عودة إنسباير.. كيف اختلفت المجلة بعد جهاد طروادة

بعد توقفٍ طال لأكثر من (6) أعوامٍ، تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يعودُ مجددًا في نسخة جديدة مرئية من مجلة «إنسباير Inspire (إلهام)» الإلكترونية، والتي تصدر باللغة الإنجليزية، مستهدفةً أو مُخاطبةً الشباب الغربي عُمومًا والأمريكي والبريطاني خُصوصًا.

تُقدِّم المجلةُ أو علامة إنسباير عمومًا مُنذُ أولِّ إصدارٍ لها في عام 2010م خطابًا تحريضيًا مضادًا للسياسات الأمريكية الداخلية والخارجية، كما أنها تُقدم مُساعدة غير مادية لما تسميهِ بـ”الجهاد ذي المصدر المفتوح”، وتسعى المجلةُ لتجنيد ما يُسمى بـ(الذئابِ المنفردة) في المجتمعات الغربية، وذلك من خلال تقديم موادًّا تحريضية، وموادًّا أُخرى تقوم بتعليمِ تصنيعِ المُتفجرات وخُططًا أخرى لنشر الإرهاب والتطرف في المجتمعات الغربية.

وهذه المرة إنسباير في نسخة مرئية .. خلافًا لما كانت تنشر عليه سابقًا كـ(مجلة)، وقد يعود ذلك لسهولة تداول المرئي بين جميع شرائح وفئات المجتمع الغربي، إضافةً لذلك فإن المرئي أيضًا أكثر تأثيرًا من المجلة أو المقالات بين فئات الشباب.

وقد لعبتِ المجلةُ خلال الإصدارات الماضية على أوتارٍ كثيرةٍ؛ حتى أنها لجأت لمخاطبة “السود” في الولايات المتحدة وموضوعِ انتهاكاتِ حقوقهم من قبل السُّلطات الأمريكية، مُحاوِلةً بكلِّ الطرق والوسائل التحشيدَ ضد الحكومة الأمريكية داخليًا وخارجيًا.

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

 

اعتقدَ الكثير في بدء الأمر أن من يقف خلف  تأسيس المجلة هو القيادي اليمني الأمريكي أنور العولقي، إلا أنّ بعد ذلك نشر جهاديون معلوماتٍ عن مؤسسِ المجلة وهو سمير بن ظافر خان، أمريكي باكستاني كان يكنى بأبي القعقاع الأمريكي، اشتهر بكنيته. وقد بدأ خان بمدونةٍ خاصةٍ له باسم “شهيد إن شاء الله”.

وقد علمت المخابرات الأمريكية منذ وقتٍ مبكر أن سميرًا هو من يقف خلف المجلة، يقول موقع “لونغ وور جورنال“: إن المحللين لدى المخابرات الأميركية لاحظوا تشابهًا بين مدونة خان الخاصة والمجلة التي نشرها فيما بعد باسم “إنسباير”، وقد كان لأنور تأثيرًا خاصًا على سمير.

وبحسبِ مصدرٍ جهادي قديم رافق العولقي لأشهر، قال: كان سمير مُلازمًا لأنورَ وصديقًا مُقربًا منه، وكانتِ العلاقةُ بينهما كالعلاقة بين الطالبٍ وشيخِهِ، أكثرَ من كونهما أصدقاء، وقد قُتل أنور بغارة أمريكية، وكان برفقتهِ سمير خان، المكنى بأبي القعقاع، إضافةً لذلك فقد كان أنور يشرف على المجلة إشرافًا عامًا.

بعد مقتل بعد مقتل العولقي وسمير معًا بطائرة أمريكية دون طيار أواخر عام 2011 استمرت المجلة إلا أنها حملت رِكَّةً وضعفا وتشتتًا ملحوظًا، وبعد ذلك توقفت تمامًا، لأكثر من 6 أعوام.

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

إنسباير ما قبل وبعد .. جهاد طروادة!

المُتابع لأعداد (مجلة إنسباير) بدقة، يلاحظ أن المجلة مرت بتحولًا كبيرًا في الملف “الإيراني ومليشياتهِ” يصح تصنيف هذا التحول بما (قبل) و (بعد) “جهاد طروادة”.

فمنذ تأسيس مجلة إنسباير حتى مقتل العولقي وتحديدًا حتى العدد السادس فقد كانت المجلة تَنقد إيران وسياسات إيران نقدًا حادًا، وتحرض على مواجهة ومجابهة ميليشيا إيران في اليمن والبحرين وسوريا، تحت العديد من الذرائع وعبارات الطائفية المُعتدة فتارة تنعتهم بالروافض وتارة تحرض لقتالهم ومواجهتهم في اليمن.

