الفكرة بدأتها أستاذة متقاعدة

أطلقت مجموعة من الشباب المتطوع حملة لتنظيف شواطئ مدينة دلس السياحية شرقي الجزائر العاصمة خلال فصل الصيف، بعد أن غمرتها الأوساخ. وينفذ الشباب المتطوع حملات متكررة كل أسبوع للحفاظ على نظافة المدينة وجذب المصطافين، بعد أن كانت مدينة دلس في وقت سابق قبلة للسياح من كل مكان.

المجموعة التي أطلقت على نفسها “SAUVONS DELLYS أنقذوا دلس”، حملت على عاتقها تنظيف كل شواطئ المدينة من المخلفات البلاستيكية وبعض الأماكن الأثرية التاريخية في المدينة و كالميناء القديم، وقصبة دلس، والغابة، بالإضافة إلى القيام بعمليات تشجير على طول الشريط الساحلي للمدينة، وورشات لرسم الجداريات.

 

حول هذه المبادرة، وفي تصريح لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي، ذكرت ليلى بسيسة، وهي إحدى المنشئات لهذه المبادرة، أن مجموعة “أنقذوا دلس” تكونت عبر الصدفة من قبل أستاذة اللغة الفرنسية المتقاعدة فتيحة بسيسة، حين رأت أحد أحياء المدينة قد تحول إلى مفرغة للنفايات بعد أن كان من أجمل الأماكن، أين تأسفت لهذا الحال ونشرت الصورة عبر إحدى صفحات المدينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

أضافت ليلى أن الصورة اتي نشرتها الأستاذة فتيحة حققت تشاركًا كبير على وسائل التواصل، وخلفت رد فعل واسع، ما جعل الكثير من المغردين ينادون للحفاظ على المدينة وأحياءها العتيقة وإرثها التاريخي.
متطوعون خلال حملة أنقذوا دلس

مجموعة أنقذوا دلس التطوعية تقوم بتنظيف الشاطىء

إثر هذه الصورة، تحرك الكثير من بينهم السيدة إلهام عبود وزوجها اللذان شاركا الأستاذة فتيحة بسيسة في تحويل هذا التذمر إلى فعل على أرض الواقع فأسسوا مجموعة أسموها ” أنقذوا دلس” على وسائل التواصل الاجتماعي.
بدأت من خلال عائلتين صغيرتين وتحولت لمبادرة تشمل مئات من شباب وشابات المدينة، إذ كانت الصفحة تعني فقط بالحديث عن الأماكن الجميلة في المدينة وكيف تحولت، والتحسيس بأهمية الحفاظ على النظافة والمحيط والبيئة، والإشارة إلى النقاط السوداء التي تعاني الإهمال.
‎"أنقذوا دلس".. حملة تطوعية لتنظيف المدينة والحفاظ على آثارها

فكرة حملة تنظيف أسبوعية بدأتها أستاذة متقاعدة

هذه المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي سرعان ماتحولت من حملات إلكترونية إلى هبة شبابية على أرض الواقع، واتفق الجميع على تخصيص كل يوم جمعة للعمل على زاوية معينة من زوايا المدينة، فبدأ الشباب في تنظيف شواطئ المدينة حيث بدأت الحملة بميناء الصيد، وكان عدد الأشخاص حينها عشرة أشخاص من عائلتين فقط، معظمهم من النساء.
بعد عملية التنظيف الأولى تم نشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، حينها حققت صدى واسعًا لدى شباب المدينة وبدأت المجموعة تكبر أكثر ويزداد عدد المتطوعين حتى من خارج المدينة.
‎"أنقذوا دلس".. حملة تطوعية لتنظيف المدينة والحفاظ على آثارها

تقوم المجموعة برسم جداريات على الجدران لتجميل المنظر العام

الهدف توعوي وبيئي وجمالي 

أضافت ليلى بسيسة، في معرض حديثها لمراسل “تطبيق خبّر”، أن الهدف من هذه النشاطات هو تحسيسي بالدرجة الأولى، إذ من المهم العيش في بيئة نظيفة وتسليط الضوء على معالم المدينة ونفض الغبار عن كل الأماكن الجميلة، ومحاولة ترميم المناطق المتضررة من البناء العشوائي والظواهر الطبيعية كزلزال 2003 الذي دمر الكثير من المناطق الأثرية، التي لم ترمم لحد الآن.
‎"أنقذوا دلس".. حملة تطوعية لتنظيف المدينة والحفاظ على آثارها

بدأت متطوعات بحملات التنظيف وسرعان ما انضم إليهن شباب من دلس وخارجها

تنوعت أنشطة المجموعة بين حملات لتنظيف الشواطئ خلال موسم الاصطياف، وتم لحد الآن تنظيف معظم شواطئ المدينة.
كما نفذت حملة تنظيف قصبة دلس ثلاث مرات، وعملية تنظيف لغابة بوعربي ثلاث مرات أيضًا، وحملة تشجير واسعة على كامل الشريط الساحلي للمدينة، وعملية تزيين لجدران المدينة، إذ ساهم الفنان فواز جليد من مدينة سطيف برسم جداريات في برج الفنار لتجميل المنظر العام.
‎"أنقذوا دلس".. حملة تطوعية لتنظيف المدينة والحفاظ على آثارها

هدف مجموعة “أنقذوا دلس” توعوي وبيئي وجمالي

كما تم تنظيم ورشة للرسم على الجدران مخصصة للأطفال خلال تواجد الفنان فواز في المدينة لتعليمهم رسم الجداريات. تعمل المجموعة بشكل تطوعي كل يوم جمعة، ولفتت ليلى إلى أنهم لا يفكرون في تحويلها إلى جمعية بغطاء إداري حتى لا يفقد العمل طابعه العفوي والتطوعي بعيدًا عن أي مكاسب سياسية أو مناصب قد تحدث بعض العراقيل.
تم لحد الآن القيام بأكثر من عشرين عملًا تطوعيًا ليس فقط على مستوى الشواطئ، بل حتى في المجال الصحي، أين تبرع المنضوون تحت هذه المجموعة لشراء جهازين لتكثيف الأوكسجين وجعله موجهًا لمرضى فيروس كوفيد 19 بصفة مجانية.
‎"أنقذوا دلس".. حملة تطوعية لتنظيف المدينة والحفاظ على آثارها

بعد تشكيك بنواياهم الحقيقة، اقتنع الجميع بعدم وجود خلفيات سياسية وراء حملات التنظيف

تلقت مجموعة أنقذوا دلس بعض الانتقادات في بداية عملها، إذ لم يتقبل الكثير أن يقوم شباب بعمليات تطوعية دون أن تكون لهم مطالب سياسية، إلا أنه بعد الإصرار على العمل كل أسبوع، توقفت كثير من الانتقادات وتم الاعتراف بعملهم من قبل كثيرين، من بينهم والي ولاية بومرداس الذي طالبهم بالمزيد من العمل دون توقف.