من هي سفيتلانا تيخانوسكايا زعيمة المعارضة في بلاروسيا؟

أكدت زعيمة المعارضة في بلاروسيا سفياتلانا تيخانوسكايا أن الرئيس ألكسندر لوكاشينكا قد خان شعبه بجعل بيلاروسيا مهاجمًا مشاركًا في الحرب ضد أوكرانيا وأضافت في تغريدة: “لطالما كان البيلاروسيون ضد هذه الحرب. لا يمكننا السماح بنشر القوات البيلاروسية إذ أن ذلك لن يؤدي إلا إلى المزيد من المعاناة وتحويل بيلاروسيا إلى دولة منبوذة.”

مَن هذه الشابة التي حشدت الصمود لترتدي عباءة المقاومة في بلد يبلغ عدد سكانه 9.5 ملايين نسمة؟

حتى عام 2020، كانت سفيتلانا تيخانوسكايا ربة منزل لديها طفلان صغيران، أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن كل ذلك تغير عندما زجت السلطات بزوجها المرشح الرئاسي البارز في المعارضة بالسجن، وفي غضون أسابيع، أصبحت وجهاً للحركة المؤيدة للديمقراطية في بيلاروسيا، حيث بدأت تخوض معركته للقضاء على ما يسمى «آخر ديكتاتورية في أوروبا».

قد يبدو ذلك جهداً خيالياً، ما دفع البعض إلى وصفها بـ«جان دارك» بيلاروسيا، لكن تيخانوسكايا (40 عاماً) التي تعيش مع طفليها بالمنفى في ليتوانيا، تتمتع بالشجاعة الكافية. وبعد كل شيء، حصلت معلمة اللغة الإنجليزية السابقة على أكثر مما كانت تحلم به، في مايو 2020، عندما تم القبض على زوجها، سيرغي تسيخانوسكي، مدون الفيديو والناقد الصريح للرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو  إلى جانب مرشحين آخرين من المعارضة، ما زاد من أسهمها السياسية.

ترشحت تيخانوسكايا لمنصب الرئيس بدلاً من زوجها، وشنت حملة شرسة على السلطة الحالية، وأصبحت وعاءً لآمال البيلاروسيين الذين يتمنون الخلاص من حكم لوكاشينكو القمعي، الذي استمر 29 عاماً حتى الآن، ويزعم أنه فاز بنسبة 80% من الأصوات في الانتخابات، ما أثار احتجاجات وإضرابات واعتقالات جماعية غير مسبوقة في هذه الجمهورية السوفييتية السابقة، لكن بعض أهل بيلاروسيا مازالوا يعتبرون تيخانوسكايا “الرئيسة المنتخبة”.

أم شابة أصبحت زعيمة للمعارضة في بيلاروسيا فكيف تقف سفيتلانا تيخانوسكايا في وجه لوكاشينكو؟

في ضوء العمليات القمعية العنيفة التي أعقبت الانتخابات، أجبرت تيخانوسكايا على مغادرة البلاد. وتوقع كثيرون أن تكتب بمغادرتها نهاية مشوارها السياسي والحركة التي ترأستها، لكن لم يحصل ذلك. ففي الوقت الذي كانت تشهد بيلاروس حركة احتجاجية مدنية، لافتة للنظر ومستدامة وخلاقة بصورة متزايدة، كانت ابنة ال 40 سنة قابعة في منفاها تمر بتغيرات جذرية مماثلة، وهذه التغيرات هي التي حوّلتها من رمز للاحتجاجات إلى امرأة سياسية شرسة.

وأثارت تيخانوسكايا ضجة كبيرة بتوجيهها كلمة عبر الفيديو إلى “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” تحثّ فيها المجتمع الدولي على إدانة الانتهاكات الحاصلة بحق البيلاروسيين أشد إدانة”. يومها، قاطع السفير الرسمي لمينسك، المحسوب على لوكاشينكو، عرض الفيديو طالباً وقفه على اعتبار أنه يمثّل تدخلاً “غير مقبول” في الشؤون الداخلية لبلاده. لكن طلبه قوبل بالرفض واستكمل عرض الفيديو حتى النهاية.

أم شابة أصبحت زعيمة للمعارضة في بيلاروسيا فكيف تقف سفيتلانا تيخانوسكايا في وجه لوكاشينكو؟

سفياتلانا تسيخانوسكايا تدعو أوروبا إلى تكثيف دعمها للقوى الديمقراطية في بيلاروسيا- الاتحاد الأوروبي 2021

وفي غضون الأيام والأسابيع التي تلت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، مرت الاحتجاجات البيلاروسية بمراحل عدة. فبعد فترة الإرهاب التعسفي بين 9 و12 أغسطس، أعلن النظام انسحابه المشهود وحلّت على المتظاهرين فرحة عارمة. لكن مرحلة الابتهاج لم تدم طويلاً وانتهت في أواخر أغسطس بوعد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتوفير ضمانات أمنية للوكاشينكو. ونتيجة لذلك، أصبحت بيلاروس في حالة من الجمود وعدم الاستقرار، مع إصرار كل طرف من الطرفين المتنازعين على مواصلة معركته حتى النهاية.

