قبل نحو 14 عاماً، اعترفت روسيا باستقلال أبخازيا وأوسيتيا، المنطقتين الجورجيتين المنفصلتين. قوات روسيا آنذاك وفي أيّام قليلة، ألحقت هزيمة بجيش جورجيا التي كانت تطمح أيضاً للإنضمام للناتو، وهددت بالسيطرة على العاصمة تبليسي.

تلك الحرب لم تدُم سوى بضعة أيام، لكنّها خلّفَت دماراً كبيراً وخسائر بشرية ومادية، وانتهت بتبديد حلم جورجيا بالانضمام إلى الإتحاد الأوروبي وحلف ناتو. بعد ست سنوات، استولت روسيا على شبه جزيرة القرم، واليوم تغزو أوكرانيا. الدرس في جورجيا أفاد بأنّ العقوبات وحدها لم تكن كافية، فهل تكون كافية في حالة أوكرانيا؟

ما هو نظام سويفت؟

هي منظمة الإتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت)، تعمل كوسيط ومنفّذ للمعاملات المالية بين آلاف البنوك في أكثر من 200 دولة، ومقرّها في بلجيكا منذ تأسيسها في العام 1973. يحكمها مجلس إدارة مؤلف من 25 عضواً، ويشرف على المنظمة من قبل البنوك المركزية G10، بالإضافة إلى البنك المركزي الأوروبي. وتعالج Swift معاملات بقيمة تريليونات الدولارات يومياً، فماذا يعني إخراج روسيا من ذلك النظام عملياً؟

يقول الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، في حديث لـ “أخبار الآن“، إنّ إخراج روسيا من نظام سويفت المالي العالمي ليس قراراً سهلاً إطلاقاً، وذلك سيكون بمثابة حرب عالمية ثالثة لأنّ روسيا تعتمد بشكل أساسي على ذلك النظام لصادراتها.

وغذا أشار إلى أن العقوبات التي تمّ اتخاذها مؤخراً بحق روسيا كافية لإضعاف الاقتصاد الروسي بشكل كبير، اعتبر عجاقة أن ما تملكه روسيا من احتياط العملة الصعبة من الدولار، غير كافٍ لأن تتمكن روسيا من احتلال الدولة الأوكرانية بالكامل، لذلك فالتداعيات ستكون كبيرة ووخيمة.

ماذا يعني إخراج روسيا من نظام سويفت المالي العالمي؟

كيف سيؤثر حظر سريع على روسيا؟

عندما شدد الإتحاد الأوروبي عقوباته على إيران في العام 2012، انفصلت البنوك الإيرانية عن الشبكة المالية العالمية. وبالمثل، إذا تم فرض حظر سريع، فسيحد ذلك من وصول روسيا إلى الشركات الأجنبية والأسواق المالية العالمية.

ومن الجدير ذكره في خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن ذكر مؤخراً أنّ الحلفاء الأوروبيين لم يكونوا مستعدين لفرض مثل هذا الحظر حتى الآن على روسيا، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى مدى تشابك الإقتصادات الأوروبية مع روسيا. لكن أيضاً لا بد من الإشارة إلى أنّ تجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ Swift تلتزم بالقانون البلجيكي والأوروبي، وليس القانون الأمريكي.

وفي حال تمّ حظر روسيا من المنصة، فستجد الشركات في الدولة صعوبة كبيرة في شراء الواردات ودفع مقابل صادراتها. وسيجد المصدرون الأجانب أنّ شحن البضائع إلى روسيا أمر خطير ومكلف.

وقد يكون للحظر السريع تأثير مدمر على الإقتصاد الروسي ويجعل الحياة اليومية صعبة على الروس كذلك. كما هو الحال مع إيران، إذ لن يتمكن الروس من استخدام بطاقات الإئتمان في الخارج ولن يتمكن السائحون الذين يزورون البلاد من الدفع باستخدام بطاقاتهم.

كيف بدأت الحركات الانفصالية؟

في أعقاب إعلان جورجيا استقلالها عن الاتحاد السوفيتي المنهار في العام 1991، فرض عدد من الحركات الانفصالية الموالية لموسكو سيطرتها على منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبيتين، بعد صراع دموي استمر عامين تقريباً. وتعد هاتان المنطقتان اللتان تشكلان معاً نحو 20% من مساحة الأراضي الجورجية، موطناً لمجموعات عرقية أوسيتية وأبخازية.

تلك المجموعات الإنفصالية الموجودة في هاتين المنطقتين، سعت إلى إعادة إرساء الحكم الذاتي، التي كانت تتمتع به في أعقاب الثورة الروسية في العام 1917، وقد تلقت دعماً من موسكو لتحقيق مساعي الإستقلال. وعلى الرغم من أنّ أوسيتيا الجنوبية شدّدت على رغبتها في الإستقلال في استفتاء غير رسمي أقيم أواخر العام 2006، إلّا أنّ المجتمع الدولي لم يعترف بذلك، وظلت أراضيها جزءاً من جورجيا قانونياً.

في أغسطس 2008، أرسل رئيس جورجيا قوات إلى أوسيتيا الجنوبية، بهدف إعادة هذه الأراضي إلى سيطرة جورجيا، وردّاً على ذلك، شنّت روسيا سلسلة من الضربات الجوية على أهداف جورجية في كلّ من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، قبل الاشتباك مع القوات البرية، وعلى مدار خمسة أيّام، أجبرت القوات الروسية القوات الجورجية على التراجع، حتى تمركز الجيش الروسي على بعد 30 ميلاً من العاصمة الجورجية تبليسي.

التاريخ أعاد نفسه، إذ اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً بمنطقي دونيتسك ولوهانسك في شرق أوكرانيا، كدولتين مستقلتين، ووقّع على وثائق تعلن أنّهما لم يعودا جزءاً من أوكرانيا. وجاء الاعتراف الروسي بعدما وجّه القادة الإنفصاليون للمنطقتين، نداء عبر الفيديو لإعلان الاستقلال، وهو تماماً ما حدث في منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الجورجيتين العام 2008.

شاهدوا أيضاً:  مع غزو أوكرانيا.. هل يعيد فلاديمير بوتين الكرة ويفتح جبهة جورجيا مجدداً؟