ما السبب الذي أدى إلى اشتعال فتيل التوتر بين الجزائر ومالي؟

عاد سفير الجزائر لدى مالي إلى باماكو بعد أكثر من أسبوعين على استدعاء الجزائر له لأسباب تتعلق بتوتر دبلوماسي بين البلدين الجارين، حسبما قال لوكالة فرانس برس مستشار لوزير خارجية مالي ومصدر قريب من السفارة الجزائرية في باماكو.

ولا يزال سفير مالي لدى الجزائر الذي استُدعي إلى بلاده في إجراء متبادل، موجودا في باماكو، لكن من المقرر أن يغادر خلال الساعات المقبلة، حسبما قال لفرانس برس مصدر دبلوماسي مالي.

كان الدبلوماسيان قد استدعيا إلى بلديهما في 22 كانون الأول/ديسمبر، بعد يومين على استدعاء الخارجية المالية سفير الجزائر في باماكو لإبلاغه احتجاجا على “أفعال غير ودية” من جانب بلاده و”تدخلها في الشؤون الداخلية” لمالي.

واستنادا إلى بيان الخارجية المالية، أخذت باماكو على الجزائر خصوصا “الاجتماعات المتكررة التي تعقد في الجزائر على أعلى المستويات دون أدنى علم أو تدخل من السلطات المالية، من جهة مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقعة” على اتفاق 2015 والتي “اختارت المعسكر الإرهابي”.

حول هذه التفاصيل قال أستاذ القانون والعلاقات الدولية إسماعيل خلف الله إن “الجزائر لا تعارض أن تقرر مالي ما تشاء”.

وأضاف: “المقاربة الجزائرية منذ البداية رفضت التدخلات العسكرية الخارجية في مالي ومن بينها عملية برخان”.

وتابع القول: “الجزائر الآن ترفض فاغنر وتدخلاتها العسكرية”.

وأكد أن “المنطقة تعيش بؤساً حقيقياً ومن يتكلم على المنطقة يأتي بالسلاح فقط”.

وشدد على أن “الجزائر ومالي ما زالت تربطهما علاقات قوية”.

خلاف بين مالي والجزائر وكلمة السر "فاغنر"

بدوره قال الصحفي المالي علي كونتا أنه “إذا كان هناك تواجد لفاغنر في مالي بهدف بسط السيطرة على كامل التراب المالي فإن مالي لها الحق في التعامل مع الشيطان من أجل استرداد سيادتها”.

وأضاف: “حصلنا على معدات حربية مختلفة عن السابق والجيش يحتاج إلى مدربين”.

وأكد: “الآن التغير الحقيقي الذي يعرفه الجيش المالي هو إعادة بناء نفسه”.

وتابع القول: “نحن جيران مع الجزائر وعلاقتنا تاريخية ومتينة وبدأت منذ استقلال دولنا”.

والجزائر هي الدولة الرئيسية التي تتوسط لعودة السلام إلى شمال مالي بعد “اتفاق الجزائر” الذي وقّع في 2015 بين الحكومة المالية وجماعات مسلحة يغلب عليها الطوارق.

لكن هذا الاتفاق يترنح منذ نهاية آب/أغسطس حين استأنفت هذه الجماعات المسلحة عملياتها العسكرية ضد الجيش المالي في شمال البلاد بعد ثماني سنوات من الهدوء.

ردا على ذلك، استدعت الخارجية الجزائرية سفير مالي لدى الجزائر.

وذكّر وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف السفير المالي بأن كل “المساهمات التاريخية للجزائر في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي كانت مبنية بصفة دائمة على ثلاثة مبادئ أساسية لم تَحِدْ ولن تحيد عنها بلادنا”، حسب بيان للخارجية الجزائرية.

وشدد البيان على “تمسك الجزائر الراسخ بسيادة جمهورية مالي، وبوحدتها الوطنية وسلامة أراضيها”. كذلك، أكد “القناعة العميقة بأن السبل السلمية، دون سواها، هي وحدها الكفيلة بضمان السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي بشكل ثابت ودائم ومستدام”.

وجاء في البيان أيضا أن “المصالحة الوطنية، وليس الانقسامات والشقاقات المتكررة بين الإخوة والأشقاء، تظل الوسيلة المثلى التي من شأنها تمكين دولة مالي من الانخراط في مسار شامل وجامع لجميع أبنائها دون أي تمييز أو تفضيل أو إقصاء”.