دمشق، سوريا (محمد صلاح الدين، خاص أخبار الآن)   

من يقصف دمشق؟ سؤالٌ راودني كما كثيرين اختلطت عليهم صورة الوضع الذي وصلت إليه العاصمة .. فلا يكادُ يومها يمر دون أن تنال من القذائف ما تنال فتخلّف ما تخلّف من قتلٍ وتخريب.


أهداف عسكرية بحتة .. والمدنيون خارج دائرة الاستهداف

حملت سؤالي وذهبت به إلى الملازم محمد علي المعروف بـ “أبي شامل” وهو واحدٌ من أبرز ضباط المدفعية في الغوطة الشرقية ويقوم بتنفيذ رمايات المدفعية لكثيرٍ من فصائل الجيش الحر والكتائب الإسلامية في الغوطة الشرقية، فقال لي إنّه لم يسبق له أن استهدف منطقة مدنيةً في دمشق أو غيرها ولم يُطلب منه القيام بذلك وأنّ عمله محصورٌ باستهداف المواقع العسكرية والأمنية للنظام الذي لا يعترف بخسائره التي تنتج عن هذا العمل، لكنه دائماً ما يسمع عبر نشرات الأخبار أو يقرأ في مواقع التواصل الاجتماعي عن سقوط قذيفةٍ هنا وأخرى هناك.

يحمّل أبو شامل المسؤولية الكاملة لقوات النظام الذي قصف المدن والبلدات وشرّد سكانها وعمل منذ بداية الثورة السورية على تشويه صورتها وصورة الثوار ونعتهم بالإرهابيين والمخربين ولما فشل في ذلك لجأ إلى قصف المناطق الآمنة ليتهم الثوار بذلك ويستخدم ذلك لمصالح سياسية في المحافل الدولية.

المسيحيون ورقة رابحة في يد النظام

في ذات السياق أخذني حديثي مع  سهيل الشاب المسيحي ذو الخمسة وعشرين ربيعاً إلى القذائف التي تتساقط بشكلٍ شبه يوميّ على أحياء المسيحين في دمشق لاسيما باب توما والقصّاع ولمّا سألته عن مصدر هذه القذائف باعتقاده؟ قال سهيل: “إنّ معظم المسيحين في سوريا وقفوا موقف الحياد من الصراع الدائر في سوريا وأنّ النظام بقناعة الغالبية هو من يسعى لجرّهم ليكونوا طرفاً في المعادلة ويكونوا ورقة ضغطٍ على المجتمع الدولي الذي لطالما تحدّث عن مخاوفه تجاه الوجود المسيحيّ في الشرق الأوسط ومنهم بكل تأكيد مسيحيي سوريا ونجح في ذلك، ثم أردف قائلاً: “من الطبيعي أن يحاول النظام استغلال ورقة المسيحيين في حربه على الشعب السوري ولم يجد طريقة لإقحامهم في الصراع سوى إيهامهم بأنّ أحد طرفي الصراع هو عدوٌ لهم وأنّ الطرف الآخر هو المدافع عنهم وحامي وجودهم عبر قصف مستمر لمناطقهم وضخٍ إعلاميّ يوحي بأنّ الجيش الحر في الغوطة هو من قام بالاستهداف”.

وأضاف قائلاً : “لطالما سمعنا أصوات المدافع حين تطلق قذائفها التي ما تلبث أن تسقط في أحياءنا ثمّ يعلن إعلام النظام عن استهداف (الإرهابيين) للمنطقة ويرسل كاميراته ومراسليه ليتاجروا بدمائنا معتبراً إيّانا أقلية في حين نعتبر أنفسنا جزءا لا يتجزأ وركناً أساسياً من لوحة كبيرة متنوعة تدعى سوريا”.

اللواء 105 مسؤول عن قصف دمشق

ذات السؤال حملته إلى ضابطٍ تابعٍ للحرس الجمهوري برتيبة عقيد فضلّ عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بسلامته فقال في تصريح خاص بأخبار الآن: “إنّ أوامر القصف تصدر عن العقيد هاشم الضاهر قائد كتيبة المدفعية في اللواء 105 الذي تربض مدافعه في قاسيون وتتخذّ إحدى سراياه من قلعة دمشق مركزاً لها”، وأضاف العقيد: “إنّ الأوامر تُبنى بناءً على معلومات ترد عبر فرع المعلومات التابع لإدارة الاستخبارات العامة حول استهداف كتائب المعارضة المسلحة لبعض المراكز الأمنية في دمشق لاستغلال فيديوهات التبني التي تنشر عبر الانترنت لإيقاع الناس في حيرة من أمرهم”.