حكومة السوداني بين الترحيب الدولي والمخاوف الداخلية
في عشرين دقيقة
حكومة السوداني بين الترحيب الدولي والمخاوف الداخلية
/

حكومة السوداني بين الترحيب الدولي والمخاوف الداخلية

شاهو القره داغي

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة نجح العراق في تجاوز الانسداد السياسي الذي إستمر أكثر من عام عن طريق تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، وبالرغم من الترحيب الإقليمي والدعم الدولي للحكومة الجديدة، ...

تابعوا البرنامج على تطبيقات البودكاست

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة

 

نجح العراق في تجاوز الانسداد السياسي الذي إستمر أكثر من عام عن طريق تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، وبالرغم من الترحيب الإقليمي والدعم الدولي للحكومة الجديدة، إلا أن هناك مخاوف وشكوك داخلية من قبل العراقيين حول قدرة السوداني على تنفيذ برنامجه الوزاري ومعالجة المشاكل والأزمات التي يعاني منها العراقيون، وخاصة فيما يتعلق بمسائل مكافحة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة وتحقيق السيادة ووقف التدخلات الخارجية.

 

إعداد وتقديم: شاهو القره داغي
ضيف الحلقة الباحث والمحلل السياسي العراقي كاظم ياور.

نص الحلقة :

شاهو : " حكومة السوداني بين الترحيب الدولي والمخاوف الداخلية

إستلم محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة العراقية الجديدة بعد 3 أشهر من ترشيحه من قبل الإطار التنسيقي لتولي هذا المنصب، حيث نجح الإطار التنسيقي في تمرير مرشحهم عبر البرلمان العراقي، وسط ترحيب إقليمي وتأكيدات دولية على الاستعداد للعمل مع السوداني خلال المرحلة القادمة، مقابل قلق وشكوك داخلي من قدرة السوداني على تنفيذ وعوده وتعهداته ضمن البرنامج الوزاري وقدرته على مواجهة التدخلات الحزبية والميليشياوية التي تعمل على السيطرة على الدولة والمؤسسات الامنية والاستحواذ على المناصب والمكاسب خلال الفترة القادمة.

مرحبا بكم في حلقة جديدة من بودكاست في عشرين دقيقة نتحدث فيها عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة و الشكوك والقلق الشعبي حول مستقبل أداء الحكومة وخاصة في ظل اختيار شخصيات ميليشياوية ومُجربة للمناصب والوزارات الحكومية.

حصلت الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني على ثقة البرلمان بالغالبية المطلقة، وتتكون الحكومة الجديدة من 12 وزيراً شيعيا، وستة وزراء من السنة، ووزيرين كرديين، ووزيرة واحدة للأقليات، فيما لاتزال وزارتان قيد التفاوض بسبب خلافات الجانب الكردي.
وقال رئيس الوزراء الجديد " سيتصدى فريقنا الوزاري للمسؤولية في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم تحولات وصراعات سياسية واقتصادية كبيرة ، مما يضيف تحديات جديدة على بلدنا الذي يعاني أساسا من أزمات متراكمة كان لها أشد الأثر الاقتصادي والاجتماعي والإنساني والبيئي"
واحتوى البرنامج الوزاري للحكومة الجديدة نقاطاً عديدة أهمها: بناء أدوات فعالة لمحاربة الفساد خلال مدة أقصاها 90 يوما من تاريخ تشكيل الحكومة، ومعالجة الفقر والبطالة، والإسراع في إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش الارهابي ، والانتهاء من ملف النازحين وتحسين الخدمات الصحية للمواطنين.
إضافة إلى الحديث عن إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت ومعالجة الفراغات الامنية في المناطق الادارية بين اقليم كردستان وباقي مناطق العراق.
وقد حظيت الحكومة الجديدة بتأييد وترحيب إقليمي ودولي، وكان من أبرز الداعمين للحكومة الجديدة طهران وواشنطن، حيث كان السفير الايراني في العراق أول المهنئين الذي كتب على تويتر : نبارك التصويت على الحكومة العراقية والخروج من الانسداد السياسي الذي دام لعام كامل، متمنياً " التوفيق والنجاح في خدمة الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته"
وأضاف" أن إيران كانت وستبقى داعمة لمسار الديمقراطية في العراق، وتمد يد الاخوة للحكومة نحو تعزيز العلاقة الاستراتيجية خدمة للمصالح العليا بين البلدين الجارين"
بينما بعث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي رسالة تهنئة إلى السوداني لتوليه المنصب وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة .
أما السفيرة الامريكية في العراق فقد هنأت رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني وقالت في بيان" نتطلع قدماً للعمل مع الحكومة العراقية الجديدة لتعزيز أهدافنا المشتركة خلال هذه المرحلة المحورية للعراق وشعبه، وشراكتنا متجذرة في الرغبة المتبادلة لرؤية عراق ديمقراطي يتمتع بالسيادة والأمان والاستقرار"
بينما أكد المتحدث باسم الخارجية الامريكية عن ترحيب واشنطن بإلتزام رئيس الوزراء بوضع الأسلحة تحت سيطرة مؤسسات الدولة الرسمية والشرعية وأن الشعب العراقي يستحق فرصة إقتصادية ووضع حد للفساد وتحسين الخدمات.
وعلى الرغم من الترحيب الدولي والإقليمي بالحكومة الجديدة وتعليق الآمال في نجاحها لأخذ العراق نحو بر الأمان ومواجهة المشاكل والازمات التي تواجه العراقيين، إلا ان المواطنين في العراق تابعوا عملية منح الثقة للحكومة الجديدة بنوع من القلق مع مشاعر اليأس من التغيير، وخاصة في ظل وجود شخصيات متورطة في الفساد وإدارة الميليشيات أثناء التصويت على الحكومة الجديدة، إضافة إلى المعلومات التي أكدت وجود مزاد لبيع المناصب والوزارات ووصول سعر وزارة الدفاع على سبيل المثال إلى أكثر من 70 مليون دولار، ما يعني عودة الفاسدين إلى المشهد السياسي والأمني من جديد والذي سيؤدي إلى ترك آثار سلبية على مستقبل البلاد.

