أنصار تنظيم القاعدة يتجرأون على المقدسي
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 22 إلى 28 أبريل 2024. وأبرز عناوينها:
- الداعية طارق عبدالحليم يقول إن إعلام القاعدة بات في يد طهران، وأنصار التنظيم يتجرأون على المقدسي
- في ذكرى وفاة الملا عمر، كيف خدع أسامة بن لادن ”أمير المؤمنين“؟
- أنباء عن قتل القيادي الأول في داعش الصحراء الكبرى
ضيف حلقة هذا الأسبوع، الأستاذ إسلام المنسي الكاتب والباحث المصري، الذي حدثنا عن المقدسي ومعضلة سيف العدل.
أنصار القاعدة ومتلازمة طهران
غريب كيف تحول رد أنصار القاعدة على بيان القيادة العامة للتنظيم ”تعزية وتهنئة في آل هنية“ إلى استفتاء على موقع أبي محمد المقدسي بين مرجعيات القاعدة وإلى جدل حول جواز تقديم واجب العزاء لشخص أو كيان ”من غير المسلمين بالكلية.“ فهل نجح إعلام القاعدة في التمهيد لقبول ولاية سيف العدل ساكن طهران على مقاليد قيادة التنظيم؟
صباح الأربعاء 24 أبريل، نشر الداعية طارق عبدالحليم في حسابه على التلغرام وإكس بياناً قال إنه رد من أبي محمد المقدسي، منظر السلفية الجهادية، على بيان السحاب المنشور في 21 الجاري.
أثار هذا البيان جدلاً في أوساط القاعدة حتى تبين لهم أنه قديم نُشر أول مرة في 8 يناير 2024. ولهذا عدّل عبدالحليم منشوره ليتحول من ”الرد“ على بيان القاعدة إلى الرد على ”فتنة حماس.“ المهم في هذا أنه كان مخرجاً لبعض أنصار القاعدة من الحرج الحاصل من بيان القاعدة المنشور في 21 أبريل. فإن كان ثمة لبس في الموقف من حماس في ظل الحرب المستعرة في غزة، فإن الموقف من قيادييها يُفترض أنه محسوم خاصة بالنظر إلى لغة التبجيل المستخدمة في البيان وكأن هنية ”إمام مجدد.“
وعليه، ظنّ بعض الأنصار أن عدم نشر المقدسي بياناً يرد فيه على القاعدة سيخفف المصاب، على الأقل الآن.
لكن آخرين ذهبوا إلى حدّ التقليل من قيمة المقدسي في أدبيات القاعدة على اعتبار أنه لا ينتمي إلى القاعدة ولا يُعتبر مرجعية عندهم وبالتالي كلامه يعبر عن شخصه.
هذا الموقف من المقدسي عززه السؤال عن فتوى الرجل فيما إذا كانت حماس كافرة أم مرتدة. والحقيقة أن هذا الأمر محسوم بالنظر إلى فتاوى الرجل المنشورة في موقعه منبر الجهاد والتوحيد. المقدسي كفّر حماس. في 23 سبتمبر 2009، كتب: ”فمن كان من كتائب القسام لا ينصر الحكومة التي تعطل شرع الله وتحكم بالقوانين الوضعية وتتخذ الديمقراطية التشريعية منهجا ولا يعين أنصار القوانين على قتال إخواننا الموحدين (جماعة السلفي أبي النور المقدسي)؛ أقول مثل هذا إن وجد فلا نكفره؛ لكن معظم إخواننا في غزة يقولون أن مثل هذا لا يمكن أن يوجد.“ اللغة هنا واضحة ولا تحتاج إلى تأويل – التكفير حاصل، ثمة استثناء، لكن الاستثناء غير حاصل.