وأبرز ما يمكن ذكره ما جاء في العدد الرابع على قلم محرر المجلة، قائلًا:”ونود القول بأن حربنا هي مع الرافضة إحدى طوائف الشيعة الغريبين على اليمن وتم استقدامهم مؤخرا من إيران”، ومقالة في العدد السابع تحت عنوان “إيران ونظرية المؤامرة”.

وإجابة لأنور العولقي على أحد الأسئلة في العدد السادس، قائلًا:”نحن لا ندعم الشيعة في البحرين ولا نعتقد بأنهم ليسوا على علاقة بإيران، بل أصدرت إيران بيانات إدانة دعمًا للمتظاهرين البحرينيين، هذا يعني أن هناك توافق بين مصالح إيران ومطالب الشيعة التي لم تتم تلبيتها.

وأضاف العولقي قائلًا: الدعم الإيراني للشيعة اليمن إشارة لكارثة قد تحل بأهل السنة في المنطقة، الجزيرة العربية ولبنان والعراق والبحرين، هذه هذه ليست محاولة لإثارة الفتنة الطائفية بدون أي سبب، ولكننا نتحدث عن وقائع على الأرض، الحوثيين لديهم اتصال مباشر مع إيران وكذلك حزب الله في لبنان والحكومة العراقية كذلك التي تقودها عصابات الشيعة”.

وغير ذلك الكثير والكثير واستمرت المجلة على هذا المنوال حتى مقتل العولقي وسمير خان وتحديدًا منذ العدد الثامن لم تتطرق المجلة البتة لإيران أو حتى مليشياتها في اليمن وبقية البلدان العربية، ومع أنه ومنذ عام 2012 وحتى توقف المجلة في عام 2017 كان لمليشيا إيران توسعًا كبيرًا وتحولًا كبيرًا في المنطقة ولاسيما اليمن، ومع ذلك لم تتطرق المجلة البتة لما تقوم بهِ إيران، ولزمت المجلة سياسة الصمت المطبق!

فما الذي حصل هل تحول ما وصفتهم إنسباير بالأمس بـ”الروافض” إلى “سنة” أم أن العولقي والشهري وسمير خان كانوا جهلاء بـ”فقه الواقع” وحقيقة الأمور، وكان سيف العدل وباطرفي أكثر إدراكًا للأمور؟ تساؤلات عديدة يجب أن تطرح، كمية التناقضات التي يحدثها سيف العدل وقيادة تنظيم القاعدة في اليمن لما كان عليه التنظيم بين الأمس واليوم!

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

إنسباير.. لماذا عادت الآن في شكل إصدار مرئي؟

تحاول قيادة تنظيم القاعدة استعادة نشاطها وتأثيرها الخارجي الإعلامي رغم ضعف الإمكانيات، فهل ستنجح في ذلك؟ ولاسيما أنه لوحظ العديد من الأخطاء اللغوية الإنجليزية في الإصدار المرئي لــ”إنسباير!” على الرغم من أن الصوت يبدو لأمريكيًا أصليا، الذي جعل عددًا من خبراء يعتقدون أنّ الإصدار المرئي كان معمولًا بــ”الذكاء الإصطناعي” من بينهم الباحثة البريطانية كيندال إليزابيث، وصاحب حساب (أنباء جاسم) والإعلامي اليمني أحمد هاشم السيد وآخرين.

وهذا ما يؤكد أزمة التنظيم في الإمكانيات والخبرات، إضافة لذلك تحويل المجلة إلى نسخة مرئية وإن كان المرئي أكثر تأثيرًا وأسهل انتشارًا، إلا أن ذلك يؤكد ضعف إمكانيات التنظيم الحالية أيضًا، والتي تقف عقبة أمام طموحات سيف العدل، وخطط طهران في الاستفادة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خصوصًا.

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

كشف في وقت سابق مصدرٌ جهاديٌّ -كان يعمل في الجهاز الأمني لتنظيم القاعدة سابقًا- بشكل حصري لــ”أخبار الآن”: أنّ علامة إنسباير في صدد استعادة نشاطها وبشكل مُكثف وبحضور إعلامي قوي وبتقنية مُختلفة، بحسب توجيهات قيادة التنظيم، وكشف المصدر أيضًا أن المسؤول عن إصدار إنسباير هو أحد الأجانب الغير يمنيين مُتحفظًا عن جنسيته، وأضاف أنه قَدِم مؤخرًا إلى اليمن في السنوات الآخيرة.

