منذ حوالي العام وصل محمد شاهد نزير إلى مطار هيثرو ومعه جهاز كمبيوتر محمول خاص به، وحقيبة صغيرة تحتوي على بعض الملابس، تاركاً خلفه أسرته في قرية في باكستان، على أمل العثور على ما يرتزق به في العاصمة البريطانية. وكان على وشك أن يستسلم لليأس، عندما عثر على عمل في كشك لبيع السمك في سوق “كوينز” في “آبتون بارك”، شرقي لندن.

وربما كانت بدأت قصة أخرى من قصص المهاجرين إلى مدينة كبيرة، لو لم يتمكن نزير من العثور على طريقة فريدة من أجل جذب إنتباه الزبائن إليه أثناء عمله.

يقول الشاب الباكستاني في حديث للصحافة البريطانية “كان المسؤول عن الكشك قد طلب مني أن أنادي بصوتٍ عال”. ولأنه كان يجهل طريقة المناداة المعتادة، فقد انطلق نزير في الغناء.

ومن دون أن يجهد نفسه، خطرت على باله بعض الأبيات الغنائية التي تحثُّ الناس على شراء السمكة بباوند”. وبدأ يدندن ببعض الجمل منادياً “هلموا أيتها السيّدات، تعالوا أيتها السيّدات: سمكة بباوند. إلقوا، إلقوا نظرة، سمكة بباوند، جيدة جداً، رخيصة جداً، سمكة بباوند”.

وبفضل بساطة الأغنية، والحركات الراقصة لهذا الأب لأربعة أبناء، كانت الأغنية قد انتشرت بسرعة فائقة في الحي. وقام أحدهم بتسجيل الأغنية عندما كان نزير يمارس عمله، ووضعها في موقع يوتيوب.

وفي كل يومٍ جديد، كان نزير يستقبل العديد من السياح الذين يطلبون إلتقاط الصور معه. وبسرعة البرق، إنتشر الفيديو في مواقع التواصل الإجتماعي الأخرى، ليصل رقم مشاهديه إلى خمسة ملايين زائر. ومن دون خبرة موسيقية سابقة، وبلغة إنكليزية محدودة، يحاول تحسينها من خلال قراءته الصحف، يدخل بائع السمك البالغ 31 عاماً عالم الموسيقى، ومن أوسع ابوابه.

وكان أن قام مغني الراب تيمبالاند بعملية “الريمكس” لأغنية نزير الذي لم يكن قد سمع عن المغني المعروف إلاّ حديثاً، وبدأ يتلقّى العديد من طلبات الزواج عن طريق تويتر، ومن ثمّ عرضت عليه شركة “وارنر ميوزيك” التوقيع على عقد لإنتاج أغنيته.

وحالما أخذت الأغنية في الإنتشار، طفت على السطح أحاديث عن رد بريطاني – باكستاني على ظاهرة الـ “غانغام ستايل” للكوري الجنوبي ساي. وحالياً، يطلق على بائع السمك “وان باوند فيش”، عقب إصداره الأغنية بنسختها الرسمية، بعد إعادة صياغة النسخة الأولى، في شريط فيديو جديد، إستبدل فيه سترته الجلدية ببدلة، حيث يسير في طريق الوصول إلى سبعة ملايين مشاهد. وكان نزير يأمل في أن تتربع أغنيته “سمكة بباوند” على المراكز الأولى خلال أعياد الميلاد، غير أنه إستقرّ عند الرقم 29 ضمن أفضل الأغنيات المنفردة في بريطانيا.

وكذلك، نال بائع السمك السابق الإعتراف في بلده الأم، رغم أن الحكومة الباكستانية كانت  قررت حظر موقع يوتيوب بعد نشره الفيلم المسيء للإسلام. واليوم، يتوجه العديد من مواطنيه إلى مسقط رأسه لتحميل الأغنية، أو لشراء نسخة من السي دي الخاص بها. وأما والده الذي كان إعترض على سفره إلى لندن، فإنه يعرب الآن عن “سعادته الفائقة”.

ولم يكن قد خطر ببال نزير قط أن تنطلق شهرته في ليلة وضحاها، ففي تصريح لصحيفة “إيفننغ ستاندارت” اللندنية، قال “أشعر أنني أمرّ بتجربة فريدة، كما لو كنت في حلمٍ، وأخشى من أن يوقظني أحدهم، بين لحظةٍ وأخرى”.

وقد وقع فعلاً ما كان يخشاه نزير، حيث أعلنت دائرة الهجرة البريطانية مؤخراً أن تأشيرة الشاب الباكستاني لا تسمح له بالبقاء في المملكة المتحدة. لذلك، غادر المغني لندن عشية ليلة الميلاد، متوجهاً إلى لاهور، دون أن يتمّ التأكد من تاريخ العودة.