أخبار الآن | بغداد – العراق (بيانات تحليلية- نسمة الحاج)

يقدم المتشددون الإيرانيون قاسم سليماني على أنه شهيد حرب ذي دور مفصلي في محاربة الوجود الإرهابي لداعش والقاعدة في المنطقة، إلا أن الحقيقة تختلف عن ذلك، فبالرغم من أن الوقائع والأحداث تظهره متقدماً في الصفوف الأولى، إلا أن وجوده كان ذو مقاصد وغايات مزدوجة، فعندما كانت إيران تأوي مجلس إدارة القاعدة، كان سليماني على رأس المشروع، لينجح في رسم دور بطولي يصدره للعالم، بينما كان مشغولاً خلف الكواليس ببناء شبكة من الميليشيات الموالية للنظام الإيراني في المنطقة، وتسخير النفوذ الذي حاز عليه بذريعة محاربة داعش والقاعدة، لتمكين الميليشيات الطائفية وإخضاع مسؤولي الحكومة العراقية وأعضاء البرلمان وأدلجة المشهد السياسي العراقي، ليخدم مصالح طهران في العراق.

مآلات مقتل قاسم سليماني
في مقابلة مع أخبار الآن، اعتبر الخبير في الجماعات المتشددة واثق الهاشمي، أن إيران لن تصعد مع واشنطن بعد مقتل قاسم سليماني

 

يذكر أن جهاز الدولة الإيراني ليس متجانساً، ويتشكل من مكونات مختلفة ومتنافسة في كثير من الأحيان، إلا أن جميع تدخلات إيران العسكرية الخارجية كانت تخضع لإدارة وتخطيط قاسم سليماني. ولأن النزعة التخريبية هي صفة لصيقة بالنظام الإيراني، ستبقى حتى وإن تغير الأشخاص، ألقى فريق “أخبار الآن” نظرة مقربة على الدور الذي لعبه قاسم سليماني في تغذية الأزمة العراقية السياسية، وكيف ناهض العراقيون تدخلاته المستمرة في المشهد السياسي في العراق:

1- منصب رئاسة الوزراء في البرلمان العراقي مرهون بمباركة إيران:

منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في العراق، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والمناهضة للفساد الاقتصادي والسياسي في البلاد ولرضوخ السياسيين لتدخل النظام العراقي في سياسات العراق الداخلية، سعى سليماني جاهداً لقمع التظاهرات بشتى الوسائل، حيث وصل عدد القتلى في 3 أيام فقط إلى 100 قتيل، وأكد المتظاهرون أن العناصر التي اعتدت على المتظاهرين العراقيين لم تكن تابعة للأمن العراقي فقط، بل لميليشيات الحشد الشعبي التي تمثل ذراع إيران في العراق كذلك، كما أثبتت عدة مقاطع مصورة تورط عناصر الحشد الشعبي في قمع المتظاهرين. وفي الواقع، فإن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أعلن صراحة أن فصائله جاهزة للتدخل لمنع أي “تمرد” في العراق.

أما بعد إعلان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استقالته، حطت طائرة سليماني خلال أقل من 48 ساعة على الأراضي العراقية، واجتمع بقيادات الحشد الشعبي والميليشيات الأخرى الموالية لإيران، بالتزامن مع وصول حوالي 530 عنصراً من الحرس الثوري إلى العراق.

وفي هذا السياق، كشفت الوثائق الإيرانية التي تم تسريبها مؤخراً، من خلال مئات التقارير التي تضمنتها والتي التي كتبت على أيدي ضباط إيرانيين في الأمن والمخابرات خلال عامي 2014 و2015،  مدى تدخل إيران وحرسها الثوري -خاصة وحدة فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني- في الاختيارات المتعلقة بالنخبة السياسية في العراق بما في ذلك أعضاء البرلمان (يمتلك الشيعة أغلبية المقاعد في البرلمان العراقي، 179 مقعداً).

وجاء ذلك من خلال بنائه لـ”علاقات خاصة” مع أفراد النخبة السياسية، إذ أشارت التقارير إلى أن رئيس الوزراء العراقي -المستقيل- عادل عبد المهدي، كان على “علاقة خاصة” مع إيران، عندما كان وزيراً للنفط في عام 2014، وذلك هو ما ساعده للوصول إلى منصبه الحالي، حيث أنه من الصعب أن يصل أي سياسي عراقي لأن يصبح رئيس وزراء دون مباركة إيران، بسبب قبضة إيران المحكمة على العراق المتمثلة في الحرس الثوري وفيلق القدس.

