دبي، الامارات العربية المتحدة، 14  يناير 2014، الشرق الاوسط –

عندما توالى إعلان جوائز مسابقة «غولدن غلوب» مساء أول من أمس كنت تستطيع أن تلحظ بعض التوتر على وجوه عدد من السينمائيين المنتشرين على طاولاتهم المستديرة. الممثلون والمخرجون والمنتجون الكبار أقرب إلى المنصة. خلفهم وإلى الجوانب آخرون في المهنة ذاتها، ثم في باقي القاعة الكبيرة توزع الباقون جميعا: سينمائيين وضيوفا، وكلاء أعمال وإعلاميين، وأعضاء جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود موزعة جوائز هذه الحفلة السنوية.

طبعا كانت أمسية سعيدة. الكل فيها بدا منشرحا، والكثير من النكات عكست ذلك على المنصة حتى من قبل بعض من وقف لتسليم الجائزة وليس لنيلها. لكن كان هناك الهاجس الداخلي لدى كل متسابق حول ما إذا كان سيصعد المنصة لتسلم الجائزة التي تم ترشيحه لها أم سيلتزم صف المصفقين لمنافس آخر سيحصل على هذا التكريم.

خذ مثلا فريق فيلم «12 سنة عبدا» الذي كان مرشحا لسبع جوائز، ست منها تعلن قبل وصول الحفلة إلى محطتها الأخيرة بإعلان اسم الفيلم الفائز بأفضل عمل درامي. فيلم ستيف ماكوين الباحث بألم عن تاريخ العنصرية في أميركا القرن التاسع عشر كان واحدا من الأفلام الآملة في حصد أكثر من جائزة، وإن كان لا بد فجائزة رئيسة للفيلم أو لمخرجه. لكن إذ تتابع إعلان نتائج الجوائز التي (إلى حد معين) يمكن اعتبارها ثانوية، يأخذ الأمل في حصول «12 سنة عبدا» على الجائزة الأولى يضمحل. لقد تم الإعلان عن أفضل موسيقى فلم يحصل عليها هانز زيمرمان عن موسيقاه لهذا الفيلم، بل نالها أليكس إيبرت عن «كل شيء ضاع». أعقب ذلك، من دون ترتيب معين، إعلان جائزة أفضل ممثل مساند.. والجائزة تذهب إلى.. ليس مايكل فاسبيندر عن دوره في «12 سنة عبدا»، بل ليارد ليتو عن «دالاس بايرز كلوب». ماذا عن جائزة أفضل ممثلة مساندة التي رشحت لها لوبيتا نيونغ؟ لا.. هذه حصلت عليها جنيفر لورنس عن دورها في «نصب أميركي». بقيت ثلاثة ترشيحات لـ«12 سنة عبدا» وهي لجائزة أفضل سيناريو ولجائزة أفضل ممثل في دور درامي ولأفضل مخرج ثم لجائزة أفضل فيلم. وفي كل مرة يتم فيها الإعلان عن اسم الفائز كان ستيف ماكوين وفريقه يصفق وهو ينظر أولا للفائز ثم لبعضهم البعض. في السيناريو أنجز سبايك جونز المهمة فنال الجائزة عن فيلمه «Her». جائزة الإخراج التي منى ستيف ماكوين نفسه بها، تسللت إلى المكسيكي ألفونسو كوارون عن «جاذبية».. هل هناك أمل في جائزة أفضل ممثل؟ الممثل البريطاني شيوتيل إيجيفور لعب دور العمر في هذا الفيلم الذي لم ينل حتى تلك اللحظة أي تقدير. الجواب جاء سريعا: ماثيو ماكونوهي هو أفضل ممثل في فيلم درامي، وذلك عن «دالاس بايرز كلوب».

* ابتسامة ميريل

* المدركون والمتابعون واثقون عموما من أن فريق «12 سنة عبدا» لا بد أنه شعر بأنه خسر جولة مهمة وبل أهم جولة تسبق جوائز الأوسكار، حيث سيكون لهم وجود. ست جوائز عبرت فوق رؤوسهم وذهبت لآخرين والمخرج والكاتب وممثلوه والمنتج ما زالوا جالسين.. ثم.. غولدن غلوب لأفضل فيلم درامي تذهب إلى «12 سنة عبدا».

