أخبار الآن | درعا – سوريا (أسامة زين الدين)

رغم الازدهار النسبي الذي شهدته الساحة الثورية السورية من مقالات ومجلات وصحف وشبكات إخبارية مقارنة بوضعها قبل الثورة، حيث فرض النظام بتركيبته حالة من التصحر المعرفي والسياسي والإعلامي استمرت لخمس عقود؛ برزت مبادرة فريدة من نوعها على يد فريق من الشباب السوريين رأوا فقرا واضحا بالاهتمام بالدراسات البحثية الرصينة التي تنتجها مراكز الأبحاث العربية والغربية عن الثورة السورية، وسط غياب ثوري ملموس لرؤية الغرب والدول العربية للثورة، وكيف يحللون أحداثها ويتفاعلون معها.

"مرقاب" أول موقع مختص بنشر الأبحاث الخاصة بالثورة

يدرك السوريون أن قدر الثورة السورية أن تفتح بابا للتغيير لن يغلق، فكانت مبادرة مجموعة من الشباب بتأسيس موقع يختص بمواكبة ونشر وتلخيص مختلف الأبحاث والدراسات التي تصدرها صروح البحث ومؤسساته، في العالمين العربي والغربي، كما يسعون لتعزيز فهم الواقع السياسي لدى الثوار، ولتأسيس نواة وعي معرفي وسياسي، يؤازر الوعي الثقافي والإعلامي الذي تقوم به مؤسسات ثورية إعلامية أخرى، والتي استغلت جو الحرية التي أتاحته الثورة ورفعت سقفه.

فريق متطوع من عشرة أشخاص، يعمل على متابعة ما تنشره المراكز البحثية العالمية والإقليمية عن سوريا باللغتين العربية والإنكليزية، وترجمته وتقديمه بلغة مبسطة للقارئ السوري.

يقول "رشدي الشربجي" مدير الموقع وأحد المؤسسين أن متابعة المراكز البحثية لاسيما الغربية منها يساهم بشكل كبير في فهم السياسات الدولية تجاه سوريا، فهي تضم كثيرا من المسؤولين السياسيين الغربين السابقين والحاليين الذين يعبرون عن آرائهم في المراكز البحثية بشكل أوضح مما هو عليه عندما يكونون في مواقعهم السياسية الرسمية، كما تحوي هذه المراكز أيضا سياسيين حاليين، ومقربين من دوائر صنع القرار، كما تقدم المراكز البحثية الإقليمية والعربية أبحاثا رصينة باعتبارها معايشة للواقع أكثر من المراكز الغربية، ومتابعة كل هذا يسهم في مراكمة المعرفة السياسية.

يسعى الفريق لإيصال هذه الدراسات وملخصاتها للجمهور السوري ولدى مختلف الجهات من خلال النشرات ووسائل التواصل الاجتماعي، ولتبسيط المعلومات وتسهيلها للقارئ عبر النت الملول بطبعه، أبدع القائمون على الموقع فكرة جديدة وهي إنتاج فيديو شهري يلخص أبرز الدارسات، ويعرضون أهم أفكارها وتحليلاتها وتوقعاتها.

كنز معلومات لم يتم استثماره

يستطيع المتابع الحالي للموقع أن يدرك أن كثيرا من الأحداث التي تعيشها الثورة السورية اليوم قد قامت كثير من الدراسات الموجودة ضمن الموقع، بتوقعها وتحليل مآلاتها وإبراز عدد من السيناريوهات وقرع جرس الإنذار باحتمالية وقوعها، بما في ذلك حصار حلب وابتلاعها من قبل داعش وتعزيز النظام مواقعه فيها، مرورا بتآكل قوى الجيش الحر في الشمال وتصاعد الإيديولوجية المتشددة وتوحشها، والتردد الأمريكي وتلكؤه مما فسح المجال للروس بمد أذرعهم في المنقطة والتحكم بمجرى القرارات فيها.

صعوبات وعقبات

كحال معظم المؤسسات الناشئة وبخاصة البحثية منها، تعاني مرقاب كما يقول "الشربجي" من ضعف تمويل وتسويق، إضافة إلى عدم ثبات الكادر المتطوع أصلا فيها واضطراره الدائم للتنقل سواء داخل سوريا أو في دول اللجوء في الجوار، إلا أنها تسعى رغم هذه الصعوبات لبناء شراكات واتفاقيات تعاون مع الإعلام الجديد الناشئ، وتحاول الوصول لأكبر شريحة من المستفيدين من ملخصاتها والدراسات المنشورة في موقعها.