كما شملت المستندات أيضاً، تقارير أخرى أكدت أن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، كان متعاوناً أيضاً مع المخابرات الإيرانية بشكل كامل، وكان يجري اجتماعات مع ضباط من المخابرات الإيرانية لمناقشة الشؤون العراقية، خاصة الانقسام الطائفي والأوضاع المتوترة بين طائفتي السنة والشيعة في العراق.

لا يتوقف الأمر هنا، إذ أكدت الوثائق المسربة أن الضباط في وزارة المخابرات الإيرانية وفي الحرس الثوري وفيلق القدس، يعملون بالتوازي مع بعضهم البعض لزرع الجواسيس في الحكومة العراقية، بداية بالسفراء الإيرانيين، الذين يتم تعيينهم من قبل الرتب العليا في الحرس الثوري، بالإضافة إلى إقامة علاقات سرية مع كثير من كبار المسؤولين والسياسيين والعسكريين والأمنيين العراقيين.

كما أكدت المستندات أن ضباط الحرس الثوري وفيلق القدس بقياد سليماني، اتجهوا، بعد انسحاب القوات الأمريكية في 2011، لتجنيد مخبرين سريين عملوا سابقاً لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، كما أشارت الوثائق إلى أن الاستخبارات الإيرانية سعت لتجنيد جاسوس داخل وزارة الخارجية الأمريكية، لكن لم يتضح إذا ما كانت نجحت في ذلك.

  • الحرب ضد داعش والقاعدة.. ذريعة سليماني لبسط نفوذه على الأراضي العراقية

استطاع قاسم سليماني من خلال النفوذ الذي حصل عليه بمباركة من الحكومة العراقية بذريعة “محاربة داعش”، من فرض سيطرته على الأراضي العراقي، والتي استمرت حتى بعد هزيمة التنظيم الإرهابي، إذ أنه قام بتسخيرها لتحقيق مصالح طهران، وتجسد ذلك في:

  • حرية القوات العسكرية في الوصول والعبور عن طريق البحر الأبيض المتوسط
  • تسخير الطرق البرية لتزويد ميليشيا حزب الله بالأسلحة
  • استخدام الأراضي العراقية والسوري كقواعد عسكرية لشن هجمات إرهابية في المنطقة

ويذكر أن سليماني، يملك سجلاً حافلاً بالأخطاء الاستراتيجية، يثبت أنه ليس بارعاً في إرساء الخطط العسكرية والإستراتيجية، وإنما مجرد عسكري بارع في حبك المناورات والمخططات التخريبية، ويظهر ذلك من خلال سوء تقدير الحرس الثوري للمعركة ضد داعش في تكريت وعدم تماشي حساباته مع مجريات الأحداث في المنطقة.

وفي هذا السياق، حاز سليماني على “شرعية” التجول في المنطقة بحرية كبيرة خلال فترة محاربة تنظيم داعش الإرهابي وما تلاها، خاصة فيي مناطق العمليات العسكرية، وبعلم من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، حيث أنه كان يتنقل بسيارات تحمل لوحات تسجيل “البيشمركة” أو “الحشد الشعبي” بحسب المكان الذي يتواجد فيه. ويذكر أنه يستعين بعناصر تابعة للميليشيات الموالية لإيران من حزب الله اللبناني أو حزب الله العراقي، أثناء تحركاته داخل العراق.

  • تسخير المجال الجوي العراقي لتهريب الأسلحة لبشار الأسد:

وعلى صعيد آخر.. سخر قاسم سليماني المجال الجوي العراقي لنقل طائرات محملة بالأسلحة وغيرها من الإمدادات لدعم نظام الأسد، في سوريا، وهو الأمر الذي جاء بمباركة وزير النقل العراقي في عام 2014، بيان جبر، الذي استقبل سليماني، في مكتبه ومنحه مباركته لاستخدام مجال بلاده الجوي، حسبما ذكرت الوثائق التي سربت مؤخراً. ويذكر أن ذلك جاء بالتزامن مع محاولات مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لإقناع الحكومة العراقية، بإيقاف الرحلات الجوية الإيرانية عبر مجالهم الجوي، إلا أن جبر، أكد لهم حينها مراراً أن الرحلات الجوية من إيران إلى سوريا كانت تحمل إما إمدادات إنسانية، أو الحجاج المسافرين إلى سوريا لزيارة الأماكن المقدسة، وليس الأسلحة والإمدادات العسكرية.

