أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)

وصل الانهيار بنظام حكم الأسد على المناطق التي يسيطر عليها لدرجة عدم توافر الأدوية في الأسواق، ما دفع بالمواطنين إلى الاستعانة بأدوية "السوق السوداء" وكأنهم يشترون المخدرات، للعلاج من مرض سببه له سوء الأوضاع المعيشية في بلد لم يعد يحكمه أهله منذ زمن.

نقص الأنسولين

راجت أحاديث كثيرة منذ فترة عن نقص مادة "الأنسولين" من الأسواق والتي يعمد إلى التعافي بها مرضى السكري عبر جرعتين يوميا لا مقطوعة ولا ممنوعة. فأسباب انقطاع العقار في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تتعدد وتتنوع، إذ تشمل استهداف الطيران السوري للمستشفيات، والمراكز الطبية والقصف الدائم، وخروج أكثر المراكز عن الخدمة، بالإضافة إلى قلة المنظمات الطبية الإغاثية الداعمة للمراكز الطبية التي تعنى بمرضى السكري. كما ويلعب إغلاق حدود الدول المجاورة دورا رئيسيا لصعوبة التنقل وبالتالي تأمين مادة الأنسولين على أهميتها.

أما في مناطق سيطرة النظام فالدور الأكبر في نقص الأدوية يكمن في العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على النظام، وإفلاسه بسبب الحرب التي يشنها على شعبه فبات عاجزا عن تأمينها من الدول الغربية، أو تأمين موادها الأولية لتصنيعها في دمشق علما أن عدم توافر هذه المادة لمرضى السكري لها نتائج خطيرة جدا تهدد حياة المرضى التي تتمثل في المضاعفات الناتجة عن عدم استقرار السكر في جسم المريض عند حد معين، وهي كثيرة كالتأثير على الرؤية، والقلب، والشرايين، والأعصاب، والتي غالبا ما تنتهي بالمريض إلى حالة الوفاة.

"غالب عبد الفتاح" مريض سكر ثلاثيني يعاني من المرض منذ أكثر من 15 عاما يقول لأخبار الأن: "لا أعرف كيف أؤمن ثمن عبوة الأنسولين لغلاء سعرها في السوق السوداء، أنا بحاجة جرعتين يوميا، ولا أحد ينظر لحالنا، وأعلم أني إن تخلفت عن تناول الجرعات سينهار جسدي الذي لم يعد يتعرض لا لغذاء صحي، ولا لأي من ظروف الحياة الصحية الطبيعية التي باتت أقصى أمانينا في المصيبة الدائرة".

كارثة أدوية الكلى الهندية

أدوية هندية تعرف باسم "البانغراف والمايسبت" حلت محل الأدوية الأوربية المعروفة باسم "البروغراف والسلسبت"، تلك التي غابت عن المشافي السورية بموجب العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام، الذي كان يستورد بدوره الأدوية الأوربية ويوزعها مجاناً على المواطنين في المشافي الرسمية قبل الثورة، لكن ما جاء بعد اندلاع الثورة السورية والحرب التي شنها النظام وأدت على إفلاسه، لم تترك أمامه خيار سوى أن يقوم باستيراد الدواء الهندي "البانغراف والمايسبت" لتقديمه مجاناً، وعلى المواطن استخدامه على مسؤوليته، أو شراء الدواء الأصلي من الأسواق السوداء.

لا تزال "هدى المحمود" من منطقة الحجر الأسود بدمشق تعاني من وخزات ليلية في كليتها التي تبرع بها شقيقها، رغم مرور عام كامل على زراعتها، تقول: "اختصر الطبيب المشرف الحالة وطلب مني شراء الدواء الأصلي على نفقتي الخاصة، بعد أن أكد لي أن سبب العلة لا يكمن في العملية وإنما في الدواء الهندي الذي أتناوله، أنا أعيش في مركز إيواء ولا حول لي ولا قوة، ولا أستطيع تدبر ثمن الدواء الأوربي الذي نصحني به الطبيب".

في بلاد الأسد من لم يمت بالقصف مات بعلته مهما كانت علته بسيطة في الدول الأخرى ولا تتطلب أكثر من أخذ الدواء المتوفر بمواعيده، حتى هذه لم يعد يحصل عليها السوريون فباتوا يعانون من أبسط الأمراض ويخافون على حياتهم منها.