انتشار وتوسع قطاع التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي

يحظى قطاع التجارة بالمفرق عبر الانترنت بانتشار واسع في دول مجلس التعاون الخليجي الذي يكتسب شيئا فشيئاً سمعة عالمية بأنه الوجهة التسوقية المثلى خصوصاً للسلع الفاخرة، ومع ذلك لا زال هناك شوط طويل أمام التجارية الإلكترونية في الخليج لتبلغ طاقاتها القصوى.

مما لا شك فيه أن هناك علامات وإشاراتٍ تدل على أن التسويق والتسوّق عبر الإنترنت في دول مجلس التعاون الخليجي في صعود وازدهار مستمرين مما يخلق طلباً على الأشخاص ذوي الخبرة المهنية في هذا المجال بما في ذلك محترفي القطاع المالي الذين عملوا سابقاً في التجارة الإلكترونية.

يفيد 14% من المستهلكين السعوديين في الوقت الحالي أنهم يتسوقون عبر الإنترنت مرة في اليوم على الأقل في ظل توجه جديد في الشرق الأوسط ككل ومنطقة الخليج على وجه الخصوص لاستخدام التكنولوجيا الشرائية والتسوق عبر الإنترنت أكثر وأكثر. وتشير التوقعات إلى نمو بنسبة 19% على أعداد المتسوقين عبر الإنترنت في المنطقة قبل حلول عام 2025. أما في دولة الإمارات فتتجاوز نسبة الأشخاص الذين يتسوقون بشكل يومي على الإنترنت 96% من المستهلكين بنسبة زيادة بلغت فقط خلال العام الماضي 89%.

سمات التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج العربي

إن التجارة الإلكترونية أو التسوق عبر الإنترنت في دول مجلس التعاون الخليجي يتصف بثلاث سمات هي:

مستقبل التجارة الإلكترونية في الخليج والمصاعب التي تعيق تقدمها

الربح الوفير الناتج عن التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج

أشار تقرير صادر عن موقع الاستشارات الخليجي Go-Gulf في أبريل من عام 2021 أن الأرباح الناتجة عن التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج وصلت في 2020 منفردةً إلى ما يقارب 20 مليار دولار أمريكي.

وفي ظل التوسع الهائل المتوقع لهذا القطاع في هذه المنطقة فلا عجب أن تكون الأرباح الحالية والمستقبلية في هذا المجال أضعافاً مضاعفة من هذا الرقم.

التوسع السريع والهائل للتجارة الإلكترونية في منطقة الخليج

يمكن قياس مدى التوسع الحاصل في قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة مجلس التعاون الخليجي عبر إلقاء نظرة سريعة على الأرباح الناتجة عنه في السنين السابقة ومقارنة الأرقام. على سبيل المثال بلغت المبيعات الإلكترونية في عام 2015 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل 22.2 مليار دولار أمريكي، أما في 2020 بلغت الأرباح الإلكترونية في نفس المنطقة 55.4 مليار دولار مما يشير إلى تزايد مستمر وسريع في هذا القطاع.

التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج العربي تعتمد على السلع المستوردة

يلاحظ أن أغلب السلع التي يتم شراؤها عبر الإنترنت في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط ككل تضم حاجياتٍ وأجهزة متنوعة مصنوعة في أماكن أخرى من العالم. يشتري أكثر من ثلثي المتسوقين الإلكترونيين حاجيات لا يتم إنتاجها في المنطقة أو على الأقل لايتم إنتاجها بنفس جودة السلع المستوردة هذه مما يخلق فرصاً هائلة لازدهار قطاع التجارية الدولية.

ينطبق هذا الأمر على وجه الخصوص على السلع الاستهلاكية كالأجهزة الإلكترونية والملابس وأدوات ومنتجات التجميل والمكياج والحاجيات المنزلية التي تمثل في الإمارات العربية والسعودية حوالي 98% من المشتريات.

الصعوبات التي تعيق تقدم التجارة والتسوق الإلكتروني في دول مجلس التعاون الخليجي

الافتقار للقوانين الناظمة الكافية للتجارة الإلكترونية في دول الخليج

بالنظر إلى إمكانيات التجارة الإلكترونية في دول الخليج العربي والتي لم يتم إدراكها أو تحقيق جزء يسير منها بعد، يلاحظ أن هناك عدم ثبات حتى الآن في القوانين الناظمة لهذا القطاع بالمقارنة بالبلدان والكيانات الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية.