فالنظام من ناحيته، يحاول التكشير عن أنيابه عن طريق شنّ حملات ترهيب مطّردة ضد زعماء المعارضة وقيادات التظاهرات بشكل خاص. وقد تمكّن لغاية الآن من اعتقال جميع أعضاء “مجلس التنسيق الوطني” لتيخانوسكايا باستثناء واحدة. وفي خضم موجة التوقيفات التعسفية، تعرضت ماريا كوليسنيكوفا، آخر عضوات الثلاثي النسائي التي اختارت عدم مغادرة البلاد، للاختطاف – وقيل لها إنها سترحّل عن بيلاروس “حيّة كاملة أو أشلاء”.

 

أم شابة أصبحت زعيمة للمعارضة في بيلاروسيا فكيف تقف سفيتلانا تيخانوسكايا في وجه لوكاشينكو؟

وفيما تدأب تيخانوسكايا على تسليط الضوء على الطبيعة “الداخلية” للأزمة السياسية في بيلاروس، تأبى إلا أن تعبّر عن خيبة أملها الكبيرة إزاء الاستجابة الدولية “غير المناسبة” وعدم فعالية بيروقراطية الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرّغم من كلّ ذلك القمع والترهيب، أكّدت تيخانوسكايا  في لقاء مع “أخبار الآن مواصلة عملها في المنفى قائلةً: “أطلقنا في أغسطس 2022 مجلس الوزراء الانتقالي الموحّد الذي اُنشىء ليضع حدّاً للعنف والفوضى في بيلاروسيا، الأزمة بدأت عندما رفض لوكاشينكو الأصغاء للناس وقرر اللجوء إلى العنف، حاول مجلس الوزراء التعامل مع ما كان يهدد استقلالنا، ندرك جميعاً أنّه لا يمكن تحديد الاستقلال بالإعلان فقط، فعمل مجلس الوزراء على إقامة علاقات مع الحكومات الأجنبية، كما عزّز وجوده في بيلاروسيا من خلال التنسيق بين السياسيين والمجتمع المدني، إذاً نحن أظهرنا وحدتنا من خلال إنشاء ذلك المجلس، ونحن نعمل معاً لتحقيق مشروعنا”.

أم شابة أصبحت زعيمة للمعارضة في بيلاروسيا فكيف تقف سفيتلانا تيخانوسكايا في وجه لوكاشينكو؟

وتابعت: “في ما خص الشقّ الدولي، فنحن ندعم الأوكرانيين بقدر ما نستطيع ونطالب بمجال جوي مغلق فوق أوكرانيا، ونحاول تسليط الاهتمام الدولي على المشاكل التي يعاني منها الأوكرانيون لأنّنا نعتبر ما يحصل في أوكرانيا ليس مجرد حرب بين الأوكرانيين والروس، إنّها حرب من أجل مستقبل منطقتنا، ومن أجل مستقبل الديمقراطية، ليس لدينا مساحة كبيرة لنتحرك ونعبّر عن رأينا لكن بالرغم من الوضع على الأرض وبالرغم من أنّنا في المنفى فنحن نفعل ما بوسعنا”.

وفي اللقاء خاص مع “أخبار الآن” قالت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفياتلانا تيخانوسكايا (Sviatlana Tsikhanouskaya)، ، إنّ “تلك الحرب الفظيعة في أوكرانيا لا تؤثّر فقط على الأوكرانيين بل على العالم بأسره، وعلى البيلاروسيين كذلك”، مشيرةً إلى أنّها “واثقة أنّ أوكرانيا ستربح لأنّ العالم الديمقراطي اتحد حول الأوكرانيين وساعدهم على قدر ما يستطيع، لكن طبعاً مصير أوكرانيا ومصير بيلاروسيا متشابك ومترابط”.

وشدّدت على أنّ “إجبار الجيش على المشاركة في تلك الحرب انتحار سياسي للوكاشينكو”، قائلةً: “مشاركة بيلاروسيا في الحرب قد يسبب حدوث انشقاقات في صفوف العسكريين، وبالطبع لوكاشينكو خائف من حدوث حالة من عدم الإستقرار جرّاء ذلك”. وتابعت: “إجبار الجيش على المشاركة في تلك الحرب سيكون انتحاراً سياسياً للوكاشينكو، وفي حال وُجهت إليهم هكذا أوامر، فأنا واثقة أنّ جنودنا البيلاروسيين سوف ينشقون وينتقلون إلى المقلب الآخر، وسيهربون من المشاركة في تلك الحرب، لأنّهم لا يريدون الموت من أجل تحقيق طموحات الغير”.