الغزو الروسي لأوكرانيا..دمار وخراب وتهجير

  • حجم الدمار كبير في مدينة كييف وتنتشر الحواجز بكثرة
  • الوضع الإنساني ليس جيداً “هناك ما يكفي من الغذاء” لأنّ كييف ليست محاصرة من قبل الروس
  • شابتان أوكرانيتان أطلقتا مبادرة “متّحدون من أجل أوكرانيا”

 

يستمر الهجوم الروسي غير المبرر على أوكرانيا وسط انتقادات وعقوبات أمريكية غربية ودعوات لوقف الغزو، التعنت الروسي يقابله عقوبات اقتصادية وسياسية وصفت بالقاسية فرضت من أمريكا والاتحاد الأوروبي وكندا واستراليا واليابان ودول أخرى ، لكن الوضع الإنساني في أوكرانيا شئ للغاية خاصة في مدينة ماريوبول التي تحاصرها القوات الروسية منذ أيام.

و أفاد موفد “أخبار الآن” إلى أوكرانيا هارالد دورنبس بأن حجم الدمار كبير في مدينة كييف حيث تنتشر الحواجز بكثرة، فالسكان يخشون دخول الدبابات الروسية إلى المدينة، حيث لا يمكن التصوير، فذلك مستحيل في الوقت الراهن لأنّه في حال سار أيّ كان على الطريق، يعامل على أنّه جاسوس روسي، وبالتالي تلاحقه الشرطة التي تقوم بالتحقّق من أوراقه وربّما اعتقاله. الناس غادرت كييف وهم خائفون من الحرب، ولا يصدّقون ما يحدث لهم، إنّه وضع غريب ومخيف”.

وشدّد موفد “أخبار الآن” على أنّ “الوضع الإنساني ليس جيداً، لكن مازال يوجد ما يكفي من الغذاء لأنّ كييف ليست محاصرة من قبل الروس من كلّ الجهات، إنّما فقط من الجهة الشمالية، لذا ما زال من الممكن إيصال المواد الغذائية إلى العاصمة من بعض المناطق الأوكرانية، فالمتاجر لا تزال مفتوحة والسوبرماركت يوجد فيها مواد غذائية وبضائع، لكن أعتقد أنّها مسألة وقت فقط، لكنّ كلّما طالت الحرب كلّما قلّت كمية الغذاء التي يمكن الحصول عليها، فذلك الموضوع بالطبع سيشكل مشكلة”.

مليون لاجىء منذ بدء الغزو

وعن كيفية التنقل من منطقة إلى أخرى في ظلّ الوضع الأمني المتردّي، قال: “نحن نستعمل سيارة للتنقل مع العلم أنّ بعض وسائل النقل العامة ما زالت تعمل، وقد تفاجأت عندما رأيت حافلة في الطريق على الرغم من القصف وأصوات الإنذارات بحصول غارات جوية، وعندها تسمع أصوات الصراخ في المدينة، تلك تكون إشارة على احتمال حدوث قصف، فيتوجه السكان إلى الملاجىء، وتلك الملاجىء تكون في غالب الأحيان محطّات المترو في كييف تحت الأرض، وإحدى المحطات قد يصل عمقها إلى مئة متر، وهي أعمق محطة في العالم ومناسبة جدّاً للوضع الحالي. كما أنّ السكان ما زالوا يتنقلون بالمترو لأنّه آمن. إذاً يمكنك التنقل بالسيارة وسترى الحواجز كما أخبرتك وسترى الناس يحفرون الخنادق بالمجارف في الحدائق العامة، إنّهم يتخذون كلّ المواقف الدفاعية لوقف التوغل الروسي المحتمل في المدينة”.

وتابع: “في أوّل أسبوع من الحرب غادر أوكرانيا مليون أوكراني، وبالتالي أصبح يوجد مليون لاجىء، لكن هؤلاء بالدرجة الأولى كانوا من النساء والأولاد، فالرجال قاموا بايصال النساء إلى أماكن آمنة وعادوا بالسيارات ذاتها إلى كييف أو إلى الصفوف الأمامية، وتسلّحوا مع العلم أنّ أسلحتهم ليست متطوّرة، فعلى نقاط التفتيش أرى العديد من الرجال يحملون بنادق صيد للدفاع عن قراهم، هناك الكثير الكثير من نقاط التفتيش والمتاريس على الطرقات، لذلك سيكون صعباً جدّاً على الجيش الروسي التقدّم لأنّ كلّ الرجال باقون ومستعدون للقتال حتى النهاية”.

وعن الصعوبة التي يواجهها الأوكرانيون في مغادرة أماكن الخطر، قال هارالد إنّه “من الصعب جدّاً المغادرة بشكل سلس لأنّه أوّلاً لا يوجد عدد كافٍ من السيارات أو القطارات أو وسائل نقل، وفي المقابل أعداد الناس كبيرة جدّاً، فالوضع صعب جدّاً على الناس… إنّ أوكرانيا هي من أكبر البلدان الأوروبية بعد روسيا، فعدد سكانها يساوي عدد سكان الإمارات المتحدة والسعودية معاً، ويبلغ 43 مليون نسمة، ومن حيث المساحة هي أكبر من فرنسا، إذاً بلد كبير جدّاً وعدد سكانه كبير أيضاً، لقد غادر مليون شخص في الأسبوع الأوّل، وإذاً تذكرنا كارثة اللاجئين السوريين في أوروبا العام 2015، كنا نتحدث حينها عن نزوح مليون شخص على مدى سنة كاملة، أمّا الآن فقد وصلنا إلى المليون في أسبوع واحد، مليون اوكراني نزحوا إلى البلدان المجاورة”.

