مختص في الشأن التركي: تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا تأخر كثيرًا بسبب أزمة الثقة

أسبابُ عدة قادت إلى قطع العلاقات بين مصر وتركيا على مدار 12 عامًا، ولكن مؤخرًا قرر الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان طي صفحة الخلافات والبدء بمرحلة جديدة.

وعلى هذا الأساس بدأت العودة التدريجية للعلاقات منذ سنتين تقريبًا وتوجت هذه الجهود بزيارة أردوغان إلى مصر وكان في مقدمة مستقبليه السيسي.

ولكل من البلدين ظروفه وأسبابه التي دفعته للعدول عن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية، ولربما الأزمة الاقتصادية، من بين أبرز الأسباب، وحرب غزة والمخاوف من توسع رقعتها وتراجع تأثير الإسلام السياسي في المنطقة وهذا ما دفع أردوغان لإبعاد الإخوان عن تركيا لكسب ود مصر.

فهل بدأت جهود تطبيع العلاقات بين البلدين تسير على الطريق الصحيح؟، وما الذي ستغيره عودة العلاقات على المنطقة التي تقف على شفا حفرة الحرب المفتوحة؟.. هذا ما ناقشناه في حلقة اليوم من برنامج “ستديو أخبار الآن“.

سبب عودة العلاقات المصرية – التركية

وحول هذا الموضوع، قالت الأكاديمية والباحثة السياسية في الشأن الاستراتيجي، د. تمارا حداد، خلال استضافتها في برنامج “ستديو أخبار الآن“، إن: “القضية الفلسطينية تُشكل سببًا رئيسيًا لرجوع وعودة العلاقات المصرية – التركية، فكلا البلدين تعلمان جيدًا أن تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين يؤثر في سياق الأمن القومي لديهما”.

ولفتت: “واقع التهجير لن يكون فقط إلى منطقة سيناء أو أوروبا، فهناك عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين سوف يذهبون إلى تركيا”.

كيف تؤثر عودة العلاقات بين مصر وتركيا على وضع المنطقة؟

وأشارت د. تمارا حداد في معرض حديثه: “أي نقطة تهجير للشعب الفلسطيني من قطاع غزة، هذا يعني رسم شرق أوسط جديد، ومن ثم البدء في مشاريع اقتصادية تريدها إسرائيل وأيضًا الدول الغربية، وبناء قناة بن غوريون التي تبدأ من البحر الأحمر حتى البحر الأبيض المتوسط، ما ينعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي وهيئة قناة السويس الخاصة بمصر”.

وتابعت: “لهذا السبب رأت كلا من مصر وتركيا ضرورة النظر إلى وجودهما الإقليمي القوي، حيث أن الطرفين لهما توازنات سياسية، دبلوماسية، أمنية، قومية، بالإضافة إلى الوضع العسكري والأمني”.

تعزيز الثقة السياسية

ومن ناحيته، قال الصحافي والمحلل السياسي المختص في الشأن التركي، علي أسمر، خلال استضافته في برنامج “ستديو أخبار الآن“، إن: “التطبيع التركي – المصري تأخر كثيرًا عن مثيلاته في الدول الأخرى، بسبب أزمة الثقة التي ترسخت لأكثر من 10 سنوات”.

وأضاف: “زيارة أردوغان إلى مصر، تستهدف في الأساس تعزيز الثقة السياسية، حيث أنه عندما نُعزز الثقة السياسية، نجد تعاونًا بناءً على كافة الأصعدة والقطاعات”.

كما أشار المحلل السياسي المختص في الشؤون التركية إلى أن: “الزيارة شهدت توقيع اتفاقية إعادة هيكلة المجلس التركي المصري الاستراتيجي”، لافتًا: “هذا المجلس معني بمتابعة تطور العلاقات بين البلدين، سواءً الاقتصادية أو التجارية أو السياحية أو الثقافية أو الفنية”.

كيف تؤثر عودة العلاقات بين مصر وتركيا على وضع المنطقة؟

وتابع أسمر في معرض حديثه: “بعد جائحة فيروس كورونا، والحرب الروسية – الأوكرانية، أصبح التطبيع وعودة العلاقات تيارًا في الشرق الأوسط، ولذلك لا يُمكن لتركيا أن تسير ضد وعكس التيار”.

وأوضح: “كلما توحدت الرؤى السياسية في منطقة الشرق الأوسط، كلما ازدهر الاقتصاد على نحوٍ أفضل، وخففت الهيمنة الغربية والأمريكية على منطقتنا، حيث نعلم أن الغرب يتغذى على الخالافات داخل دول الشرق الأوسط.

نقاط خلافية

وحول تحول العلاقات من الخلافات إلى التطبيع، قال الكاتب الصحافي شريف عارف، خلال استضافته في “ستديو أخبار الآن“، إن: “مصر كانت لديها تحفظات كثيرة، بسبب أن تركيا كانت عمدت خلال السنوات الماضية، في إقامة منصات معادية لمصر، وكانت توجه دعايتها المسمومة إلى الشعب المصري، بتمويل من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وللأسف كل ذلك كان يجري تحت المظلة التركية”.

