أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (عماد كركص)

أصدر مجموعة السياسيين والحقوقيين والنشطاء المدنيين السوريين، الذين اجتمعوا في العاصمة النمساوية "فيينا" ضمن ما أسموه " مؤتمر من أجل محددات لدستور سوريا المستقبلي"، أصدروا بيانهم الختامي للقاء الذي ضم 22 شخصية معارضة – ستذكر (أخبار الآن) بعضاً من أسمائهم في ختام التقرير – من مختلف المناطق المكونات السورية و التوجهات السياسية، والذين كانوا قد اجتمعوا على مدار يومين " للتشاور حول مجموعة من المبادئ الدستورية بهدف تقديم مساهمة، تدعم جهود تأسيس دستور سوريا المستقبل، وتسعى للوصول الى توافق في الآراء بين مختلف الأطياف السورية" بحسب ما جاء في البيان الختامي .

وحمل البيان ثمانية نقاط طُرحت على شكل توصيات لتكون محددات لدستور سوريا المستقبلي، بحسب المجتمعين، أبرزها : بأن يكون شكل الدولة "ديمقراطية لا طائفية"، على أساس "اللامركزية في توزيع السلطات بين المركز والأطراف، وذلك ضمن وحدة الأراضي السورية"، و " فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وضمان استقلال القضاء"، على أن " يضمن الدستور حقوقا قومية متساوية لكل المكونات القومية التي تشكل الشعب السوري" ،و أن "الشعب السوري ذو تنوع قومي وديني  وثقافي متوافق على العمل من أجل المصلحة العامة "

وعلل البيان الفقرة التي ذكرت "التنوع الديني"  بأن المقصود فيها الأديان التالية : الإسلام، المسيحية، اليهودية، الإيزيدية، وأخرى ذكرت المكونات القومية ويقصد بها : العرب، الكرد، السريان الآشوريين، التركمان، الأرمن، الشركس.

وكانت هذه المجموعة تلقت هجوماً لاذعاً من قبل نشطاء وإعلاميين سوريين، متهمين اياها بتلقي الدعوة لهذا الاجتماع من روسيا وأميركا اللتين يوجه لهما السوريون أصابع الاتهام للأولى بأنها أعطت الضوء الأخضر للأسد بارتكاب المجازر الأخيرة في حلب وغيرها، والثانية بغض الطرف عن كل تلك الجرائم التي تحدث، وعلى وقعها كانت تدور اجتماعات المجموعة التي تضع محددات لدستور سوريا "الغارقة بدماء أبنائها" بحسب نشطاء سوريين.

أخبار الآن اتصلت بالكاتب والباحث أحمد الرمح أحد الشخصيات الحاضرة للاجتماع أو ورشة العمل كما أسماها والذي نفى أن يكون أحد من هذه الشخصيات الـ  22 الحاضرة قد تلقت أي دعوة من أي دولة أو جهة رسمية، وإنما حضروا جميعاً بدعوى من منظمة " المبادرة العالمية للسلام " ومقرها فيينا .

وأضاف: "نحن لم نقم بصياغة وكتابة الدستور السوري وإنما وضعنا محددات، لطرحها على السوريين والرأي العام، ولم يكن علينا وصاية لا أميركية ولا روسية وكل الذين حضروا سوريون وطنيون بدعوى من (المبادرة) ومجموعة من النشطاء اليساريين العالميين الحائزين على (جائزة نوبل للسلام) الذين حضروا دون أن يكون لهم حق التدخل ضمن النقاشات ، وأي حديث عن أي جهة أخرى قد دعتنا هو محض افتراء".

وعن أهم المحددات التي اتفق عليها المجتمعون بالنسبة للرؤية العامة للدستور المستقبلي أشار الرمح : "أن تكون الديمقراطية مبدأ رئيسي لا يمكن لأحد الخروج عنه، ووضع قوانين بحيث لا تتجاوز السلطة التي ستقود البلاد في سوريا المستقبل المواد الدستورية المتعلقة بالسلطة وصلاحياتها، كما يحق للمجتمع السوري ( هيئات – منظمات – أفراد) مقاضاة السلطة التي تقود البلاد، وأهم النقاط التي التقينا عليها ضمن ورشة العمل، بأن تكون سورية دولا لا طائفية تقوم على التعددية السياسية وللامركزية في الحكم بحيث يتم توزيع السلطات بين المركز والأطراف ".