وأضافَ المصدر أن المسؤول يعمل على “إنسباير” وإلى جانبه بعضُ اليمنيين، وأشار أن ذلك يأتي في صدد تصعيد سيف العدل نشاطَ تنظيم القاعدة العابر لحدود اليمن، أو ما يعرف بـ”الجهاد العالمي” إعلاميًا وعسكريًا، والذي يرفضه تمامًا جماعةٌ واسعة داخل تنظيم القاعدة في اليمن إلى جانب رفض المُنشقين لمسار تنظيم القاعدة الذي يُرسم من طهران، -كما أوضحت ذلك عددًا من التقارير والمقالات على “أخبار الآن”.

إنَّ المُعترضين على سياسة سيف العدل داخل تنظيم القاعدة في اليمن يرون أنَّ هرولة تنظيم القاعدة نحو العمل الخارجي يشتت التنظيم، ويضعفه بل ويمزقه، لاسيما في ظل الخلافات والإشكالات الداخلية، والمشاكل المحالية ومن ذلك أن الكثير من المناطق التي كان يعتبرها تنظيم القاعدة مركزًا له تسيطر عليها مليشيا الحوثي حتى للحظة، وهذا أساسُ الخلاف، بين الفريقين.

الفريق الذي جنح لإستراتيجية طهران وإملاءات سيف العدل، والمتمثل بزعيم التنظيم خالد باطرفي والبنا وآخرين حيَّدوا تنظيم القاعدة عن مواجهة الحوثي تمامًا، وهو المسار الذي يراهُ آخرون في التنظيم انحرافًا عن المسار الأصلي للتنظيم، وهذا ما يدفع باطرفي بين الفينة والأخرى للتحشيد ضد الحوثي إعلاميًا أو كلاميًا -إن صح التوصيف- فقط ليخفف من حدة الغضب الداخلي، ومحاولًا كسب ثقة القبائل السُّنِّية التي فيما يبدو أنها تتفلت يومًا بعد يوم.

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

 

يسعى سيف العدل لرسمِ مسارٍ وخريطةٍ لتنظيم القاعدة في اليمن تنفيذًا لأجندة إيران والحرس الثوري تحديدًا، والتي من خلالها تم تحييد التنظيم عن مواجهة الحوثي، والتي لطالما تغنى التنظيم بها تحت شعارات طائفية لاسيما ما قبل عام 2014م، وكان يقدم نفسه للقبائل السنية بأنه الكيان الذي سيواجه مشروع إيران في المنطقة.

إضافة لهذا الإنجاز الذي حققه سيف العدل من خلال باطرفي والبنا ونجله في اليمن، يحاول الآن أن يقحم التنظيم في أعمال خارجية متجاهلًا كل المشاكل والخلافات والتصدعات الداخلية، ومع أن التنظيم أضعف من أن ينخرط في عمل خارجي، إلا أن محاولات سيف العدل لا تكل ولا تمل ولا تقف، ومن ذلك عودة مجلة إنسباير بعد 6 أعوام من التوقف، وعودة المجلة في هذا الوقت يأتي لأسباب عديدة، من أبرزها:

أولًا: استغلالًا لأحداث غزة والتي لطالما اعتقدت إيران أنها الطريقة التي تستطيع من خلالها تصفية حساباتها من جهة، ومن جهة أخرى تبييض سمعة مليشياتها في المنطقة، لما تحمله القضية من مكانها وأهمية عند العامة في الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي عموما، ولهذا جاء في الغلاف الدعائي لإصدار “إنسباير” تساؤلًا “كيف ندعم فلسطين؟”، وهكذا الإصدار المرئي كان جل حديثه عن أحداث غزة، وفي ذلك بيان صريح في استغلال التنظيم لأحداث غزة.

ثانيًا: من جملة استخدام إيران لتنظيم القاعدة في تصفيات حسابتها الإقليمية، تأتي أهمية عودة المجلة، لاسيما وأن المجلة تتحدث باللغة الإنجليزية، وتعني في الشأن الأمريكي والغربي دون غيره، ولهذا الرأي تجنح الباحثة البريطانية إليزابيث كيندال -المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، والجماعات الجهادية- ففي تصريحٍ خاص لــ”أخبار الآن”، قالت: يبدو أنه ليس مجرد مصادفة إعادة إطلاق إصدار جديد من إنسباير، ولاسيما أن أعلى مسؤول في القاعدة، سيف العدل، يُزعم أنه في إيران وأن بعض أبرز مسؤولي وسائل الإعلام في القاعدة كانوا يعيشون في إيران بمعرفة كاملة من السلطات الإيرانية، بما في ذلك عبد الرحمن المغربي وأبو محمد المصري الذي اغتيل في طهران عام 2020.

