مستوى التعليم في العراق في ظل الظروف الحالية وصل إلى أدنى مستوياته وتفشت الأمية بشكل غير مسبوق

في السابق كنا نفتخر بمستوى التعليم في العراق، لكن في ظل الظروف الحالية وصل التعليم الى ادنى مستوياته وتفشت الامية بشكل غير مسبوق، يعد التعليم احد ابرز مؤشرات تقدم المجتمعات والارتقاء بثقافتها، وهو الطريق الذي ننجح فيه بالوصل الى مجتمع خال من الصراعات الطائفية والتخلف والعقد والجهل ويسرع في عملية بناء الاقتصاد ويساهم في احترام حقوق الانسان ويخفض من مستوى الجريمة.

لذلك نجد الدول المتقدمة تهتم بشكل كبير بالتعليم في مراحله المختلفة وتهتم بمجال الدراسات والبحوث وتضع قوانين صارمة على التعليم الالزامي وتخصص مبالغ مهولة لرفع مستوى التعليم وقوانين اخرى للحد من التسرب من المدارس، لم يلجأ العراق إلى اجراءات صارمة للحد من تفشي ظاهرة الامية ولا التسرب من الدراسة ولا مكافحة عمالة الاطفال، حول موضوع التعليم في العراق وانحدار مستواه كان لي حديث مع الدكتور والاستاذ الجامعي “حيدر الشمري” المقيم في كندا والذي يدرس حاليا في جامعة “الغوما” قسم الفيزياء وله خبرة سنوات طويلة في مجال التعليم والتدريس ليس في كندا فقط بل كان استاذا زائرا في دول عدة منها سنغافورة والصين وهونغ كونغ واسبانيا، وذلك بعد هجرته من العراق، النقاش تركز حول واقع التعليم في العراق ولماذا وصل ادنى مستوى له، سألت الدكتور حيدر عن اسباب فشل التعليم في العراق؟ اجابني قائلا:

ما هي أسباب فشل التعليم في العراق؟

أصبح مستوى التعليم في العراق خال من المعرفة والمعلومة ولا يواكب عصر التطور والتكنولوجيا في العالم وذلك لأسباب عدة اهمها

أولاً:سوء الادارة والمحاصصة المقيتة

ثانيا: التدخلات السياسية التي تؤثر في تطوير البحوث والدراسات الخاصة بالمناهج التعليمية

ثالثا: دخول الفساد المالي والاداري نظام التعليم مما ادى إلى تراجع المناهج الدراسية وبالتالي فأنها لا تناسب حاجات البلاد الاقتصادية، ناهيك عن قلة التخصصات المالية.

هذه كانت اهم الاسباب التي قدمها د. حيدر وبالفعل التخصصات المالية الاخيرة كانت شيء لا يذكر فقد خصصت الحكومة في موازنتها الاخيرة نسبة 10 في المئة فقط من موازنتها.

اما عندما سألته عن تقيمه لمستوى التعليم في العراق فكان رده:

العراق الذي خط فيه أول حرف على أرضه اصبح خارج التصنيف العالمي لعام 2021 حسب مؤشر دافوس لجودة التعليم، الذي ضم 180 دولة. مؤشر دافوس ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ وليبيا والصومال والسودان “ﺩﻭل ﻏﻴﺮ مصنفة” لعدم توفر ﺃﺑﺴﻂ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺠﻮﺩة ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ.

طبعا ﺍﺣﺘﺴﺎﺏ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮ تتم من خلال ﺟﻤﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ الخاصة باثني عشر فئة أساسية مختلفة، من بينها ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ الرصينة، ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ، ﻭﺑﻴﺌﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ، ﻭﻛﻔﺎﺀﺓ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﺴﻠﻊ، ﻭﻛﻔﺎﺀﺓ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭكذلك ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺠﺎﻫﺰﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، ﻭﺣﺠﻢ ﺍﻟﺴﻮﻕ، فضلا عن ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ.. الاكاديمي الدكتور حيدر اعتبر خبر خروج دولة بحجم وتاريخ العراق التعليمي الفكري والثقافي والادبي كالصاعقة على الأوساط الأكاديمية والتربوية وأولياء الأمور.

