تتار القرم.. جرائم روسيا التاريخية أمام المحاكم الدولية

  •  يحيي تتار القرم الذكرى 78 لإبادتهم
  • روسيا تعمل على تصفية الثقافة التتارية القرمية
  • أوكرانيا تدين روسيا لدى المحاكم الدولية
  • قُتل ما يقرب من 8000 شخص من شعب تتار القرم خلال عمليات الترحيل القسري

 

يحيي شعب تتار القرم، خلال هذه الأيام، الذكرى السنوية للإبادة الجماعية والترحيل القسري من موطنهم الأصلي، شبه جزيرة القرم، وجرائم أخرى ارتكبها في حقهم الإتحاد السوفياتي خلال فترة حكم جوزيف ستالين عام 1944.

ويستحضر شعب تتار القرم، في الذكرى الـ 78 لهذا لحادث مأساوي، تعد من أبشع الجرائم ضد البشرية، تمثلت في عملية تطهير عرقي وإبادة جماعية لقرابة 200.000 شخص نفذتها حكومة روسيا القيصرية.

ففي أيام 18 ،19، 20 مايو عام 1944، استخدم الاتحاد السوفيتي قطارات سريعة لترحيل النساء والأطفال وكبار السن قسراً من شبه جزيرة القرم إلى المناطق النائية في آسيا الوسطى وسيبيريا على بعد آلاف عدة من الكيلومترات. 

وقُتل ما يقرب من 8000 شخص من شعب تتار القرم خلال عمليات الترحيل القسري، فيما مات عشرات الآلاف، في وقت لاحق، جراء الظروف القاسية في المنفى.

وترك شعب التتار، أيام تهجيرهم، 80.000 مزرعة و360.000 فدان من الأراضي الزراعية التي كانوا يقطنونها.

حيث يمثل تتار القرم ذوي الأغلبية المسلمة نحو 12 في المئة من سكان شبه جزيرة القرم، ويبلغ عددهم نحو 243 ألف نسمة من عدد السكان الإقليم البالغ مليوني نسمة.

 ويقبع، الآن، أكثر من 80 شخصا من التتار في السجون الروسية، بسبب اتهامهم بالانتماء لـ “حزب التحرير الإسلامي”، وهو حزب معترف به في أوكرانيا ولكن روسيا صنفته على قوائم المنظمات الإرهابية. فيما ينتظر أغلبهم محاكمات روسية ستكون حتما جائرة في حقهم.

وتأتي عملية تصفية وترحيل تتار القرم، من قبل ستالين، في إطار حربه ضد النازيين. حيث اتهم هذا الشعب بالتعاون مع الألمان ضد الكرملين.

وأصدرت المحاكم الروسية، منذ 24 فبراير الماضي عقوبات ضد 18 شخصاً من شعب تتار القرم، بالسجن 19 عاماً.

أكثر من 80 شخصا من التتار في السجون الروسية

 

فيما حُكم، الأسبوع الماضي، على خمسة أفراد أعضاء في “جماعة تضامن القرم لحقوق الإنسان”، بالسجن لمدة تتراوح بين 12 و14 عاماً.

وتدين أوكرانيا بشدة، بصفة متتالية، انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها كل من الاتحاد السوفياتي والإتحاد الروسي ضد التتار، السكان الأصليين لشبه الجزيرة.

ودعت أوكرانيا المجتمع الدولي إلى إدانة جرائم النظام الشيوعي الشمولي بحق شعب تتار القرم، خلال القرن التاسع عشر. 

وتشدد كييف، على ضرورة  اعتبار المجتمع الدولي بأن “ترحيل شعب تتار القرم القسري في عام 1944” صنفا من أعمال “الإبادة الجماعية ضد شعب تتار القرم”.

وعلى اعتبار أن أوكرانيا تعترف بشعب تتار القرم كواحد من الشعوب الأصلية في نسيجها المجتمعي، فقد انتهجت سياسة إعادة التوطين التي أدت، في حدود العام 2014، إلى عودة 250 ألف شخص من تتار القرم إلى مدن أوكرانيا.