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

تنظيم القاعدة يقود أتباعهِ إلى المحرقة .. المهم إملاءات طهران

حمل الإصدار المرئي من “إنسباير” فقرةً في تعليم صناعة المتفجرات، مُتجاهلين خُطورة ذلك على أتباع وأنصار التنظيم، فقد علق على ذلك صاحب حساب “أنباء جاسم“، الشخصية الغامضة والتي علمنا بشكل خاص أنها شخصية كانت على قرب ومعرفة بقيادات ما توصف بــ”الجيل الأول للجهاديين”، قائلًا: أن الكثير من الشباب قتل في سوريا وأفغانستان وهو يحاول تحضير قنبلة، دون أن يملك أي خبرة في تصنيع، فقُتل الكثير، وبعضهم فجرت بيوتهم بأهليهم، والبعض الآخر تسببت لهم إعاقة، وأضاف: لو كان الغرض من كل ذلك إثبات وجود لا غير، تبقى هناك احتمالية أن ذلك يُسبب وفاة أو إعاقة شباب صغار”.

كما أشار إلى أن: “لجوء التنظيم لاستراتيجية “نجرب ونشوف لو ضبطت” هو بمثابة اقرار انه افتقد القدرة على التخطيط المحترف”

لا يعني تنظيم القاعدة إن كان ذلك يؤدي بأتباعهِ وأنصارهِ إلى المحرقة، لا يهم عواقب ذلك على الشباب، المهم أنّ تستفيد طهران من كل أوراق تنظيم القاعدة في تصفية حساباتها مع المجتمع الغربي وتحديدًا أمريكا.

إلى أين يقود سيف العدل تنظيم القاعدة في اليمن؟

فيما يبدو أنّ سيف العدل يعزز كل يوم لأتباعه داخل تنظيم القاعدة في اليمن أكثر وأكثر، ومع أن باطرفي نفذ ما يُمليه سيفُ العدل، ونفذ في اليمن ما سميّ بــ”جهاد طراودة” بكل حِرَفية وبراعة، وحيَّد تنظيم القاعدة تماماً عن مواجهة الحوثيين، إلا أنّ سيف العدل لا تخفى مخاوفُه في حال حصل أمرًا لأبي المقداد الكندي، ولهذا لُوحظ مؤخرًا ما يقوم به سيف العدل محاولًا تعزيز سطوته على التنظيم، وذلك من خلال خطوات قام بها تتخلص بما يلي:

  1. تعزيز مكانة إبراهيم البنا المُكنى بأبي الحسن تارة، وتارة بأبي صالح المصري، فيحاول الينا أن يقدم نفسه على أنه الرجل الثاني بعد باطرفي، ويحاول أن يفرض نفسه في جميع القضايا داخل التنظيم، وهذا ما جعل شخصية البنا داخل التنظيم غير مقبولة، وقد سببت محاولاتُ فرضِ نفسهِ نفورًا عامًا داخل التنظيم، ولا بات مكشوفًا قُرب البنا من سيف العدل؛ فهو الشخص الأقرب له داخل تنظيم القاعدة في اليمن من بين بقية القيادات.
  2. تعزيز نشاط نجل سيف العدل المُكنَّى بأبي اليسر منصور والمعروف بابن المدني داخل تنظيم القاعدة في اليمن، ومع أن العديد من المنشقين أكدوا لي بشكل خاص من استحالة وصول نجل سيف العدل لقيادة التنظيم في اليمن، موضحين أسبابًا كثيرة، تبدو إلى حدٍ ما أنها مُقنعة، ولكن لا شك أن تأثيره على قيادة التنظيم في اليمن وتحديدًا باطرفي كبيرة، ودوره في التسويق لما وُصِفَ بـ”جهاد طراودة” بين القيادات، بات غير خافٍ على أحدٍ داخل التنظيم وخارجهِ.
  3. تهميش دور سعد بن عاطف العولقي، وبالرغم من أن سعد بن عاطف، صاحب ولاء مطلق لقيادة التنظيم، إلا أنه فيما يبدو أن سيف العدل لا يرى في بن عاطف الشخصية المناسبة لتنفيذ أجندة “جهاد طراودة”، وقد كشف الصحفي عاصم الصبري في العديد من المقالات والتقارير على “أخبار الآن”، ماهية الخلافات بين باطرفي والبنا من جهة، وسعد بن عاطف من جهة أخرى، حتى بات العولقي ضعيف النفوذ والإمكانيات، وفي ما يبدو أن العولقي خسر ثقة أتباعه داخل التنظيم.
  4. مؤخرًا وبحسب المصدر الخاص تكليفُ أجنبيٍ غير يمني، مسؤولًا على “مجلة إنسباير” ويأتي ذلك في تعزيز نفوذ سيف العدل لاسيما من غير اليمنيين، وهي الفكرة التي عززها مسؤول الجهاز الأمني في التنظيم إبراهيم البنا من عدم ثقة سيف العدل باليمنيين عمومًا في تنفيذ استراتيجياتهِ أو إملاءات طهران من خلاله، وهذا ما أشار له صاحب حساب أنباء جاسم في إحدى تغريداته، الشخصية الغامضة والتي علمنا بشكل خاص أنها شخصية جهادية ممن عُرف أو وصف بــ”الجيل الأول للجهاديين”.

