في إيران.. الشعب “ينتفض”

  • محافظة خوزستان في إيران شهدت مؤخراً احتجاجات عارمة
  • الانتفاضة الشعبية جاءت بسبب شح المياه الكبير
  • سياسات الحكومات الإيرانية المتعاقبة أدت بشكل منهجي إلى الإسراف في استخدام المياه

تتراكم الأزمات في إيران بشكل كبير في ظل عجز النظام عن إيجاد الحلول المطلوبة. ومؤخراً، تمثلت آخر فصول التدهور في البلاد بشحّ المياه، وهو الأمر الذي أدى إلى اندلاع احتجاجاتٍ شعبية، خصوصاً في محافظة خوزستان جنوب غرب إيرَان.

وخلال التحركات الأخيرة في بلدة شادكان بالمحافظة المشار إليها، قتل متظاهر بعد تعرضه لإطلاق نار، وقد حمل مسؤول محلي “انتهازيين ومثيري شغب” مسؤولية التسبب بمقتل ذلك المتظاهر البالغ من العمر 30 عاماً.

وقال أميد صبري بور قائم مقام مقاطعة شادكان للوكالة “الليلة الماضية (الجمعة)، تجمع عدد من أبناء شادكان للاحتجاج على نقص المياه بسبب الجفاف، وقتل انتهازيون ومشاغبون خلال ذلك أحد المتظاهرين”.

وادعى إن “الفاعلين “سعوا لإثارة الناس عبر إطلاق النار في الهواء، ما أدى الى إصابة شاب من شادغان بالرصاص”.

وفعلياً، فإن الجفاف المستمر في محافظة خوزستان، أدى إلى توتر بشأن المياه منذ أواخر آذار/مارس. وخلال العقد الماضي، واجهت إيرَان موجات جفاف متكررة خصوصا في الجنوب.

وفي وقت سابق من تموز/يوليو الجاري، قال الرئيس الإيرَاني حسن روحاني إن الجفاف هذا العام “غير مسبوق”، اذ أن المتساقطات انخفضت بنسبة 52% مقارنة بالعام السابق.

وأتت تصريحات روحاني حينها على هامش تسجيل انقطاعات واسعة في التيار الكهربائي في مناطق مختلفة من إيرَان، عزت السلطات أسبابها الى أمور شتى أبرزها شحّ المياه لتشغيل المعامل الكهرومائية، وزيادة الطلب على الطاقة في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

تحذير من “انعدام الأمن”

وتعتبر خوزستان المطلة على الخليج، واحدة من أبرز مناطق انتاج النفط في إيران وإحدى أغنى المحافظات الـ31 في إيرَان.

وتعدّ خوزستان من المناطق القليلة في إيران ذات الغالبية الشيعية، التي تقطنها أقلية كبيرة من العرب السنّة.

ووفقاً لوكالة “فرانس برس“، فقد سبق لسكان المحافظة أن شكوا من تعرضهم للتهميش من قبل السلطات.

وفي العام 2019، شهدت خوزستان احتجاجات مناهضة للحكومة طالت أيضاً مناطق أخرى من البلاد.

سياسات فاشلة

وتقول مجلة “فورين بوليسي” في تقرير سابق لها إنّه من بين سكان إيرَان البالغ عددهم 85 مليون نسمة، يعيش حوالى 28 مليون شخص في مناطق تعاني من الإجهاد المائي، معظمهم في المناطق الوسطى والجنوبية. وفعلياً، تؤثر ندرة المياه على جميع شرائح المجتمع، من الأسر الحضرية إلى المجتمعات الزراعية الريفية.

وبشكل أساسي، فإنّ عقوداً من إساءة استخدام مصادر المياه في إيرَان، أدّت إلى أزمة شح كبير في المياه العذبة، وقد ساعدت على تعميقها عوامل أخرى مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.

ومع هذا، فإن سياسات الحكومات الإيرانية المتعاقبة أدت بشكل منهجي إلى الإسراف في استخدام المياه إضافة إلى عوامل أخرى مثل الفساد وانعدام الرؤية الصائبة وبناء الحرس الثوري السدود من دون عوائق وعدم كفاية الهياكل الأولية لتوزيع المياه والمشاريع الزراعية غير المجدية وتدني نوعية المياه.

ويشير الباحث أمير توماج في مقال سابق نشرته مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، إلى أنه “بارتفاع نسبة الملوحة بسرعة كبيرة في نهر كارون، أحد أكبر أنهار إيران، وذلك بعدما بنى الحرس الثوري عليه سد كوتفند في أرض قريبة من أحواض ملحية، رغم التحذيرات من آثار المشكلة”.

إلى ذلك، سلط تقرير سابق لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن الضوء على أزمة شح المياه في إيران وتداعياتها الداخلية والإقليمية، وأشار إلى أن المسؤولين الإيرانيين يتجاهلون الأسباب الحقيقة لهذه الأزمة.

وقال الكاتب أحمد مجديار الذي كتب التقرير إن ندرة المياه وتلوث الهواء أديا إلى حدوث مشكلات اجتماعية وسياسية وأمنية في إيران، وإلى توترات إقليمية مع جيرانها.

ويقول الكاتب إن قادة إيران يردون مشكلاتها البيئية المتزايدة إلى طريقة إدارة جيرانها للمياه، وتواجد القوات الأمريكية في المنطقة، والتغير المناخي، بينما يتجاهلون بشكل كبير الفساد وسوء الإدارة والسياسات الحكومية الخاطئة.