موقف أنصار القاعدة من المقدسي يذكر بموقف أنصار داعش من المقدسي إبان صراعهم مع القاعدة في 2013/ 2014، وموقف أنصار هيئة تحرير الشام في صراعهم مع القاعدة في 2017. فهل قدر المقدسي أن يظل محلّ خلاف واختلاف؟ وإن لم يؤصّل المقدسي للقاعدة، فمن هم مرجعية التنظيم؟
في محاولة لإيجاد جواب، نشر أحد الأنصار كلاماً لعطية الله الليبي، القيادي الرفيع في القاعدة والمقتول في 2011. في إجابات الليبي عن أسئلة أعضاء شبكة الحسبة في يونيو ٢٠٠٦، حذّر من التكفير وصرّح أنه لا يجوز اعتبار حماس كافرة أو مرتدة. في ذلك الاستجواب، التمس الليبي ”العذر“ لحماس في تلقيها الدعم من إيران.
لكن ما لم يلتفت إليه هؤلاء الأنصار هو أنه بعد عام من هذا الكلام، غيّر الليبي موقفه. في مقال طويل كتبه في 2007 عن حزب الله وتوظيفه القضية الفلسطينية لتنفيذ الأجندة الإيرانية، قال الليبي إنه ”لا ينفع الاعتذار بالحاجة الشديدة أو الضرورة، فلا ضرورة تُلجئ إلى أمثال هؤلاء (إيران) … إن هناك فرقاً شاسعاً بين أن تتلقى دعماً مالياً او عسكرياً من أمثال هؤلاء في حال الشدة … وبين أن يتنازل المرء عن ثوابت عقيدته ويسمح لأهل الشرك والضلال أن ينفذوا من خلاله إلى المسلمين وأجيالهم، فهذا ضلال مبين وتفريط في الدين.“
وفي موقع آخر يقول: ”ويكفي أن نتذكر أن خالد مشعل في العام الماضي 2006 زار إيران وقدم طقوس العزاء عند ضريح الخميني، ثم قال في تصريح للإعلام: ‘إن حركة حماس تعتبر نفسها الابن الروحي للإمام الخميني‘! فالمشكلة إذاً هي مشكلة منهجية فكرية دينية قبل كل شيئ.“ انتهى كلام الليبي.
عوداً على بدء، واضح أن المقدسي يتجنب الرد على القاعدة هذه الأيام. حساب باسم ”الخوستي“ على التلغرام – وكان نشر سابقاً للمقدسي – نقل عن المقدسي أنه نصحه بعدم ”الإساءة“ إلى القاعدة! فهل يظل المقدسي ساكتاً عن سلوك القاعدة الجديد قبولاً – وإن كان على مضض – بشكل جديد من التنظيم؟.
طارق عبدالحليم، المتوافق مع المقدسي حالياً، يرفض هذا الشكل إيراني الصفة. يقول: ”ولا أرى هذا اللون من التطبيل الذي خرجت به ‘سحاب‘ إلا انعكاساً لتوجه مصطفى حامد المعروف بأبي الوليد المصري (صهر سيف العدل)، صاحب العلاقات المتينة مع دولة المجوس، والمسيطر حاليا على الإعلام في تلك المؤسسة، التي هي الذراع الإعلامي للتنظيم … لعل دور التنظيم على أرض الواقع قد انتهى بنهاية حياة رائِدَيه الأوائل.“
الملا عمر وخديعة بن لادن
أحيا أنصار القاعدة وجهاديون ذكرى وفاة الملا محمد عمر زعيم طالبان في أبريل 23 من العام 2013. وكما هي عادتهم، يتفاخر هؤلاء بأن الملا عمر ضحى بأفغانستان في سبيل أسامة بن لادن.
والحقيقة أن هذه الرواية ليست دقيقة. صحيح أن الملا عمر رفض تسليم بن لادن بعد هجمات سبتمبر 2001، لكن الصحيح أيضاً هو أن بن لادن خدع الملا عمر.