قد يكون من المفاجئ للكثيرين أن منطقة الخليج العربي تفتقر للمخازن العصرية وبنيتها التحتية اللازمة لاستيعاب الطلب الهائل الناتج عن بائعي المفرق عبر الانترنت للمخازن الجافة والمخازن المبردة على حد سواء.

المخازن المطلوبة لحركة تجارة إلكترونية قوية

قد يكون من المفاجئ للكثيرين أن منطقة الخليج العربي تفتقر للمخازن العصرية وبنيتها التحتية اللازمة لاستيعاب الطلب الهائل الناتج عن بائعي المفرق عبر الانترنت للمخازن الجافة والمخازن المبردة على حد سواء.

تشير العديد من مواقع التجارة الإلكترونية الرائدة في المنطقة إلى تراجع أدائها بسبب عدم توفر إدارة مخازن كافية. على سبيل المثال، لا يتم استخدام المساحات الموجودة بالفعل من المخازن بالشكل الأمثل، كما أن العديد من المخازن الموجودة في المناطق الريفية لا تتوفر فيها التكنولوجيا والموارد المطلوبة لتحقيق هدف التوصيل في نفس اليوم للمستهلك.

ومن الأسباب التي تؤدي إلى مشاكل إدارة المستودعات في منطقة الخليج عندما يتعلق الأمر بالتجارة الإلكترونية نذكر:

قلة الخبرات البشرية في مجال التجارة الإلكترونية في المنطقة

معظم العاملين في المستودعات التابعة لشركات التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج مهاجرون من الدول المجاورة أو منطقة جنوبي شرق آسيا ممن لا يمتلكون الخبرات الكافية في إدارة المستودعات التجارية المرتبطة بالإنترنت. وفي حال أرادت شركات التجارة الإلكترونية استقدام وتوظيف الأجانب من ذوي الخبرة في هذا المجال فإن عليها القيام بإجراءات روتينية صعبة تتضمن الكفالة في هذه البلدان.

المستودعات تتمركز في الأماكن المدنية

من الصعب على بائعي المفرق في دول الخليج الاستعانة بالمستودعات التي تقع خارج المدن لنقلها إلى المستهلكين بوقت مثالي تحت أشعة شمس الخليج الحارقة ولهذا عادة ما يتم تفضيل المستودعات القريبة من المدن بالرغم من غلاء أسعارها وصغر حجمها.

سوء التنسيق في مستودعات التجارة الإلكترونية

يعود ذلك إلى زيادة الطلب على البضائع الإلكترونية وعدم وجود كفاءات بشرية قادرة على التعامل مع الارتفاع في وتيرة تلبية طلبات الزبائن.

 

مستقبل التجارة الإلكترونية في الخليج والمصاعب التي تعيق تقدمها

تفضيل المستهلكين لانتقاء البضائع وجهاً لوجه

تشير الدراسات واستطلاعات الرأي إلى أن المستهلك في بلدان الخليج والشرق الأوسط بشكل عام غير مستعد لشراء الحاجيات وخصوصاً الملابس دون أن يلمسها بيديه و يتفحصها عن قرب على خلاف المستهلك الأوروبي أو الأمريكي.

يعتبر هذا التفضيل من أهم أسباب عدم تقدم التجارة الإلكترونية في الخليج إلى أقصى قدراتها كما أنه، بطريقة أو بأخرى، وسيلة تسويقية للمولات والمحلات التجارية التقليدية على حساب التسوق الإلكتروني.

أنظمة الدفع الإلكتروني في منطقة مجلس التعاون الخليجي

بالرغم من التقدم التكنولوجي السريع في منطقة الخليج العربي والمالي الذي تشهده حالياً، لا تزال وسائل الدفع الإلكتروني في مستوى غير مرضي للتجار والمستهلكين على حد سواء. تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 33% من المستهلكين الإلكترونيين في دول مجلس التعاون الخليجي يترددون ويتخوفون من طلب الحاجيات عبر الإنترنت بسبب سوء تصنيع السلع ومشاكل الدفع الإلكتروني عبر الهاتف الذكي واختراق المعلومات وغير ذلك من أسباب. لهذا السبب لا زال الكثيرون يفضلون الدفع نقداً عند وصول طلباتهم حتى الآن.