  • سراً وعلانيةً.. رحلات متكررة إلى العراق:

بالرغم من أن سليماني كان محظوراً من السفر، إلا أن قاسم سليماني سجل زيارات كثيرة ومتكررة إلى العراق منذ أن انضم إلى صفوف الحرس الثوري الإيراني ونصب قائداً لفيلق القدس، حتى أنه قتل في بغداد، بعد وصوله إلى مطار بغداد الدولي في رحلة “غير سرية” إلى العراق. وفي هذا السياق كتب موقع Business Insider، أن هنالك سيناريو مقترح يؤكد أن زيارة سليماني للعراق كانت بهدف تنسيق حملة مكثفة من الغارات الجوية لاستهداف القواعد العسكرية التي تحتوي جنوداً أمريكيين في العراق.

إليكم أبرز زيارات سليماني “المسجلة” إلى العراق:

  • 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019: سليماني في بغداد بعد أقل من 48 ساعة من إعلان رئيس الوزراء العراقي استقالته، مجتمعاً بقيادات الحشد والميليشيات المواليه لإيران وقادة عسكريون آخرون، يذكر أن قدومه “صادف” دخول 520- 530 عنصراً من الحرس الثوري إلى العراق.
  • 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2019: سليماني يقود اجتماعاً أمنياً عراقياً في المنطقة الخضراء ببغداد، بدلاً من رئيس الوزراء العراقي -المستقيل- عادل عبد المهدي.
  • 12-18 سبتمبر/ أيلول 2019: سليماني في زيارة سرية لبغداد، التقى فيها قادة الميليشيات العراقية الموالية لإيران بما في ذلك قادة تحالف البناء، وميليشيا بدر، بالإضافة إلى نائب رئيس ميليشيا الحشد أبو مهدي المهندس.
  • 10 مايو/ آيار 2019: سليماني في بغداد برفقة نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وقائد ميليشيا لواء كتائب الإمام علي شبل الزيدي.

  • 15 مايو/ آيار 2018: سليماني في بغداد لإجراء محادثات حول تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
  • 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017: تم الكشف عن لقطات لقاسم سليماني يقود معارك ضد داعش في العراق وسوريا.
  • 28 مايو/ آيار 2017: سليماني في زيارة خاصة قرب الحدود السورية العراقية.
  • 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2016: قاسم سليماني برفقة ميليشيات عراقية موالية لإيران في الموصل.
  • 23 أغسطس/ آب 2015: سليماني يتجول في كربلاء متحدياً المتظاهرين العراقيين الرافضين لوجوده في المنطقة.
  • 28 فبراير/ شباط 2015: سليماني في زيارة خاصة إلى تكريت.
  • 4 سبتمبر/ أيلول 2014: سليماني في مدينة أمرلي في العراق.

أبو مهدي المهندس.. الذراع السليماني في العراق: 

يعرف أبو مهدي المهندس بعلاقته الوثيقة بقاسم سليماني، وكان يعتبر “رجل إيران في المنطقة”، كما يعتبر مستشاراً شخصياً لسليماني، وكانا يظهران سوياً في كثير من المناسبات، حتى أنه صرح في مرة لوسائل الإعلام قائلاً إنه “يفخر بأن يكون جندياً لدى الحاج قاسم سليماني وهي نعمة إلهية”، قبل أن يقتل برفقة قاسم سليماني في الغارة الجوية الأمريكية التي استهدفتهما في طريق مطار بغداد في الثالث من يناير/ كانون الثاني الجاري، لكن من هو أبو مهدي المهندس؟ 

  • جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، يلقب بـ(أبو مهدي المهندس).
  • 1954- 2020 (قتل بصحبة قاسم سليماني في الغارة الأمريكية التي استهدفتهما على طريق مطار بغداد في الثالث من يناير/ كانون الثاني الجاري).
  • ولد في البصرة لأب عراقي وأم إيرانية.
  • حاصل على شهادتي البكالوريوس والدكتوراة في العلوم السياسية.
  • انضم إلى صفوف الحرس الثوري خلال فترة حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية).
  • ترشح لانتخابات البرلمان العراقي في عام 2003 عن قائمة حزب “الدعوة” بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
  • تولى مهمة حشد الميليشيات الشعبية خلال فترة الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، بعد أن أصدر نوري المالكي أوامراً بتعبئة الجماهير وتشكيل هيئة الحشد الشعبي.
  • نصب نائباً لرئيس هيئة الحشد الشعبي منذ تشكيلها.
  • شارك في تأسيس ميليشيا حزب الله العراقي.
  • فرضت الولايات المتحدة عليه عقوبات منذ عام 2009، وأضافته لقائمة الإرهاب السوداء.

 

 

 

وفي هذا الإطار، لسليماني علاقة وثيقة بـ جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، أو من يعرف بـ أبو مهدي المهندس نائب رئيس ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، إذ شكلت علاقة الرجلين نقطة مركزية عنونتها كثير من التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي، حتى أصبحت سمعة الرجل الذي ولد في البصرة لأب عراقي وأم إيرانية، بأنه رجل إيران في العراق، وسُمي بالعدو اللدود للولايات المتحدة الأمريكية.

عرف عن المهندس علاقاته الوثيقة التي تمتد لعقود مع إيران، كما عرف أيضاً كواحد من أهم المقربين من قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، إذ أعتُبر المهندس مستشاراً شخصياً لسليماني، وكانا يظهران سوياً في كثيرٍ من المناسبات والساحات الساخنة، اتهمته واشنطن بأنه يدير “شبكات تهريب للأسلحة، وشارك في تفجير سفارات أجنبية ومحاولات اغتيال في المنطقة”، بحسب ما ذكرت “بي بي سي” العربية، ووسائل إعلام.

 

المهندس، وسليماني، عملا معاً عن كثب وضمن أهداف استراتيجية عدة مشتركة تخص “جهاز الأمن العسكري” المعروف بـ”قوات القدس” والذي تولى الجنرال قاسم سليماني قيادته منذ العام 1998 وكذلك الجناح الخارجي لعملياته.

كما هدد أبو مهدي المهندس باستهداف السعودية متمنيا لها الموت والدمار وذلك في حديث مع قناة تابعة للحرس الثوري وهو يتكلم بالفارسية

ولكن.. كيف كانت هذه العلاقة الوثيقة؟ وما مدى قوتها، وتأثيرها على رجل التدخل الإيراني في العراق؟

ربما ما قاله في احدى المقابلات التي أجريت معه باللغة الفارسية التي يتقنها, تختصر الكثير، حين قال صراحةً : “أفخر أن أكون جندياً لدى قاسم سليماني وهي نعمة إلهية” بالنسبة له، ليس هذا فحسب، بل كان المهندس يحتفظ ببعض من لحية سليماني البيضاء وشعره الأبيض.

ارتباط أبو مهدي بإيران يعود إلى عقود خلت، ففي ثمانينيات القرن الماضي، كان من أبرز قادة فيلق بدر، الذي تشكل في إيران من مقاتلين عراقيين، لدعم طهران في حربها ضد نظام صدام حسين، والتي استمرت ثماني سنوات من 1980 حتى 1988.

علاقة ترجمتها أفعال
من الواضح أنها علاقة وثيقة، ليس فقط على مستوى التخطيط أو التشاور، بل ترجمتها أفعال ميدانية كبيرة على الأرض.. “الاعتداءات.. جرائم القتل.. التدخلات في المنطقة، بناء شبكة من المليشيات الموالية للنظام الإيراني في العراق.. وغيرها الكثير”

المهندس، وسليماني، عملا معاً عن كثب وضمن أهداف استراتيجية عدة مشتركة تخص “جهاز الأمن العسكري” المعروف بـ”قوات القدس” والذي تولى الجنرال قاسم سليماني قيادته منذ العام 1998 وكذلك الجناح الخارجي لعملياته.

وكان أبو مهدي المهندس قد تحدث العام الماضي متهما الولايات المتحدة بالوقوف وراء أعمال تخريب استهدفت قواعد لـ”الحشد الشعبي” في العراق وتحديدا في البصرة. وحجب بعدها ببضعة أيام حسابه على موقع تويتر.