هنا انقلب الوجوم إلى فرح كبير وانشغل الفريق بتحية بعضهم البعض قبل أن ينطلق المنتجون ليصعدوا السلم القصير ويلوحوا بأيديهم إلى الحاضرين.

المنافسة كانت صعبة، وإذا لم تتحقق التوقعات جميعا فلأن السبب يعود إلى هذه الصعوبة. كل قسم من الأقسام العديدة التي حفلت بها المناسبة احتوى على بعض ما هو أفضل (وأحيانا الأفضل) في كل مهنة تلفزيونية وسينمائية ممكنة. في مجال أفضل فيلم درامي، وإلى جانب الفيلم الفائز، كان هناك أربعة أخرى، أضعفها كحياكة إخراجية «فيلومينا» لستيفن فريرز. وأقواها كدراما «كابتن فيليبس»، وأكثرها تأثيرا وثراء بصريا «جاذبية». الفيلم الخامس «اندفاع» لم يتوقع له أحد الفوز فعلا لكن وجوده كان تحية كافية له. فوز «12 سنة عبدا» هو خسارة للفيلم الثاني من حيث التوقعات وهو «جاذبية»، لكن بما أن ألفونسو كوارون هو الذي تفوق على ستيف ماكوين فإن هناك قدرا كبيرا من التعادل.

كيت بلانشيت، كما توقعنا، حصلت على «غولدن غلوب» أفضل ممثلة درامية عن فيلم «بلو جاسمين» لوودي ألن الذي منح جائزة «سيسيل ب. ديميل» التشريفية (لم يكن مرشحا في سباق المخرجين).

وفي عداد الفيلم الكوميدي كانت هناك دراما من نوع آخر: «داخل ليووَن ديفيز» للأخوين جووَل وإيتان كووَن، كان من بين أكثر التوقعات حظا. جمعيات نقدية عدة سارعت لمنحه جوائزها. ثاني أكبر التوقعات كان «نبراسكا» و«هير» و«ذئب وول ستريت» معا. «نصب أميركي» كان أيضا قويا وهو الذي خرج بالجائزة كما خرجت بطلته آمي آدمز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو موسيقي. ميريل ستريب (للمناسبة) ما كان عليها سوى أن تبتسم تلك الابتسامة العريضة كونها شاهدت في حياتها المهنية الكثير من مثل هذه المناسبات. حسب موقع «IMDb Pro» رُشحت 170 مرة، وعدد الجوائز التي نالتها 114، بينها ثلاث أوسكارات وثماني «غولدن غلوب» (أولاها سنة 1980 عن «كرامر ضد كرامر» وآخرها سنة 2012 عن دورها في «السيدة الحديدية»). المنافسة الصعبة الأخرى كانت بين الممثلين: ليوناردو ديكابريو ممتاز في «ذئب وول ستريت»، لكن كذلك الحال مع كريستيان بايل في «نصب أميركي» وأوسكار ايزاك، وعلى على نحو متواضع، في «داخل ليووَن ديفيز». واكين فينكس عن «هير» هو دائما جيد. بالنسبة للمرشح الخامس بروس ديرن كانت القلوب كلها معه، لكن الأصوات ذهبت لممثل من الصف الأول.

جوائز تلفزيونية والمعركة السينمائية تخللتها معارك في حقل التلفزيون. فالجمعية تمنح جوائزها للمهنتين معا، ولو أن الإعلام عادة ما يهتم أولا بالمهنة السينمائية ربما لأنها توفر مادة أكثر دسامة بوجود هذا العدد من نجومها. أفضل مسلسل تلفزيوني درامي ذهب للمسلسل الذي يسجل كل عام انتصارا من هذا الحجم وهو «انهيار كامل» أو (Breaking Bad)، وعنه فاز بطله برايان كرانستون كأفضل ممثل في مسلسل درامي. لكن أفضل ممثلة في مسلسل درامي كانت روبن رايت عن «منزل من الورق». كل من كرانستون ورايت كان عمليا الأفضل من بين أترابه والأكثر استحقاقا.

