“في الحقيقة ليس لدي ما أقوله لإيران، لأنّني لا أراهم بشراً حتى، فالبشر لا يقومون بهذه الأفعال أو أي شيء من هذا القبيل. إنهم لا يستحقون شيئاً ولا يستحقون حتى أن أقول أيّ شيء لهم”… بهذه العبارة ردّ حبيب حجّو، الكندي الإيراني الأصل، الذي فقد ابنته سحر وحفيدته اليسا في حادث تحطّم رحلة الطائرة الأوكرانية PS752 في الثامن من يناير العام 2020، بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار طهران، والذي أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 176، بالإضافة إلى 9 من أفراد طاقم الطائرة.

الأخذ والرد يتواصل بشأن هذه الحادثة بين المجتمع الدولي وإيران، التي ما زالت ترواغ في سبيل تضليل الوقائع. فقد أصدرت هيئة الطيران المدني في إيران أصدرت أخيراً، التقرير النهائي بشأن إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية، وأرجعته إلى سبب متعلّق بخطأ ارتكبه مشغل الدفاعات الجوية الإيرانية. وذكر التقرير في ملخصه: “تم تعريف الطائرة على أنّها هدف معاد بسبب خطأ من مشغل للدفاعات الجوية قرب طهران، وجرى إطلاق صاروخين صوبها.

ردة فعل كندا وأوكرانيا

وتعقيباً على تقرير هيئة الطيران المدني في إيران، قالت كندا إنّ التقرير الذي صدر بخصوص إسقاط طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية “PS752” لا يحاول الإجابة على أسئلة مهمة حول ما حدث بالفعل ويبدو أنّه غير مكتمل. وكان العديد من الضحايا الذين قتلوا في الحادث مواطنين كنديين أو مقيمين دائمين. وقال رالف جودال ، مستشار رئيس الوزراء الكندي: “لن يكون هناك عزاء للعائلات لأنّ القصة بأكملها مع الدليل القاطع لدعمها، لم يتم توفيرها”.

ومن جهته، انتقد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا التقرير في منشور على فيسبوك. وقال: “ما رأيناه في التقرير المنشور ليس أكثر من محاولة ساخرة لإخفاء الأسباب الحقيقية لإسقاط طائرتنا”. وقال كوليبا إنّ التحقيق الإيراني لم يتبع الممارسات الدولية وتجاهل الأدلّة التي قدمتها أوكرانيا وتوصل إلى استنتاجات انتقائية”. ووصف التقرير بأنّه محاولة ساخرة من قبل سلطات الجمهورية الإسلامية للتستر على الأسباب الحقيقية للتحطم، الذي تشتبه أوكرانيا بأنه كان متعمداً”.

ولاحقاً، أبلغت أوكرانيا منظمة الطيران المدني الدولي بموقفها من التقرير الفني لإيران حول أسباب تحطم الرحلة PS752. وفي كلمته في اجتماع مجلس منظمة الطيران المدني الدولي ، شدد ممثل أوكرانيا لدى منظمة الطيران المدني الدولي أندريه شيفتشينكو، على أنّ الوثيقة لا تفي بمتطلبات اتفاقية شيكاغو، وأنّ التقرير لا يجيب على سؤالين أساسيين: ما سبب المأساة وكيفية تفاديها في المستقبل”.

وأضاف: “ليست هذه هي روح التعاون التي يحتاجها مجتمع الطيران. كيف يمكننا إرسال رحلات جوية إلى السماء الإيرانية مرة أخرى؟ كيف يتوافق كل هذا مع مبادئ الايكاو؟ هل كل هذا يجعل الطيران المدني أكثر أماناً”؟ وأكدت وزارة الخارجية أن أوكرانيا ستسعى إلى الحقيقة والمسؤولية لتكريم ذكرى الضحايا وضمان سلامة الرحلات الجوية المستقبلية.

 

أهالي ضحايا الرحلة “PS752” لـ “أخبار الآن”: إيران تكذب ولا نثق بها

تمكن فريق “أخبار الأن” الاستقصائي من التواصل مع أهالي بعض من ضحايا الطائرة الأوكرانية، الذين تحدثوا عن أهم تفاصيل الحادثة واللحظات الأخيرة التي كانوا فيها على تواصل مع ذويهم، وما أعقب ذلك من ضغوط وتعقيدات طالتهم على الصعيد الشخصي وعرقلت مسار التحقيقات بشأن الحادثة من جانب النظام الإيراني.

