مجلس الأمن الدولي ينهي مهمة بعثة الأمم المتحدة في مالي

  • خطر كبير من تحوّل مالي مجدداً إلى قاعدة خلفية للجماعات الإرهابية

أنهى مجلس الأمن الدولي مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي، وهو الأمر الذي سبق أن طالبت به باماكو، على أن تتم العملية خلال ستة أشهر.

والقرار الذي صدر بإجماع أعضاء المجلس، الجمعة، ينص على إنهاء مهمة البعثة في مالي “اعتبارا من 30 يونيو” ووقف أنشطة جنود حفظ السلام اعتبارا من يوليو تمهيدا لتنظيم عودة هؤلاء “بحلول 31 ديسمبر”.

وفي هذا السياق قالت الولايات المتحدة إنها قلقة من أنشطة مجموعة فاغنر الروسية المزعزعة للاستقرار في أفريقيا، متهمة يفغيني بريغوجين قائد المرتزقة بالمساعدة في رحيل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من مالي.

كيف ساهمت فاغنر في رحيل قوات حفظ السلام من مالي؟

قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي للصحفيين إن الولايات المتحدة لديها معلومات تشير إلى أن الحكومة الانتقالية في مالي دفعت أكثر من 200 مليون دولار لشركة فاغنر منذ أواخر عام 2021.

وأوضح كيربي أن زعيم المرتزقة يفغيني بريغوزين ساعد في هندسة رحيل قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والمعروفة باسم مينوسما ، “لتعزيز مصالح فاغنر”.

وأضاف المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي: “نعلم أن كبار المسؤولين الماليين عملوا مباشرة مع موظفي بريغوزين لإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بأن مالي ألغت الموافقة على بعثة مينوسما”.

كيف ساهمت فاغنر في رحيل قوات حفظ السلام من مالي؟

انسحاب من دون تأخير

طلب وزير الخارجية المالي أمام مجلس الأمن الدولي “انسحابا من دون تأخير” لبعثة الأمم المتحدة في بلاده (مينوسما)، منددا بـ”إخفاقها” في التعامل مع التحدي الأمني.

وقال عبدالله ديوب أمام أعضاء المجلس قبل أسبوعين تقريبا،  في شأن تمديد تفويض البعثة الأممية الذي ينتهي في 30 حزيران/يونيو، إن “الواقعية تقتضي الاستنتاج بإخفاق مينوسما التي لا يستجيب تفويضها للتحدي الأمني”.

وأضاف: “يبدو أن مينوسما باتت جزءا من المشكلة عبر تأجيج التوترات الطائفية التي تنامت بسبب مزاعم بالغة الخطورة والتي تحدث ضررا بالغا بالسلام والمصالحة والتماسك الوطني في البلاد”.

وأكد أن “هذا الوضع يؤدي إلى شعور بالريبة لدى السكان حيال مينوسما وإلى أزمة ثقة بين السلطات في بلاده ومينوسما”، منددا خصوصا بالتقرير الأخير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن العملية ضد الإرهابيين في مورا في آذار/مارس 2022.

وتابع ديوب”بالنظر إلى كل ما سبق، تطلب حكومة بلاده انسحابا من دون تأخير لمينوسما. لكن الحكومة مستعدة للتعاون مع الأمم المتحدة في هذا السياق”، رافضا كل خيارات تعديل تفويض البعثة التي اقترحها الأمين العام للمنظمة الدولية.

مستقبل الجماعات الإرهابية

ووفقا لتحليل كتبه لويس دوجيت-جروس، في معهد واشنطن فـ “إنه من غير الواقعي للغاية الافتراض بأن لدى بضع مئات من “مرتزقة فاغنر” وعناصر القوات المسلحة المالية، القدرة على فرض الأمن في مساحة تمتد على 900 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الشمالية المعرضة للخطر وتنفيذ جهود فعالة لمكافحة الإرهاب في تلك الأراضي.

وأضاف: “أولاً، هم يفتقرون إلى سلسلة قيادة فعالة وقدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع المناسبة. ثانياً، ربما يفتقرون إلى الإرادة السياسية، حيث يبدو أن المجلس العسكري يركز على تعزيز سلطته في باماكو بدلاً من استعراض نفوذه في المناطق الهامشية. ثالثاً، أفاد المراقبون بأن جزءاً من مرتزقة فاغنر في مالي قد يكونون سوريين وليبيين بدلاً من عملاء روس سابقين، وأنهم أكثر ميلاً للتركيز على تأمين مصادر دخلهم بدلاً من محاربة الجهاديين بشكل فعال. لذلك، هناك خطر كبير من تحوّل مالي مجدداً إلى قاعدة خلفية للجماعات الإرهابية.

كيف ساهمت فاغنر في رحيل قوات حفظ السلام من مالي؟

ومن شأن هذا السيناريو أن يعكس المكاسب الجوهرية التي تحققت في السنوات الأخيرة ويعرّض العديد من الدول العربية لتهديد جهادي أكبر. وبالفعل، ينحدر معظم قادة العمليات و”الأمراء” الإرهابيين المفترضين الذين قضت عليهم فرنسا، من بلدان المغرب العربي كالجزائر وموريتانيا والمغرب وتونس – من بينهم القائدين البارزين في تنظيمي «القاعدة» و «الدولة الإسلامية» عبد المالك دروكدال وعدنان أبو وليد الصحراوي.

فضلاً عن ذلك، من الممكن أن تكون ليبيا في خطر أيضاً. فمنطقة فزان الواقعة في أقصى الجنوب كانت في السابق قاعدة خلفية مهمة للإرهابيين. واليوم، هناك القليل من القوات المحلية المتاحة – إن وُجدت – لمراقبة طرق التهريب أو حركة المقاتلين عبر تلك الحدود التي يسهل اختراقها. وبالتالي، فإن رحيل القوات المتحالفة من مالي قد يكون له آثار مضاعفة في الخارج، مما يسهّل إعادة تشكيل طرق الإمداد ومصادر التمويل للعديد من الجماعات الإرهابية العاملة عبر الصحراء.

تواجد فاغنر

في الوقت التي طلبت فيها مالي إنهاء عمل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلاد، تتواجد قوات مرتزقة فاغنر العسكرية الروسية.

وقبل أيام قليلة أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مرتزقة فاغنر ستواصل عملياتها في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى على الرغم من تمرّد قائدها يفغيني بريغوجين الذي وقع في نهاية الأسبوع.

وقال لافروف في مقابلة أجرتها معه قناة “آر تي” الروسية إن عناصر فاغنر “يعملون هناك بصفة مدربين، بالطبع سيتواصل هذا العمل”، مشددًا على أن الانتفاضة لن تؤثر على علاقات روسيا مع “شركائها وأصدقائها”.

وقال لافروف إن تواجد المرتزقة في هذه الدول ترجع لسلطات تلك الدول المعنية.