في المجال المسلسل الكوميدي نال «بروكلين ناين ناين» الجائزة، والممثل أندي سامبرغ ربح جائزة أفضل ممثل عن المسلسل ذاته، في حين خطفت آمي بولر غولدن غلوب أفضل ممثلة في مسلسل كوميدي عن «حدائق وإعادة خلق». وفاجأت الممثلة جاكلين بيسيت الجميع بفوزها كأفضل ممثلة في مسلسل قصير أو فيلم تلفزيوني. تركت طلتها في العام الماضي رد فعل إيجابيا عبر فيلم «الرقص على الحافة» واستحقت عن عملها واحدة من الجوائز المهمة القليلة التي منحت لها.

وإذ انتهت الحفلة بحفلات ساهرة عدّة توزعت في داخل فندق «بيفرلي هيلتون» كما في خارجه، فإن بدء العد التصاعدي للأوسكار بدأ من تلك اللحظة.

العلاقة بين الأوسكار والغولدن غلوب شائكة في أكثر من موقع، وتحتاج إلى تفصيل مستقل، لكن ما يبدو مؤكدا أن كل من فاز، بما في ذلك «12 سنة عبدا» وماثيو ماكونوهي وليوناردو ديكابريو وآمي آدمز وكيت بلانشيت، بل وبعض من لم يفز أيضا، وضع نفسه في عداد المتسابقين الجدد في المرحلة المقبلة.

ومن قال سابقا، في الصحف الأجنبية، إن سباق غولدن غلوب لا علاقة له بسباق الأوسكار لم يصب في هذا التخمين، لأن ستة آلاف بين ملايين مشاهدي الحفلة يوم أول من أمس كانوا من أعضاء الأكاديمية. صحيح أن باب التصويت للأوسكار تم إقفاله في الثامن من هذا الشهر، لكن بالنسبة للمقترعين من أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، ما زالت حفلة جمعية هوليوود للمراسلين الأجانب «بروفة» لما سيتكرر حدوثه على منصة الأوسكار. حفلة الـ«غولدن غلوب» قد تكون انتهت على نحو يرضي أطرافا عديدة، لكن سباق الأوسكار يتصاعد منذ الآن.

* قالوا لنا

* بعد الحفلة الكبيرة يتوزع الحاضرون على حفلات أصغر كل مزود بالدعوة الخاصة التي وصلته. هناك تسنح الفرصة أمام تبادل أطراف حديث مع الفائزين الذين كانوا لجأوا، من بعد إعلان فوزهم إلى الحجرة الجانبية لمقابلة الصحافة. التالي مزيج مما قاله الفائزون في المناسبتين..

* «سأسهر الليلة مع والدتي ثم نأوي إلى البيت ببعض الكرامة».. آمي آدمز.

* «أنا سعيد بأن مارتن سكورسيزي لا يزال ذلك الشاب الحيوي في سن الحادية والسبعين. لا أحد مثله».. ليوناردو ديكابريو.

* «أختار أدواري حاليا على نحو يهز قناعاتي أولا. لا أريد أدوارا عادية أو أعتقد أن الكثيرين يستطيعون تمثيلها. أريد ما هو أنا».. ماثيو ماكونوفي.

* «هل أنا سعيد؟ أتمزح؟ بالطبع، لكني أصارحك… كنت أعلم أنني سأفوز بجائزة أفضل إخراج. لم يخبرني أحد بالطبع، لكني كنت أعرف ذلك»- ألفونسو كوارون.

* «صحيح. لقد قلت للصحافة بعد استلامي الجائزة إنني أريد أن أصبح مخرجة. منذ فترة وأنا أفكر في ذلك. لا تعتقد أنني سأحقق هذه الرغبة غدا. أنا الآن تحت تأثير هذه المفاجأة التي لا أستطيع تصديقها».. جنيفر لورنس.