تحذيرات من أن الحرب الروسية الأوكرانية ستتسبب باضطرابات قد تعصف بتجارة القمح

  • ارتفاع أسعار القمح عالمياً إلى مستويات قياسيّة لم تبلغها منذ 9 أعوام
  • توقعات بزيادة أسعار القمح العالمية بين 10% و20%
  • تعتبر مصر أكبر مستهلك للقمح الأوكراني إذ استوردت منه أكثر من 3 ملايين طن في 2020
  • تستورد مصر القمح من 7 دول بينها روسيا وأوكرانيا وفرنسا وأمريكا

يعيش العالم اليوم في حالة من الترقّب، فالعيون كلها شاخصة نحو أوكرانيا والحرب التي تدور هناك بينها وبين روسيا، إذ تراجع دول كثيرة حساباتها تحسّباً للتداعيات التي ستخلّفها تلك الحرب خصوصاً على مستوى الأمن الغذائي.

وقد بدأت تلك الداعيات تظهر مع ارتفاع أسعار القمح عالمياً إلى مستويات قياسيّة لم تبلغها منذ 9 أعوام، فيما يحذّر خبراء في السياسة والزراعة من أن الحرب ستتسبب باضطرابات قد تعصف بتجارة القمح، وقد تتسبب في زيادة أسعاره العالمية بين 10% و20%.

الحرب الروسية الأوكرانية

وتعتبر مصر من بين تلك الدّول المعرّضة لمخاطر تداعيات أزمة القمح العالمية، إذ إنها أكبر مستهلك للقمح الأوكراني، فقد استوردت منه أكثر من 3 ملايين طن في العام 2020 وهو ما يعادل حوالي 14% من إجمالي قمحها. فكيف ستؤثر الحرب الأوكرانية – الروسيّة في مصر في حال تعطلت عمليات توريد القمح؟ وهل تواجه مصر تهديداً حقيقياً لأمنها الغذائي؟

يشير أستاذ الزراعة الحيويّة في مجال الزراعة الدكتور محمد فتحي سالم إلى أن المسألة “استراتيجيّة جداً إذ يبلغ عدد الشعب المصري 110 ملايين نسمة فيما نحتاج نحو 48% إلى 55% من القمح المستورد من الخارج. ثمّة سياسات حكيمة ورشيدة يأخذها الرئيس السيسي في القطاع الزراعي الآن وهي مهمة جداً ونحن نشارك فيها كجامعة ونتعاون مع القوات المسلحة ووزارة الزراعة في محاولة لزراعة القمح ورفع الإنتاجية لمساعدة مصر على سدّ تلك الفجوة ولو بنسبة 30 أو 40% والنتيجة حتى الآن جيدة جداً”.

تأثير الحرب على الرغيف المصري

تعتبر أوكرانيا مصدر أساسي للقمح المصري وثمة تخوّف على الأمن الغذائي في حال تعذّر توريد القمح.

تتابع مصر الوضع عن كثب بحسب ما أوضح سالم “لأن أوكرانيا تمدّ مصر بـ 34% من القمح، وهي حصة كبيرة لا يستهان بها تصل إلى 4 أو 5 ملايين طن وهو رقم كبير جداً. لدينا بدائل أخرى وتحديداَ من روسيا، فالروس هم حلفاء استراتيجيون لنا في الزراعة والسياسة أيضاً، فإن تعذّر توريد القمح من أوكرانيا يمكن الحصول عليه من مصادر أخرى. غير أن الدولة تبذل جهوداً حثيثة لسد تلك الفجوة وهو برأينا الحل المستدام والأفضل لمصر لأنها عندها ستستطيع تحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح”.

 

ويؤكد سالم أنه ما من خوف على الأمن الغذائي المصري أو مصادر القمح، فقد مرّت مصر بأزمات مماثلة وقد تمّ حلّها، كما أن الإدارة السياسيّة في عهد الرئيس السيسي جيّدة جداً وثمّة جامعات ومراكز بحوث تعمل على وضع خطط وحلول عمليّة في إمكانها تدارك الأزمة حتى وإن طالت فترة الحرب، خصوصاً وأن مصر تستورد القمح من 7 دول، وأي شريك تجاري لمصر يتمنى أن يأخذ الحصة الأوكرانية.

أما عن الدول الأخرى التي تعتمد عليها مصر لاستيراد القمح فقد أوضح سالم أنها “روسيا أوّلاً ومن ثمّ أوكرانيا ثم فرنسا ومن ثم أميركا، وفي السنوات الثلاثة الأخيرة كان لدينا شريك يعتبر الخامس في المعادلة وهي كندا، إنما الأقرب إلى 70% من الحصة هما روسيا وأوكرانيا وقد حصلنا على حصة قليلة من أوزباكستان عندما ارتفعت الأسعار قليلاً. لذلك لدينا مناشئ كثيرة، فمصر هي المستورد الرئيسي للقمح في العالم وأي شريك يتمنى أن يورّد لنا القمح”.

أزمة القمح وما قد ينتج عنها

كانت الفورين بوليسي قد نشرت مقالاً حذّرت فيه من تداعيات الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا على مستوى ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة ونشوب ثورات شعبيّة في الدول التي تستورد القمح من أوكرانيا في حال تعطل توريد الحبوب الأوكرانّة إلى العالم.

مصر هي إحدى تلك الدول المهددة بحسب المقال كونها تعتبر المستورد الأكبر للقمح الأوكراني ومع ذلك يصرّ سالم على أن مصر تسيطر على الأزمة فالتقرير برأيه “يُتخذ بعين الإعتبار لكن تغيرات إيجابية حصلت في مصر خلال الأعوام الخمسة الأخيرة إذ بات لدينا مشاريع Mega خصوصاً في القطاع الزراعي، فمصر تستصلح ما يقارب المليونين ونصف فدان في الأراضي الزراعية وذلك لم يحصل طوال 30 أو 40 سنة. لذلك أرى أن مصر مع تغيّر حجم محاصيلها الزراعية سيكون في إمكانها سدّ تلك الفجوة. لدينا بدائل كثيرة جداً خصوصاً وأننا دولة زراعية”.

أما عن موعد انطلاق الخطة قال: “القمح مزروع الآن وثمة تشجيع من قبل الدّولة للمزارعين إذ رفعت سعر القمح 700 جنيه ما يشكّل حافزاً للمزارع فبرفع أسعار القمح 700 جنيه بالطن يكون الفلاح قد حصل على 3000 جنيه زيادة”.

تقوم مصر منذ نحو 45 عاماً بدعم رغيف الخبز وهو ما يكلّف حزينة الدولة مبلغ 8 مليار جنيه، لذلك وبحسب سالم إن المواطن المصري لن يشعر بالأزمة وذلك بسبب الإدارة السياسيّة الكفوءة. إلى القمح تستورد مصر عبر قطاعها الخاص الذرة الصفراء والأعلاف وفول الصويا من أوكرانيا أيضاً، ومع بدء الحديث عن الأزمة اتجه رجال الأعمال نحو البرازيل والأرجنتين لتأمين المخزون، فحتى الآن تبدو الأزمة في مصر بحسب ما يؤكد سالم عابرة وذو تأثير محدود.