أخبار الآن | حماة – سوريا – (نجوى بارودي)

"حارة كل من ايدو الو"، هذا هو حال المشفى الوطني في سلمية خصوصا بعد احتلاله، بكل ما تعني الكلمة، من قبل العسكريين وعناصر الدفاع الوطني واللجان الشعبية حيث يعالج فيه المرضى والجرحى في حالات الاشتباك على حساب العشرات من المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة.

فوضى ونقص أدوية

الفوضى العارمة في أروقة المشفى والرجال المدججين بالسلاح تفوق بكثير أعداد الأطباء وطاقم التمريض. ويذكر مصدر مقرب من المدير، المعروف بنزاهته، أنه حاول أكثر من مرة تقديم استقالته لعدم رضاه عما يحدث على مرأى ومسمع منه، ولكنه كان يتعرض لضغوط وتهديدات من جهات لم يعرف مصدرها.

يشهد المشفى ازدحاماً كبيراً للمراجعين وخصوصاً من ريف السلمية، التي يبلغ عدد قراهه حوالي 220 قرية. وفي ظل نقص الكوادر الطبية والتمريضية، يقوم الطبيب الاختصاصي بتفقد أحوال المرضى لمرة واحدة لا تتجاوز مدتها بضع دقائق ويذهب دون عودة إلى اليوم التالي تاركاً الدور للممرضات اللواتي لا يستطعن تلبية متطلبات المرضى، لاسيما في الفترة المسائية لنقص عددهن، إذ لا يوجد في كل قسم سوى ممرضتين وأحياناً واحدة.

يقول "كريم" المريض المقيم في المشفى منذ أسبوعين: "زادت حالتي الصحية سوءا، فالأزمات في هذا المشفى لا تنتهي. أولها عدم توافر الأدوية واضطرارنا لشرائها من الصيدليات على حسابنا الخاص، وقد شاهدت بعيني عودة الكثير من المرضى إلى بيوتهم دون علاج لعدم توافر ثمن الدواء معهم ولاسيما بعد رفع أسعار الدواء بنسبة 50% قانوناً".

أما ما يزيد الوضع صعوبة، على ما يقول كريم: "نعاني نحن المرضى من الفوضى الكبيرة التي يسببها بعض أقرباء الجرحى من عناصر الأمن والشبيحة، حيث يعيقون تقديم الخدمات الطبية والصحية لمحتاجيها كي يكون الاهتمام والعناية لهم فقط. وحصلت معي عدة مرات أن افترشت ممرات المشفى كي يحتل سريري عنصر من العناصر تحت شعار "هو أحق .. كان يدافع عن أمنك وأمن بلدك".

سرقات علنية

يقول "ع" الموظف في قسم الإسعاف: "تنعدم الرقابة في هذا المكان بسبب الظروف الأمنية المتخبطة في منطقة السلمية وهذا المشفى مخصص أصلا لمن لا يستطيعون تحمل أعباء المشافي الخاصة، ولكن الفوضى العارمة هي ما تميزه الآن. سرقات الأدوية نشهدها أمام أعيننا ولكننا لا نستطيع أن نحرك ساكناً. المدعوم يده طويلة "ومافي حدا يقصها" والكثير من الحالات الإسعافية كانت بحاجة إلى نقل دم سريع ولكن الأولويات للمرضى من الدفاع الوطني واللجان".

يعد هذا المشفى الوحيد في الريف الشرقي لمحافظة حماه لذلك زاد الضغط عليه خصوصا وأن مدينة سلميّة استقبلت العديد من الوافدين من حمص والرقة وحلب وإدلب.

ديدان على أسرة المشفى

"ح" طبيب مقيم في قسم الجراحة أكد أن المشفى دفع مليون وأربعمائة ألف ليرة سورية لقاء التعقيم الشهري للمشفى، إضافة إلى رواتب خيالية لمشرفة عقد التعقيم وحاشيتها، ومع ذلك أروقة المشفى مرتع للحشرات.

وأثناء التجوال رأيت بأم عيني الديدان وهي تلعب على أسرة المرضى، قمنا فورا بإخبار إدارة المشفى وحاولت إسكاتنا عن هذه الفضيحة المدوية.

مرضى كثر ونقص في الكادر

أقر مدير مشفى السلمية بالنقص الكبير في الكادر الطبي وأكد أن المشفى قدم خلال النصف الأول من العام الحالي حوالي 325,7 ألف خدمة طبية ووصل عدد المراجعين إلى نحو 42847 مراجعاً من الجنسين، وبلغ عدد المقبولين 9692 مريضاً بنسبة تقارب 50% لإشغال الأسرة وبإمكاناته المتواضعة مقارنة بالفترات السابقة، وهناك محاولات حثيثة لتحسين الوضع لكن ضمن الإمكانات المتاحة، موضحاً أن المشفى يتحمل أعباء كبيرة لاسيما بعد تعرضه لتفجير مطلع عام 2013 أدى لأضرار كبيرة جداً في البناء والأجهزة لا تزال ترمم إلى اليوم.

مدير صحة حماة وفي معرض رده على الشكاوى أشار إلى وجود نقص عام على مستوى وزارة الصحة في عدد الأطباء المقيمين، وهناك مفاضلة خاصة بمنطقة السلمية لم يتقدم لها أي طبيب. أما نقص الأطباء الاختصاصين فيعود لعدم رغبتهم بالتعاقد بسبب قلة الأجر الذي لا يتجاوز 20 الف ليرة سورية وسفر العديد منهم خارج القطر، وبالنسبة للفوضى في الممرات فتعمل إدارة المشفى بالتعاون مع ممثلي الجهات المختصة على تنظيم هذه المسألة والحد منها.

يذكر أن مشفى سلمية الوطني تأسس عام 1983 ويضم 200 سرير ويشمل اختصاصات الجراحة والداخلية والجلدية وأمراض العين والأنف والأذن وجراحتها وتوليد النساء وجراحتها وأمراض الأطفال والعناية بالحواضن ويتألف الكادر الطبي للمشفى من 62 طبيباً اختصاصياً و62 طبيباً مقيماً و731 عنصراً تمريضياً القسم الأكبر منهم متسرب عن العمل.