ما الذي يجعل الصحافي بالتحديد مراسلاً ميدانياً ناجحاً؟

يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال الإضاءة على ٤ نقاط:
النقطة الاولى: على المراسل ان يكون محايداً وموضوعياً، وبالتالي الصحافي صاحب الرأي والذي لا يستطيع ان يغلّب عمله على عاطفته او توجهاته السياسية، لا ينفع ان يكون مراسلاً ميدانياً ناجحاً.

النقطة الثانية: على الصحافي ان يحسن نقل ما يدور حوله للناس بحرفية وأسلوب واضح، وبسرعة انما من دون تسرع، أي يجب عليه تحري دقة المعلومة لأقصى الدرجات ومن مصادر مختلفة. أي ان الصحافي الذي يتكل على مصدر واحد او يقرر ان يروّج لرواية اخدها من مرجع او محلل على انها الحقيقة المطلقة، لا يمكن ان يكون مراسلاً ميدانياً ناجحاً.

النقطة الثالثة: الصحافي الموجود في الميدان يجب أن يضع المشاهد في قلب الحدث ويخبره ما يحدث لحظة بلحظة، انما طبعاً مع مراعاة قواعد الصحافة الاساسية. بكلام آخر، الصحافي الذي يقرر من مكان الحدث ان يتكلم فقط عن تحليله لما يحصل حوله او عن انعكاسات هذا الحدث المتوقعة في المستقبل، لا ينفع ان يكون مراسلاً ميدانياً ناجحاً.

النقطة الرابعة: مطلوب ايضاً من المراسل نقل نبض الناس في مكان وجوده، انما طبعاً من دون تأجيج مشاكل او توترات معينة، وهناك خيط رفيع جداً بين نقل ما يدور في الشارع بموضوعية، وصب الزيت على النار. اما إذا كان هم الصحافي الوحيد ان تتحول تغطيته الى مادة تنتشر بسرعة كبيرة على مواقع التواصل ولو كانت تتسبب باحتقان او انطلاق شرارة جديدة، فهذا الشخص لا ينفع ان يكون مراسلاً ميدانياً ناجحاً.

ما هي المؤهلات المطلوبة في الجانب العملي من المراسل الميداني، لينجح بعمله؟

عملياً، هناك ٤ أمور أيضاً مطلوبة من المراسل الميداني:
١-حسن التحدث للكاميرا
*التخطيط المسبق لما ستقوله من البداية حتى النهاية
*عدم الارتباك او اظهار الخوف مهما حصل من حولك
*الانتباه الى صياغة الجمل في شكل سليم وتفادي الأخطاء اللغوية
*المواظبة على تمارين النطق
٢-المام بتقنيات المونتاج
أسهمت الهواتف الذكية من خلال تطبيقات عدة متوفرة في المتاجر الالكترونية في جعل تقنيات المونتاج متاحة لكل من يرغب من دون مجهود كبير او دراسة جامعية
٣-حد أدنى من القدرة على مراقبة جودة الصوت
الصوت عنصر أساسي جداً يضمن نجاح التغطية لذا على المراسل الميداني ان يحرص على جودة الصوت سواء كان صوته هو او صوت الضيف الذي يقابله
٤-خبرة في التصوير باستعمال كاميرا الهاتف
قد يكون المراسل الميداني وحده على الأرض لذا عليه ان يكون قادراً على تولي مسؤولية التصوير الى جانب اعداد المادة الخبرية

كيف يستطيع المراسل الميداني أن يطوّر نفسه ويحافظ على نجاحه؟

الجواب هنا أيضاً يمكن تلخيصه في ٤ نقاط:
النقطة الاولى: متابعة عمل الآخرين، يجب ان يطّلع المراسل الميداني على التحقيقات والتقارير التي يقدمها زملاؤه في مؤسسات إعلامية أخرى إذا كانوا يغطون الموضوع نفسه الذي يعمل هو عليه، هذا الامر ليس من باب مقارنة عمله بعمل الاخرين، انما ليعرف كيف يقيّم عمله بموضوعية، من دون ان يتأثر فقط بالتعليقات السلبية او الايجابية التي يقرأها على مواقع التواصل الاجتماعي او عبارات التشجيع التي يتلقاها من اهله او اصدقائه.

النقطة الثانية: النقد الذاتي. كما على المراسل الميداني ان يشاهد ويتابع عمل الاخرين، عليه ايضاً ان يشاهد بعد عودته الى منزله او الى الفندق إذا كان في منطقة بعيدة او خارج البلاد، التقرير الذي انجزه او التغطية التي قدمها وينتبه اين وقع بأخطاء لغوية او هفوات غير مقصودة في المضمون ربما، او ان يمكن ان يكون خانه التعبير في حال كان في نقل مباشر. إذا كان قادراً على الدوام ان ينتقد نفسه بهدف التصحيح وتفادي الاخطاء وليس لتدمير الذات طبعاً، يضمن عندها استمرار نجاحه.

النقطة الثالثة: الاطلاع الدائم. مهما كانت ظروف العمل الميداني صعبة ومتعبة، بات في متناول المراسل الميداني في هذه الايام أداة مهمة جداً لم تكن موجودة قبل عشرين سنة، وهي الهاتف الذكي الذي يسمح له بان يعرف من خلال الاتصال بشبكة الانترنت كل ما يحدث في أي مكان في العالم وان يقرأ أي تحليل كتب ويشاهد أي فيديو انتشر. الاطلاع امر ضروري جداً حتى يوسّع المراسل الميداني نظرته للموضوع الذي يغطّيه ويعرف تفاصيل معينة ممكن ان تكون مفيدة له لمواصلة تغطيته الحالية او قد تكون مفيدة في تغطياته المستقبلية.

النقطة الرابعة: متابعة دورات تدريبية في مجال العمل الميداني للمراسل وتحديداً دورات الكترونية، لأنه من الممكن من خلالها ان يستفيد كثيراً من دون ان يخسر وقتاً بالتنقل من مكان لآخر، وطبعاً الفضاء الالكتروني يمكن ان يفتح له مجال المشاركة في دورات يشرف عليها صحافيون معروفون او مُدَرّبون مختصون من دول اجنبية.