أخبار الآن | روسيا –  gristthemoscowtimes

يساهم نشاط شركة التعدين الروسية “نوريلسك نيكل” بتلويث الطبيعة بشكل كبير، وذلك من خلال إطلاق ثاني أكسيد الكبريت (SO2). ويسبب هذا الغاز السام نوبات اختناق وسعال ويؤثر على الجهاز التنفسي للبشر.

ويشكل ثاني أكسيد الكبريت 98% من جميع انبعاثات الشركة. وسنوياً، فإن حجم الإنبعاثات يصل إلى 2 مليون طن، أي أكثر من نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت في روسيا (3.6 مليون طن في عام 2018، وفقاً لتقرير حكومي صادر عن وزارة الموارد الطبيعية). وبحسب منظمة “Greenpeace”، تعدّ المصانع في مدينة نوريلسك الروسية أكبر مصدر ثابت في العالم لثاني أكسيد الكبريت من صنع الإنسان. 

ثورة على الملوثين

وعادة خلال شهري أغسطس/آب و أيلول/ستبمبر من كل عام، يقوم سكان “أوست أفام” الأصليون في منطقة “تامير” القطبية، بإلقاء الشباك في نهر “أفام”، لصيد أسماك الـ”توجونوك”، وهي طعام تقليدي مهم. غير أنّ سكان المنطقة القطبية التابعة لروسيا، توقفوا عن الصيد مبكراً، في بداية هذا الشهر تقريباً. ولم يتمكن السكان المحليون من العثور على الأسماك في المواقع المشتركة الأخرى، على طول حوض النهر الذي تغذيه بحيرة “بياسينو”، التي تقع على بعد أميال قليلة شمال مدينة نوريلسك الصناعية.

وفي 29 مايو/أيار الماضي، انفجر خزان وقود احتياطي في محطة للطاقة بالقرب من “نوريلسك”، ما أدى إلى إغراق الممرات المائية المحلية، بنحو 23 ألف طن من الديزل. وانجرف النفط لأميال، ما أدى إلى تحويل جزء من نهر “أمبارنايا”، الذي يغذي بحيرة “بياسينو”، إلى اللون الأحمر الفاتح. وجرى تقدير الأضرار الناجمة عن الكارثة الأخيرة بـ 1.9 مليار دولار. ومع هذا، تزعم “نوريلسك نيكل” إنها تصرفت بسرعة لاحتواء التلوث.

ويقول جينادي شتشوكين، وهو عضو في مجموعة “دولجان” العرقية أنّ “التلوث منتشر بشكل أكبر بكثير ممّا تدعي الشركة، وأن شعبه سيعاني العواقب لسنوات”. وأضاف:  “نتوقع أن النهر قد تسمم لفترة طويلة. وربما لن تكون هناك أسماك في هذه الأنهار وفي البحيرة، لسنوات عدة، وهذا صعب للغاية، بالطبع، للسكان الأصليين”.

تحرّك

وتعتبر “نوريلسك نيكل”، المعروفة، أيضاً، باسم “نوريلسك نيكل”، من بين أكبر منتجي النيكل على وجه الأرض. وتقول الشركة إنها أكبر منتج لما يسمى بالنيكل من الفئة “1”، أو النيكل عالي النقاء، وهو النوع الذي يطمح إليه مصنّعو البطاريات.

وتشير البيانات إلى أنّه من التوقع أن ينمو الطلب على النيكل من الفئة “1”. وبحلول العام 2030، سيرتفع من 2.2 مليون طن حالياً إلى 3.5-4 مليون طن، ويرجع ذلك أساساً إلى نمو إنتاج السيارات الكهربائية.

وإزاء ذلك، أطلق شتشوكين منتدى “أبورجين”، الذي يضم مجموعة من النشطاء وقادة السكان الأصليين الروس، في إطار حملة لزيادة الوعي بتأثيرات نشاط “نوريلسك نيكل” على مجتمعاتهم والمطالبة بالتعويض. وبدلاً من التركيز على شركة التعدين الغامضة في القطب الشمالي، فإن المنتدى يستهدف شخصاً يحظى باهتمام الصحف الدولية، وهو الرئيس التنفيذي لشركة “تيسلا” إيلون ماسك.

والنيكل عنصر رئيس في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ما يسمح لها بتخزين المزيد من الطاقة بكلفة أقل. وتحتاج “تيسلا” ومصنّعو السيارات الكهربائية، الآخرون، إلى الكثير منه. ولكن منتدى “أبورجن” يريد من ماسك، أن يلتزم بأن شركته لن تشتري أي نيكل له علاقة بنوريلسك نيكل، حتى يقوم الملوث الروسي الضخم بتنظيف الأنهار والتجمعات المائية.

وقال العضو في المنتدى ومنسق حملة وسائل التواصل الاجتماعي، ديمتري بيريزكوف: “لا نريد الثورة الصناعية القادمة للسيارات الكهربائية والطاقة النظيفة، أن تكون على حساب حقوق الشعوب الأصلية والأراضي المحلية”.