في البدء، خالف بن لادن تعليمات الملا عمر ”أمير المؤمنين“ الذي بايعه على السمع والطاعة، بأن لا يهاجم أمريكا لا في الداخل ولا في الخارج؛ وهذا ثابت بشهادة عرّابي القاعدة أنفسهم.
أبو محمد المصري، صهر أسامة بن لادن، ذكر في كتابه ”عمليات ١١ سبتمبر بين الحقيقة والتشكيك“ المنشور في سبتمبر 2022؛ أن ”أمير المؤمنين الملا محمد عمر (أمر) بوقف العمليات الخارجية على الأمريكان والتركيز على العمل الجبهوي (داخل أفغانستان).“ في ذلك الوقت، كان بن لادن قد أرسل انتحارييه إلى أمريكا وكانوا ينتظرون ساعة الصفر. وبحسب ما وثق أبو محمد المصري، نُفذت المهمة حسب المتفق عليه دون اعتبار رأي ”أمير المؤمنين”.
زعيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي في مذكراته التي نشرتها صحيفة المسرى الصادرة عن التنظيم في يناير 2016 روى أن مصطفى أبا اليزيد، المسؤولَ العام لتنظيم القاعدة في أفغانستان، طلب الرجوع إلى الملا عمر بصفته “أميرَ المؤمنين” كشرط شرعي قبل التنفيذ. فرد بن لادن أن “أمير المؤمنين” سمح له بضرب اليهود وأن “الأمريكان هم الوجه الآخر لليهود.”
وعندما لم يقتنع أبو اليزيد وغيره بهذا المنطق، قال بن لادن إن ”الاستئذان من الأمير سيؤخر“ القتال وبالتالي أجاز المخالفة. كذلك ذكر خبيب السوداني، القيادي في قاعدة اليمن، في كتابه ”شذرات من تاريخ القاعدة“ أن ”بعض الإخوة“ اختلفوا مع أسامة بن لادن بسبب إصراره على ”تصعيد المواجهة مع أمريكا“ وكان منهم المسؤول عن اللجنة الشرعية، أبو حفص الموريتاني الذي استقال من القاعدة احتجاجاً على تنفيذ الهجمات. بعد الهجمات، طلب الملا عمر، صادقاً، دليلاً من أمريكا على تورط بن لادن فيها خاصة وأن بن لادن ظل ينكر مسؤوليته عنها.
في ديسمبر 2001 ، ظهر بن لادن في الجزيرة ينتقد تكالب أمريكا عليه وعلى أفغانستان بسبب ما وصفه بـ ”مجرد شبهة“ بأنه متورط في الهجمات. وقال: ”فما تتهم به أميركا هذه الفئة المهاجرة المجاهدة في سبيل الله لا يقوم عليه دليل وإنما هو البغي والظلم والعدوان. ”
لكن بعد ثلاث سنوات وبعد أن سُحق الشعب الأفغاني، ظهر بن لادن في الجزيرة في أكتوبر 2004 متبنياً المسؤولية عن الهجمات. وقال مما قاله: ”كنا قد اتفقنا مع الأمير العام محمد عطا ـ رحمه الله- أن ينجز جميع العمليات خلال 20 دقيقة قبل أن ينتبه بوش وإداراته.“
الوجه الآخر لهذه الخديعة هو أن أسامة بن لادن كان يتوقع الرد الأمريكي فاتخذ إجراءات لتأمين عائلته وعوائل قياديي القاعدة غير آبهين لا بالملا عمر ولا بالشعب الأفغاني. يقول أبو محمد المصري في كتابه عن هجمات سبتمبر: ”لم نستبعد الخيار النووي الذي تلوح به أمريكا في كل خلافاتها الدولية، لذلك بدأنا في الترتيبات اللازمة لما بعد العملية ومنها: … إيجاد مكان آمن للشيخ أسامة وبعض القيادات في الصومال.“
ويمكن الرجوع إلى الحلقة 209 من هذا البرنامج لتفاصيل أكثر من هنا.