وللمزيد حول هذا الموضوع نتحدث مع الباحث والمحلل السياسي العراقي كاظم ياور، ونسأله أولا:
ما أسباب الترحيب الإقليمي والدولي بحكومة السيد محمد شياع السوداني على الرغم من أن الأحزاب التي دعمت السوداني هي التي حكمت سابقا واخذت العراق نحو مزيد من التفكك والانهيار والعزلة الدولية ؟ "

كاظم ياور : " بالنسبة للترحيب الاقليمي والدولي لحكومة السيد محمد شياع السوداني أرى أن هذا الأمر قد تم أو تسير بمسارين اثنين ، المسار الأول : الترحيب الاقليمي والدولي تأتي للحكومة القادمة حكومة محمد شياع السوداني كون أن العراق اصبح مرهون لمصالح اقليمية ومصالح دولية وكأن القاعدة التي تسري في العراق عندما يحرر أرض عراقية من قبل قوات أمنية عراقية بمشاركة ربما اتجاهات سياسية قي هكذا أمور بعدها يقال بما أنني حررت الأرض سوف امسك بالأرض فكذلك الاتجاه الاقليمي والدولي مع الأسف الشديد كأنهم يقولون أننا شاركنا في ازاحة النظام السابق وكذلك تحرير العراق من من جماعات ارهابية كداعش وغير داعش فالعراق أصبح مصالح تلك الدول ، أصبح لابد من تطبيقها وتنفيذها لهم بعيد عن تحقيق مصالح ابناء الشعب العراقي في هذه المجال والمسار الثاني وهو : ليس براجح الأول ، أرجح من المسار الثاني ولكن هناك بعض التوجهات السياسية من قبل دول يعني يريد بأن يسير عملية سياسية الى بر الأمان او الى منطقة أخرى بحيث انه سوف يقوم محمد شياع السوداني اذا صح التعبير بانقلاب ابيض على الكتل السياسية والاحزاب السياسية انما يعبر بحكومته الي تلك المنطقة ، سوف ينقلب على الكتل السياسية في البرلمان العراقي ويتجه باتجاه ، رسم سياسات وطنية وعودة الى احضان الشعب العراقي ويقترب من الشعب العراقي عن طريق اتخاذ قرارات حكومية جريئة ، وطنية من شأنها تكون مرضية للشعب العراقي ولأطراف دولية لأن المراد منه في هذه المرحلة دعم الديموقراطية والشفافية واعادة الثقة للشعب العراقي بالعملية السياسية ، فهذه تعتبر نقطة جوهرية اذا قام به السيد محمد شياع السوداني "

 