وأضاف: “نعتقد أنه إذا تمكنت تيسلا من وضع استراتيجية وقواعد لنفسها في مجال حقوق الإنسان وحقوق الشعوب الأصلية في ما يتعلق بالنيكل، فقد تكون فرصة جيدة للتأثير في سوق النيكل بشكل عام”.

أكبر الملوثين

وحتى قبل التسرّب النفطي هذا العام، كانت “نوريلسك نيكل” واحدة من أكبر الملوثين في القطب الشمالي. وتعتبر مواقع إنتاج النيكل في شبه جزيرة “تايمير” ومصافيها في شبه جزيرة “كولا”، مصادر هائلة لتلوث الهواء الإقليمي.

وأدى تصريف المياه الملوثة من منشآت الشركة الصناعية إلى تلوث شديد بالمعادن الثقيلة في المسطحات المائية والتربة القريبة. ومع هذا، يشير شتشوكين إلى إن “السكان المحليين يطلقون على المنطقة المحيطة بمدينة نوريلسك، وهي أرض قاحلة شاسعة من الأشجار الميتة والطين، “المنطقة السامة”.

وعندما انهار خزان تخزين الديزل في محطة لتوليد الطاقة، في شركة “نوريلسك نيكل”، فقد تحولت كارثة بيئية مزمنة إلى أزمة حادة. وبحلول منتصف يونيو/حزيران، ادعت الشركة إنها أزالت 90% من الوقود المتسرب؛ ومع نهاية أكتوبر/تشرين الاول القادم، تخطط “نوريلسك نيكل”، لجمع البقية ومعالجة شواطئ الأنهار الملوثة.

ووسط ذلك، شكّك أعضاء منتدى “أبورجن” في تقييم “نوريلسك نيكل” للوضع. وفي حين أجرت الشركة “مراجعة خبراء” لتقييم تأثير التسرب على المجتمعات الأصلية المحلية، وأنشأت قسماً جديداً للتواصل مع السكان الأصليين، يعتقد النشطاء أن هذه الإجراءات مجرد خُدعة، ويقولون إن “الأصوات المحلية التي تنتقد الشركة يتم تجاهلها بشكل روتيني، ولم تستجب “نوريلسك نيكل” لطلب التعليق على هذه الادعاءات”.

وقالت بافيل سولياندزيغا، وهي عضو في المنتدى، تعيش في الولايات المتحدة: “أخشى ألّا يتم تشخيص المشكلة، وأن التسرب أكثر خطورة بكثير مما يتم تصويره لنا”. وأضافت: “سيكون هناك بالتأكيد تأثير على طريقة الحياة التقليدية، خصوصاً صيد الأسماك”.

في غضون ذلك، حذر 3 باحثين في القطب الشمالي خلال شهر يوليو/تموز الماضي، من الآثار البيئية المحتملة على نطاق واسع، بسبب تراكم السموم في الماء والتربة، التي تقول الشركة إنها نظفتها. وقال الباحثون: “على مدى أشهر وسنوات، ستتراكم هذه السموم داخل السلسلة الغذائية، بدءاً من الكائنات المجهرية، وتسبب في نهاية المطاف مشكلات للكائنات الحية الأكبر مثل الأسماك والطيور”.

رسالة مفتوحة

وإثر ذلك، أصدرت “سامي كاونسل”، وهي منظمة غير حكومية تمثل مجموعة من السكان الأصليين، الذين يعيشون في فنلندا والنرويج وروسيا والسويد، بياناً تدعم فيه دعوة منتدى “أبورجن”. وفي الوقت نفسه، تقوم منظمة “كالتشر سيرفايفال” لحقوق السكان الأصليين حالياً، بجمع التوقيعات على رسالتها المفتوحة الخاصة، التي تطلب من شركة “تيسلا”عدم الارتباط بشركة “نوريلسك نيكل”.

ووقعت أكثر من 70 منظمة في جميع أنحاء العالم، على الرسالة. وفي حال تسببت الحملة في خسارة “نوريلسك نيكل” لعقد ضخم، يعتقد مراقبون أن ذلك سيكون له تأثير ليس فقط على سياساتها، ولكن على القطاع بشكل أوسع، وقد تكون الخطوة الأولى نحو تطوير المعايير الدولية لتوريد النيكل من قبل مصادر مسؤولة.

هل استخدم الجواسيس الروس الغطاء الدبلوماسي لإدارة عملية عالمية لتهريب الكوكايين؟

مصادرة لشحنة ضخمة للمخدرات في السفارة الروسية بالأرجنتين.. محاكمة سرية.. الكرملين يكذب.. العملاء الروس يتسترون على تورط المسؤولين. ما سبق ليس سيناريو لفيلم سينمائي ولكنها تفاصيل حصلت عليها The Daily Beast، بالتعاون مع Dossier Center في لندن، ضمن وثائق للتحقيقات الروسية والأرجنتينية في عملية ضبط كوكايين لعام 2018.