إعلام أنصار داعش
نشر حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي تشريحاً لخلافات عقدية حادة داخل ”بعض المؤسسات المنضوية تحت ما يُسمى ‘بإنتاج الأنصار‘.” هذه الخلافات تصل إلى حدّ التكفير. ينتهي الحساب إلى أن ديوان الإعلام المركزي مطّلع على هذه الصراعات إلا أنه لم ”يجرؤ“ على حسمها؛ وهو ما اتضح في الرسالة الأخيرة التي وجهها المتحدث أبو حذيفة للأنصار بالسمع والطاعة.
داعش الصحراء الكبرى
وردت أنباء من مالي أن الجيش هناك نجح في قتل أبي حذيفة أحد أهم قياديي داعش الصحراء الكبرى. أبو حذيفة، المعروف أيضاً بـ ”هيغو“، مع آخرين مثل إبراهيم عثمان وإلياسو دجيبو تولوا أمور التنظيم هناك بعد قتل أبي الوليد الصحراوي في أغسطس 2021.
في 2020، عرضت أمريكا خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه وآخرين لضلوعهم في هجوم تونغو تونغو في 2017 الذي أسفر عن قتل جنود أمريكيين.
عقوبات على قاعدة غرب إفريقيا
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على اثنين من قياديي جماعة نصرة الإسلام، الموالية للقاعدة، لضلوعهما في اختطاف رهائن. الاثنان هما: سيدان أغ هيتا الذي تولى تنسيق المفاوضات بخصوص تحرير رهائن غربيين، وجعفر ديكو قيادي نصرة في بوركينا فاسو.
حمزة الماليزي في سوريا
نقل حساب أبو يحيى الشامي، الشرعي المنشق عن هيئة تحرير الشام، أن الهيئة قتلت أخيراً جهادياً ماليزياً يُعرف باسم حمزة الماليزي. أبو يحيى نقل أن الماليزي، واسمه الحقيقي حبيب الله أحمد، كان مهندس طيران قاتل في أفغانستان أربعة أعوام قبل أن يقرر الانتقال إلى الشام ”لنصرة الثورة السورية،“ متخصصاً في تصنيع الطيران المسير. وقال إنه كان يهدف إلى ضرب مطار حميميم وكان ينفق من ماله على هذا الهدف. حاول التحالف اغتياله ثلاث مرات إلى أن ”اختطفه“ أمنيو الهيئة قبل خمس سنوات. في الفترة الأخيرة، زارته زوجته في السجن وتلقت وعوداً بإخراجه قريباً. لكن قبل أيام أبلغت الهيئة الزوجة أنه قُتل.
الحراك الشعبي ضد الجولاني
فيما تستمر المظاهرات ضد هيئة تحرير الشام مطالبة بعزل أميرها أبي محمد الجولاني، وردت أنباء عن تغول أمنيي الهيئة على رموز الحراك الشعبي من أمثال أبي مالك التلي وعبدالرزاق المهدي. معارضون اعتبروا ذلك تكذيباً لمزاعم الإصلاح التي ادعاها الجولاني وما زال.
وفيما هذه الحال في إدلب، اندلعت مواجهات مسلحة داخل فصيل المعتصم المنضوي تحت راية الجيش الوطني السوري ردها البعض إلى تدخل الجولاني في مناطق شمال سوريا وأحلامه بالتوسع هناك. الاشتباكات وقعت ضمن ما وصف بمحاولة انقلاب قادها مسؤول المكتب السياسي لفرقة المعتصم مصطفى سيجري على قيادة الفرقة أبي العباس وإخوته وذلك بعد اتهام الأخوة بالفساد المالي والتحالف مع الجولاني. حساب أبو هادي نقل أن أحد قادة الانقلاب أكد إرسال الجولاني مبلغ مليون دولار إلى قيادة المعتصم ”مقابل السماح لأمنيي الهيئة بالدخول إلى مارع واغتيال شخصيات عسكرية ومدنية.“