نكسة وخيبة أمل كبيرة تضاف للنكسات التي يمر بها العراق في جميع مفاصله مثل الخدمات والصحة وانعدام الامن في ظل وجود السلاح المنفلت وسطوة الميليشيات

خروج العراق من هذا التصنيف اعتبره الأكاديمي نكسة وخيبة امل كبيرة تضاف للنكسات التي يمر بها العراق في جميع مفاصله مثل الخدمات والصحة وانعدام الامن في ظل وجود السلاح المنفلت وسطوة الميليشيات على مفاصل الدولة وفساد المنظومة السياسة.

وبما أنه تحدثنا عن سطوة الميليشيات وفساد المنظومة السياسة.. التي وصلت الى التعليم بمختلف مراحله، كان يجب ان نتطرق الى موضوع تغيير اسماء المدارس الذي اعده د. حيدر  بالعمل غير الصحيح ويشكل ارباكا في العمل التربوي وانه فتح الباب امام الكثير من التداخلات الحزبية والعقائدية حسب الجهة المسؤولة عن الدائرة التعليمة التابعة لها.

النقاش مع الأكاديمي حيدر الشمري دفعني لمزيد من الاسئلة، ففي الآونة الاخيرة نسمع عن جامعات أهلية عدة في العراق الى جانب الجامعات الحكومية كيف حصل ذلك:

تقسم جامعات العراق إلى أربع أقسام أساسية من الجامعات: الأولى هي الجامعات الحكومية وهي تحت اشراف وزارة التعليم العالي، ثم جامعات إقليم كردستان؛ وهي التي توجد ضمن حدود إقليم كردستان ومملوكة لحكومة

الإقليم، ثم الجامعات والكليات الأهلية.ولقد بلغ عدد الجامعات في العراق 35 جامعة حكومية و45 جامعة وكلية أهلية، “تفشي ظاهرة الجامعات والمدارس الأهلية والتي من شعاراتها (ادفع تنجح) “.وهناك أكاديمية واحدة للشرطة،

بإجمالي تجاوز 85 جامعة وأكاديمية تعمل داخل العراق، إلى جانب جامعة تابعة إلى وزارة الدفاع وأخرى تابعة إلى وزارة الداخلية وجامعتين تابعتين لكل من الوقف السني والوقف الشيعي.

الحكومات المتعاقبة دأبت على العبث بمعايير الجودة والتساهل في منح الشهادات العلمية واهمال بحوث تطوير المناهج الاكاديمية فضلا عن تفشي ظاهرة الدكاكين الأهلية التي تسببت بتراجع المستوى من خلال منحها الاعتراف لعدد كبير من تلك الكليات والجامعات الخاصة، إذا ارتفاع في عدد الكليات والجامعات وفي المقابل هناك ارتفاع كبير في نسبة الامية في العراق.

لماذا ارتفعت نسبة الأمية في المجتمع العراقي؟

يقول الدكتور حيدر أن هناك عوامل اهمها اقتصادية وأمنية، فبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن نسبة الأمية بين السكان في العراق الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات، بلغت 13%، وترتفع النسبة بين الإناث ممن تزيد أعمارهن عن 10 سنوات، لتصل إلى 18%، فيما تنخفض بين الذكور إلى 8%.

الجهاز المركزي للإحصاء ذكر مؤخراً، أن 87% من الأفراد ممن تزيد أعمارهم عن ١٠ سنوات فما فوق، ليسوا أميين، من بينهم 82% من النساء، لسن أميات، مقابل 92% من الذكور، ليسوا أميين.

العراقيون بمن فيهم المقيمون خارج البلاد يأملون بتحسن مستوى التعليم وان تلتفت الحكومات اليه لان تخلفه وانحداره سيسبب كوارث في مستقبل العراق.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن