بين أمريكا والصين.. “حربٌ باردة” تشتعل ومسؤول يكشف الكثير عنها

  • البيانات وليس الأسلحة هي المحرك الرئيسي للحرب الباردة بين بكين وواشنطن
  • تسود لدى الجانبين الأمريكي والصيني موجة من القلق ومخاوف ترتبط بالدرجة الأولى بالأمن القومي

تحدث مسؤول أمريكي سابق عن “محرك رئيسي” للحرب الباردة الناشئة بين الولايات المتحدة و الصين، مشيراً إلى أن ذلك المحرك بعيد كل البعد عن الأسلحة التقليدية.

وفي مقالٍ له عبر صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، قال وزير العمل الأمريكي روبرت رايش إن “البيانات وليس الأسلحة هي المحرك الرئيسي للحرب الباردة بين بكين وواشنطن.

وتسود لدى الجانبين الأمريكي والصيني موجة من القلق ومخاوف ترتبط بالدرجة الأولى بالأمن القومي، في وقتٍ تزداد فيه روح المنافسة بين الطرفين على النفوذ العالمي.

وكان رايش شغل منصب وزير العمل في إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وقال في مقاله في “الغارديان” إنه خلال هذا الأسبوع، تراجعت أسهم الشركة الصينية العملاقة المالكة لتطبيق ديدي لطلب سيارات الأجرة بأكثر من 20%، وذلك بعد أيام قليلة من جمعها 4.4 مليار دولار إثر طرح أسهمها في بورصة نيويورك، وهو أكبر طرح عام أولي لشركة صينية منذ ظهور “علي بابا” لأول مرة في عام 2014.

واعتبر رايش أن السبب المباشر وراء انهيار أسهم “ديدي”، هو إعلان هيئة تنظيم الفضاء الإلكتروني الصّينية (الجهة المنظمة للإنترنت)، أنها تشتبه في أن الشركة تجمع البيانات الشخصية وتستخدمها بشكل غير قانوني. وفي انتظار نتائج التحقيقات، أمرت الهيئة الشركة بالتوقف عن تسجيل مستخدمين جدد، وحذف تطبيقها من متاجر التطبيقات في الصين.

وكانت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية المملوكة للدولة أفادت في وقت سابق أنه لدى ديدي بيانات السفر الشخصية الأكثر تفصيلاً للمستخدمين من بين جميع شركات التكنولوجيا الكبيرة، وأن الشركة تشكل خطراً محتملاً على الأفراد، لأنها قد تجري تحليلاً ضخماً للبيانات الخاصة بعادات وسلوك المستخدمين.

وأردف رايش قائلاً: “لكن منذ متى تشعر بكين بالقلق على خصوصية المواطنين الصّينيين، فحكومة الصّين تبذل كل ما في وسعها للتجسس عليهم”، على حد تعبيره.

ومع هذا، فقد رجّح رايش أن طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام في بورصة نيويورك، أثار قلقاً في بكين من أن الولايات المتحدة، ربما تتمكن من الوصول إلى كميات هائلة من البيانات الشخصية حول المكان الذي يعيش فيه الصينيون ويعملون ويسافرون، وهي بيانات قد تهدد الأمن القومي للصين.

ويوم الأربعاء الماضي، فرضت هيئة مكافحة الاحتكار في الصّين غرامة على العديد من شركات الإنترنت، بما في ذلك “ديدي”، بدعوى “انتهاك قانون مكافحة الاحتكار في البلاد”.

وقال رايش إن “الحرب الباردة الناشئة بين بكين وواشنطن لا تتعلق بالأسلحة التقليدية بقدر ما تتعلق بجمع البيانات وتصنيفها وتحليلها، والاستفادة منها إلى أقصى حد للتغلب على الجانب الآخر”.

وأوضح أنّ “القلق الحقيقي للمشرعين الأمريكيين بشأن ديدي وشركات التكنولوجيا الصّينية الأخرى التي تكتسب موطئ قدم مالي في الولايات المتحدة، هو أنهم قد يجمعون كميات كبيرة من البيانات حول الولايات المتحدة”.

وهذا الأسبوع، أعلنت الصّين أيضاً أنها ستزيد من اللوائح التنظيمية لشركات التكنولوجيا المدرجة في الخارج، وتراقب نوع البيانات التي يرسلونها ويتلقونها عبر حدود البلاد.

وقالت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين، إن أي شركة لديها بيانات أكثر من مليون مستخدم، لا بد وأن تخضع لمراجعة أمنية قبل إدراج أسهمها في الخارج.

ووفقاً للكاتب، كان التبرير الرسمي لهذه الإجراءات، ضمان أمان العملاء الصينيين من الجرائم الإلكترونية وتسريبات المعلومات الشخصية، لكن السبب المحتمل، هو “الأمن القومي”.

يشار إلى أن “ديدي” هي واحدة من 34 شركة تكنولوجيا استدعتها سلطات مكافحة الاحتكار الصينية في أبريل/نيسان الماضي، من بينها شركة “علي بابا” وشركات تكنولوجية أخرى مثل “بايت دانس” المالكة لتطبيق “تيك توك” الشهير.

وقالت “ديدي” إنها ستتعاون بشكل كامل مع السلطة الحكومية ذات الصلة خلال عملية المراجعة، وأضافت: “نحن نخطط لإجراء فحص شامل لمخاطر الأمن السيبراني، والتحسين المستمر لأنظمة الأمن السيبراني والقدرات التكنولوجية لدينا”.

وتأسست شركة ديدي عام 2012 من قبل الشاب ويل تشينغ، وأصبحت واحدة من أكبر الشركات التي توفر خدمات النقل في الصين، مع أكثر من 377 مليون مستخدم نشط و13 مليون سائق في جميع أنحاء البلاد.