خلافات جديدة تشق صفوف مؤسسات القاعدة الإعلامية

وسط حالة التماهي مع إيران، التي أبدتها المؤسسات الإعلامية الرسمية التابعة لتنظيم القاعدة وعلى رأسها مؤسسة السحاب، دعت مجموعة إعلامية مناصرة محسوبة على التنظيم لإطلاق حملة دعائية واسعة النطاق للتوعية ضد خطر إيران ووكلائها في المنطقة، مما يوحي بتزايد الشقاق في إطار الجهاديين الداعمين للقاعدة.

وتأتي الدعوة الصريحة من قبل ما يُعرف بمجلس التعاون الإعلامي الإسلامي بعد فترة وجيزة من دعوة أخرى صدرت على لسان اثنين من أهم المنظرين الجهاديين المحسوبين على القاعدة وهما سامي العريدي، الشرعي العام لتنظيم حراس الدين- الفرع السوري للقاعدة، وهاني السباعي، المعروف بنقده اللاذع لدعاة التقارب مع إيران وفي مقدمتهم أبو الوليد المصري مصطفى حامد، وصهره سيف العدل الذي يُعد الأمر الفعلي لتنظيم القاعدة في الوقت الحالي.

وعلق حساب “أنباء جاسم”، المحسوب على الجهاديين على موقع إكس (تويتر سابقًا) للتواصل الاجتماعي على بيان مجلس التعاون الإعلامي الإسلام، قائلًا إن مؤسسات الإعلام المناصرة (الإعلام الرديف) وغيرهم من مناصري تنظيم القاعدة هم مساكين لأنهم يعتقدون أن قيادة القاعدة ما زالت على موقفها الأخير من إيران و”الرافضة”، وفق قوله.

 

وطالب ما يُسمى بـ”مجلس التعاون الإعلامي الإسلامي”، الذي يتواجد أعضائه في جميع المؤسسات الإعلامية الجهادية بحسب ما أعلن سابقًا، المؤسسات الإعلامية المناصرة والتي تُعرف أيضًا بالإعلام الرديف وجميع مؤسسات الإعلام الجهادي الأخرى بإطلاق حملة للتحذير من إيران ووكلائها بالتزامن مع الحرب في غزة، قائلًا إن هذه المؤسسات يجب أن تتكاتف جميعًا وتُطلق حملة للتوعية من الخطر الإيراني.

توابع جهاد طروادة.. مؤسسة مناصرة لـ"القاعدة" تخالف قيادة التنظيم وتهاجم إيران

بيان التحذير من الخطر الإيراني

وأضاف المجلس أن هدف الحملة هو نشر الوعي بين المسلمين عامة والجهاديين خاصة وتحذيرهم من الخطر الإيراني الذي يُسميه الجهاديون “خطر الرافضة”، مشيرًا إلى أن البعض انخدع بالمواقف التي أبداها وكلاء طهران وبعض أفعالهم التي قدموها نصرة لغزة، على حد تعبير البيان.

وأردف “مجلس التعاون الإعلامي الإسلامي” أن حزب الله اللبناني واصل منذ اليوم الأول للحرب في غزة استهدافه لبرج اتصالات تابع للجيش الإسرائيلي بضربات خجولة هدفها إثبات موقف رغم أنه يمتلك ترسانة عسكرية مكتملة يمكن أن يضرب بها تل أبيب ويوسع المعركة منذ اليوم الأول فيخفف عن غزة وربما يؤدي إلى قلب الأوضاع الميدانية هناك لكنه آثر السلامة وأعطى إيران ورقة يمكن أن تفاوض بها الولايات المتحدة الأمريكية على حساب دماء أهل السنة في غزة، وفق تعبير المجلس.

جهاد طروادة البحري.. هكذا كشفت أخبار الآن الخطة الإيرانية من كتابات مصطفى حامد

وتُشكل دعوة ما يعرف بمجلس التعاون الإعلامي الإسلامي نقدًا مباشرًا للقيادة العامة لتنظيم القاعدة والتي يقيم أغلب كوادرها في إيران وعلى رأسهم سيف العدل، محمد صلاح زيدان، والتي استخدمت في بيانها الأخير بشأن الحرب في غزة نفس المصطلحات الإيرانية تقريبًا ودعت لـ”وحدة الساحات” وهو نفس التعبير الذي تستخدمه طهران ووكلائها في المنطقة العربية.

