أخبار الآن | درعا – سوريا (أسامة زين الدين)

شهدت المناطق المحررة في درعا، خلال سنوات الثورة، تراجعا ثقافيا وفكريا كبيرا نتيجة علو كلمة السلاح وانشغال الناس بتحصيل لقمة عيشها وإيجاد مكان آمن يحميها.

بعد تحرير مناطق واسعة تزيد عن 65% من محافظة درعا واستقرار الوضع الأمني نسبيا فيها بدأت آثار هذا التصحر الثقافي بالظهور، لاسيما مع صعوبة إدخال الكتب من الأردن أو استجلابها من أماكن سيطرة النظام. الأمر الذي استنفر مجموعة من الناشطين لتشكيل أول مؤسسة تُعنى بإعادة نشر الكتب بجهود محلية وتعميمها وإعادة إنعاش الواقع الثقافي والفكري في المحافظة.

تأسيس وعي للطباعة والنشر

بإمكانيات متواضعة لا تعوزها الهمة قام عدد من الناشطين بجمع مكنات التصوير ومعداتها من مختلف الجهات التي لم تقم باستثمارها، وتم جمعها وإعادة تأهيلها على يد فنيين مختصين وافتتاح مؤسسة للنشر حملت اسم" وعي" اتخذت من مناطق درعا الشرقية المحررة مقرا لها.

تم الاستعانة أيضا بفني طباعة وتجليد عملوا سابقا في هذا المجال، وتم استثمار خبراتهم لتفعيل المؤسسة وتأمين فرص عمل كريمة لهم ضمنها.

أهداف المؤسسة

يقول"أبو الليث" مدير المؤسسة ومؤسسها لأخبار الآن أن الهدف منها ينقسم إلى شقين، أولهما نشر الوعي بين مختلف شرائح الثورة من نشطاء وقادة وفاعلين ومؤثرين فيها بحيث يتم تحسين فهمهم لواقعهم ووسائلهم في مواجهته ورفع وعيهم في آليات التفاعل معه.

أما الشق الثاني فاستراتيجي ويتطلب وقتا أطول وهو الأمل ببناء نهضة مجتمعية وفكرية في صفوف مختلف الشرائح، وتعزيز دور الكتاب وأهميته في المجتمع في مواجهة الافكار العابثة والهادمة التي تحيط بالجميع، دون وجود أي جهد حقيقي وفاعل لمواجهتها أو التخفيف من آثارها.

مكتبة ومركز ثقافي مصغر

قام مشرفو المؤسسة أيضا بجمع الكتب من البيوت المهدمة والتي أهملت من قبل أصحابها وأضافوها إلى منشورات المؤسسة، وافتتحوا مكتبة وقاعة للمطالعة كأحد أقسام هذه المؤسسة، تقدم خدماتها للجميع بلا استثناء وتستقبل من ليس لديه القدرة المالية لشراء هذه الإصدارات.

إصدارات المؤسسة والتفاعل معها

أصدرت المؤسسة حتى اليوم وأعادت طباعة ما يقارب من مائة عنوان يصعب تحصيلها في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والتربوية والعسكرية والأدبية لكتاب معروفين، بحسب تصريح "أسامة أبو زيد" مسؤول الإصدارات في المؤسسة لأخبار الآن. حيث أكد أنهم يحرصون على أن تكون المنشورات لديهم متناغمة مع حاجة المجتمع، وتقدم قيمة مضافة له وتناسب احتياجاته وتعطشه بعد خمسة أعوام قاحلة ثقافيا مرت من عمر الثورة. وأكد أبو زيد أنهم في طور التجهيز لمنشورات خاصة بالأطفال والأمهات ذات محتوى تعليمي وتربوي تضم أكثر من مائة عنوان.

أما عن تفاعل الجهات معها فقد كان سابقا للتوقعات كما يقول أبو الليث، حيث طلبت عدة هيئات ثورية نسخا كاملة من إصدارات المؤسسة رغم أنها لا زالت في طور التأسيس والتجهيز، وطلبت منها برنامجا ثقافيا لتعميمه على كوادها ولإعداد فعاليات نقاشية وتعريفية بهذه الإصدارات.