شاهو : "وهل يمكن للسيد السوداني تنفيذ برنامجه الوزاري الذي فيه نقاط ايجابية كثيرة دون الخضوع للإرادات السياسية والضغوطات الحزبية التي تعمل على ترسيخ اللادولة واضعاف الدولة على حساب المواطنين ؟

كاظم ياور : " طبعا البرنامج كما ان توليفة الوزارية هي حزبية ومحاصاصاتية بامتياز فكذلك البرنامج جاءت فيه طموح ومطالب حزبية بدرجة كبيرة وان تخلل في بعض جوانبها ربما يضاء لبعض الأحزاب السياسية كتيار الصدري من حيث تحديد سنة واحدة من أجل اجراء انتخابات مبكرة في العراق ، أرى ان هذه يعني تحديد سنة وكذلك بالتواصل والانفتاح على الولايات المتحدة الامريكية وتجديد العلاقة كل هذه النقاط تعتبر يعني حصول على مساندة دولية وكذلك عدم ان يكون هناك في الشارع مشاكل ، مظاهرات واعتصامات من قبل التيار الصدري والتشرينيين فهذه النقاط وضعت لكي تتقوى بها الحكومة ثم بعد ذلك يقومون بتنفيذ سياساتهم الحزبية الضيقة من حيث الحصول على مكاسب وثروات كبيرة في العراق حيث الكل يعلم هناك احتياطي في البنك المركزي العراقي ، كذلك يعني أسعار النفط وقيمة الدولار لم يرجع الى عهده السابق فكل هذه مدعاة أن يتقوى الأحزاب السياسية وينفذوا برامجهم الحزبية وليست الشعبية أو الوطنية اذا هذه النقاط لا يمكن تنفيذها أو البرنامج الحكومي بما فيه لصالح المواطن العراقي لا يمكن تنفيذه بل هي مناورات سياسية من أجل البقاء في السلطة لمدة أطول "

شاهو : " وأخيرا لماذا هناك مشاعر اليأس والإحباط لدى شرائح كثيرة من المواطنين العراقيين تجاه حكومة السيد السوداني الجديدة رغم أنه مازال في بداية عمله ؟ "

كاظم ياور : " نعم الإحباط واضح جدا من خلال أن الحكومة العراقية قد جاءت خاصة حكومة الكاظمي عندما أتت ، أتت على أعقاب الثورة الشعبية مطالبة بإنهاء المحاصصة السياسية والحزبية المقيتة وتغيير الوجوه ، كل هذا الذي لم يحصل لا في حكومة الكاظمي ولا في حكومة السيد السوداني بل جاءت بأسوء حالاتها من المحاصصة الطائفية والحزبية واعادة الوجوه القديمة مرة أخرى وبرامج سياسية حزبية تم اعادتها وفرضها على الشعب العراقي ولا توجد أي تغييرات في مسارات سياسية أو اقتصادية أو حتى أمنية والتي يشتكي منها المواطن العراقي والمكونات العراقية بكافة يعني انواعها ، هم يشتكون من الحالة السايسية والحالة الأمنية والحالة الاقتصادية سببها المحاصصة السياسية وكذلك المحاصصة الطائفية في العراق ولم تأتي حكومة السيد السوداني بأي تغيير في هذا الجانب فبما أنه نحن كعراقيين والشعب العراقي قد جرب هذه المسار منذ ١٩ سنة ولم تنتج الا الخراب وتهجير العراقيين سواء في داخل العراق أو في خارج العراق وحرمان أبناء الشعب العراقي من ثرواتهم و ظهور فساد كبير جدا وآخرها فساد القرن بسرقة واختلاس 2,8 مليار دولار من البنك المركزي العراقي أو من الضرائب في وزارة المالية ، فكل هذه مدعاة الى أن يكون التشاؤم واليأس من حكومة السوداني قائمة لدي نفوس الشعب العراقي "

 

شاهو : " يبدو واضحا أن الترحيب الإقليمي والدولي وتوفر الايرادات المالية وغياب المشاكل الأمنية وهدوء الشارع العراقي جميعها تُشكل فرصة ثمينة للحكومة الجديدة ورئيسها محمد شياع السوداني حتى تؤكد صدق النوايا وتعمل على تنفيذ البرنامج الوزاري وعلى إعادة بناء الثقة بين العراقيين والنظام السياسي عن طريق رفض الخضوع للإملاءات السياسية والحزبية والأجندة الخارجية ، ومن المؤكد أن الحكومة في حال القيام بهذه الاجراءات سوف تحظى بدعم شعبي إضافة إلى الدعم الإقليمي والدولي ما يُساهم في تقوية الدولة العراقية و يؤثر ايجابيا على أداء الحكومة وإعادة بناء المؤسسات بصورة سليمة تعمل في الأساس على خدمة العراقيين ولا تخضع للأجندة والمصالح الحزبية .