ونحت القيادة العامة لتنظيم القاعدة، منذ مقتل أيمن الظواهري في أغسطس/ آب 2022، نحو مزيد من التماهي مع طهران حتى أن بعض الجهاديين وصفها بأن هدف المجموعة التي تسيطر عليها حاليا والمصابة بـ”متلازمة طهران”(سيف العدل وصهره مصطفى حامد) هو أن تقوم بجهاد طروادة بمعنى أن توظف التنظيم لخدمة المصالح الإيرانية.

توابع جهاد طروادة.. مؤسسة مناصرة لـ"القاعدة" تخالف قيادة التنظيم وتهاجم إيران

وكان أيمن الظواهري، قبيل مقتله، قد أبدى ميلا للتعامل بمرونة مع خصوم القاعدة الآخرين مثل جماعة الإخوان، والجهاديين الذين انخرطوا في مبادرات وقف العنف في مصر (تنظيم الجهاد المصري، والجماعة الإسلامية المصرية)، لكنه لم يظهر من ثنايا أحاديثه العديدة قبيل مقتله أنه يميل للتماهي مع الحالة الإيرانية، وهو نفس الموقف الذي أبداه العديد من الجهاديين القدامى وخصوصًا ممن كانوا في تنظيم الجهاد قبل انضمامهم للقاعدة.

وانتقد أيمن الظواهري، والعديد من الجهاديين الآخرين الذين رافقوه في مراحل مختلفة كالمنظر الجهادي هاني السباعي، في مناسبات عديدة إيران ووصفوها بـ”الخطر الرافضي”، وهو نفس التعبير الذي استخدمه مجلس التعاون الإعلامي الإسلامي في بيانه الصادر قبل ساعات.

بعد رسائل السباعي والعريدي.. هل حان وقت الثورة على سيف العدل وجهاد طروادة؟

غير أن القيادة العامة لتنظيم القاعدة (قاعدة خراسان) أظهرت تحولا ملحوظًا تجاه إيران، منذ مقتل أيمن الظواهري، حتى أن سيف العدل ألمح، في مقال “الرمز بين الدين والإنسان” نشره لأول مرة عبر موقع “مافا الإيراني” الذي افتتحه صهره من منفاه الاختياري في طهران، إلى أن التحالف بين التنظيم وإيران هو تحالف ضروري بحكم أن قيادة القاعدة العليا لا تجد ملجأ سوى الأراضي الإيرانية.

ودأبت مؤسسة السحاب، والتي يُشرف عليها عبدالرحمن المغربي صهر أيمن الظواهري وأحد أبرز منافسي سيف العدل، الناطقة بلسان تنظيم القاعدة، على إصدار بيانات تعكس، بصورة ضمنية، توافقها مع المواقف الداعمة لإيران حتى أن بعض المراقبين أشاروا إلى أن تغيير اللهجة التي تستخدمها المؤسسة قد يكون سببه أن أبو الوليد المصري مصطفى حامد أصبح يكتب، بصورة غير معلنة، بيانات التنظيم أو أن المؤسسة تستقى نفس العبارات التي يستخدمها الأخير وهو ما يعني وجود تحول كبير في سياستها.

وكتب حساب “أنباء جاسم” أن عودة الخطاب الطائفي ضد الروافض يسبب صداعًا لقيادة القاعدة والقائمين على مؤسسة السحاب لأنهم في بيئة رافضية بامتياز- في إشارة لإقامتهم في إيران- ويحاولون تهيئة أتباع التنظيم للقبول بتحالف براجماتي تكتيكي مع طهران من أجل تنفيذ ولو عملية واحدة لحفظ ماء الوجه في الوقت الراهن، على حد تعبير “جاسم”.

ويبدو أن الفترة المقبلة ستشهد مزيد من الانتقادات الجهادية لإيران ووكلائها وأيضًا للمتماهين مع طهران داخل التنظيم وهو ما ينذر بتفاقم الخلافات الجهادية وبروزها للعلن بشكل أكبر خلال فترة قصيرة.

ومن الجدير بالذكر أن ما يسمى بمجلس التعاون الإعلامي الإسلامي تشكل في الـ28 من سبتمبر الماضي من تحالف يضم عددًا من المؤسسات الإعلامية الجهادية، بهدف تنظيم العمل والتنسيق بين المؤسسات الجهادية المناصرة وتقديم النصح والتوجيه لهذه المؤسسات، والعمل على تدريب كوادرها، ويشرف على عمله مجلس شورى يضم نخبة من الكوادر الجهادية والشرعية، حسبما أعلن المجلس في بيان تأسيسه

كيف تخطط إيران لنشر الفوضى والدمار في العالم الإسلامي باستخدام جهاد طروادة؟