أخبار الآن | أبوظبي – الإمارات العربية المتحدة ( وكالات ) 

أكد مفكرون وخبراء أن النظام الإيراني يعيش أزمة مركبة، بسبب طبيعته المكونة من مراكز قوة متعددة، وهو ما يجعله ضعيفاً عكس ما تصور وسائل إعلامه وأجهزته.
جاء ذلك خلال ورشة نظمها مركز الإمارات للسياسات بعنوان «إيران المأزومة.. الأسباب، والسياقات والمآلات»، في فندق أبوظبي فورسيزون، بجزيرة المارية . 

وخلال الورشة سرعان ما تحول #ايران_المازومة هاشتاغ رائج على صفحة التواصل الاجتماعي تويتر ، لتنتطلق على المنصة الالكترونية ورشة حوار جديدة ـ تناولت المظاهرات والاحتجاحات الأخيرة التي اجتاحت طهران مؤخراً 

الأمم المتحدة تشيد بمساعدات التحالف العربي لليمن

وأوضح  المفكرون  خلال الورشة الحوارية في أبو ظبي أن التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة يمكن أن تعود لأن جيل الشباب داخل إيران يسعى إلى التغيير، مؤكدين أنه نظام مأزوم داخليا وخارجيا، ويعاني إشكاليات مرضية داخلية تقف عائقا أمام بناء قوته، كما أشاروا إلى أن دور الخارجية الإيرانية آخذ في الانحسار، وتطرقوا إلى سيناريوهات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني.
أكدت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، أنه على الرغم من أن النظامَ الإيراني نجح في إخماد التظاهرات، فإنَّ ما قام به هو تأجيلٌ للمشكلة فحسب، فما لم يعالج المظالمَ التي أخرجت الناسَ إلى الشوارع، فستبقى احتمالاتُ تجدُّدِها قائمةً، وستزداد مشاعرُ السخط والاحتقان على النخبة الحاكمة، وستتعمقُ وضعيةُ الأزمة في إيران.

واستعرضت، في كلمتها الافتتاحية، طبيعة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في 28 ديسمبر الماضي وبدأت في مدينة مشهد، ثم انتشرت إلى اكثر من 80 مدينة وبلدة، مؤكدة أن هذه الاحتجاجات انطلقت من همومٍ ومطالبَ اقتصادية ومعيشية، إلا أنَّ المتظاهرينَ سرعان ما وجّهوا غضبهم وانتقادهم إلى النظام الحاكم وسياساته التي أدت إلى إفقار الشعب وتبديد ثروته على التدخلات الخارجية، فرفعوا شعار «لا غزة ولا لبنان، روحي فداءٌ لإيران». 
وتحدثت عن ثلاثِ ملاحظاتٍ تأسيسيةٍ لتأطير النظر إلى تلك الأحداث: الأولى، أن التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة تدفعنا إلى إعادة التفكير بمدى استقرار النظام الإيراني، مشيرة إلى أن اندلاعَ التظاهرات بشكل عفوي ومفاجئ، أكبرُ دليل على أن الاستقرار الظاهر على السطح لا يعبّر عن حقيقة الرفض والسخط الذي يمُور في داخل الإيراني.
وأضافت الملاحظة الثانية، أن تَتالي الاحتجاجات في السنوات الأخيرة يجعلنا نتساءل عن مدى تأثير هذه الاحتجاجات، فالدرس التاريخي الذي يُمكن أن نستخلصه من الاضطرابات السياسية والثورات، هو أنه لا يمكنُ لفشل الحوكمة، الاستمرار إلى ما لا نهاية. أما الملاحظة الثالثة فهي أن الاحتجاجاتِ الأخيرةَ، وتلك التي سبقتْها، لا تُنبئُ فقط عن تآكلِ شرعية النظام، بل الأهمُّ أنها تدللُ على إخفاق «النموذج الإيراني»، وهو الإخفاق الذي يُظهره سعيُ كثيرٍ من الإيرانيين إلى الهجرة إلى الخارج هرباً من الاستبداد السياسي. 

قرقاش: الاحتجاجات في إيران فرصة للمراجعة العاقلة
وقالت مَن تابعَ التحليلاتِ التي ترافقت مع تلك الاحتجاجات، يُدرك أن مقاربةَ الشأن الإيراني الداخلي ما تزال في الأغلب تفتقرُ إلى الفهم العميق والدقيق، ولا جدالَ في أن سياسةَ غلق الحدود، بنوعيها المادي والافتراضي، التي يفرضها النظام تُسهم في تعويق التوصل إلى مثل هذا الفهم، كما أن تركيزَ جُل التغطيات على السياسات الخارجية للنظام الإيراني ونشاطه التوسعي قلّل من الاهتمام بإيران الداخل.
الاضطرابات المركبة

