الغايات من الهجمات الإرهابية في أفغانستان

عندما استولت طالبان مرة أخرى على كابول بعد 20 عامًا في 15 من أغسطس العام الماضي، أعلن قادة طالبان أن الحرب وانعدام الأمن قد انتهى في أفغانستان وأنه حان وقت السلام وإعادة الإعمار والتنمية في البلاد.

وكان تنظيم داعش الإرهابي هو أول جماعة ردت على هذا الإدعاء لطالبان بتفجير انتحاري في مطار كابول الدولي استهدف مئات الأشخاص المغادرين للبلاد، ونتيجة لذلك، قُتل 13 جنديًا أمريكيًا.

لكن أكبر هجوم إرهابي يبدو أنه تم بدوافع دينية وعرقية كان الهجوم الانتحاري في مسجد الفاطمية في قندهار الذي استهدف يوم الجمعة الماضي مما أدى إلى مقتل مالا يقل عن 30شخصا  وإصابة أكثر من 50 آخرين.

بعد هذا الهجوم، تم استهداف عدة سيارات ركاب في غرب كابول، حيث كان معظم سكانها من الهزارة الشيعة، ويسفر كل هجوم عن عدد من القتلى والجرحى.

وقد أقر تنظيم داعش-خراسان المسؤولية عن هذه الهجمات.

بعد عدة أشهر من الأمن النسبي الذي عاشته أفغانستان، ازدادت الهجمات الإرهابية للأهداف العرقية والطائفية في شهر رمضان المبارك.

ففي أول شهر رمضان كانت هناك ثلاث تفجيرات انتحارية في عبد الرحيم شهيد، أكبر مدرسة في غرب كابول، ومركز ممتاز التعليمي.

ووقعت الانفجارات بسبب ثلاث قنابل مزروعة في طريق الطلاب أسفرت عن مقتل 11 طالبا شيعيا من الهزارة وجرح نحو 50 طالبا ولم يتبنى أحد المسؤولية عن هذه الهجمات.

كانت هناك هجمات مماثلة على ثانوية الشهداء العام الماضي ومع ذلك لم تعلن أي جماعة بما فيها تنظيم داعش-خراسان مسؤوليتها.

بعد فترة وجيزة من هذه الهجمات، وقعت انفجارات في مزار شريف ومدينة قندوز ومنطقة الإمام في قندوز والانفجار في خانقاه خليفة في كابول وبحسب الأنباء، فقد قُتل وجُرح حوالي 120 شخصًا جراء هذا الهجوم.

واستهدف تفجيران في شهر رمضان مراسم دينية للسنة الصوفيين في قندز وخانقاه خليفة في كابول، كما استُهدفت هجمات أخرى شيعة الهزارة.

يتطلب تحليل مثل هذه الإجراءات الإرهابية والمزعزعة للاستقرار من قبل داعش تقييم دوافع داعش في القدوم إلى أفغانستان وعلاقاتها مع طالبان والحكومة الأفغانية السابقة وأصحاب المصلحة الأجانب في أفغانستان.

خلال فترة الحكومة الأفغانية السابقة استفاد تنظيم داعش وطالبان من أنشطتهما المزعزعة للاستقرار في البلاد، فكلاهما يريد إيذاء الحكومة السابقة ويمكنهما إضعافها من خلال توسيع حالة عدم الاستقرار في جميع أنحاء البلاد وتحقيق أهدافهما.

لم يكن هذا هو القاسم المشترك الوحيد بين طالبان وداعش إذ أن مدرسة ديوبند وفكر ابن تميمة هي النقاط التي توحد داعش مع طالبان.

العديد من الإجراءات والسياسات التي اتخذتها طالبان خلال حكومتها الأولى والعديد من الإجراءات والسياسات التي طبقتها بعد الاستيلاء على كابول في 15 أغسطس 2011 متجذرة في تلك القواسم المشتركة بين طالبان وداعش.

امتلاك تفسير ضيق وقاسٍ من الإسلام، وامتلاك فقه أو منهج فقهي وشرعي في جميع أفعال الناس وسلوكياتهم بغض النظر عن حريتهم في الاختيار والعزيمة التي أعطاها الله للناس في اختيار عقيدتهم ودينهم وأسلوب حياتهم هي النقاط الأكثر شيوعًا بين طالبان وداعش.

