ما جدوى استخدام الإنترنت الفضائي “ستارلينك” في غزة؟

مع دخول حرب إسرائيل على قطاع غزة أسبوعها الثالث، أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل” أنها “عانت من انقطاع كامل لجميع خدمات الاتصالات والإنترنت” في القطاع، الجمعة، بينما واصلت إسرائيل قصف القطاع الساحلي بغارات جوية عنيفة، في ظل توسيع عملياتها البرية.

ويتزامن انقطاع الإنترنت والاتصالات في القطاع مع انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي يزيد من صعوبة تواصل سكان غزة مع العالم الخارجي.

وأوضحت الشركة التي توفر خدمات الإنترنت والهاتف الخليوي في غزة والضفة الغربية، في منشور لها على فيسبوك، الجمعة: “يؤسفنا أن نعلن عن انقطاع كامل لجميع خدمات الاتصالات والإنترنت مع قطاع غزة”، مضيفة أن القصف الشديد أدى إلى “تدمير جميع المسارات الدولية المتبقية التي تصل غزة بالعالم الخارجي”، بالإضافة للمسارات المدمرة سابقا، مما أدى إلى انقطاع كامل لخدمات الاتصالات عن قطاع غزة.

في المقابل، اعتبرت مجموعات مستقلة لمراقبة الإنترنت لشبكة “سي إن إن”، بأن هذا “أكبر وأسوأ تعتيم” تتعرض له شبكة الإنترنت في غزة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر الجاري، مما أثار مخاوف من أن المدنيين الفلسطينيين لن يتمكنوا من التواصل مع العالم الخارجي.

متى تعود الخدمة؟

وعن الموعد المتوقع لعودة خدمات الإنترنت في القطاع، قال دوغ مادوري، مدير تحليل الإنترنت في “Kentik”، وهي شركة في كاليفورنيا تراقب الاتصال بالإنترنت على مستوى العالم، إن استعادة سكان غزة الاتصال بالإنترنت “قد يستغرق أياما، إن لم يكن أطول من ذلك”.

وأضاف مادوري لشبكة “سي إن إن“، أن انقطاع التيار الكهربائي الحالي “ربما يكون الأسوأ الذي شهدته غزة على الإطلاق”، مشيرا إلى أن حرب غزة في عام 2014 عرفت انقطاعا في الإنترنت، لكن “لم يكن الأمر على هذا النحو”.

وانخفض الاتصال بالإنترنت في غزة يوم 27 أكتوبر إلى أدنى مستوى له منذ 7 أكتوبر، وفقا لتحليل الشبكة الذي أجرته منظمة “نيت بلوكس” لمراقبة الإنترنت.

وأفادت “نيت بلوكس”، وهي شركة لمراقبة الإنترنت مقرها لندن، لشبكة “سي إن إن” بأن الانقطاع الحالي في الإنترنت يمثل “نقطة تحول” في قدرة سكان غزة على “إبقاء العالم الخارجي على علم بالوضع على الأرض”.

الإصلاح صعب

من جانبه، قال أحد موظفي شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل”، الذي تحدث دون الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، لصحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، إن إمكانية إجراء إصلاحات في خطوط الإنترنت غير محتملة بسبب القصف المستمر ونقص المعدات والإمدادات.

وكانت شركة “نت بلوكس” NetBlocks وهي شركة لمراقبة الإنترنت مقرها في لندن، ومجموعة “كلاود فلير” Cloud flare من بين الشركات التي تتبعت الانخفاض الحاد في الاتصال في غزة يوم الجمعة.

وقال ديفيد بيلسون، رئيس قسم البيانات في “كلاود فلير”، إن الشركة رصدت “انخفاضًا في خدمات الإنترنت عبر العديد من محافظات قطاع غزة”، وتتبعت الانخفاض الكامل لما يقرب من اثني عشر من كبار مزودي خدمات الإنترنت في غزة، منذ 7 أكتوبر.

فيما قال ألب توكر، مؤسس ومدير شركة “نت بلوكس” إن شركته تتبعت “أكبر انقطاع للإنترنت في غزة الجمعة”، محذرًا من أن “الوضع بالنسبة للكثيرين سيكون انقطاعًا كاملاً أو شبه كامل للإنترنت في هذه المرحلة”.

ما جدوى “ستارلينك”؟

في هذه الأثناء، أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة من أجل مد القطاع المحاصر بالإنترنت.

وتحت وسم #starlinkforgaza غرد العديد من مستخدمي منصة إكس وفيسبوك مطالبين شبكة “ستارلينك” الفضائية التي يملكها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، بمد غزة بخدمات الإنترنت الفضائي، على غرار استخدامها في أوكرانيا، كما طالب آخرون باستخدام شبكة الاتصالات المصرية في القطاع.

فيما اعتبر آخرون أن هذا الطلب غير منطقي، لاستحالة إدخال معدات استقبال ستارلينك إلى غزة في الظروف الحالية، إذ يتطلب تفعيل خدمة الإنترنت الفضائية هذه معدات استقبال أرضية حتى يتمكن المستخدمون من استقبال إشارات الأقمار الاصطناعية النشطة لستارلينك.

وعبر المهندس جون طلعت خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر عن صعوبة تطبيق الفكرة بنجاح في قطاع غزة، نظرا لعدم توفر أجهزة الاستقبال المخصصة لدى الفلسطينيين.

وأضاف خلال مداخلة مع الإعلامي عمرو أديب ببرنامج “الحكاية” على فضائية “إم بي سي مصر”، أن هناك صعوبة أيضا في إمكانية الاستعانة بشركات الاتصالات المصرية لتزويد القطاع بالاتصالات والإنترنت، مبينا أن المسافة بعيدة جدا لكي يستطيع الفلسطينيون استخدام الشبكات المصرية.

وبعد المناشدات والتحليلات ظهر “إيلون ماسك” ليرد على مطالب وصول الإنترنت الفضائى “ستارلينك” إلى غزة، قائلا فى رده على إحدى المغردات “لم تحاول أي محطة من غزة التواصل مع مجموعتنا”.

ليؤكد ماسك أن شركته “سبيس إكس” ستدعم روابط الاتصال مع منظمات المساعدة المعترف بها دوليًا.

 

يذكر أن البنية التحتية الحيوية كانت هدفا رئيسيا للهجمات الإسرائيلية خلال الصراع بين إسرائيل وحماس. ودمرت غارة جوية إسرائيلية محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة في عام 2014، واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة ما لا يقل عن 7000 مبنى في غزة.

وواجهت شركة بالتل صعوبة في تقديم الخدمة في السنوات الأخيرة، وأغلقت خدمة الهاتف والإنترنت في غزة عام 2017 وسط أزمة الطاقة الكهربائية.