لماذا تتحالف الصين مع طالبان؟ وما علاقة التحالف بتقدم الحركة إلى كابول؟

 

  • أسباب التحالف بين الصين وطالبان
  • كيف تستغل الصين طالبان لمصلحتها
  • علاقة طالبان والصين امتدت وتطورت لسنوات
  • منفعة الصين فيما يحدث الآن في أفغانستان

تقرير نشرته صحيفة “إيكونوميك تايمز” منذ يومين، قالت فيه إن الصين أخبرت حركة طالبان بأنها ستعترف بها كحاكم شرعي لدولة أفغانستان في حالة نجاحها في السيطرة على العاصمة كابول.

كيف تتم تلك السيطرة؟ من خلال تخطي قوة الحكومة المنتخبة بشكل ديموقراطي في أفغانستان.

التقرير قال: “التقييمات الجديدة للاستخبارات العسكرية للموقف الحالي في أفغانستان دفعتهم لإضفاء طابع رسمي على علاقاتهم مع حركة طالبان”.

وانغ يي وزير الخارجية الصيني لم يخف ذلك وقال علانية: “حركة طالبان في أفغانستان هي قوة حيوية عسكريا وسياسيا في الدولة، ومن المرجح أن تلعب دورا هاما في عملية المصالحة وإعادة الإعمار في أفغانستان”.

وبالطبع حركة طالبان استولت على الأماكن بنفس منهج العنف المتبع بجانب القتل، إحدى أبرز الجرائم التي نفت ادعاءات حركة طالبان، كانت إعدام 22 مقاتلا من القوات الخاصة الأفغانية بعد استسلامهم وهم عُزل.

المقطع المؤثر للغاية انتشر، ورغم عدم ثبات التصوير إلا أن الكلام الواضح خلاله كان “استسلموا يا كوماندوز استسلموا”، مع وجود عدد من قوات الكوماندوز الأفغانية غير المسلحين بشكل واضح، بعد ذلك جرى إطلاق نار كثيف، مع العشرات من الرجال تم قتلهم رميا بالرصاص وهم عزل، وتلك مجرد جريمة واحدة.

طالبان بدأت عملياتها في شهر مايو الماضي، بعدما بدأت تدريجيا في السيطرة على مناطق حيوية، أكثر من 160 منطقة سقطت تحت سطوتها، بالإضافة إلى 73 منطقة كانت تحت حكم طالبان قبل ذلك.

فرصة الصين في استغلال طالبان

عقب إعلان أمريكا انسحابها، وجدت الصين فرصة لاقتناصها، وذلك لأنها قادرة جزئيا على ملء فراغ السلطة والتحكم في المنطقة.

طالبان كانت الهدف الرئيسي بالنسبة للصين في كل تدخل لها في أفغانستان، في ظل سعيها لتطبيق مبادرة “بكين – الحزام والطريق”، وهي خارطة طريق تمر بآسيا الوسطى.

خطة البنية التحتية للحزام والطريق عبارة عن 6 ممرات اقتصادية رئيسية تشمل مناطق اقتصادية خاصة والبنية التحتية للنقل والطاقة، ويمر اثنان منهما عبر آسيا الوسطى وهناك الممر الاقتصادي بين الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان وغيرها.

علاقات الصين بطالبان قوية منذ سنوات عديدة

رغم أن الصين كانت قد اعترفت بالحكومة الأفغانية في السنوات الأخيرة، إلا أن مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني طوروا علاقة قوية مع طالبان في محاولة لقلب التوازن والقوى في المنطقة.

في عام 2015 عقدت الصين مباحثات سرية مع ممثلي طالبان، وفي يوليو 2016 زار وفد من طالبان، بكين، وخلال الرحلة، علمت الحركة بأن الصين “تتفهم وتدعم موقفهم”، وفقا لموقع التحليلات المختص بالحروب War on the Rocks.