هاتان الجماعتان لا تتسامحان مع التعددية والتسامح الاجتماعي السياسي، لكن ما هو لافت هو التصور التكفيري لداعش من حيث الديانات الأخرى.

طالبان لا تعلن علانية تكفير أتباع الديانات الأخرى وخاصة المسلمين الشيعة والصوفية ومع ذلك، فإن داعش القائمة على السلفية تعتبر جميع أتباع الديانات الأخرى كفارًا وتعتبر قتلهم أمرًا لا بد منه.

ولهذا فجروا مساجد الشيعة وخانقاس الصوفيين وقتلوهم.

علاوة على ذلك تعتبر طالبان تنظيم داعش جماعة أجنبية لديها تهديدات معينة لمصالحها وتريد القتال معها.

النقطة الوحيدة التي يجب الانتباه إليها هي أن طالبان لا تريد الإعتراف بهجمات داعش من أجل عدم المس من هيمنتها وهيبتها، ولهذا السبب لم يتم ذكر الجرائم المأساوية لداعش خلال شهر رمضان وفي رسالة العيد لزعيم طالبان وغيره من كبار مسؤولي الجماعة الذين لم يذكروا أيضًا أنشطة داعش في أفغانستان.

من الناحية النظرية، لم يكن لداعش قواسم مشتركة مع حكومة أفغانستان السابقة، وعلى الرغم من أن النظام السابق كان يحمل لقب الجمهورية الإسلامية، وفي دستوره، فإن المبادئ الإسلامية كانت تسود جميع القوانين الأخرى، ما أظهره خلال العشرين عامًا الماضية كان نظامًا علمانيًا ونتيجة لذلك، من الناحية الأيديولوجية، كانت في مواجهة داعش.

في الوقت نفسه كان ظهور داعش في وقت كانت فيه طالبان قد بسطت نفوذها في جميع أنحاء البلاد، ولذا كان من الجيد لحكومة أشرف غني أن تقاتل داعش بكل الوسائل الممكنة إلا أنها نفت وجود تنظيم داعش في البلاد.

أدى هذا الإهمال وعدم وجود إجراءات جادة ضد تنظيم داعش إلى تعليق الأوساط المنتقدة للحكومة السابقة عن إجراءاتها ضد التنظيم الإرهابي بل انتشرت شائعات عن وجود دوائر معينة في الحكومة سهلت تواجد داعش في أفغانستان من أجل نقلهم إلى آسيا الوسطى.

لقد اعتبروا داعش ليس فقط مشروعًا لأفغانستان ولكنهم اعتبروه مشروعًا لتحقيق أهدافهم الأكبر في المنطقة.

لكن علاقة داعش بالقوى الأجنبية في أفغانستان موضوع يبدو أن تحليله صعب إلى حد ما فقد ظهر تنظيم داعش لأول مرة في العراق وسوريا وقاتل التنظيم بشكل أساسي ضد حكومتي البلدين، لكنه لم يقتصر على تلك المهمة.

نظرًا لأن العدو الأكبر لداعش في غرب آسيا كان إيران والشيعة من أفغانستان وباكستان وبعض الدول الأخرى، كان لدى داعش الدافع لمد نفوذها إلى أفغانستان لتحقيق أهدافها والرد على أعدائها في غرب آسيا.

يمكن لمهمة داعش هذه أن تخلق هدفًا مشتركًا يتماشى مع القوى الغربية. وتطرح هجمات داعش على شيعة أفغانستان هذا السؤا: .لماذا يتعرض شيعة أفغانستان الذين لديهم هوية مستقلة باستثناء بعض الأفراد والجماعات الصغيرة لم يخدموا مصالح القوى الأجنبية مطلقًا، ويتم تهديدهم وقتلهم؟

قد لا نتمكن من تقديم إجابة واضحة إذا لم نفكر في خيار آخر وهو زعزعة الاستقرار في أفغانستان لأي سبب وقتل الشيعة والصوفيين الذين كانوا دائمًا مجموعات متسامحة ويقدمون عذرًا جيدًا لعدم اتخاذ إجراء جاد للتصدي لمثل هذه الهجمات.

في الوقت نفسه، يمكن أن يقوض قوة طالبان في إقامة دولة مستقرة ويقوض أي استثمارات يمكن تنفيذها في البلاد.