تحذيرات هامة.. كورونا قد يتطور والتحورات قد تزداد

  • المخاوف بشأن متحور “دلتا” من فيروس كورونا تزداد بشكل كبير حول العالم
  • الدول الغنية تعمل على إحكام قبضتها على اللقاحات
  • مئات الملايين من الأشخاص حول العالم ينتظرون تلقي جرعتهم الأولى من لقاح “كورونا”

تتزايد المخاوف بشأن متحور “دلتا” من فيروس كورونا، في وقتٍ تعمل الدول الغنية على إحكام قبضتها على اللقاحات بينما يموت الأشخاص اليائسون في أماكن أخرى من العالم بسبب نقص الجرعات.

وتتأرجح الولايات المتحدة وأوروبا على حافة موجة جديدة مرعبة من عدوى “كورونا”، وتنشر وابلاً من الحوافز المالية لإقناع رافضي اللقاحات بتغيير رأيهم والاقدام على تلقي التطعيم.

ووسط كل ذلك، ما زال مئات الملايين من الأشخاص حول العالم ينتظرون تلقي جرعتهم الأولى من لقاح “كورونا”، ويبدو أن احتمالية انتشار المناعة على نطاق واسع أشبه بحلم كاذب.

وتشهد إفريقيا وجنوب شرق آسيا، حيث معدلات اللقاح منخفضة، بعض أسوأ حالات تفشي فيروس كورونا. وهناك، تواجه السلطات مشكلة ملحة تبدو مستعصية على الحل: كيفية الحد من الوفيات من دون تطعيم في حين أن الكثير من السكان لم يعودوا قادرين على البقاء في المنزل، وذلك بسبب تدهور ظروفهم.

وإزاء كل هذا المشهد، فقد حذرت الوكالات الدولية ومنظمات المعونة الإنسانية والمتخصصون في الأمراض المعدية وعلماء الأخلاق جميع البلدان، من السعي للحصول على جرعات معززة حتى تتوفر المزيد من البيانات حول ما إذا كانت هناك حاجة إليها أم لا، ودعوا بدلاً من ذلك الحكومات التي لديها فائض للتبرع بجرعات للدول الفقيرة التي تكافح تفشي المرض المتزايد والتي تواجه النقص في الامدادات باللقاحات.

ويوم الأربعاء، دعا مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى وقف إعطاء جرعات اللقاحات المعززة المضادة لـ”كورونا”، من أجل المساعدة في ضمان توفر الجرعات في البلدان التي تلقى فيها عدد قليل من الناس جرعات اللقاح الأولى.

وقال غيبريسوس: “أتفهم اهتمام جميع الحكومات بحماية شعوبها من متحور دلتا، لكن لا يمكننا قبول قيام البلدان التي استخدمت بالفعل معظم الإمدادات العالمية من اللقاحات باستخدام المزيد منها، بينما يظل الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم غير محميين”.

ولفت إلى أن الدول الغنية أعطت حوالى 100 جرعة من لقاحات فيروس كورونا لكل 100 شخص في المتوسط، في حين أن البلدان منخفضة الدخل- التي يعوقها نقص الإمدادات – قدمت حوالى 1.5 جرعة فقط لكل 100 شخص.

ودعا غيبريسوس إلى ضرورة مدّ البلدان الفقيرة باللقاحات، مطالباً الدول الأساسية حصوصاً بلدان مجموعة الـ20، ببذل المزيد من الجهود لتأمين توزيع اللقاحات عالمياً.

وفي الواقع، فإن النداء الذي أطلق مدير “الصحة العالمية” واجه تجاهلاً من قبل بعض الدول خصوصاً من قبل ألمانيا وفرنسا، إذ أكدت السلطات هناك المضي قدماً في خطط لطرح بعض الجرعات المعززة.

بدورها، قالت أندريا تيلور، مساعدة مدير البرامج في مركز الابتكار الصحي العالمي بجامعة ديوك، لشبكة “CNN” إن إعطاء الأولوية للجرعات المعززة قبل الانتهاء من التوزيع العالمي للقاحات، سيضع الجميع، بما في ذلك الأشخاص في البلدان ذات الدخل المرتفع، في موقف أكثر خطورة”.

وأضافت: “إذا اختارت دول مثل ألمانيا طرح جرعات معززة قبل أن نضمن حصول جميع المجتمعات في جميع أنحاء العالم على أول جرعتين من اللقاح، فنحن لا نحل المشكلة حقاً.. الأمر يشبه إلى حدٍ ما وضع ضمادة إسعافات أولية على فجوة”.

وفعلياً تمثل تصريحات غيبريسوس وكلام تيلور دعوة قوية من منظمة الصحة العالمية، التي تحاول تضييق الفجوة بشأن اللقاحات بين الدول ذات الدخل المرتفع والدول ذات الدخل المنخفض.

وأرادت المنظمة تلقيح 10% من الناس في كل بلدان العالم بحلول الشهر المقبل، لكن من غير المرجح أن يتحقق هذا الهدف وفقاً للوضع الحالي.

ففي هايتي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، على سبيل المثال، لم يتلق أي من السكان جرعتين من اللقاح. وحتى في إندونيسيا، التي شهدت ارتفاعا في الإصابات والوفيات خلال الأشهر الأخيرة بسبب متغير دلتا، حصل 7.9% فقط من المواطنين على لقاح كورونا، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية.

وخلال الأشهر الأخيرة الماضية، استحوذ الاتحاد الأوروبي على مليارات الجرعات التي حصل عليها من شركات تصنيع اللقاحات للسنوات القادمة، قائلا إنها قد تصبح ضرورية في حالة إعطاء جرعات معززة أو محاربة النسخ المتحورة من فيروس كورونا، ويمكن كذلك التبرع بها للدول الفقيرة.

ومن الممكن أن يساهم عدم إعطاء اللقاحات في الدول ذات الدخل المنخفض إلى تفشّ كبير للفيروس، وهو الأمر الذي قد يساهم في نشوء متحورات جديدة قد تهدّد العالم بأسره. ووفقاً للعلماء، فإن عدم التطعيم يساهم إلى حد كبير في تشكيل أرضية خصبة لنشوء متحورات، ويقولون أن الأشخاص غير المحصنين ضد كورونا سيكونون ناقلين خطرين للفيروس الذي يرى فيهم أرضية للتحور.

وهنا، يشدّد الخبراء على ضرورة إتمام التوزيع العادل للقاحات حول العالم، وهي قضية تعتبرُ أساسية وملحة اليوم باعتراف الأمم المتحدة. ولهذا، يعتبر الباحثون والمتابعون أن الهدف الأول يجب أن يكون في تعميم اللقاحات على كل العالم وتحقيق الأهداف المطلوبة خطوة تلو خطوة في سبيل تحصين الناس ضد الفيروس، لأن ذلك يعد الطريق الأسلم لتطويق الجائحة التي أرهقت العالم واقتصاداته.