حبيب حجو فقد ابنته وحفيدته

وروى حبيب حجو، في لقاء خاص مع “أخبار الآن“، تفاصيل اللحظات الأخيرة، فقال: “كنت في المنزل وعلى تواصل مع ابنتي سحر، كانت تراسلني إذ أنني أطمئن عليهم عادة بهذه الطريقة. كانت تراسلني عبر تطبيق واتساب وأرسلت لي صورة من داخل الطائرة. التقطت صورة سيلفي لها ولابنتها إلسا وأرسلتها لي. وبعد صعودها إلى الطائرة أخبرتني أنّه يوجد تأخير في الإقلاع. وقد تأخرت الطائرة بالفعل ساعة ثمّ أعلمتني بأنّ الأمور على ما يرام وأقلعت الطائرة. ولسبب ما ومع العلم أنني لم يسبق لي أن تتبعت الرحلات، قررّت هذه المرة أن أتتبع الرحلة إلّا أنّني لم ألحظ أيّ حركة”.

وأضاف حجو: “أقلعت الطائرة ولكن لم أرَ شيئاً غير ذلك. انتابني شعور بعدم الإرتياح. وبعد الإقلاع بنحو ساعة، قدم ابن أخي إلى منزلي لأنّ هاتفي كان مغلقاً وكانت الساعة حوالى الـ 11.30 ليلًا. لم يكن على طبيعته. سألني إذا كنت قد استمعت إلى الأخبار؟ فقلت لا. بالواقع كنت أشاهد التلفاز ولكن ليس الأخبار. ثمّ أعلمني بأنّ حادثاً ما حصل محاولًا إخباري بالأمر تدريجياً. كان الوقت ليلاً هنا في تورونتو  ولم أستطع النوم. كنت في حالة صدمة ولم أرد أن أصدق الأمر”.

واكمل الوالد والجد المصدوم: “شاهدت فيديو التقطه أحدهم عبر الهاتف. وتلقيت عند الـ 3.00 أو 3.30 قائمة الطائرة لأدرك بأنّ الركاب جميعهم فارقوا الحياة. قُتل 176 شخصاً بالإضافة إلى طاقم الطائرة. هذه مأساة”، موضحاً أنّه ولمدّة يوم أو يومين بعد ذلك لا يتذكر كيف كانت حالته، إذ انه كان مشوشاً ولا يتذكر سوى القليل مثل أنّه كان يصرخ ويرتجف.

واسهب حجو في حديثه لـ”أخبار الآن“: “لا أعلم إنْ كانت هذه حياة أم لا. أن تكون على قيد الحياة لا يعني بالضرورة أنّك حي. أنا أتنفس ولكن هل أنا حي فعلًا؟ لا أعتقد أنّ هذه حياة.  بعد الحادثة بأقل من شهر انخرطت في دعوى قضائية جماعية، وحضوري فيها قوي، وأنا من بين ممثليها. هذا الأمر الوحيد الذي يدفعني للإستمرار لأنّه يمنحني بعض الأمل بأنّ تحقيق جزء من العدالة أمر ممكن. يوجد فقط هذه الدعوى الكندية ضدّ النظام الإيراني والحرس الثوري ومطلق الصاروخ والخطوط الجوية الأوكرانية”.

حاجو وخلال حديثه الممزوج بالحزن والاسى، قال: “أنا رجل واقعي. لست يافعاً أو واهماً. أعلم أنّه تحقيق العدالة الحقيقية أمر صعب. إلّا أنّني لا أريد أن أفقد الأمل وأريد تحقيق ولو القليل. ولهذا السبب رفعنا الدعوى الجماعية التي تشمل عائلات جميع الضحايا”.

وأضاف: “لكان الوضع أفضل لو أنّ الحكومة الكندية أحضرت إيران إلى المحكمة الدولية. إلّا أنّ الدعوى الجماعية لا تتعارض مع ذلك. على العكس كان من شأن ذلك دعم قضيتنا. ولكن العدالة الحقيقية غير ممكنة. فهل من الممكن محاكمة خامنئي أو قائد الحرس الثوري الإيراني؟ أعلم أن هذا غير واقعي ولكن هكذا تكون العدالة الحقيقية. أبذل قصارى جهدي. جميعنا نبذل قصارى جهدنا. إلّا أنّ شيئاً لن يعيد لي أبنائي”.

وتابع حجو: “أنا رجل واقعي، أعلم ما الذي يحكم العالم. هل من الممكن أن نحاكم هؤلاء الأشخاص وينالوا القصاص الذي يستحقونه؟ إنّ أطفالي والـ 176 شخصاً الآخرين ليسوا وحدهم الضحايا لهذا النظام. ما انفك النظام يفعل ذلك منذ 42 سنة. لقد قتل وعذب وارتكب الكثير بحق الناس في إيران. وإن استطاع وقد استطاع بالفعل أن ينفذ هذه الأفعال خارج إيران لن يتردد في ترويع وقتل الناس. يجب أن تتحقق العدالة من أجل هذا كله. ولا أرى أنّ أطفالي أو الـ 176 ضحية أهم من هؤلاء الناس. كلهم أبرياء وقد قتلوا وعذبوا على يد النظام الإيراني. هم ضحايا النظام”.

وبخصوص المضايقات والتهديدات، قال حجو لـ”أخبار الآن“: “الأمر الذي واجهناه هو أنّه عند تواجد أبنائي في إيران لم يتم التعرف على جثثهم وكانوا بحاجة لفحص  “دي ان اي”. وأضاف: “توجه صهري إلى إيران وهو كان سافر معهم لقضاء عطلة عيد الميلاد ولكن عاد قبلهم بأسبوع لأنّ إجازته انتهت. عاد إلى إيران بعد حادثة إسقاط الطائرة، وفور انتهاء المراسم وغيرها تعرضنا للضغط من أجل دفنهم هناك. إلّا أنّني رفضت بشدّة. جميعنا مقيمون في كندا فما المغزى من ذلك؟ نريد دفن جثث أحبابنا هنا”.

وفي ما يتعلق بالتعويضات، قال حجو: “كما تعلمون، التعويض المادي هو آخر شيء تريده العائلات التي فقدت أحباءها، كلّ ما تريده هذه العائلات هو الشفافية، نحن نريد إجابات واضحة وشفافة: لماذا حدث هذا؟ هذا أهم الأسئلة التي نريد إجابات لها، لقد مرّ عام كامل ولا زلنا لا نعرف لماذا قاموا بإسقاط الطائرة؟ لماذا قتلوا أحبائنا؟ ماذا كان السبب وراء ذلك”؟ وتوقع تحميل النظام الإيراني مسؤولية ما جرى، وإرغامهم على تقديم إجابات حقيقية وشفافة على كلّ الأسئلة: لماذا فعلوا ذلك؟ ماذا كان وراء إسقاط الطائرة؟ يجب أن يكونوا مسؤولين في التعامل مع الأمر وأن عليهم الإجابة على كل الأسئلة المتعلقة بهذه المأساة بشفافية مطلقة”.

وأضاف قائلاً: “في رأي ورأي العائلات الأخرى، هذه تعدّ جريمة قتل، لأنّنا نعتقد أنّهم أسقطوا الطائرة عمداً، كل العائلات، أو على الأقل غالبيتها، تؤمن بذلك. لقد قاموا بإسقاط الطائرة عن قصد، ولم يتم ذلك عن طريق الخطأ، أو ما قاموا بتسميته خطأ بشري، لا يوجد شيء من هذا القبيل ونحن لا نقبله ولا نصدقه. نحن نعتقد أنهم فعلو ذلك عمدًا، ويجب أن تتم محاسبتهم. هناك العديد من التساؤلات من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، ولكن بالطبع يحاولون دائماً التهرب من الإجابة ولا يقولون أي شيء”.

الرحلة PS752.. أهالي الضحايا عالقون عند 8 يناير 2020!

