لماذا تمثل قاعدة اليمن وجماعة الشباب بالصومال رهان إيران للسيطرة على آسيا وإفريقيا

ما هي علاقة جماعة الشباب في الصومال وكينيا، وبين قاعدة اليمن؟، وما هي العلاقة بينهما وبين قادة تنظيم القاعدة المقيمين في إيران منذ عقود؟ وكيف يستخدم نظام خامئني في إيران جماعات الجهاد السني في تحقيق الفوضى في الدول التي يستهدفها فيما يشبه حصان طروادة على أبواب المدن العربية تحت مسمى الجهاد ليصير ” جهاد طروادة ” ؟، وذلك قبل أن يجهز نظام الملالي علي تلك الدول كما حدث في العراق وسوريا واليمن وغيرهم؟!

للوقوف على حقيقة ذلك وربط خيوط ببعضها علينا أن نمعن النظر في تلك الرسائل اليومية التي يرسلها مصطفى حامد أحد كبار منظري تنظيم القاعدة المقيم في إيران تحت حماية وقبضة نظام الملالي بها، عبر مقالاته في موقعه “مافا الإيراني”، والذي يستغل فيه علاقته السابقة في أفغانستان للتقريب بين طالبان ونظام خامئني ومساعدة طهران في بسط نفزوذها على كابول.

ومؤخرا قال مصطفى حامد، الملقب بأبو الوليد المصري، صهر زعيم التنظيم الحالي القابع معه في طهران مستغلا الأحداث في غزة: “أن أهل غزة إذا لم يعيشوا كباقي أهل السنة فليموتوا على الطريقة الشيعية” وفي مقاله يشرح أنها كما مات الحسين في كربلاء على الطريقة الشيعية، وهو ما يمثل وجهة نظره المتبناة من وجهة نظر النظام الإيراني التي تؤدي كل القرائن إلى دلائل واضحة على أن نظام الحكم بها يسعى لبث الفوضى في الدول العربية مستخدما ذراع إرهاب الجهادية السنية التي يأوي رأسها بعاصمته ، وتمثل جماعة الشباب في الصومال وكينيا أحد أهم هذه الأذرع.

فكيف بدأت جماعة الشباب في تنفيذ مخطط إيران لنشر الفوضى في شرق إفريقيا وتمكينها من المفاصل السياسية والاقتصادية لتلك الدول؟

عام 1991 اندلعت الحرب الأهلية الصومالية، سقطت الحكومة وانهار نظام الدولة، وحل محلهما ما بات يعرف لاحقا بالمحاكم الإسلامية في الصومال، 16 عاما كاملة أحكمت فيها المحاكم قبضتها على الصومال شرقا وغربا، انتهت تلك الحقبة بغزو إثيوبي عام 2006 لمحاولة كسر مطرقة هذه المحاكم، ما تلا ذلك كان فوضويا للغاية،  وحول الصومال لواحدة من أكثر البلدان خطورة ليس في شرق إفريقيا فحسب ولكن في العالم أجمع، ليشهد عام 2006 ميلاد “حركة الشباب”وبداية حقبة جديدة من تاريخ الصومال ، ألا وهي حقبة الشباب.

كان لزاما علينا في “أخبار الآن” أن ننزل على الأرض لفهم الوضع المعقد في الصومال، وصلنا إلى العاصمة مقديشو ورصدنا كيف تبدو على المدينة آثار الإنهاك، وكأنها لم تخرج بعد من الحرب الأهلية.

في الصباح التالي كنا على موعد مع عبدالسلام غوليد النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات الصومالي لمحاولة الإجابة على بعض التسؤلات لدينا حول الكابوس الأبرز الذي يواجه هذا البلد الإفريقي، حيث كان علينا أولا أن نعرف ماهية حركة الشباب المجاهدين وخلفية عناصرها؟

جماعة الشباب.. النموذج المطلوب لجهاد طروادة.. لا يترك السلاح ويبث الفوضى لأعوام

يقول عبد السلام غوليد في مستهل حواره معنا عن جماعة الشباب “في الصومال نسميهم “الشباب”، لكنهم جزء من الشبكة العالمية لتنظيم القاعدة، إنهم صوماليون، لكن العقل والأسلوب والوسائل التي يستخدمونها ليست صومالية، بل هي من تنظيم القاعدة، وهي وسائل لإرهاب دولي وعالمي”

بدا على الرجل علامات الريبة والتوجس وهو يسترجع الماضي الأسود للحركة وكيف تحولت لخنجر سام في ظهر الصومال”بدأوا في عام 2005، وكانوا بعد ذلك جزءًا من اتحاد المحاكم الإسلامية، ثم في عام 2006، كان ذلك الوقت الذي ظهروا فيه بسرعة وقوة حيث قاتلوا ضد الإثيوبيين، وهذا هو الوقت الذي أصبحوا فيه حقًا قوة حقيقية لأن المجتمع الصومالي لم يفهمهم أو يعرف حقيقتهم.”

