غرق أكثر من 500 شخص بحادثة مركب اليونان

فاجعة كبيرة ماتزل أصداؤها تسمع مع أمواج البحر الأبيض المتوسط الذي أخذ أروح أكثر من 500 شخص منذ أيام.

الأنباء تضاربت بشأن الحادثة بين العدد الكبير لللاجئين الفارين وبين تقاعس الحكومة اليونانية وخفر سواحلها.

ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن موقع إخباري يوناني مقتطفات من إفادات اثنين من الناجين من حادث غرق السفينة قبالة جنوب غربي اليونان.

وأحد الناجين الذي تحدث مع الموقع اليوناني هو حسن، الذي يعيش في إحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق، حيث عاد بعد أن عمل لمدة ثلاث سنوات في لبنان.

وحكى حسن عن قصة وصوله إلى متن المركب الغارق، قائلا إنه على أمل الذهاب إلى ألمانيا، سافر أولا إلى ليبيا، حيث عمل في وظائف منخفضة الأجر لمدة 40 يوما، قبل أن ينقله المُتاجِرون إلى سلسلة من “الملاجئ”، كان آخرها يؤوي 300 شخص.

فاجعة غرق مركب المهاجرين.. شهادات وروايات متضاربة

وأضاف أنه في 9 يونيو، نقلتهم شاحنة إلى ميناء، حيث نقلتهم قوارب أصغر إلى سفينة الصيد التي وصفها حسن بأنها قديمة وصدئة.

وأوضح أن والده كان قد دفع 4500 دولار إلى وسيط يقوم بعد ذلك بالدفع للمُتاجِرين عند وصول حسن إلى إيطاليا.

ووفقا لحسن، فمن بين 700 راكب كانوا على متن القارب، كان هناك 15 تقريبا، بمن فيهم القبطان، يعملون لصالح المتجارين بالبشر، وهم من كانوا الوحيدين الذين يستطيعون التحرك في القارب.

وكان على حسن، الذي وُضع في البداية تحت السطح، أن يدفع 10 يورو لواحد من الخمسة عشر لنقله إلى سطح السفينة لأنه كان يجد صعوبة في التنفس.

وقال حسن للسلطات اليونانية إنه يعتقد هو وركاب آخرون أن القبطان ضل طريقه ولم يتمكن من الوصول إلى إيطاليا، وأن القبطان لم يطلب المساعدة عبر هاتفه الذي يعمل بالأقمار الصناعية إلا بعد شكواهم.

وأضاف حسن أنه عندما وصلت السفينة الساحل اليوناني ليلا، انقلبت السفينة التي كانت تقلهم فجأة ووجد نفسه في الماء.

وتابع أن خفر السواحل اليوناني أنقذه هو وآخرين، ونقلهم إلى قارب مطاطي.

ووفقا للوكالة، إجمالا، تم إنقاذ 104 ناجين وانتشال 78 جثة، الأربعاء. وإذا كانت التقديرات التي تشير إلى وجود من 700 إلى 750 مهاجرا على متن المركب دقيقة، فإن أكثر من 500 شخص يعتبروا في عداد المفقودين، كما أن فرص العثور على أي شخص آخر على قيد الحياة تتضاءل حاليا.

ناجي باكستاني

تحدث الموقع اليوناني مع ناج آخر كان على متن السفينة هو المواطن الباكستاني رنا، الذي قال إنه فقد زوجته وأطفاله في غرق السفينة.

وشهد رنا بأن السفينة غادرت ليبيا، في وقت مبكر الجمعة 9 يونيو. وبعد ثلاثة أيام في البحر، توقف المحرك أكثر من مرة وأصلحه أحد أفراد الطاقم، لكن المحرك تعطل عدة مرات.

وقال رنا إن القارب بدأ فجأة يميل على جانب واحد، ثم غرق في الماء.

وفي حالة الذعر التي أعقبت ذلك، اندفع كثيرون إلى الجانب الآخر وانقلب القارب، بحسب رنا.

وقفز في البحر، ورغم عدم إتقانه السباحة، فقد ظل طافيًا لبضع دقائق حتى أنقذته “سفينة كبيرة”، لكن لم يتم إنقاذ زوجته وأطفاله.

ووصف رنا بالتفصيل كيف انتهى به المطاف على متن القارب.

وقال رنا إنه دفع 8000 دولار لمواطن باكستاني في ليبيا. وكان من المفترض أن شقيقه، الذي يعيش في إيطاليا، سيُرتب الدفع، ويسلم باقي الأموال عند عبور رنا إلى إيطاليا.

فاجعة غرق مركب المهاجرين.. شهادات وروايات متضاربة

زاوية عكسية

دحض نشطاء مستقلون وخبراء القانون الدولي رواية اليونان، وأثبتت شهادات منظمات إغاثية وناشطين كان بعضهم على تواصل مع لاجئين بالمركب الغارق، أن الركاب اللاجئين أرسلوا رسالة استغاثة بقصد إنقاذهم لأي بر متاح، وإضافة لذلك اتصلت منظمات وناشطون وأرسلو رسائل موثقة إلى السلطات اليونانية والأوروبية، واطلعت الجزيرة نت على بعض هذه الرسائل بما في ذلك رسالة منظمة “هاتف الإنقاذ” (Alarm Phone) الأوروبية.

استغاثة أرسلتها “هاتف الإنقاذ” للسلطات اليونانية والأوروبية قبل أكثر من 8 ساعات من غرق القارب (مواقع التواصل، هاتف الإنقاذ)

وقال بيان لمنظمة “تقرير قارب بحر إيجه” (Aegean Boat Report) النرويجية غير الحكومية، إنه عند مقارنة المعلومات من خفر السواحل والسلطات اليونانية والمنظمات والناجين، يبدو شيء واحد واضح تماما، وهو أن “شخصا ما يكذب عمدا للتستر على الحقيقة”.

وأكد العديد من الناجين أن خفر السواحل اليوناني طلب من المركب أن يتبعه، ولما تعطل محرك قارب اللاجئين سحبه عبر حبل جرى ربطه بالقارب، مما أدى لتمايله بشدة قبل أن ينقلب، وفق شهادات عديدة من ناجين وأقاربهم ونشطاء تواصلوا مع ركاب المركب عبر الأقمار الصناعية. ويظل السؤال الكبير: في أي اتجاه ولأي غرض كان يتم سحب المركب، الإنقاذ أم الإرجاع؟ وما الإجراءات -أو بالأحرى عدم اتخاذ إجراءات- التي اتبعها خفر السواحل اليوناني؟

 

ربط السفية بحبل

ذكرت الناشطة والصحفية أليسيا مدينا أن 3 ناجين أكدوا لها أن خفر السواحل اليوناني ربط حبلا بقاربهم وسحبه ثم انقلب القارب، وأضاف الشهود الثلاثة أنه بعد انقلاب القارب “ابتعد حرس السواحل وأبحروا بعيدا”، وتابعوا القول إنهم بقوا ساعتين أو 3 على الماء بعد ذلك حتى تم إنقاذهم.

وتقول رواية اليونان إن اللاجئين رفضوا الإنقاذ وأرادوا الذهاب لإيطاليا، لكن الرسائل الموثقة التي نشرتها منظمة “هاتف الإنقاذ”، التي كانت على اتصال مباشر بأشخاص على متن القارب، تحكي قصة مختلفة، حيث توسّل الناس من أجل إنقاذهم، وتم تجاهل صراخهم طلبًا للمساعدة، مما أدى في النهاية إلى غرقهم.