 

 

في الأثناء أعلن يافن باكير عضو مجلس العموم الكندي، عبر حسابه الرسمي على تويتر، اليوم، أنه تم موافقة أعضاء البرلمان بإجماع كل الأحزاب في مجلس النواب على طلب يسعى للاعتراف بترحيل ستالين لتتار القرم عام 1944 باعتباره إبادة جماعية ولتأسيس يوم 18 مايو من كل عام، ذكرى سنوية لترحيل تتار القرم في كندا.

كم عدد تتار القرم حاليا؟ وأين يعيشون؟

يعيش حاليا ما يزيد عن 250 ألف تتاري في القرم، وحوالي 150 ألفا في آسيا الوسطى, وقليلا في أوزبكستان. فيما يسكن ما يناهز 5 ملايين من أحفاد تلك المجموعات التي هُجرت وشُردت قسرا نهاية القرن 19،  في تركيا.

 كما يقطن أكثر من 27 ألف قرمي في إقليم دبروجا في رومانيا وبلغاريا، و 24 ألفا في الجانب الروماني، و 3 ألاف في الجانب البلغاري.

في عام 2016، أعلنت روسيا مجلس شعب تتار القرم “منظمة متطرفة”، وتعرّض كل من له علاقة به للاضطهاد من قبل إدارة الاحتلال الروسي.

وعام 2017، قدمت أوكرانيا شكوى إلى محكمة العدل الدولية ضد روسيا، بتهمة انتهاك اتفاقية عام 1999 لمكافحة تمويل الإرهاب، واتفاقية عام 1965 للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

 كما تتهم، كييف، الكرملين بارتكاب جريمة العزل الثقافي، أو الإبادة الثقافية في شبه جزيرة القرم المحتلة، ضد مجتمعات تتار القرم والمجتمعات الأوكرانية. 

في أبريل2017، أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً يلزم روسيا “بالامتناع عن حظر أو تقييد قدرة مجتمع تتار القرم على الحفاظ على مؤسساته التمثيلية، بما في ذلك مجلس تتار القرم، و”ضمان الوصول إلى التعليم باللغة الأوكرانية”، لكن روسيا ما زالت تتجاهل ذلك إلى اليوم.

وكان مجلس تتار القرم، عام 2014، قد قرر إلغاء الاحتفالات التقليدية الكبيرة بالذكرى السبعين لترحيلهم في عهد ستالين خوفا من وقوع صدامات بعد ضم شبه الجزيرة إلى روسيا، وجرت العادة أن يحيي هذه المناسبة عشرات الآلاف من “التتار” المسلمين في عاصمة القرم مدينة سيمفيروبول.

يعيش حاليا ما يزيد عن 250 ألف تتاري في القرم، وحوالي 150 ألفا في آسيا الوسطى, وقليلا في أوزبكستان

وعلى هامش الغزو الروسي لأوكرانيا، تنتهج روسيا سياسة عدوانية تجاه شعب تتار القرم بهدف تدمير هويته ومحو مقومات خصوصيته الثقافية. 

ومنذ ضم الاتحاد الروسي لشبه جزيرة القرم، تعرّض تتار القرم للاضطهاد والتمييز من قبل الحكومات الروسية، شملت جرائم التعذيب والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والسجن وحظر دخول زعماء تتار القرم إلى شبه جزيرة القرم. 

وتحتجز روسيا أكثر من 120 مواطناً أوكرانياً من القرم، في الحبس الاحتياطي، معظمهم من شعب تتار القرم. 

ويتعرض زعماء تتار القرم للاضطهاد في خرق للقوانين الدولية والأممية، حيث أُعتقل النائب الأول لرئيس مجلس تتار القرم ناريمان جلال بتهم ملفقة بعد مشاركته في القمة الدولية لمنصة القرم.

وتولي الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، اهتماما خاصا، إذ ينص قرار الأمم المتحدة بشأن حالة حقوق الإنسان في شبه جزيرة القرم وجوب تحمل روسيا المسؤولية في مسألة منح شعب تتار القرم حقوقه، بصفته شعباً أصلياً في شبه جزيرة القرم، فضلاً عن مطالبتها بإلغاء الأحكام الصادرة ضدهم.