على مدار أيام قضيناها في الصومال وتجولنا فيها بين أحياء العاصمة مقديشو، حاولنا البحث عن أسباب نشأة الحركة والقصة الدرامية لانفصالها عن المحاكم الإسلامية، فانفصال الشباب عن المحاكم لم يكن سلسا وتلقائيا كما يتصور البعض، بل كان الأمر أشبه بانقلاب، وهو ماكان يمثل تجسيدا عمليا مبكرا لمخطط “جهاد طروادة” حيث يحرم على المقاتلين وضع السلاح، بل الاستمرار في القتال حتى ولو مع أبناء عشائرهم وقبائلهم، مع مواطنيهم على نفس الأرض

كيف تستغل إيران جماعة الشباب لتنفيذ مخطط "جهاد طروادة" في إفريقيا

ففي عام 2009 انتخب البرلمان الصومالي المنعقد في جيبوتي، “شيخ شريف” رئيسا للبلاد، وكان في ذلك الوقت رئيسًا للمحاكم الإسلامية، التي قررت وضع السلاح جانبا بعد انتهاء تهديد الأثيوبيين، لكن حركة الشباب استمرت في نهج القاعدة بالقتال والتسليح وأصبحت مجموعة منفصلة.

وما إن بدأنا البحث في ملفات الحركة حتى وجدنا سجلا طويلا من عمليات إرهابية ارتكبها الشباب ليس فقط داخل البلاد ولكن خارجها أيضا وهو ما حافظ على حالة عدم الاستقرار والفوضى في البلاد على مدار اعوام وحتى الآن.

لماذا اليمن والصومال بابا مثاليا لجهاد طروادة؟

كل ذلك دفعنا إلى السؤال عن الوزن الحقيقي للشباب على الأرض في الصومال؟

وعن ذلك أجابنا عبدالسلام غوليد نائب رئيس المخابرات الصومالية السابق”حركة الشباب تسيطر على 70٪ من الأراضي في جنوب ووسط الصومال، بالطبع الحكومة لديها بعض المناطق والجيوب في تلك المدن، لكنهم يسيطرون على الأرياف حتى في مقديشو، هم في كل مكان ولا يمكن تمييزهم لأنهم لا يبدون مختلفين عن باقي الصوماليين، وأعتقد أن هؤلاء الأشخاص هم أكثر المنظمات فظاظة ووحشية على وجه الأرض على الإطلاق”

الصومال.. 637 ألف كيلو متر مربع.. تشكل منطقة القرن الإفريقي.. موقع جغرافي هام للغاية.. لكن ماذا ينقصها لتصبح كلمة السر لقوة هائلة للشباب؟

وعن هذا يضيف غوليد: “أتذكر القصص التي كانوا يروونها لي قالوا: “نحن، المجاهدون، لدينا هدفين في هذا الجزء من العالم، الصومال واليمن سيكونا لتنظيم القاعدة”

كيف تستغل إيران جماعة الشباب لتنفيذ مخطط "جهاد طروادة" في إفريقيا

الصومال واليمن إذا تشكلان معا كلمة السر وراء أحلام التنظيم، فالبلدان يتقاسمان أحد أهم الممرات البحرية في العالم، والذي يمر عبر مياهه ما يزيد على 21 ألف ناقلة سنويا، والبوصلة هنا تتجه صوب مضيق باب المندب، حيث تبعد إفريقيا عن آسيا مسافة 30 كلم فقط هي عرض المضيق.

ويفسر غوليد ما دار في عقول زعماء الشباب في ذلك الوقت فيقول: “لا يوجد بحر بين اليمن وجيرانها على طول الطريق، يمكنك قيادة السيارة من اليمن إلى الطرف الآخر من الجزيرة العربية إلى إيران، إلى تركيا، ومن ثم الصومال يمكنك السفر من الصومال إلى نيجيريا ومنها إلى وسط وغرب إفريقيا دون بحر أيضا، فهذا مكان استراتيجي مهم للغاية والصومال ستكون قاعدتنا”.

ويكمل غوليد في شرحه لنهج جماعة الشباب أو بمعنى أدق نهج تنظيم القاعدة في الصومال وشرق إفريقيا فيقول” إن تنظيم القاعدة لا يعتبر حركة الشباب مجرد همزة وصل بين جيوبه في آسيا وإفريقيا، بل الجماعة الأم لكل الحركات الإرهابية في القارة السمراء، بوكو حرام في نيجيريا، أنصار السنة في موزمبيق، ADF في أوغندا كلها حركات تدربت على يد حركة الشباب أو هكذا ترى الاستخبارات الصومالية”

كل هذه الأمور تدفع القاعدة لبذل الجهود حثيثة لدعم فرعها الصومالي، حيث يوضح غوليد أن “الاستخبارات الصومالية رصدت زيارات بين الجانبين كل 6 أشهر تعمل خلالها القاعدة على دعم عناصر الشباب بالسلاح والتدريب، والأهم من ذلك المال” ومن البديهي أن تلك الأسلحة التي تاتي من اليمن هي أسلحة إيرانية حيث تقوم إيران بتسليح الحوثي والقاعدة في اليمن واللذين باتا جبهة واحدة في الحرب الدائرة هناك الآن.