وتحدث في الجلسة المفكر عادل السالمي الذي قال لقد تضخم دور الحرس الثوري في إيران حتى بات ينافس رجال الدين في حيازة السلطة، وأن الحرس الثوري هو أحد الأطراف الفاعلة في السياسة الخارجية. وأضاف: يعاني النظام الإيراني من الازدواجية في التعامل مع الملفات الإقليمية، وجرى تحييد مؤسسات الحكومة المعنية بإدارة العلاقات الدولية والدبلوماسية، مثل وزارة الخارجية، الأمر الذي خلق فراغاً مؤسساتياً، ولتجاوزه جرى تفعيل دور المستشارين ضمن مكتب القائد الأعلى (مثل علي أكبر ولايتي)، ودور قيادة الأركان.
وهناك ثلاثة تيارات متباينة داخل مؤسسات الحكومة تجاه الدول العربية: التعامل مع الدول العربية ككتلة واحدة، كالتعامل مع جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وجزء منه الدخول للعالم العربي عبر بوابتي مصر والسعودية؛ وتيار ثان يدعو إلى التعامل مع العالم العربي كتيارات متناقضة، وعليه ضرورة التحالف مع تيار بعينه ضد تيار آخر، كالتعامل مع التيار العربي الشيعي؛ وتيار آخر يدعو إلى التعامل مع الدول العربية كدول منفردة. وأكد ان النظام الايراني نظام مأزوم داخليا وخارجيا، ويعاني من إشكاليات مرضية داخلية وتقف عائقا أمام بناء قوته. 
وعقب الجلسة دار نقاش بين الحضور حيث قال بدر الشاطري إن هناك مخرجاً للنظام الإيراني إذا تبنى النهج الصيني، وهو أن يندمج بتيار العولمة، بينما أكد المفكر والكاتب والدبلوماسي السابق الدكتور يوسف الحسن على ضرورة الابتعاد عن التفكير الرغائبي، وما يهمنا هو النتائج والانتشار الأفقي والتوسع للسياسات الإيرانية. أما حقيقة السياسة الامريكية تجاه ايران فلا يكفي أن تعلن أمريكا تولي احد مسؤوليها الملف الايراني وأن هناك رغبة في تطوير التأزم داخل ايران، وأعتقد انه لا أحد في الغرب يريد ربيعاً إيرانياً، لأن الجميع يخاف من شظايا انفجار الوضع في إيران.
وأوضح عبدالخالق عبدالله أن النظام الإيراني الآن هل هو أقوى مما كان عليه قبل 40 سنة أو أضعف؟ وما هي مصادر قوة النظام ومصادر ضعفه حالياً؟
ورد على تساؤلات الحضور المفكر عادل السالمي قائلا نشاهد أن الحرس الثوري يحاول فتح علاقات مع الدول الأخرى، والمؤسسة العسكرية تزاحم القوى الساعية إلى بناء دولة مدنية في إيران.

وفي الجلسة الثانية التي عقدت بعنوان القوى المتصارعة والمصالح المتضاربة والرؤى المتناقضة تحدث المحاضر محمد الزغول، مشيرا إلى ظهور شكل جديد يقوم على الشبكات السياسية-الاقتصادية، ومن أبرز هذه الشبكات: شبكة خامنئي، وشبكة آل لاريجاني، وشبكة كبار ضباط الحرس، وشبكة الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، وشبكة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وشبكة الرئيس السابق أحمدي نجاد.
وقال المفكر ألكس فاتنكا: هناك أربع مراكز في حكومة روحاني لا يمكنها أن تصدر قراراً دون موافقة من خامنئي: وزير الداخلية، والخارجية، و الدفاع، والاستخبارات. 
وأضاف: تتعرض وزارة الخارجية لمنافسة سواء من قبل الحرس الثوري أو من قبل مكتب القائد الأعلى.

وخلال المناقشة قال يوري من السفارة الروسية والممثل الروسي بخصوص التدخل الروسي في سوريا: هو شرعي بطلب من الحكومة السورية، وروسيا تسعى إلى حل سياسي في سوريا. وقال الدكتور يوسف الحسن يبدو أن الاحتجاجات في إيران لا تريد إطاحة النظام بل تريد إصلاحه، وتساءل هل المعارضات الإيرانية الداخلية قادرة على جذب الأقليات في إيران؟ وما سيناريوهات سلوك إيران لو انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي؟ ما الذي يمكن عمله عربياً وخليجياً لإجبار ايران على وقف سياساتها التوسعية في المنطقة؟ وهل يمكن للولايات المتحدة أن تشارك في دور بهذا المجال؟
ورد المفكر ألكس فاتنكا على التساؤلات قائلا لا يدير الحرس الثوري شؤون إيران من دون رغبة خامنئي، وفيما يخص أحمدي نجاد، لديه سمعة سيئة سواء في إدارة الدولة أو في انتخابات عام 2009، وأما بخصوص السياسة الأمريكية، فلا أرى كثيراً من الاختلاف بين خطاب ترامب والرئيس أوباما فيما يخص الاحتجاجات الإيرانية، فترامب اقتصر فقط على التغريدات، وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، فترامب يريد خروجاً من المأزق، والأوروبيون متمسكون بالاتفاق ولا يتوقعون خروج واشنطن منه، لكن حتى مع الانسحاب الأمريكي ستعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق.
وأكد عادل السالمي أن دور الخارجية الإيرانية آخذ في الانحسار، وفيما يتعلق بسيناريوهات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، في أسوأ الأحوال، ستعود طهران إلى تخصيب اليورانيوم، والانسحاب ليس سهلاً في ظل الموقف الروسي – الصيني والأوروبي، لكن بالتأكيد الانسحاب الأمريكي سيقوض الاتفاق.

 

اقرأ أيضاً : 

التحالف العربي: العمليات الإنسانية باليمن مستمرة للجميع

اليمن.. قوات الشرعية تقترب من مركز حيس