العراق يقايض نفطه بالغاز الإيراني لحل أزمة الكهرباء

  • العراق تفاوض مع إيران تحت ضغط حاجته للغاز والكهرباء
  • ما حصل من مقايضة للنفط العراقي هو ابتزاز إيراني واضح

يبدو أن المسؤولين في العراق اعتادوا على نظام المقايضة في معالجة أزمات البلد، وآخر ما لجأت إليه الحكومة برئاسة السوداني هو تصدير النفط الأسود مقابل استيراد الغاز الإيراني لحل مشكلة الكهرباء وتجاوز العقوبات الأمريكية على طهران.

وإلى ذلك، اعتبر المؤيدون أن هذا الاتفاق يُشكل الحل الوحيد والأمثل لعبور الصيف شديد الحرارة والحفاظ على العملة الصعبة.

وفي المقابل، وصف المعارضون الاتفاق بالغامض، وأن المفاوض الإيراني أذكى ويملك أوراق تفاوض أكثر من نظيره العراقي، وبالتالي تبقى إيران هي المستفيد الأكبر على حساب العراق، هذا ما ناقشناه في حلقة اليوم من برنامج “ستديو أخبار الآن“.

 

نفط العراق مقابل الغذاء.. والآن مقابل الغاز الإيراني فماذا بعد؟

خلل في توازن القوى

وحول هذا الموضوع، قال المستشار في الاقتصاد والنقل الدولي والباحث في العلاقات الدولية، زياد الهاشمي، خلال استضافته في برنامج “ستديو أخبار الآن” عبر “سكايب”، إن: “العراق تفاوض مع إيران تحت ضغط حاجته للغاز والكهرباء”.

وأوضح الهاشمي في معرض حديثه: “الاتفاقيات الاستراتيجية المماثلة عادة تحمل آليات وسياقات تأخذ زمنًا ليس بقليل لتحديد الأهداف والأولويات والخيارات المُتاحة للطرفين”، مضيفًا: “مرحلة التفاوض على أي اتفاق استراتيجي تأخذ دومًا وقتًا طويلًا حتى الوصول إلى الصيغة النهائية بين البلدين، لضمان الحقوق بشكلٍ عادل ومتساوي”.

وفيما يخص الاتفاق العراقي – الإيراني، أشار إلى أن: “هناك معايير تم القفز عليها، والخطوات الرئيسية للوصول إلى اتفاقٍ كهذا قد تم تجاوزها، فهذه الاتفاقية الخاصة بمقايضة نفط العراق بالغاز الإيراني تم التوصل لها خلال 4 أيام فقط، كما تحمل الكثير من علامات الاستفهام”.

ولفت: “الطرف العراقي يجلس على طاولة التفاوض مع الجانب الإيراني وهو تحت ضغط، خاصة وأن العراق يمر بظرفٍ طارئ والمتعلق بقطع الغاز الإيراني، ولذلك هناك حاجة عراقية ماسّة للحصول على الغاز في مثلِ هذا الوقت، وهناك سباق مع الزمن للحصول على الغاز”.

وفي المقابل أكد: “الجانب الإيراني في حالة راحة، وليست لديه ضغوطات، وهو ما يخلق خللًا في التوازن وفي القوى التفاوضية بين الطرفين، وبالتالي هناك احتمالية كبيرة بأن تفضي هذه المفاوضات إلى اتفاقية مُخلة بالمصالح العراقية، ولن تحقق العدالة التي يريدها المواطن العراقي”.

ابتزاز إيراني

ومن ناحيته، أكد الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي العراقي، د. حامد الصرّاف، خلال استضافته في “ستديو أخبار الآن” عبر تقنية “زووم”، أن: “ما حصل من مقايضة للنفط العراقي هو ابتزاز إيراني واضح”.

وأشار الصرّاف إلى أن: “هذا الاتفاق (مقايضة النفط العراقي بالغاز الإيراني) يؤثر بشكل كبير على الوضع الداخلي في العراق”، لافتًا كذلك إلى أن: “هناك خللًا فنيًا كبيرًا في شبكة وأنابيب توصيل الغاز في العراق وهو ما يخلق عموضًا كبيرًا حول ماهية الاتفاق الذي جرى بين العراق وإيران”.

نفط العراق مقابل الغذاء.. والآن مقابل الغاز الإيراني فماذا بعد؟

ونوّه الباحث في الشأن السياسي العراقي خلال حديثه إلى أن: “إيران تدّعي انطلاقًا من هذا الاتفاق بأنها تخدّم الشعب العراقي وهو ما يُخالف الوضع على الأرض، كون الاتفاق يُشكل استغلالًا لأوضاع العراق، الذي أدرك شعبه أن كل ما يتعرض لها من مشاكل هو مُخطط إيراني مُبرمج”.

أزمة الكهرباء في العراق

وشهدت الأيام الأخيرة أزمة في العراق بسبب انقطاع التيار الكهربائي نتيجة قطع إيران تصدير الغاز بسبب تأخر دفع المستحقات المالية.

ويستورد العراق الكهرباء والغاز من إيران، وهما يشكلان إجمالاً ما بين نحو 33 في المئة و40 في المئة من إمداداته من الطاقة، لا سيما في أشهر الصيف الحارقة عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية ويبلغ استهلاك الطاقة ذروته.

نفط العراق مقابل الغذاء.. والآن مقابل الغاز الإيراني فماذا بعد؟

وتابع السوداني أن بلده يدين لإيران بنحو 11 مليار يورو، ولكنه يواجه صعوبة في سداد هذه الديون بسبب العقوبات الأمريكية التي لا تسمح لطهران سوى بالحصول على أموال لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل الغذاء والدواء.

وذكر السوداني أنه مع تداول النفط الخام العراقي مقابل الغاز الإيراني ستتجنب البلاد الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي التي أصبحت هي القاعدة في الصيف، وذلك في وقت تسعى بغداد إلى استكمال مشاريع استخراج الغاز التي من شأنها أن تحقق اكتفاء ذاتياً لها.