فقوة الحركة تكمن في قدرتها على توفير مصادر تمويل كثيرة ومتعددة، من بينها الضرائب والزكاة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وقيامهم بأعمال تجارية في مختلف أنحاء العالم تحت أسماء مستعارة ووهمية.

وعن ذلك يؤكد غوليد”وفقًا للمعلومات التي لدينا، فقد حصلوا ما يقارب الـ 700 مليون دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة من خلال ما يطلقون عليه “ضرائب أو زكوات””

مهاد كاراتيه.. الرجل الأجدر على بث الفوضى في إفريقيا

قادنا البحث في ملفات قادة الحركة لعدة خيوط تشابكت جميعها حول رجلين اثنين، الأول “غوداني” الذي كان أحد مؤسسي جماعة الشباب وأصبح فيما بعد زعيم الجماعة وتم قتله لاحقًا، والثاني هو مهاد كاراتي.

فماذا في جعبة الاستخبارات الصومالية عن كاراتي؟ وهل من الممكن أن يصبح الزعيم الجديد للشباب؟

في هذا الشأن يرجح عبد السلام غوليد ذلك الأمر بشدة مؤكدا “الاحتمالية مرتفعة جداً، ومرجحة للغاية، مهاد كاراتي من هذا الجزء من الصومال، وهو من عشيرة قوية “قبيلة”، كان أحد مؤسسي تنظيم الشباب وأحد العقول المتطرفة والصعبة، وشخصيًا هو شخص وحشي لا يمتلك قلبًا.”

في كل بلد ضربه الإرهاب، يظل هنالك اسما واحدا يقلق الجميع،داعش، ولكن مع وجود الجماعة الأشرس والأكثر خطورة في الصومال تختلف المعادلة، فهل تقلق داعش الحكومة الصومالية؟

عن ذلك يجيب غوليد “داعش ليس مشكلة كبيرة في الصومال، نعم، على الصعيدين الدولي والإعلامي، نعم إن له علامة إجرامية كبيرة جدًا تحمل اسمه، ولكن في الصومال لا، تنظيم القاعدة وجماعة الشباب هما المشكلة.”

تركنا الصومال بعد عدة أيام ثقال، أجيب لنا فيها على الكثير من الأسئلة عن حركة الشباب، لكن بقي السؤال الأهمّ لا يراوح أذهاننا..

هل نشهد قريبا شروق شمس الصومال؟

شمس دون حركة الشباب، شمس دون قاعدة، شمس دون إرهاب، تدعمه أياد خفية من دول ذات مصالح في بث الفوضى على أرض الصومال بل على أرض إفريقيا والدول العربية!


خلفية تاريخية عن حصان طروادة “ويكيبيديا”

حصان طروادة (بالإنجليزية: Trojan Horse)‏ جزء من أساطير حرب طروادة، إلا أنها لا تظهر في الجزء الذي يرويه هوميروس في الإلياذة عن الحرب، حصان طروادة أكبر الأحصنة الخشبية في التاريخ ويبلغ من الطول 108 متر ومن الوزن 3 أطنان، ليكون أمتن حصان خشبي في العالم، بعد حصان طروادة هناك حصان زقاونة لدى شعب الرومان والجرمان.

أسطورة حصان طروادة

تروي الأسطورة أن حصار الاغريق لطروادة دام عشر سنوات، فابتدع الاغريق حيلة جديدة، حصاناً خشبياً ضخماً أجوفا تم بناؤه تحت إشراف إبيوس في ثلاثة أيام. ومُلئ بالمحاربين الاغريق بقيادة أوديسيوس، أما بقية الجيش فظهر كأنه رحل بينما في الواقع كان يختبئ وراء تيندوس، وقبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام.

وقام جاسوس إغريقي، اسمه سينون، بإقناع الطرواديين بأن الحصان هدية، بالرغم من تحذيرات لاكون وكاساندرا، حتى أن هيلين وديفوبوس فحصا الحصان فأمر الملك بإدخاله إلى المدينة في احتفال كبير.

احتفل الطرواديون برفع الحصار وابتهجوا، وعندما خرج الاغريق من الحصان داخل المدينة في الليل، كان السكان في حالة سكر، ففتح المحاربون الاغريق بوابات المدينة للسماح لبقية الجيش بدخولها، فنهبت المدينة بلا رحمة، وقتل كل الرجال، وأخذ كل النساء والأطفال كعبيد.

كانت مدينة طروادة تحت إمرة الأمير هيكتور والأمير بارس والذي كان سببا رئيسيا في الحرب بخطفه هيلين ملكة اسبرطة، وزوجة مينلاوس شقيق أجاممنون بن أتريوس.

كانت الأميرة كاساندرا تتنبأ بالمستقبل، وقبل ولادة الأمير بارس تنبأت بأن المولود الجديد سيكون سببا في دمار طروادة فأمر الملك بقتل المولود بعد ولادته، لكن الحاجب الذي أمر بقتل الأمير الصغير تركه في العراء وذهب.