ودافع الرمح عن فكرة اللامركزية بالقول : "دعونا إلى اللامركزية لأن هناك مناطق كثيرة في سوريا تعرضت للظلم والتهميش منذ الاستقلال وليس خلال فترة حكم نظام الأسدين وحسب، ومنها المنطقة الشرقية على سبيل المثال، ونحن نريد من اللامركزية أن تعيد العدالة الاجتماعية، وأن لا يكون هناك مركز متحكم بالأطراف وبالتالي القضاء على الديكتاتورية والاستبداد اللذين عهدناهما خلال حكم (حزب البعث) المركزي ".

وردا على سؤال أخبار الآن حول ما اذا كانت سوريا أمام شكل دولة فيدرالية بهذه المحددات ولاسيما فيما يتعلق باللامركزية أجاب السيد الرمح : "لا، مع أننا لسنا ضد الفيدرالية كمبدأ، ولكن حتى لا يستغل موضوع اللامركزية والفيدرالية شعبوياً ويُظن أنها ذريعة للتقسيم مستقبلاً، ربطناها بعبارة ضمن وحدة الأراضي السورية".

وعن شعور المجتمعين داخل القاعة وهم يضعون محددات الدستور السوري المستقبلي، فيما كانت الطائرات الروسية والتابعة للنظام تدك أحياء حلب وتقتل أبنائها، والذي جعل الكثير من السوريين يهاجم هذا اللقاء، قال الرمح : "أساس اجتماعنا هو لبنة لإيقاف شلال الدم السوري، هذا أولا؛ ثانياً : القضية التي كنا مجتمعين من أجلها هي قضية مستقبلية، التسوية السياسية أو الحل السياسي، هي مسألة تتعلق بجنيف والوفود والفرقاء المتواجدين هناك، نحن هنا لوضع محددات لدستور مستقبلي يتبع أي حل سياسي".

ونوه الرمح بأن "جميع من حضر جاء بصفته الشخصية وإن كان بعض تمثل الائتلاف والحكومة المؤقتة والوفود التي حضرت في جنيف من خارج الهيئة العليا للمفاوضات ومنصة موسكو وغيرها، ومحور نقاشاتنا تركزت على أن لا للنظام ولا لأركانه أي دور في مستقبل سوريا ".

الهيئة العليا للمفاوضات ردت على بيان هذه المجموعة وعلى لسان كبير المفاوضين ضمن وفدها إلى جنيف السيد محمد علوش والذي قال لأخبار الآن :" لا يحق لأحد مناقشة دستور سوريا بمنأى عن شعبها المشرد والمنكل به وتحت وقع القصف والقتل والحصار ،وقبل تحريره من الاحتلال، ولذلك لا قيمة لما يتم مناقشته، ولا يمكن لأحد أن يضع محددات وتوصيات تخص دستور الشعب السوري الغارق بدمائه منذ خمسة أعوام ولاسيما، في الأيام الأخيرة الماضية كما رأى الجميع ما يحدث في حلب" .

وأضاف علّوش : "الدستور يكون في مرحلة انتقالية لاوجود لبشار الاسد فيها ولا لرموز نظامه، وبعد تشكيل هيئة حكم انتقالية واختيار محكمة دستورية عليا ووضع اعلان دستوري ثم يتم انتخاب مؤتمر وطني عام، يرشح جمعية تأسيسية لتضع الدستور، وغير ذلك باطل وخيانة".

ويشار إلى أن أخبار الآن اطلعت من مصادرها على بعض الأسماء التي حضرت لقاء فيينا، وهم : د. أحمد طعمة، د. عارف دليلة، فؤاد إيليا، رياض درار، فائق حويجة، مجدولين حسن، بسام إسحاق، أحمد الرمح، حواس سعدون، علي رحمون، خالد عيسى، سليم خيربك، عبد القادر كتاني، وغيرهم من الأسماء .

والجدير ذكره أن "لقاء فيينا "دعي إليه بعد انتهاء الجولة الثالثة من "مفاوضات جنيف من أجل سوريا"، وبالتزامن مع حملة شرسة من قبل الطيران الحربي الروسي وطيران النظام السوري على مدينة حلب، ما أوقع العديد من المجازر راح ضحيتها عشرات المدنيين الأبرياء، ما دفع السوريين لأطلاق حملة (حلب تحترق) بالإشارة لاستهدافها من قبل النظام وحلفاءه، ولاقت الحملة رواجاً واسعاً عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل، ولكن فيما يبدو لم تحرك من مواقف الساسة والضمير العالمي تجاه المجزرة اليومية التي تحدث يوميا في سوريا .