الأمر لا يقتصر على تايلور سويفت.. “الإباحية الانتقامية” يمكن أن تطال الجميع

أثار انتشار صور إباحية تم تزييفها وإنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لنجمة الغناء الأمريكية تايلور سويفت عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام، الجدل مجددًا حول التهديدات المحتملة التي تشكلها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي السائدة، لقدرتها على إنشاء صور ضارة تبدو وكأنها حقيقية بشكل مقنع.

تم تداول الصور المزيفة لتايلور سويفت في الغالب على موقع إكس، حيث شوهدت الصور، التي تظهر المغنية في أوضاع موحية جنسيا، عشرات الملايين من المرات قبل إزالتها من منصات التواصل الاجتماعي.

“الإباحية الانتقامية”

ما حدث لتايلور سويفت يندرج تحت ممارسة تُعرف باسم “الإباحية الانتقامية“، تركز على التلاعب بوجوه النساء، دون موافقتهن، لإنساء مقاطع فيديو وصور إباحية بواسطة التقنيات التكنولوجية.

ويندرج ذلك أيضا تحت مسمى “التزييف العميق” وهو نوع من الذكاء الاصطناعي يستخدم لإنشاء مقاطع فيديو أو صور مزيفة تبدو واقعية للغاية.

ويمكن استخدام التزييف العميق لأغراض مختلفة، بما في ذلك الترفيه والإنتاج الإعلامي والهندسة المعمارية والبحث العلمي. ومع ذلك، يمكن أيضًا استخدام التزييف العميق لأغراض ضارة، مثل نشر أخبار كاذبة أو تشويه سمعة الأشخاص.

ورغم أن هذا المفهوم ليس جديدًا على الإطلاق، حيث استخدم الناس هذا النوع من التكنولوجيا كسلاح ضد النساء والفتيات لسنوات، لكن مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي وزيادة الوصول إليها، يقول الخبراء إن الأمر على وشك أن يصبح أسوأ بكثير، بالنسبة للجميع، بدءًا من الأطفال في سن المدرسة وحتى البالغين، وفق شبكة “سي إن إن”.

وأفاد بعض طلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء العالم، من نيوجيرسي إلى إسبانيا، أن وجوههم تم التلاعب بها بواسطة الذكاء الاصطناعي ومشاركتها عبر الإنترنت من قبل زملاء الدراسة.

وفي الوقت نفسه، اكتشفت إحدى الشابات المشهورات على موقع “تويتش” Twitch للبث المباشر أن صورتها تُستخدم في مقطع فيديو إباحي مزيف انتشر بسرعة في عبر مجتمع الألعاب.

الإباحية الانتقامية

الأمر يطال الجميع

من جانبها، قالت دانييل سيترون، الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة فيرجينيا لـ”سي إن إن”: “لا يقتصر الأمر على المشاهير فقط.. الأمر يطال الناس العاديين. إنه يطال الممرضات وطلاب الفن والقانون والمدرسين والصحفيين. لقد رأينا قصصًا حول كيفية تأثير ذلك على طلاب المدارس الثانوية والعاملين في الجيش. إنه يؤثر على الجميع”.

ولكن رغم أن هذه الممارسة ليست جديدة، إلا أن استهداف سويفت يمكن أن يجذب المزيد من الاهتمام للمشاكل المتزايدة حول الصور التي ينشئها الذكاء الاصطناعي.

وأعرب جمهور سويفت الهائل عن غضبهم على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع، مما دفع القضية إلى الواجهة.

رغم أن منصة إكس استغرقت 17 ساعة لإزالة الصور، إلا أن العديد من الصور التي تم التلاعب بها لا تزال منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.

مراقبة المحتوى

ووفق بن ديكر، الذي يدير “ميمتيكا”، وكالة لتحليل التهديدات عبر الإنترنت، فإن شركات وسائل التواصل الاجتماعي “ليس لديها خطط فعالة لمراقبة المحتوى بالضرورة”.

ومثل معظم منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، تحظر سياسات منصة إكس مشاركة “الوسائط المركبة أو التي تم التلاعب بها أو خارج السياق والتي قد تخدع الناس أو تربكهم وتؤدي إلى الأذى”.

ولكن في الوقت نفسه، قامت إكس بخفض عدد فريق الإشراف على المحتوى الخاص بها إلى حد كبير وتعتمد على الأنظمة الآلية وتقارير الإبلاغ من المستخدمين.

