة، بل يطال أغلب مفاصل الدولة، وعادة ما تكشف، بشكل شبه يومي، هيئة النزاهة الاتحادية عن تفاصيل ملفات تحقق فيها يشوبها الفساد.

صفحة جديدة في ملفات الفساد بالعراق.. التحقيق مع سفير ورؤساء جامعة وضباط

وتنامى الفساد في العراق طوال العقدين الماضيين حتى بات تفكيكه أمراً في غاية الصعوبة، وفقاً لتقرير أوردته منظمة “فير أوبزرفر” الدولية.

وطبقاً للتقرير، في 12 نيسان/ أبريل 2023، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن تجديد تعاونهما من أجل منع الفساد والقضاء عليه في العراق، وهو “التزام تم ترسيخه من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم تستهدف تقوية ثقافة الشفافية والمساءلة والسلوك الأخلاقي في كل من المجالين العام والخاص”.

مشكلة متجذرة

واعتبر أن الفساد في الحكومة “مشكلة متفشية ومتجذرة، تسببت في إعاقة تطور البلاد وتنميتها طوال عقود” مبيناً أن “فهم أسباب هذا الفساد يتطلب دراسة دقيقة للعوامل التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تساهم فيها”.

وحسب المنظمة فإن “الفساد تنامى في هذه البيئة، حيث صار السعي وراء اكتساب السلطة والنفوذ متداخلا مع المكاسب الشخصية إذ أن الأفراد سعوا إلى استغلال مواقعهم السياسية بهدف تحقيق مكاسب مالية، وتطور النفوذ السياسي بتحوله إلى وسيلة من أجل تكديس الثروات، وتأمين العقود المربحة والسيطرة على الموارد”.

هذه البيئة، شجعت المسؤولين على استغلال مناصبهم” لانتزاع الرشاوى والاختلاس والتلاعب بالأموال العامة بهدف تحقيق مكاسب شخصية” وفق المنظمة التي ضربت مثال “سرقة القرن” التي تضمنت تورط مسؤولين حكوميين سابقين في سرقة 2.5 مليار دولار من الأموال العامة.

ولفت التقرير إلى أن “عدم الاستقرار السياسي أدى إلى تقويض فعالية المؤسسات لمكافحة الفساد” موضحاً أن “القضاء ووكالات تطبيق القانون والهيئات التنظيمية واجهت في أحيان كثيرة التدخل والتلاعب والترهيب في مناخ سياسي غير مستقر، ما عرقل قدرتهم على ملاحقة الفاسدين قضائيا ومحاسبتهم”.

وخلص التقرير بالقول: “الفساد يمس الاستقرار السياسي من خلال تقويض شرعية الحكومة ومفاقمة التوترات الطائفية وتعزيز السخط والاضطرابات العامة، ولهذا، مكافحة الفساد تمثل مشكلة معقدة بالتأكيد، وهناك حاجة إلى معالجة الأسباب والأسس الكامنة وراء الفساد من أجل تحقيق تقدم كبير، ولهذا فمن الضروري التحقيق في الأسباب الجذرية للفساد وسن إصلاحات لها معنى”.