وأضاف: “ما رأيته هنا هو أنّه مازال هناك عدد كبير من السكان في طريقهم إلى الحدود، مئات الآلاف أو ملاييين الأشخاص، بينهن النساء والأولاد، يحاولون الوصول إلى البلدان المجاورة كبولندا أو هنغاريا”.

 

“متحدون من أجل أوكرانيا”

بادرت شابتان أوكرانيتان تقيمان في الخارج مع عدد من مواطنيهم وأصدقائهم في بلدان الاغتراب إلى إطلاق مبادرة “متّحدون من أجل أوكرانيا” وذلك لجمع المساعدات وتقديم الدعم على أنواعه لكلّ من شرّدتهم الحرب وهجّرتهم عبر الحدود الأوكرانيّة.

تواصلت أخبار الآن مع أولغا ونينا للوقوف على ما يمكن لمبادرتهما أن تقدمه لمن هم بحاجة وفي المقابل لمساعدتهما على حشد الدعم المادي وغير المادي لمواجهة تدهور الأوضاع الإنسانيّة في أوكرانيا. فأي نوع من المساعدة يمكن لمبادرة “متحدون من أجل أوكرانيا” أن تقدّمه للهاربين من نيران الحرب؟ وكيف يمكن دعمها من قبل الراغبين بالمساعدة؟

تتحدّث أولغا عن مشروعها ومشروع صديقتها نينا فقد تمّ إطلاق مبادرة “متحدون من أجل أوكرانيا” “من قبل مجموعة من الأصدقاء والزملاء والأشخاص في الخارج، وخصوصاً من الأوكرانيين في اليوم نفسه الذي اندلعت فيه الحرب. اجتمعنا لنفكّر في كيفية تقديم الدعم وماذا يمكننا أن نفعل، حاولنا أولاً فهم المشكلات الأكثر إلحاحًا وبدأنا على الفور في تطوير موقع على الإنترنت من شأنه أن يساعد اللاجئين كما يوفّر المعلومات لجميع المهتمين بكيفية المشاركة في المهمّة ومساعدة الأوكرانيين على الأرض والذين يهربون من البلاد، بالإضافة إلى تقديم الدعم القانوني لأولئك الذين يدخلون دولاً أخرى”.

وتضيف نينا “استغرقنا ذلك بضعة أيام وقد تمكنا أخيراً من إنشاء منصّة ترحّب بكل المبادرات التي تحدث حاليًا في أوكرانيا للإنضمام إلينا وذلك بهدف رئيسي واحد وهو مساعدة الأشخاص الذين يبحثون الآن عن المساعدة. لدينا حالياً أكثر من 100 متطوع يعملون طوال الـ 24 ساعة لدعم الأوكرانيين على الأرض، كما نتعاون مع العديد من الشركاء في 15 دولة. وطبعاً ضمن هذه الشراكة، نعمل عن كثب مع المؤسسات الحكومية ومع شركات كبرى من تلك التي لديها القدرة على مساعدتنا في إدارة مثل هذا الجهد الكبير وكذلك العمل بسرعة وفعالية. وفي ما يتعلق بالدعم القانوني الذي نحتاجه كثيرًا مع انتقال اللاجئين إلى دول جديدة لدينا 66 محامياً يدعموننا في مختلف الاتجاهات، ونحن نقدّر أي شراكة وأي فرصة يمكننا من خلالها مساعدة هؤلاء الآلاف الذين ما زالوا يقفون في الطوابير عند الحدود”.

مساعدات لوجستيّة وإنسانيّة

بحسب نينا فإن الجمهور المستهدف من المبادرة “هم أولاً الأشخاص الذين يقفون في صفوف الانتظار على الحدود وقد عبروا بالفعل وهم يبحثون الآن عن منزل جديد حيث يمكنهم البقاء لفترة من الوقت بينما يدركون ما يجب فعله بعد ذلك. ثانياً تقديم الدعم القانوني لهم لمساعدتهم في التواصل والترجمة، فالكثير من هؤلاء الأشخاص لا يتحدثون للأسف لغات البلدان التي يصلون إليها ولدينا الكثير من المتطوعين الذين يجتمعون بهم ويساعدونهم في الترجمة والتعرف على الأشخاص المناسبين. كما نقدم لهم الدعم الطبي والإنساني وبالطبع أكثر ما ندفع باتجاهه حالياً هو الحصول على التبرعات لأن بلدنا بحاجة إلى الدعم”.

وأضافت “نحن لا نحتاج إلى المال فقط من أجل جيشنا لأننا بحاجة إلى الكثير من الإمدادات لمساعدة من هم داخل المدينة كي يتمكنوا من الصمود إذ ليس من فرصة متاحة لهم للحصول على أهم الأشياء مثل المعدات الطبيّة وما إلى ذلك”.