يعمل متطوعون في العراق على إزالة التراب والركام عن كنيسة مار توما في مدينة الموصل، مع سعي المدينة العراقية التي كان يحتلها تنظيم داعش، لإزالة أهوال الحكم الوحشي الذي دام ثلاث سنوات، والترحيب بعودة أبناء الأقليات الدينية.

وقد نهب إرهابيو التنظيم المتشدّد كنيسة السريان الكاثوليك، التي يعود تاريخها إلى منتصف القرن التاسع عشر، بعد غزوهم الموصل في العام 2014، وهُجرت الكنيسة منذ ذلك الحين، مع الإشارة إلى أنّ التنظيم الإرهابي طُرد من ثاني أكبر مدينة في العراق في العام 2017.

 “سواعد موصلية”

وقال محمد عصام، المؤسس المشارك لفريق “سواعد موصلية” التطوعي المحلي، بعد يوم من إزاحة الأنقاض والقاذورات من ساحة الكنيسة وفنائها الخارجي: “أكثر شي خلي تكون هي رسالة أنه ارجعوا، نحن نعتازكم، نحن نريدكم، الموصل تكمل بيكم، أنتوا الثقل، أنتوا الوريد، أنتوا القلب، آه، نشتاق لكم من القلب يعني، بصدق نشتاق لكم”.

وما زالت هناك تذكارات لاحتلال داعش فكلمتا “أرض الخلافة” لا تزالان على أحد جدران الكنيسة. وقال الأب رائد عادل مسؤول كنائس السريان الكاثوليك في الموصل، إنّه كان هناك 45 ألف مسيحي يعيشون في الموصل حتى سقوط صدام حسين في العام 2003. واستمر تناقص عددهم حتى فرّ المسيحيون المتبقون من المنطقة عندما استولى تنظيم داعش الإرهابي في يونيو 2014.

وشهد عصام، الذي ظلّ موجوداً في الموصل، فظائع ارتكبها الإرهابيون ضدّ الأقليات الدينية بالمدينة، وقال إنّه وفريقه يرغبون في تغيير مفهوم الناس في المنطقة وحولها عن الموصل، ليدركوا أنّ المسيحيين ينتمون للمدينة ولهم تاريخ ثري فيها. وتحدث عما يقوم به فريقه قائلاً: “سواعد موصلية متواجدة اليوم بالكنيسة لتنظيفها وإنارتها، بلش (بدأ) العمل قبل أسبوع، الكنيسة هي رمز العبادة وأيضا كنيسة اثرية”.

ومنذ تحرير الموصل يقدّم فريق “سواعد موصلية” التطوعي خدمات بينها الدعم الغذائي الطارئ وجمع تبرعات لإعادة بناء البيوت الخاصة بالفقراء من سكان المدينة.

وبتنظيف الكنيسة يرغب المتطوعون في دعم جهود المجتمع المسيحي المحلي لترميم الممتلكات المتضررة وطمأنة المسيحيين الفارين. وأضاف عصام أنّه رغم مغادرتهم فأنه وفريقه ملتزمون بالاعتناء بهم وبكنائسهم.

وفي الجانب الآخر من المدينة أقام الأب عادل قداس الأحد في كنيسة البشارة الرئيسية العاملة في الموصل.

وقال الأب عادل: “أكيد بعد تحرير المدينة من عصابات تنظيم داعش الإرهابي صار هناك فكر جديد حتى لدى أهل المدينة الأصليين من المسلمين، وهذا اللي شجع بالحقيقة على أن يكون هناك عودة للمسيحيين وإن كانت عودة متواضعة ضعيفة، لكن نقدر نقول هذا صعود الدرج الأول في السلم الطويل”. وأضاف أنّ زهاء 50 أُسرة مسيحية فقط عادت للعيش في المدينة حتى الآن على الرغم من أن المزيد يأتون للعمل أو الدراسة كل يوم عبورا من إقليم كردستان شمال العراق حيث لجأوا منذ عام 2014.

وأردف: “أنا دائما أقولها أملنا هو في شبابنا، هكذا شباب هم أمل هذه المدينة مثلما نقول بعد أن عانت من صعاب ومشاكل وأمور كثيرة خلتنا نكون في الحقيقة في نفق مظلم. الشباب هم اليوم هم الأمل، هم الفكر الجميل الذي سيجعل من هذه المدينة جميلة”.