حبيب حجو” فقد إبنته سحر وحفيدته إلسا في تحطم الطائرة الأوكرانية”

رسالة إلى ابنته

حجو توجه برسالة إلى ابنته، فقال: “لا أعلم ما هي الرسالة التي أودّ قولها إذا كانت تسمعني الآن. لقد كانت إنسانًة جيدة جدًا، حتى حفيدتي أيضاً، لقد كانوا يحاولون أن يكونوا أشخاصاً جيدين مع الجميع، كان عندهم جوانب إنسانية حقيقية، وكانوا ينظرون إلى الجميع دون أي تحيز أو تمييز، أو حتى أي تفريق بين لون البشرة أو الديانة أو الخلفية العرقية للناس. لقد أحبوا البشر لأنهم بشر، وكانوا يحاولون مساعدة الجميع. لقد كانوا أشخاصاً جيدين جدًا، وأنا أعتبرهما قدوة لي وأحاول أن أكون مثلهما وأن أكون جيدًا مع الآخرين”.

وأضاف: “أنا متأكد من أنهم لا يريدون أن تحدث هذه المأساة لأي شخص في العالم. لا نريد أن يحدث هذا لأي شخص، ولا أريد حتى أن يحدث هذا لعدوي أبدًا. لا أريد أن يمر أي شخص بهذا. ربما ترونني الآن هادئاً وأنا أتحدث إليكم، لكنكم لا تعرفون ما بداخلي، ولست وحدي في هذا، فكل والد وكل شخص فقد أحبائه بهذه الطريقة المروعة، إنه أمر مؤلم للغاية. إنه أمر صعب حقًا، فأنا أحاول فقط أن أحافظ على تماسك نفسي، أحاول أن أقاوم  وأستمر، وأحاول تحقيق العدالة بقدر ما يمكنني وبقدر أستطيع، هذا كل ما يمكنني فعله. وآمل أن تفعل الحكومات ذلك أيضاً”.

حجو: بالنسبة لنظام كهذا وديكتاتور كهذا هناك حل وحيد وهو التخلص منه

وأعرب حجو عن وجهة نظره قائلاً: “في الواقع وجهة نظري هي أن الموضوع ليس متعلقاً بسحر وإلسا فقط، لقد أخذت إيران الكثير الكثير من أحبائهم. لا يهم إن كانوا شباباً أو فتيات أو أطفال، لقد قاموا بقتل الكثير منذ وصولهم إلى السلطة حتى الآن. بالنسبة لي لا فرق بين كل هؤلاء وبين شارناز وإلسا، كلهم أولادي وكلهم إخوتي وأخواتي، لا فرق بينهم جميعاً، فكلهم بشر في النهاية! لا يهمني إن كانوا من هذه الديانة أو من تلك، أو حتى إن كانوا من هذه المنطقة أو من تلك، ما يهم فعلاً هو أن إيران تقتل وتأخذ أحبائنا منا. لا أريد أن أكون وقحًا .. لا أريد أن أستخدم أي تعبير مسيء .. أعني أنني لا أريد أن أكون غير مهذب، لكن بالنسبة لنظام كهذا وبالنسبة لديكتاتور كهذا، هناك حل واحد فقط وهو التخلص منه. هذا كل شيء يمكن فعله. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن القيام به. لن يكون هذا النظام على صواب أبداً، ولن يتغير أبداً. هذا ما كان عليه من البداية وهو يزداد عدوانية الآن بارتكابه هذه الجرائم. إنهم يرتكبون جرائم ضد الإنسانية، حتى أنّهم يخطفون الناس من دول أخرى ويأتون بهم إلى إيران ويضعونهم في السجن ويقتلونهم. لا أعرف ما الذي يمكن أن نتوقعه من نظام كهذا”.

جافاد سليماني فقد زوجته إلناز

جواد سليماني، وهو أيضاً مواطن كندي إيراني الأصل، فقد زوجته أيضاً في حادث الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها الدفاعات الجوية الإيرانية، فقال لـ”أخبار الآن”: “في الحقيقة، من الصعب جدّاً وصف ما عشناه في الأشهر الـ14 الماضية. كنت وزوجتي نتابع دراساتنا هنا في الجامعة. كنا زوجين عاديين. كنا نعيش حياة بسيطة وفرحة. انتقلنا إلى كندا منذ سنتين لمتابعة دراستنا العليا. وفجأة في 8 يناير 2020، تغيّرت كل الأمور. وما زلت عالقًا في 8 يناير (كانون الثاني) 2020”.

