غموض التنظيمات الإرهابية في الإعلان عن قتل قاداتها

تتبنى أغلب التنظيمات الإرهابية الفاعلة والنشطة في الإقليم أسلوب “الغموض المتعمد” في عدم نفي أو تأكيد الأخبار التي يتم تداولها من قبل بعض الدول حول مقتل أحد قياداتها، وهو أسلوب قديم يمثل قسمًا من تكتيكات تنظيم “القاعدة” فقد تصاعدت عمليات استهداف قيادات التنظيمات الإرهابية، خاصة المنتمية لتنظيمي القاعدة وداعش، حيث خسر داعش عددًا كبيرًا من قياداته البارزة.

يرتبط تأثر التنظيمات الإرهابية بغياب قياداتها عن المشهد بعدة عوامل، يتمثل أهمها في: توقيت الاستهداف ذاته، والثقافة التنظيمية، والمرونة الأيديولوجية، وحجم التنظيم، والتنوع الوظيفي، والتماسك الداخل.

حول هذا الموضوع المحلل الرئيسي في مركز التحليل والبحوث العملياتي COAR عروة عجوب تحدث لأخبار الآن وقال ” إن حراس الدين طوروا استراتيجية نعي القائد وكأنه قد قتل وعلى سبيل المثال في عام 2016 وفي عام 2020 تم الإعلان عن اغتيال أبو حمزة اليمني ولم يكن هو وأيضا عندما ضربت قوات التحالف الدولي أبي ذر المصري في عام2021  قامت حراس الدين بنعيها ولكن بعد وقت آخر علمنا أنه تم اعتقاله من قبل هيئة تحرير الشام لذلك من الصعب التأكد من هوية المقتول ضمن التنظيمات المتشددة .

لماذا لا تعلن التنظيمات الإرهابية عن مقتل قياداتها؟ هل هو غموض متعمّد؟

من جانبه أوضح الباحث في الجماعات المتطرفة أحمد الرمح، أن هذه الجيوب التي تأمن بالسلفية الجهادية والتي تؤمن بالجهاد العالمي أصبحت مقوضة وقليلة لكن بقي منها جيوب في إدلب تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وهذه الجيوب تشكل خطر إستراتيجي لانها تؤمن ان عملياتها أممية ومشروعة في كل دول العالم لذلك الولايات المتحدة تقوم من خلال معلومات إستخباراتية بضبرا محددة ودقيقة للعقول المدبرة “.

وأضاف  الرمح أن الأسماء في هذه التنظيمات دائماً تكون حركية، ولفت إلى أن “الخلاف بين الجولاني و حراس الدين هو خلاف عميق جدا”.

لماذا لا تعلن التنظيمات الإرهابية عن مقتل قياداتها؟ هل هو غموض متعمّد؟

يمكن القول إن التنظيمات الإرهابية تسعى عبر اتباع أسلوب “الغموض المتعمد” في عدم نفي أو تأكيد أخبار مقتل أحد قياداتها إلى تحقيق أهداف عديدة يتمثل أبرزها في:

  1. تأمين قيادات التنظيم: : تحرص التنظيمات الإرهابية على عدم نفى خبر مقتل أحد قياداتها، في حالة إعلان إحدى أو بعض الدول عن ذلك، من أجل تأمينه في حالة ما إذا لم يكن الخبر صحيحًا.
  2. منح دفعة معنوية بظهور تلك القيادة: تتبع التنظيمات الإرهابية أسلوبًا سيكولوجيًا له علاقة بترك خبر مقتل أحد قياداتها لفترة زمنية ثم القيام ببث تسجيل مصور أو رسالة صوتية لتلك القيادة تكون ذات فاعلية سيكولوجية كبيرة في نفوس أعضاءها وقواعدها، وهو ما يتبناه تنظيم “داعش”، على سبيل المثال، مع الإعلان المتكرر من قبل العديد من الدول عن استهداف ومقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، على نحو تم حسمه بظهور الأخير في تسجيل مصور في 29 إبريل 2019، الذي اعتبر، وفقًا لاتجاهات عديدة، إشارة لفروع التنظيم وخلاياه من أجل القيام بتنفيذ عمليات إرهابية في دول ومناطق مختلفة.
  3. ترتيب الأوضاع التنظيمية: تلجأ التنظيمات الإرهابية، في حالة مقتل أحد قياداتها، إلى إخفاء الخبر أو عدم تأكيده، إلى حين ترتيب الأوضاع التنظيمية الداخلية، خاصة في ظل الصراع المتصاعد بين تنظيمى “القاعدة” و”داعش” على استقطاب القواعد التنظيمية.
  4. تجهيز الرد: تحرص بعض التنظيمات الإرهابية على تأجيل الانخراط في الجدل الذي يدور حول مقتل أحد قياداتها، في حالة ما إذا كان قد قُتِل بالفعل، إلى حين تجهيز وترتيب عملية إرهابية نوعية تكون بمثابة ردًا على مقتله، ومدخلاً في الوقت نفسه للإعلان عن ذلك، على نحو يؤدي، في رؤيتها، إلى تقليص حدة التأثير العكسي على قواعد التنظيم نتيجة مقتله.
  5. عدم بث الرعب في صفوف قواعد التنظيم: يفرض مقتل أحد القيادات الإرهابية تداعيات سلبية على فاعلية ونشاط قواعد التنظيم، وهو ما يدفع قيادات التنظيمات الإرهابية إلى عدم تأكيد الخبر، إلى حين اختيار التوقيت المناسب لذلك، حتى لا يؤثر على تماسك البنية التنظيمية للقواعد.