منها عزلة روسيا الدولية.. أسباب جعلت القارة الأفريقية مهمة بالنسبة لبوتين

  • روسيا تلعب دورًا في أفريقيا عبر دعم روايات زائفة تعادي الغرب
  • باحثون: مكانة روسيا بمجلس الأمن الدولي تمثل إشكالية للنهوض بالديمقراطية في أفريقيا
  • مواطنون في أفريقيا يرون أن الغزو الروسي لأوكرانيا مخالفًا لمبادئ القانون الدولي

في أكثر من 20 دولة أفريقية، تُحاول روسيا تقويض الديموقراطية، وفقًا لدراسة جديدة أجراها مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة أكاديمية داخل وزارة الدفاع الأمريكية.

وبحسب الدراسة، تعتمد روسيا على أدوات رئيسية تستخدمها في محاولة بسط نفوذها بالدول الأفريقية، والتي تشمل: التدخل السياسي، ونشر المعلومات المضللة، بالإضافة إلى الوقوف ضد دستور تلك الدول.

عبر فاغنر والمؤثرين والمعلومات المضللة.. كيف يحاول بوتين نشر دعايته في أفريقيا؟

وقد ظهر ذلك التأثير جليًا في بعض المواقف مؤخرًا، ففي الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة خلال شهر فبراير الماضي، صوتت دول مثل بوتسوانا وزامبيا وتونس لصالح سلام “عادل ودائم” في أوكرانيا.

ولكن في المقابل صوتت مالي وإريتريا ضده، فيما امتنعت 15 دولة أفريقية أخرى عن التصويت.

وإلى ذلك، يلعب النفوذ الروسي على الدول الأفريقية دورًا عبر تعزيز ودعم روايات زائفة تدعم روسيا وتُعادي الغرب.

لماذا أفريقيا هدفًا للدعاية الروسية؟

تعد أحد الأهداف الرئيسية التي تقف وراء الدعاية الروسية تلك، هو محاولة حصولها على شرعية دبلوماسية تتيح استمرارها في الحرب ضد أوكرانيا.

وفي هذا الصدد، قال الباحث المساعد في مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية مارك دوركسن، في تصريحاتٍ صحافية: “روسيا بحاجة إلى أفريقيا، وخاصة لأنها تواجه عزلة دولية متزايدة”.

عبر فاغنر والمؤثرين والمعلومات المضللة.. كيف يحاول بوتين نشر دعايته في أفريقيا؟

وأضاف: “تلك الحكومات الأفريقية التي تفتقر إلى الضوابط والتوازنات المحلية تخلق بيئة تسمح لروسيا بممارسة نفوذها في القارة، وغالبًا ما يكونون هم أنفسهم معزولين دوليًا وبالتالي يرحبون بشركاء لروسيا”.

ومن ناحيته، يقول الرئيس التنفيذي لأكبر شبكة تكنولوجية في القارة الأفريقية “Code for Africa” جوستين أرينشتاين: “حتى قبل الحرب الروسية في أوكرانيا، رأينا روسيا تحاول بقوة حشد الدعم لسياساتها، غالبًا عندما كانت تتعارض مع سياسات أوروبا أو الناتو أو أمريكا الشمالية”

ويقول الباحث في مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، جوزيف سيجل لـ “دويتشة فيلة”: “مكانة روسيا في مجلس الأمن الدولي تمثل إشكالية بالنسبة للنهوض بالديمقراطية في أفريقيا”.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ترغب روسيا – بحسب خبراء – توفير وإيجاد أسواق بديلة لاقتصاديات شمال أوروبا والولايات المتحدة التي أصبحت مغلقة في وجه روسيا حاليًا.

تأثير فاغنر على أفريقيا

بالإضافة إلى ذلك، تلعب المشاركة العسكرية الروسية دورًا مهمًا في الدول الأفريقية، وينشط مرتزقة فاغنر في دول مثل مالي وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

وفي مقابل خدماتهم، تمكنت قوات فاغنر من الوصول إلى المواد الخام مثل الذهب، كما أنها تلعب دورًا في نشر النفوذ السياسي لدى الكرملين.

عبر فاغنر والمؤثرين والمعلومات المضللة.. كيف يحاول بوتين نشر دعايته في أفريقيا؟

وفي مالي، على سبيل المثال، وبعد 10 سنوات من المساعدة في القتال ضد المسلحين، سحبت فرنسا قواتها بعد أن فشلت في تحقيق الأثر المنشود.

كما طلبت مالي من الأمم المتحدة سحب بعثة مينوسما لحفظ السلام، فمن الواضح أن مالي تنأى بنفسها عن القوى الاستعمارية السابقة وتتعاون بدلاً من ذلك بشكل وثيق مع روسيا.

كيف تنتشر دعاية بوتين في الدول الأفريقية؟

ولنشر دعاية بوتين في أفريقيا، تستخدم روسيا وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الكثير من الدعاية والمعلومات المضللة.

ووفقًا للباحث المساعد في مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية مارك دوركسن، فإن: “هذه الاستراتيجية ناجحة بشكل خاص في البلدان التي تفتقر إلى الصحافة المستقلة والحرة”.

وظهر ذلك بشكل واضح في مقاطع كارتونية تم تصميمها خصيصًا لتحقيق الهدف الروسي، فكما هو موضع في المقطع التالي حيث يقاتل جنود روس في مالي ضد (زومبي) يرمزون للقوات الفرنسية. ويقولون إنهم “شياطين الرئيس إيمانويل ماكرون وأن مالي بلدنا”.

وتعليقًا على هذا النوع من الدعاية، يقول الصحافي ديميتري زوفيري من منظمة “All Eyes On Wagnercollective” غير الحكومية التي تتعقب أنشطة فاغنر، إن: “هذه الأنواع من الدعاية مرتبطة مباشرة بروسيا”.

وقال زفيري: “نعلم أن هناك أموالاً روسية متورطة في جمعيات سياسية”، مضيفًا: “الفيديو أُنتج على الأرجح من قبل أشخاص في بوركينا فاسو يعملون لصالح روسيا”.

كما يقول دوركسن أيضًا: “روسيا تدفع للمؤثرين الأفارقة لنشر دعايتها”.

ويستشهد بحدثه بـ “كيمي سبا” المؤثر الفرنسي – البنيني الذي يملك أكثر من مليون متابع عبر “فيسبوك”، حيث ينشر كثيرًا محتوى معاديًا للغرب ومؤيدًا للنظام الروسي.

كما أن روسيا تمتلك شبكة كبيرة من وسائل الإعلام التي تنشر الدعاية الخاصة بها في القارة السمراء، وتلعب السفارات الروسية أيضًا دورًا مهمًا في نشر المعلومات المضللة.

ما مدى نجاح محاولة روسيا للتأثير على أفريقيا؟

وتتأثر بعض الدول الأفريقية بالدعاية الروسية، في حين أن البعض الآخر لا يتأثر.

فوفقًا لدراسة أجراها مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية، فإن نفوذ روسيا هو الأكبر في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي والسودان وزيمبابوي – البلدان التي تعمل فيها مجموعة فاغنر -.

وقال مارك دوركسن إن جمهورية أفريقيا الوسطى على رأس القائمة عندما يتعلق الأمر بالنفوذ الروسي، خاصة في شكل مدربين عسكريين يعملون كمستشارين للرئيس، على حد قوله.

عبر فاغنر والمؤثرين والمعلومات المضللة.. كيف يحاول بوتين نشر دعايته في أفريقيا؟

ومع ذلك، فإن آراء العديد من المواطنين الأفارقة منقسمة عندما يتعلق الأمر بالحرب في أوكرانيا، حيث أظهر استطلاع للرأي أجري في يونيو بين المواطنين في جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا والسنغال وأوغندا وزامبيا أن الغالبية ترى أن الغزو الروسي لأوكرانيا مخالفًا لمبادئ القانون الدولي.

في حين أن روسيا ليست الدولة أو المنطقة الوحيدة التي تحاول التأثير على القارة السمراء، يرى جاستن أرينشتاين من منظمة “Code for Africa” أن القيادة الروسية تمثل تهديدًا غير عادي للأفارقة: “إنهم يقوضون المجتمعات المفتوحة. إنهم يقوضون قدرة المواطنين على اتخاذ خياراتهم الخاصة”.