وأضاف سليماني: “ما زلت آملًا أن يمر هذا الكابوس الطويل. وربما يوماً ما، ستتصل بي أو تقرع الباب ليتبين أن كل الأمور انتهت وكانت مجرد كابوسًا. وبما أننا نتعامل مع النظام الإيراني الذي يعتبر نظامًا غير عادي، فالأمور معقدة. وللأسف لم نتمكّن من الوصول إلى أيّ نتيجة في الأشهر الـ 14 الماضية، وهذا ما عقّد كافة الأمور بالنسبة إلى جميع أهالي الضحايا”.

جواد: مازلت متوقفاً عند تاريخ 8 يناير 2020 

واوضح سليماني ونظرات الحزن والآلم بادية على وجهه: “لقد أثر هذا الأمر على حياتي وحياة العائلات الأخرى بشدة. نتعامل مع ظرف مخيف. في الحقيقة، أشعر بالإحباط. أتناول أدوية مختلفة ومضادات الاكتئاب. لكن الأمر الوحيد الذي ساعدني وأعتقد أن الأمر هو ذاته بالنسبة إلى العائلات الأخرى، هو السعي إلى تحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة. في الواقع، هذا المسار صعب للتحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة. هذا يؤثر على حياتنا. والمكافحة من أجل أحبائنا هي من أحد أكبر الدوافع في حياتنا، ومن دونها لا يمكنني أن أستمر أو أن أحيا. لذا تجمّع أهالي الضحايا في هذه الجمعية للتعبير عن حزن جماعي والسعي إلى تحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة. نحن أقوياء معًا. نحن مقاتلون وما من أي خيار آخر أمامنا”.

وأضاف قائلاً: “بالطبع آلية التعامل مهمة، لكن في الحقيقة أعتقد أن ما كان مميزًا هو أن لأول مرة في التاريخ أقلفت الحكومة الخطوط الجوية المدنية في مطار دولي، في حين أن العديد من الضحايا هم في الأصل من هذه الدول،  لذا سيمارسون الضغط على أهالي الضحايا ولم يدعوا المجتمع الدولي من أحل تحقيق دولي. في البداية، لقد أخبرني العديد من الأشخاص وبعض أهالي الضحايا أنه مع مرور الوقت ستكون الأمور على ما يرام. لكن في الحقيقة، أعتقد أن لطالما لا نمتلك الحقيقة فلا يمكننا أن تحقيق العدالة. لكن أعتقد أن الأمر الوحيد الذي سيكون بمثابة خاتمة هو الكشف عن الحقيقة لمعرفة ما حصل تحديدًا في تلك الليلة، الأمر الذي سيمنحنا العدالة ومن دونها سيكون الأمر موقتًا. سيجعلنا مرتاحين بعض الشيء لكن بشكل موقتًا وليس دائمًا”.

وأكمل الزوج المصدوم حديثه لـ”أخبار الآن“: “بالطبع الأمور تغيّرت بشدة. فقد كنت أتابع دراستي هنا في الجامعة. ومن بعد ذلك، أصبحت ناشطًا ومقاتلاً من أجل الحقيقة بحق أحبائي. وهذا ليس فقط من أجل الحقيقة بحق أحبائنا فقط؛ إذا نبذل جهدنا من أجل الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة، فهذا يصب في مصلحة الجميع، ولا نريد أن نرى أناسًا آخرين يختبرون أمرًا مشابهًا مرة أخرى. لهذا السبب نصرّ على تحقيقات شفافة وذات مصداقية، لأن لطالما لن نصل إلى تحقيق دولي، فما من أي ضمانة على أن هذا الأمر ليحصل مرة أخرى. وفي الحقيقة”.

الرحلة PS752.. أهالي الضحايا عالقون عند 8 يناير 2020!

جواد سليماني فقد زوجته إلناز في تحطم الطائرة الأوكرانية

جواد: أتمنى أن نرى النظام الإيراني في محكمة العدل الدولية 

وأضاف: “نحن لا نقاتل من لأنفسنا ولأحبائنا فحسب، بل نقاتل من الآخرين. قد لا يفهم بعض الأشخاص هذا الأمر، لكن ما حصل هو أمر رهيب ولا يمكنني أن أصفه بمجر كلمات. لا أريد أن أرى أناساً آخرين يختبرون ما عشناه في الأشهر الـ14 الماضية. وفي الحقيقة، تُعتبر المقاومة من أجل العدالة والكشف عن الحقيقة دافعي الوحيد لبقية حياتي”.