أما في حال الخروج عن هذا المسار والخضوع للأطراف السياسية والمليشياوية والفصائل المسلحة والعودة إلى تثبيت بنيان المحاصصة التي مزقت وأضعفت العراق خلال السنوات الماضية، فإن الحكومة سوف تفشل من البداية وتعطي اشارات سلبية للمواطنين والداعمين للحكومة الجديدة ، ولن تستطيع أن تنفذ الوعود التي أطلقتها منذ اليوم الأول لتولي الحكومة ، وهذا السيناريو قد يعني عودة تفعيل الحراك الشعبي والمظاهرات والاحتجاجات الشعبية ، إضافة إلى إمكانية تحرك التيار الصدري الذي يبدو أنه منح فرصة للإطار لتشكيل الحكومة و يختار متابعة أداء رئيس الوزراء الجديد خلال الفترة القادمة لتقييمه لاحقا واتخاذ الخطوات اللازمة في التعامل مع الحكومة الجديدة .

مر العراق خلال السنوات العديدة بالكثير من المشاكل نتيجة لتجذر الفساد والسياسات الإقصائية والتعامل مع الدولة بعقلية ميليشياوية وحزبية ضيقة، ويتحمل الأطراف الشيعية الرئيسية وأبرزها حزب الدعوة الإسلامي مسؤولية الكثير من هذه المشاكل والأزمات نتيجة لتصدر المشهد السياسي والسيطرة وإدارة الدولة بصورة خاطئة، واليوم يعود الحزب إلى السلطة عن طريق محمد شياع السوداني ودعم المالكي الكبير و الواضح له للوصول الى هذا المنصب، وبالنظر إلى التسريبات الصوتية الاخيرة للمالكي، يبدو أنه لم يتراجع أو يندم عن أفكاره وسياساته السابقة، ومازال يفكر بعقلية إقصاء خصومه ومعاقبتهم وملاحقتهم والسيطرة على كل مفاصل الدولة واستنزاف الاقتصاد الوطني والسيطرة على الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحساسة وإعادة العراق إلى دائرة العنف والفوضى.

من الضروري على الأطراف السياسية إدراك أهمية التغيير والاستجابة لمطالب المواطنين وعدم التعويل على الهدوء الذي يمر فيه الشارع العراقي والذي يترقب أداء وفعالية الحكومة الجديدة ومدى جدية الأحزاب السياسية لإجراء التغييرات الضرورية والتلبية للحد الأدنى لمطالب واحتياجات المواطنين، وفي حال الفشل من تحقيق هذه النقاط فإن الحراك الشعبي قد يعود مجدداً لتكرار مطالب تظاهرات تشرين والإصرار على تحقيقه على أرض الواقع لبناء دولة قوية وإعادة الوطن وضمان حقوق الأجيال العراقية القادمة.

على الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني ان تدرك جيدا ان الدعم الرئيسي والحقيقي هو دعم العراقيين و الشعب العراقي، ولا يمكن التعويل على دعم وتأييد الأطراف و الاحزاب السياسية التي من الممكن ان تتخلى عن رئيس الحكومة في اي لحظة اذا شعرت أن مصالحها تتعرض للخطر كما فعلت مع رئيس الوزراء الاسبق عادل عبد المهدي، ومن الممكن للحكومة الجديدة وبناءً على الكثير من فرص النجاح لهذه الحكومة في مهمتها أن تقدم نموذجا مختلفا للإدارة والحكم وتعيد اكتساب ثقة العراقيين وتمهد لبناء رموز وطنية قادرة على إدارة البلاد خلال الفترة القادمة.

الى هنا ننتهي من حلقة هذا الاسبوع من بودكاست في عشرين دقيقة تحدثنا فيها عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة والدعم الاقليمي والدولي لمهمة هذه الحكومة مقابل وجود مشاعر من الإحباط واليأس والتشكيك لدى العراقيين في قدرة هذه الحكومة على تحقيق مطالب المواطنين ومواجهة مصالح الأحزاب السياسية والأجندة الخارجية .

شكرا لكم لحسن الاستماع والى اللقاء في الحلقات القادمة .


قائمة الحلقات