كثفت الصين جهودها في عام 2019 أثناء تسارع مفاوضات السلام بين طالبان والولايات المتحدة، وفي يونيو في نفس العام، زار مسؤول المكتب السياسي لطالبان في قطر، الصين من أجل “اجتماعات رسمية” حول عملية السلام الأفغانية ومشاكل “الإرهاب”.

بعد تلك المفاوضات، حاولت الصين ملء الفراغ الموجود في المنطقة مع بدء الولايات المتحدة بالتفكير في الانسحاب، بواسطة دعوات عديدة لحركة طالبان للمشاركة في مؤتمر في بكين، لكن ذلك المؤتمر لم ينعقد قط بسبب بداية أزمات وباء كوفيد 19.

حرص الصين على عقد علاقات قوية مع طالبان يعكس دورها الخطير في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية، إذ صعدت الحركة عملياتها فقط بعد أيام قليلة من الاجتماع في بكين.

وبحسب التقرير، فإن وصف وزير الخارجية الصيني لحركة طالبان بأنها “قوة سياسية وعسكرية حيوية في أفغانستان”، قد منح الحركة شرعية أكبر في التقدم أكثر، بل وحصار ودخول كابول.

كانت تلك هي أول مرة على الإطلاق يعترف من خلالها مسؤول صيني بشكل شرعي بحركة طالبان في مؤتمر صحفي وعلني.

يحاول مسؤولو الحزب الشيوعي الصيني من خلال تصريحاتهم إضفاء طابع شرعي على دعمهم لطالبان، من خلال وضع تبريرات منطقية لا أساس لها.

ما النفع الذي عاد على الصين؟

حركة طالبان قدمت وعدا علنيا في شهر يوليو الماضي بعدم إيواء أي جماعة أو فصيل أو حركة معادية للصين، ومن دون هذا الوعد لم تكن الصين لتمنح أي شرعية، خاصة وأنها تبحث عن حلفاء في المنطقة.

هذا الوعد لم يبرز بالشكل الكافي لأن الحزب الشيوعي الصيني عمد إلى الدعاية أكثر إلى زيارة أفغانستان أكثر من الوعد نفسه، حتى أن الأمين العام شي جين بينغ أجرى محادثة هاتفية مع أشرف غني رئيس أفغانستان، أكد له على دعم الصين “الثابت للحكومة الأفغانية” وهو ما لم يحدث قط في تناقض واضح.

الصين تسعى للسيطرة على طالبان لتحقيق أهدافها وخارطة الطريق الخاصة بها في المنطقة، وحركة طالبان تبحث عن شريك في تقدمها الكبير داخل أفغانستان.

الصين أصدرت منذ يوم 16 يونيو الماضي إنذارا نادرا دعت من خلاله جميع رعاياها والكيانات الصينية في أفغانستان إلى “الجلاء في أسرع وقت ممكن”، وبعد يومين من الاجتماع بين الصين وطالبان، أصدر وزير الخارجية الصينية نفس التحذير مرة أخرى.

صدفة؟ بالتأكيد لا، مرتان بإنذارين نادرين؟ الصين حاولت أن تجد حليفا في طالبان في أفغانستان لمساعدتها على التأثير في المنطقة ومن ثم الحكم عبر قبضتهم.

آفاق العلاقة بين الصين وطالبان لم تتضح بشكل كامل بعد، وما يحدث مجرد ضربة البداية، فالصين لديها قدرة على الاضطلاع بدور أكبر في البلاد اقتصاديا وسياسيا من خلال دعم الحركة.

على الجانب الآخر وصف مسؤولو طالبان الصين بـ”صديق مرحب به دوما” في أفغانستان، وشددوا على حماية شؤون بكين.

والمكاسب الأخيرة التي حققتها حركة طالبان في أفغانستان ما هي إلا جزء من معادلة سياسية تلعبها الصين بدقة كبيرة قد تنتهي بالإطاحة بالحكومة في كابول، وفي هذه الخطوات فالصين وطالبان متصالحان للغاية مع ما يحدث حاليا.