إيران تتفاوض في الوقت الذي تطور فيه برنامجها النووي

  • كررت إيران طلبها إنهاء قضية المواقع غير المصرح عنها

أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الإثنين أنّ إحياء الاتفاق بشأن برنامج بلاده النووي مرتبط بإقفال الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف المواقع الإيرانية المشتبه بأنها شهدت أنشطة غير مصرّح عنها، وذلك مع بلوغ التفاوض بين طهران والقوى الكبرى مراحل حاسمة.

وتثير قضية العثور سابقا على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع لم تصرّح طهران بأنها شهدت أنشطة كهذه، توترا بين إيران من جهة، والقوى الغربية والوكالة التابعة للأمم المتحدة.

وفي حين تعدّ إيران هذا الملف “سياسيا”، تدعوها دول غربية وفي مقدمها الولايات المتحدة إلى التعاون مع الوكالة لوضع حد لهذه الشكوك.

وأتت تصريحات رئيسي بينما تدرس طهران الردّ الأميركي على مقترحات تقدمّت بها الجمهورية الإسلامية تعقيبا على مسودة “نهائية” عرضها الاتحاد الأوروبي بهدف إنجاز مباحثات غير مباشرة بين الطرفين بدأت العام الماضي بهدف إحياء اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن في 2018.

وقال الرئيس الإيراني “في قضية المفاوضات، مسالة الضمانات (في إشارة لقضية المواقع غير المعلنة) هي إحدى المسائل الجوهرية. كل قضايا الضمانات يجب أن يتم حلّها”.

وأضاف خلال مؤتمر في طهران أمام ممثلي وسائل إعلام محلية وأجنبية “من دون حلّ قضايا الضمانات، الحديث عن الاتفاق هو بلا جدوى”.

وكررت إيران على مدى الأشهر الماضية، طلبها إنهاء قضية المواقع، خصوصا في أعقاب إصدار مجلس محافظي الوكالة الدولية في حزيران/يونيو، قرارا يدين عدم تعاونها مع المدير العام للوكالة سي في القضية.

وأثارت الخطوة انتقادات لاذعة من إيران التي ردّت بوقف العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة الدولية في بعض منشآتها.

وكان غروسي شدد في حديث لشبكة “سي أن أن” الأميركية الأسبوع الماضي، على أن هيئته لن تغلق ملف المواقع غير المعلنة في إيران بدافع سياسي.

وأوضح “فكرة أن نعمد إلى التوقف عن القيام بعملنا بدافع سياسي غير مقبولة بالنسبة إلينا”، معيدا التأكيد أن إيران “لم تقدم لنا إلى الآن إيضاحات مقبولة تقنيا نحتاج لها” لتفسير مسالة المواد النووية.

وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي “خطة العمل الشاملة المشتركة”، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.

إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجا عن معظم التزاماتها.

وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، المانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في نيسان/أبريل 2021، تم تعليقها مرة أولى في حزيران/يونيو من العام ذاته. وبعد استئنافها في تشرين الثاني/نوفمبر، علّقت مجددا منذ منتصف آذار/مارس مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.

وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر حزيران/يونيو، لم تفضِ إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من آب/أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية “نهائية”.

وقدّمت طهران بداية مقترحاتها على هذا النص، وردّت عليها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وأكدت طهران أنها تقوم بدراسة هذا الردّ قبل إبداء رأيها إلى الاتحاد الأوروبي.

وأظهر تقرير أرسله غروسي إلى الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الإثنين أنّ إيران بدأت بتخصيب اليورانيوم في إحدى مجموعات أجهزة الطرد المركزي المتطوّرة التي تمّ تركيبها مؤخّرًا في جزء يقع تحت الأرض من محطة نطنز (وسط).

لا نيّة للقاء بايدن

وأبدى الرئيس جو بايدن الذي خلف ترامب في مطلع 2021، نيته إعادة بلاده إلى الاتفاق، بشرط عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها النووية.

وعلى رغم إبرامهما اتفاقا مشتركا في 2015، لا تزال العلاقات بين واشنطن وطهران مقطوعة منذ ما بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. وتعتبر الجمهورية الإسلامية الولايات المتحدة بمثابة “الشيطان الأكبر”، وتفصل بينهما هوة سحيقة من غياب الثقة.

وردا على سؤال عما إذا كان مستعدا للقاء نظيره الأميركي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل في نيويورك، كرر رئيسي رفضه ذلك، وهو ما سبق أن أعلنه في حزيران/يونيو 2021 بعد أيام من فوزه بالانتخابات الرئاسية.

وأضاف اليوم “لا فائدة من لقاء بيني وبينه (.) لا خطط للقاء كهذا ولن تكون ثمة” خطط من هذا القبيل.

وفي الآونة الأخيرة، ترافق الحديث المتزايد عن إمكان إحياء الاتفاق النووي، بحملة إسرائيلية شرسة لثني الحليفة واشنطن والغربيين عن ذلك.

وأعلن رئيس وزراء إسرائيل يائير لبيد الأحد أن هذه “الحرب الدبلوماسية” شملت زيارة مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع واشنطن، على أن يليهما رئيس جهاز الاستخبارات “الموساد” مطلع أيلول/سبتمبر.

وشدد أن بلاده تسعى لإفهام “الأميركيين والأوروبيين للمخاطر التي تنطوي على الاتفاق”، معتبرا أن التوصل إلى اتفاق جيد، من منظور إسرائيلي، سيصبح ممكنا في حال تم “طرح التهديد العسكري المؤكد (ضد إيران) على الطاولة”.

ولطالما أعربت إسرائيل، العدو الإقليمي اللدود لإيران، عن معارضتها للاتفاق على اعتبار أنه لن يمنع إيران من تطوير سلاح ذرّي، وهو اتهام لطالما نفته طهران.

من جهتها، تتهم إيران إسرائيل بالوقوف خلف عمليات تخريب طالت منشآتها النووية واغتيالات استهدفت علماءها.

وأكد رئيسي أن هذه المحاولات لم تنجح في “وقف” البرنامج النووي، محذرا من أنه قد لا يكون أمام إسرائيل “الوقت الكافي للتحرك في حال قررت القيام بأي عمل” عسكري ضد إيران.

وكرّر رئيسي موقف بلاده بعدم السعي لسلاح ذري، بقوله “لا مكان للأسلحة النووية في عقيدتنا الدفاعية”.