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

الخلاصة

يحاول سيف العدل من خلال ما عُرف بــ”جهاد طراودة” إقحام تنظيم القاعدة في اليمن بالهرولة نحو العمل الخارجي، بعد أنّ حيد التنظيم تمامًا من مواجهة مليشيا الحوثي، مُتجاهلًا كل الخلافات والإشكالات الداخلية، ومتجاهلًا علاقة القبائل السُّنِّية بالتنظيم والتي تنحدر يومًا بعد يوم نحو عدم الثقة بالتنظيم، ومتجاهلًا الضغط الداخلي للمُعترضين على استراتجية وإملاءات سيف العدل أو طهران -بتوصيف صريح ودقيق- وكل هذا التجاهل من سيف العدل وهذه الهرولة من قيادة تنظيم القاعدة في اليمن يقود التنظيم نحو انفجار صراعًا حادًا داخليًا فيما يبدو أنه أشد من ذي قبل.

يسعى سيف العدل لتعزيز عمل تنظيم القاعدة في اليمن خارجيًا “عسكريًا .. وها هو مؤخرًا إعلاميًا”، حينما انكشف جليًا عجز تنظيم القاعدة من الحضور عسكريّ في المنطقة والإقليم (خارجيًا).

ها هي إيران اليوم تحاول أن تستفيد من كل أوراق تنظيم القاعدة ولو إعلاميًا من خلال ابتزاز المجتمع الغربي، لاسيما بعد أحداث غزة، فهل سيُخفق أيضًا التنظيم من الحضور الإعلامي كما أخفق حتى اللحظة عسكريًا وخصوصًا بعد سلسلة الاستهدافات مؤخرًا للمتورطين في العمل الخارجي.

"إنسباير" ما قبل وبعد جهاد طروادة.. عودة مجلة القاعدة تكشف تأثير سيف العدل

جهاد طروادة: فرع غزة. أصيب الفلسطينيون بالصدمة عندما ربط المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول بالانتقام لمقتل قاسم سليماني. ومنذ ذلك الحين، حاول مسؤولون إيرانيون مختلفون إصلاح الضرر، لكن الحادثة كشفت كيف يرى كبار النظام الإيراني القضية الفلسطينية في قلوبهم: التضحية بالأخرين لخوض معارك إيران بالنيابة عنها

ليس صدفة عودة إنسباير بعد 6 أعوام من التوقف تزامًا مع أحداث غزة، لا سيما وأن الغلاف والفيديو الدعائي والمادة المرئية من إنسباير كان واضحًا من خلالها أن التنظيم يستغل أحداث غزة، توافقًا مع سياسة طهران في تصعيد أحداث غزة لتصفية حساباتها الإقليمية والدولية، كما جاء مؤخرًا على لسان المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف بأن عملية طوفان الأقصى جاءت رداً على مقتل قائد “فيلق القدس” السابق قاسم سليماني، ليس إلا، يلخص التصريح كيف تستخدم إيران للأدوات السنية والشيعة في الشرق الأوسط والبلدان العربية خصوصًا.

محاولات تنظيم القاعدة في تسخير كل الأوراق ولو على حساب الأنصار والأتباع، ودفعهم نحو المحرقة، ليس مهمًا كما يبدو، الأولويات التنظيم هي الإملاءات طهران وتوجيهات سيف العدل، والحقيقة حُق لــ”إنسباير” أن ترفع شعارًا “إصنع قنبلة ولو تفجرت فيك، المهم (جهاد طراودة)”، بدلًا عن كل الشعارات التي جاء بها الإصدار المرئي.

تعرف على حصاد القاعدة في ٢٠٢٣ في المرصد مع نهاد جريري