الإباحية الانتقامية

وقامت شركات التواصل الاجتماعي الأخرى أيضًا بتخفيض فرق الإشراف على المحتوى الخاصة بها. على سبيل المثال، قامت شركة ميتا التي تدير فيسبوك بإجراء تخفيضات على فرقها التي تعالج المعلومات المضللة وتنفذ حملات التصيد والمضايقات على منصاتها، حسبما قال أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالوضع لشبكة “سي إن إن” ما أثار مخاوف قبل انتخابات 2024 المحورية في الولايات المتحدة وحول العالم.

وقال ديكر إن ما حدث لسويفت هو “مثال ساطع على الطرق التي يتم بها إطلاق العنان للذكاء الاصطناعي للعديد من الأسباب الشائنة دون وجود حواجز حماية كافية لحماية الساحة العامة”.

وعندما سُئلت عن الصور، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير: “إنه أمر مثير للقلق. نحن منزعجون من التقارير التي تتحدث عن تداول الصور والتي نشرتموها للتو – الصور الزائفة، على وجه التحديد، وهي مثيرة للقلق”.

كيفية حماية الصور الخاصة

يمكن للأشخاص اتخاذ بعض الخطوات الصغيرة للمساعدة في حماية أنفسهم من استخدام صورهم في صور غير موافق عليها.

ينصح خبير أمن الكمبيوتر ديفيد جونز، من شركة خدمات تكنولوجيا المعلومات Firewall Technical، الأشخاص بضرورة مراعاة الحفاظ على خصوصية الملفات الشخصية ومشاركة الصور فقط مع الأشخاص الموثوق بهم لأنك “لا تعرف أبدًا من الذي يطلع على ملفك الشخصي”.

ومع ذلك، فإن العديد من الأشخاص الذين يشاركون في “الإباحية الانتقامية” يعرفون أهدافهم بشكل شخصي، لذا فإن الحد مما يتم مشاركته بشكل عام هو الطريق الأكثر أمانًا.

بالإضافة إلى ذلك، تتطلب الأدوات المستخدمة لإنشاء صور جنسية أيضًا الكثير من البيانات الأولية والصور التي تظهر الوجوه من زوايا مختلفة، لذلك كلما قل عدد الأشياء التي يتم مشاركتها كان ذلك أفضل.

ومع ذلك، حذر جونز من أنه نظرًا لأن أنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت أكثر كفاءة، فمن الممكن في المستقبل أن تكون هناك حاجة إلى صورة واحدة فقط لإنشاء نسخة مزيفة بعمق لشخص آخر.

ويمكن أن يسعى المتسللون أيضًا إلى استغلال ضحاياهم من خلال الوصول إلى صورهم.

وقال: “إذا أراد المتسللون ذلك، فقد يحاولوا اختراق كلمات المرور الخاصة بك حتى يتمكنوا من الوصول إلى الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بك التي تشاركها على حساباتك”.

وأضاف “لا تستخدم أبدًا كلمة مرور سهلة التخمين، ولا تكتبها أبدًا.”

الإباحية الانتقامية

نصائح إضافية

هناك عدد من الطرق التي يمكن من خلالها أيضا حماية صورنا من هذه التقنية، منها:

  • عدم نشر صور شخصية حساسة أو حميمة على الإنترنت، حيث يمكن استخدام هذه الصور لإنشاء مقاطع فيديو مزيفة تُظهر الشخص في مواقف غير مرغوب فيها
  • وضع علامة مائية على الصور الخاصة، حيث يمكن أن تجعل العلامة المائية من الصعب على المهاجمين استخدام صورك دون إذنك.
  • كن على دراية بالعلامات التي قد تشير إلى أن مقطع فيديو مزيف.

بعض العلامات الشائعة تشمل:

  1. عدم تناسق الحركة أو الإيماءات
  2. وجود أخطاء في الخلفية أو المؤثرات الخاصة
  3. عدم تناسق الصوت والصورة

وتمشل أيضا هذه النصائح أيض، أن يكون الشخص انتقائيًا في الصور التي يشاركها على وسائل التواصل الاجتماعي. فلا يشارك أي صور لا ترغب في أن تنتشر على نطاق واسع.

هذا بالإضافة إلى مراقبة نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يكون على دراية بآخر الأخبار والمعلومات حول التزييف العميق، ويمكن أن يساعده ذلك في التعرف على أحدث التقنيات المستخدمة لإنشاء مقاطع فيديو مزيفة.