واسهب سليماني في حديثه قائلاً: “أعتقد أنّ تقرير الأمم المتحدة من قبل السيدة كالامارد كان إنجازاً حول عائلات الضحايا لأنّه يكرر مخاوفنا وأسئلتنا. كما أعتقد أنّ الوسيلة الوحيدة يمكننا أن نحاسب النظام الإيراني هي اللجوء إلى محكمة عدل الدولية. نشكّك بأي ضغط، ونشكك بمحاكمتهم لأنهم لن يُحاسبوا. تطرّق تقرير الأمم المتحدة إلى 6 أسئلة. وشرح  مخاوفنا وجاوب على أسئلتنا المتعلقة بالتحقيقات. كما قال: “طالما أنّ النظام الإيراني يمتنع عن الإجابة ويتطرق إلى مخاوفنا، يُعتبر سيناريو التدويل أمراً حازماً، وأهالي الضحايا عبّروا طوال هذه الفترة عن أنّ النظام الإيراني ليس أهل للثقة وأنّ التقارير مضللة. أتمنى أن نرى النظام الإيراني في محكمة العدل الدولية للإجابة على أسئلتنا وشرح مجريات جرائهم الشنيعة”.

الجزئية المتعلقة بالتعويضات المسحقة لأهالي ضحايا الطائرة الأوكرانية

وتعقيبا على مسألة التعويضات المستحقة لأسر ضحايا الطائرة الأوكرانية، قالت الدكتورة نادين عيتاني، رئيسة مركز الشرق الأوسط لبحوث الطيران لـ “أخبار الآن“: “هناك اتفاقيات دولية تحدّد أحكام التعويضات والأضرار الناتجة عن حوادث الطيران وحماية حقوق المسافرين، وأحكام هذه الاتفاقيات تحددّ سقف التعويضات بـ 230 ألف دولار أمريكي، ويمكن أن يبدأ التعويض من 100 ألف دولار وصولاً إلى 230 ألف دولار، بحسب عمر الضحية وعدد الأشخاص الذين يعيلهم.

وأضافت عيتاني: “يمكن لأهالي الضحايا أن يطالبوا بسقف أعلى لهذه التعويضات إذا ما من إثبات أنّ الحادث ناجم عن إهمال أو تقصير من قبل شركة الطيران. ولا بد أن نذكر أن أهالي الضحايا لا يمكنهم مقاضاة حكومات بل شركة الطيران”.

الرحلة PS752.. أهالي الضحايا عالقون عند 8 يناير 2020!

د. نادين عيتاني، رئيسة مركز الشرق الأوسط لبحوث الطيران

وأضحت رئيسة مركز الشرق الأوسط لبحوث الطيران قائلة: “لا يمكن للتحقيقات أن تخرج عن المسار القانوني للتحقيق لأنّ التحقيق مضبوط دولياً”، لافتةً إلى أنّ “حساسية الملف أنّ لديه بعداً سياسياً بسبب النزاع والتوتر في العلاقات الدولية والديبلوماسية بين إيران والمجتمع الدولي”.

تحقيق أممي أفضى إلى تحميل إيران مسؤولية إسقاط الطائرة

وكانت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامارد، كشفت في حديث لـ”أخبار الآن”، أنّ التحقيق الأممي الذي قادته أفضى إلى تحميل إيران مسؤولية إسقاط الطائرة الأوكرانية في يناير الماضي في طهران. واعتبرت أنّ إيران تواصل التهرب من المسؤولية والتضليل، وهي فشلت في إجراء التحقيق الذي ادّعت أنّها تقوم به”.

وأوضحت أنّ إيران ارتكبت جملة من التناقضات والمغالطات خلال مقاربتها للحادثة، لافتةً إلى أنّ سلسلة من الأمور كان يجب على إيران أن تتخذها لكنّها فشلت في تحقيقها. وأشارت إلى أنّ إيران لم تبدِ أيّ تعاون في هذا الشأن، معتبرةً أنّ إسقاط الطائرة يشكل لائحة اتهام خطيرة لإيران على الصعيدين العسكري والمدني، خصوصاً في ما يتعلق بانتهاك التزاماتها في مجال حقوق الإنسان.