وأكد عارف – من جهة أخرى – أن: “العلاقات المصرية التركية، أكبر من ذلك بكثير، وأن أي حجم من التوترات يُمكن أن يتم تجاوزه من جانب مصر وتركيا، اللتان لديهما علاقات رسمية تتجاوز الـ 100 عام”.

كيف تؤثر عودة العلاقات بين مصر وتركيا على وضع المنطقة؟

ولفت: “الوضع الاقتصادي الآن يُحتم على البلدين، أن يكون بينهما نوع من العلاقات رفيعة المستوى، كما أن القضايا الرئيسية التي تواجه كلا منهما، وفي مقدمتها الحرب ضد الإرهاب، تُمثل أهمية قصوى بالنسبة لمصر وتركيا”.

وفيما يخص التعاون الاقتصادي، قال الكاتب الصحافي: “الطرفان اتفقا على أنه خلال الأشهر القليلة القادمة سيصل حجم التعاون في هذا القطاع بينهما إلى نحو 15 مليار دولار”، مشيرًا: “الطرفان تعهدا أن يصلا إلى هذا الرقم في أسرع وقتٍ ممكن”.

كما نوّه: “التعاون الاقتصادي بين مصر وتركيا، وبرغم التوترات بينهما، لم يتوقف”.

الرأي رأيكم

وحول هذا الموضوع، أجرت “أخبار الآن” استفتاءً ضمن فقرة الرأي رأيكم، وسألنا المتابعين: “هل تتوقع أن ينعكس التقارب السياسي الجديد بين مصر وتركيا على اقتصاد البلدين المتدهور؟”، وجاءت الإجابات على النحو التالي:

  • %68 قالوا: “نعم”
  • %32 قالوا: “لا”

كيف تؤثر عودة العلاقات بين مصر وتركيا على وضع المنطقة؟

وتعقيبًا على نتيجة الاستفتاء، قال الكاتب الصحافي شريف عارف: “أرى أن الأغلبية ستتفوق”.

وتابع: “أؤكد أن الدولتين (مصر وتركيا)، مؤثرتين بشكل رئيسي في منطقة الشرق الأوسط من ناحية، كما أنهما يطلان على البحر المتوسط من ناحية أخرى، وبالتالي فإن حجم التبادل التجاري يُمكن أن يتطور بين تركيا ومصر بشكل كبير”.

كما أوضح عارف: “يُمكن أن تكون هناك رؤى مشتركة في إعادة إعمار غزة على سبيل التحديد، وربما يكون لمصر وتركيا دورًا كبيرًا مشتركًا إزاء الوضع الراهن في المنطقة”.

نتائج زيارة أردوغان إلى مصر

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا مستعدة للتعاون مع مصر لإعادة بناء غزة وذلك خلال أول زيارة له للبلاد منذ عام 2012.

وعقد أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي مؤتمرا صحفيا مشتركا يوم الأربعاء في القاهرة بعد محادثات ثنائية، ليتخذا خطوة كبيرة نحو إعادة بناء العلاقات.

وقال أردوغان إن المأساة الإنسانية في غزة تصدرت جدول أعمال محادثاتهما. وأضاف “سنواصل التعاون والتضامن مع المصريين لوضع حد لسفك الدماء في غزة”، مضيفا أن تركيا عازمة على تكثيف المحادثات مع مصر على كافة المستويات من أجل إحلال السلام والاستقرار في القطاع.

كيف تؤثر عودة العلاقات بين مصر وتركيا على وضع المنطقة؟

وتعهد الرئيس أردوغان أيضًا بتعزيز التجارة مع مصر إلى 15 مليار دولار على المدى القصير، مضيفًا أن البلدين يقومان بتقييم التعاون في مجالي الطاقة والدفاع.

من جانبه قال السيسي: “أود أن أؤكد على استمرار الارتباط بين شعبينا، على مدى السنوات العشر الماضية، في حين شهدت علاقتنا التجارية والاستثمارية نموا مطردا”.

كيف تؤثر عودة العلاقات بين مصر وتركيا على وضع المنطقة؟

وعينت الدولتان سفراء بشكل متبادل العام الماضي. وقالت تركيا هذا الشهر إنها ستزود مصر بطائرات مسلحة بدون طيار.

وتحسنت العلاقات بين الرئيسين التركي والمصري، مع تقارب مصالحهما الآن في العديد من النزاعات الإقليمية بما في ذلك السودان أو قطاع غزة.

وتصافحا لأول مرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، الدولة الأخرى التي عاودت مصر التواصل معها مؤخرا.

وتحادثا أيضا غداة وقوع زلزال السادس من شباط/فبراير 2023 الذي خلف أكثر من 50 ألف قتيل في تركيا.