إقالة أم ترقية؟

مع تزايد الضغط الدولي من منظمات حقوق الإنسان والحكومات الدولية وفرضها عقوبات على الصين، مثل مقاطعة الأولمبياد الشتوي في بكين دبلوماسياً وفرض واشنطن عقوبات على سياسيين وشركات صينية وتوقيع بايدن على مشروع قانون يحظر الواردات من إقليم شينجيانغ، هل استسلمت الصين أمام المجتمع الدولي في طريقة معاملتها لأقلية الإيغور المسلمة؟

يصف المجتمع الدولي أزمة أقلية الإيغور في إقليم شينجيانغ في الصين بـ”إبادة عرقية” بينما تبررها الصين بأنها حملة “أمنية” تحارب “التطرف الديني”.

قامت الصين باستبدال أمين لجنة الحزب الشيوعي في شينجيانغ تشين تشوانغو يوم السبت، 25 ديسمبر، بـ ما شينغ روي حاكم إقليم قوانغدونغ الساحلي.

في حركة غير متوقعة من السلطات الصينية، أثارت هذه الإقالة المفاجئة العديد من التساؤلات وخاصة بشأن أقلية الإيغور المسلمة التي تتعرض لحملة قمع وإبادة ممنهجة منذ فترة طويلة، حيث تقوم بكين باحتجاز أكثر من مليون إيغوري في معسكرات “إعادة التعليم” التي تهدف إلى تغيير الفكر السياسي والهوية والمعتقدات الدينية بعيدا عن عمليات التعقيم القسرية لنساء الإيغور لمنعهم من الإنجاب والتكاثر.

لكن السؤال الفعلي في الوقت الراهن هو هل قامت الصين بإقالة تشين تشوانغو أم بترقيته؟

في مقابلة مع أخبار الآن، تحدث إيلشات حسن كوكبور، نائب رئيس اللجنة التنفيذية لكونغرس الإيغور العالمي WUC، عن قرار إقالة تشين تشوانغو من منصبه وتعيين رئيس جديد للحزب الشيوعي وهل من الممكن ترقب أن تخفف الصين من قمعها القهري لهذه الأقلية العرقية؟

صرح إيلشات بأن هذا القرار ليس دليل على إمكانية تخفيف الصين من قمع أقلية الإيغور، وأنه يرى أن هذا القرار فعليا يعد تغييرا لمنصب تشين تشوانغو فقط حيث لا يزال تشين واحدا بين 20 من كبار مسؤولي الحكومة الشيوعية الصينية ومازال عضوا في المكتب السياسي الصيني.

 

لماذا أقالت الصين أحد اللاعبين الرئيسيين في قمع أقلية الإيغور؟

وبحسب إيلشات يوجد احتمالان مرجحان لهذا القرار، الأول أنه سيتم ترقية تشين تشوانغو ليكون واحدًا من الأعضاء السبعة لللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، وإن كان هذا الاحتمال هو ماسيحصل هذا يعني أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يتحدى عقوبات الغرب، والعقوبات الدولية بمنح تشين تشوانغو هذه الترقية.

بينما الاحتمال الثاني هو أن يحصل تشين تشوانغو على منصب رمزي مثل “نائب رئيس” مجلس الشعب الصيني، لكن في كلتا الحالتين تعد ترقية.

الحالة الوحيدة التي قد تشكل تغييراً جذريا في سياسة الصين القمعية وتعد إذعاناً من السلطات الصينية للضغوط الدولية بشأن ملف الإيغور هي إذا تم اتهام تشين تشوانغو بسوء “الفهم” أو تحريف السياسة الشيوعية قبل عقد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في 2022 واتهامه بالفساد.

لكن من منظور آخر، قبل شهرين تم ترقية وانغ جون تشنغ، وهو زعيم متشدد خاضع لعقوبات دولية متعددة بسبب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في شينجيانغ، إلى رئيس حزب التبت.

لماذا أقالت الصين أحد اللاعبين الرئيسيين في قمع أقلية الإيغور؟

رهبان بوذيون في التبت أمام لافتة حمراء كتب عليها “اجتماع عمل للمرحلة الثانية من الحملة التثقيفية لسيادة القانون”

جرائم بحق التبت

ويخضع إقليم التبت لنفس القمع للحريات الثقافية والدينية التي يتعرض لها إقليم شينجيانغ، حيث زعم الرئيس السابق للتبت، لوبسانغ سانغاي، وهو في المنفى أن شعب التبت يتم إرغامه على الالتحاق بمعسكرات العمل الإلزامي ومراكز التدريب من أجل “التعليم”.

وبحسب تقرير مفصل أعده الباحث المختص في شؤون التبت وشينجيانغ، أدريان زينز، حوالي 500 ألف شخص تلقوا تدريبا في الشهور السبعة الأولى من عام 2020 يهدف إلى مراعاة “الانضباط في العمل، واللغة الصينية، وأخلاقيات العمل” مما يتشابه كثيرا مع معسكرات العمل الإلزامي في إقليم شينجيانغ والقمع القهري للثقافة الإيغورية.

لذلك إذا تم أخذ ترقية وانغ جون تشنغ بالاعتبار والنهج الذي يعتمده الرئيس الصيني شي جين بينغ، فإن قرار “إقالة” تشين تشوانغو من منصبه ليس مؤشر على تخفيف سياسات الصين القمعية تجاه أقلية الإيغور بل هو تحدٍ واضح للمجتمع الدولي واتهامات الإبادة العرقية حيث سيواصل جين بينغ وحشيته وقمعه وإبادته العرقية وجرائمه ضد الإنسانية.

من جانب آخر، تم تعيين ما تشينغ روي، حاكم إقليم جوانغدونغ الساحلي ليحل محل تشين تشوانغو وهذا بحسب ما نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة “شينهوا” يوم السبت لكنها لم تذكر أي تفاصيل ثانية.

ما تشينغ روي هو مهندس طيران وسياسي صيني كما أصبح سكرتير الحزب الشيوعي في إقليم شينجيانغ. وبحسب إيلشات حسن فإن ما تشينغ روي كان المهندس المنفذ لسياسة هونغ كونغ القمعية في السنوات الماضية، والآن نرى تداعيات مظاهرات واحتجاجات هونغ كونغ التي فقدت كل حريتها وديمقراطيتها.

ويرى إيلشات أن هونغ كونغ أصبحت الآن كأي إقليم صيني آخر بعد سياسات ما تشين غري.

كما تابع عند سؤاله عن ما إذا كان هذا القرار قد يشير إلى تخفيف النهج القمعي الذي تتبعه الصين في إقليم شينجيانغ بالذات بأنه يرى “أن الرجل الجديد (ما تشينغ روي) هو مثل تشين تشوانغو، فهو رجل متوحش بدون رحمة ينفذ سياسة شي جين بينغ الوحشية، لذلك لا أرى أي علامة تشير إلى تخفيف القمع القهري”.