أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (عبد السلام حاج بكري)

منذ مطلع الشهر الحالي تشهد سورية أزمة وقود حادة انعكست على مفاصل الحياة، وكانت في الساحل أشد وطأة، فقد تسببت بتوقف المواصلات وحركة النقل العام، وابتعاد قسري لأعداد كبيرة من الطلاب والموظفين عن دوامهم.

واحتجاجا على عدم توافر مادتي المازوت والبنزين أعلن سائقو السيارات العامة العاملة على خطوط الريف إضرابا مفتوحا بانتظار حل المشكلة، ما أبعد سكان الريف عن أعمالهم وجامعاتهم ومدارسهم في مدن الساحل، كما توقفت غالبية السيارات الخاصة عن السير، فخلت شوارع اللاذقية منها.

مصالح الناس

وقدّر مراسل شبكة إعلام اللاذقية "محمد الساحلي" تغيّب ما يزيد عن 50% من الموظفين عن أعمالهم بسبب إضراب سائقي سيارات النقل، الأمر الذي انعكس سلبا على مصالح المواطنين وخدماتهم في الدوائر الحكومية.
وأشار الساحلي إلى أن المكتب التنفيذي في مدينة اللاذقية حاول ثني السائقين عن الإضراب، لكنه فشل في ذلك لأن الحل الذي وضعه بتزويد سياراتهم بعشرين ليترا من المازوت ليس سوى "ترقيع" للأزمة ولا يمثل حلا جذريا لها.

انفرجت أسارير مسؤولي المحافظة والمواطنين بخبر وصول عدد من شحنات النفط إلى الموانئ في اللاذقية وطرطوس وبانياس، وانتظروا أن تمتلئ محطات الوقود بالمشتقات النفطية، لكن سرعان ما عاد الوجوم إلى الوجوه مع تواتر الأنباء عن استيلاء ضباط الأمن وعناصر الشبيحة على أكثر من نصف الكمية المقررة وهي 440 ألف ليتر، لبيعها في السوق السوداء.

وعد أجوف

"علي غانم" وزير النفط في حكومة النظام وعد بحل مشكلة فقدان الوقود خلال أيام، وتعهد بالاستقالة إن لم يتمكن من ذلك، لكن كل المعلومات الواردة من كنف النظام تؤكد أن أزمة الوقود تتجه صعودا مع توقف إيران عن تزويد النظام بالنفط واشتراط الجزائر الدفع المسبق مقابل شحنه إليه وهو ما تعجز عنه حكومة النظام.

روسيا أرسلت شحنة صغيرة وكذلك الجزائر ودخلت اليونان على الخط وزوّدت النظام بكمية محدودة، ولم تتجاوز الشحنات الثلاث مليوني ليتر لا تكفي لأكثر من يوم واحد.
شروط إيرانية

ضابط أمن برتبة رفيعة طلب عدم الكشف عن اسمه أكد في اتصال هاتفي مع "أخبار الآن" أن إيران اشترطت على النظام لاستئناف تزويده بالنفط أحد أمرين: فإما أن يسدّد ديونه كاملة وهي تتجاوز عشرة مليارات دولار، "ولا شك أن هذا أمر مستحيل مع انهيار الاقتصاد السوري والشحّ في الخزينة بعد ست سنوات من الحرب".

أو أن يتم تسليم إيران مواقع حساسة في كل من دمشق وحلب لأجل طويل عبر اتفاقات مكتوبة بما يماثل تلك التي وقّعها النظام مع روسيا بمنحها قاعدتين الأولى جوية في حميميم والثانية بحرية في طرطوس.

وأشار الضابط إلى أن النظام يدرس الخيار الثاني لكنه ألمح إلى أنه من الصعب الموافقة عليه في ظلّ الضغط الروسي الكبير عليه لعدم منح إيران امتيازات إضافية في سورية، لاسيما أنه سبق أن منحها رخصة لمشغّل ثالث للاتصالات الخليوية في سورية.

النظام والتنظيم

منذ أن فقد النظام السيطرة على غالبية آبار النفط في العام الثاني للثورة السورية عانى كثيرا في تأمين المشتقات النفطية لتشغيل محطات توليد الكهرباء وتوفير الغاز المنزلي ووقود السيارات والتدفئة.

معلومات مسربة من قيادات في الجيش الحر تشير إلى أن النظام عقد اتفاقات سرّية مع داعش لضخّ كمية من النفط تكفي لتشغيل آلته العسكرية، مقابل مبالغ مالية كبيرة يدفعها بالليرة السورية، إضافة للانسحاب من بعض المناطق لمصلحة الأخير.

لكن توقّف إيران عن تزويده بالنفط واشتراط بقية الدول المورّدة التسديد نقدا بشكل فوري فاقم الأزمة، وباتت عصيّة على الحلّ بالتزامن مع زيادة في العقوبات الدولية على النظام بسبب التقارير الأممية المتلاحقة حول جرائمه واستخدامه الكيماوي في قصف المدنيين.

وبذلك يكون وزير النفط ضحية العجز عن حلّ أزمة فقدان المازوت والبنزين والغاز والكهرباء، وهو الذي توّرط بالتّعهد بالاستقالة إن لم يجد لها حلّا، ليكون أول وزير يفعلها منذ عقود "إن التزم بتعهده".

 

اقرأ أيضا:
أزمة البنزين بسوريا تجبر النظام على إستيراد المادة من لبنان

أزمة المحروقات في اللاذقية ومحافظات سوريا تتفاقم