لكنه عام 2018 خرج عن صمته العام، واتهم الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل بالوقوف وراء سلسلة انفجارات غامضة استهدفت مليشيات الحشد الشعبي.

وكان بارزاً دوره في أعمال عدائية للولايات المتحدة الأمريكية، من خلال كتائب قوات الحشد الشعبي، بعدما أصدر أوامره لأفراد الحشد بمهاجمة مقر السفارة الأمريكية في بغداد قبل اغتياله.

قيادة ميليشيات الحشد الشعبي
تولّى أبو مهدي المهندس جمع فصائل شيعية مسلحة عدة بدعم إيراني إثر إصدار نوري المالكي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة آنذاك أوامره بتعبئة الجماهير وتشكيل الحشد الشعبي، كي يقفوا بصورة أساسية بوجه التهديدات الأمنية التي مثلها داعش في بغداد وأطرافها، بعدما اجتاح التنظيم أجزاء واسعة من شمال العراق وغربه، لكن هذا الهدف تغير، وصار التدخل جلياً من خلال الجانب السياسي، والعسكري، إذ كان المهندس آداة تنفيذية لقرارات سليماني خصوصاً في الحشد الشعبي وغيره.

يعد من أهم قادة الحشد الشعبي في العراق، إذ عمل “بجد لتطويره لجعله منظمة لا تخضع لقيادة كاملة من قبل رئيس الوزراء العراقي، ولا تتبع لقوات الأمن التقليدية” في هذا البلد، بحسب ما جاء في رأي الخبير في معهد واشنطن مايكل نايتس، نقلته عنه وكالة الأنباء الفرنسية.

وكان بارزاً دوره في أعمال عدائية للولايات المتحدة الأمريكية، من خلال كتائب قوات الحشد الشعبي، بعدما أصدر أوامره لأفراد الحشد بمهاجمة مقر السفارة الأمريكية في بغداد قبل اغتياله.

وكانت ميليشيات الحشد الشعبي قد دمجت في القوات الأمنية العراقية الرسمية، لكن ما زالت بعض فصائلها المتشددة وبينها كتائب حزب الله، تمارس نشاطات مستقلة عن بغداد، ولا يخفى على المراقبين لشؤون المنطقة علاقة هذه الميلشيات بإيران، حتى أن قيادة فالح الفياض لمليشيات الحشد الشعبي أصبح يعتبر شكلياً، إذ يعتبر مراقبون، أن المهندس هو القائد “الحقيقي” لهذه المليشيات التي شكلت بفتوى من المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني

وجه بعيد عن الإعلام
كان يحافظ على علاقات فاترة مع وسائل الإعلام، ولا يظهر في كثير من الأحداث، ولم يعرف بحضور سياسي مهم في الساحة العراقية، وهو ما جعل تصريحاته محدودة للإعلام.

لكنه عام 2018 خرج عن صمته العام، واتهم الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل بالوقوف وراء سلسلة انفجارات غامضة استهدفت مليشيات الحشد الشعبي.

مراقبون وصفوه، بالشخص الذي يسهر على تنفيذ أجندة طهران السياسية والعسكرية في المنطقة.

ما علاقته بحزب الله العراقي؟
يعتبر المهندس من الأشخاص الذين أسسوا كتائب حزب الله العراقي، الفصيل المتشدد، والمدعوم من إيران الذي يستهدف غالباً القوات الأمريكية.

في عام 2009، فرضت الولايات المتحدة، عقوبات على المهندس وكتائب حزب الله، ووضعتهما على قائمة المنظمات الإرهابية.

وصدر حكم بالإعدام على المهندس في 1983 في الكويت، لتورطه في هجمات استهدفت سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا.

عاشا معاً، وقتلا معاً
فجر الجمعة، الموافق 3 يناير 2019، أنهت صواريخ عدة أطلقت باتجاههما من طائرة أمريكية مسيرة، حياتهما، حين كان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني في زيارة للعراق، وكان في استقباله، أبو مهدي المهندس، بعد استهداف موكبهما على طريق مدار بغداد الدولي.

اقرأ المزيد: 

إيران.. لم يعد بإمكان المعتدي لعب دور الضحية