استهداف ممنهج لأئمة مسلمي الإيغور فقط لأنهم يعلمون القرآن

أشخاص يتخطون حاجز الـ80 أو الـ90 عاما كيف يمكن وضعهم في معسكرات الاعتقال لم يمسكوا سلاحا قط، لم يهددوا أحدا، فقط يحملون القرآن.. كيف يمكن اعتبارهم إرهابيين هل تلك جريمة؟

بهذه الكلمات استهل عبد الولي أيوب الناشط الإيغوري سرده لـ “أخبار الآن” معاناة أئمة مسلمي الإيغور وقصصا مؤلمة عن اضطهادهم في الصين.

استهداف غاشم بلا أي اتهامات واضحة لأئمة مسلمي الإيغور، أسر الضحايا شددت على أن تهمتهم الوحيدة كانتإقامة شعائر دينهمكأي شخص طبيعي، لكن ذلك في الصين أصبح اتهاما بالنسبة لمسلمي الإيغور.

وفقا لمنظمة Human Rights Watch فإن أكثر من 1600 شخصية دينية وأئمة من مسلمي الإيغور خضغوا لما يعرف بـإعادة التأهيلفي الصين في الفترة ما بين 2001-2002.

في بعض الأحيان تعترف السلطات بوفاة المحتجزين، دون تسليم الجثث قط، لا يوجد سجلات كافية موثقة لتلك القضايا الجنائية.

عقوبات السجن قاسية للغاية، نسبة 96% من الأحكام مدتها 5 سنوات على الأقل، ونسبة 26% تقضي وقتا أطول بـ20 عاما أو أكثر، كما أن هناك أكثر من 14 حكما موثقا بالمؤبد.

صوت مسلمي الإيغور

قال عبد الولي أيوب في حوار خاص مع “أخبار الآن”: ”قابلت بعض الأئمة في وقت سابق، على سبيل المثال عابدين أيوب، واحد من أشهر علماء الدين بالنسبة لمسلمي الإيغور ومعلم بالمعهد الإسلامي في شينجيانغ، طلبت نصيحته هل أستمر في الصين أم أرحل“.

وأضاف:قال لي، إنه واجه أول عملية اعتقال، عام 1957 ثم مرة أخرى في 1966، وأوضح لي أن تلك آخر فرصة، وأن الوقت والهدف كانا مختلفان عن الوضع الحالي، مشددا على أنه اعتقل مرتين لأنه كان معلما دينيا، لكن هذه المرة مختلفة، لأن الهدف بات إبادة جميع مسلمي الإيغور وليس القبض على المثقفين والمعلمين فقط.. لذا يجب أن تهرب بعيدا“.

عابدين أيوب هو قائد ديني ومن أشهر أئمة مسلمي الإيغور والآن عمره يتخطى حاجز الـ90 عاما، تقاعد عن عمله كأستاذ في المعهد الإسلامي منذ أكثر من عقدين من الزمان.

ليواصل أيوب حديثه قائلا: ”عابدين أخبرني أنني يجب أن أكون صوتهم، أن أصبح كذلك لأنهم بلا صوت“.

عابدين أيوب - أحد أئمة الإيغور المحتجزين

عابدين أيوب – أحد أئمة مسلمي الإيغور المحتجزين

حملات اعتقال موسعة لأئمة مسلمي الإيغور

السلطات الصينية اعتقلت أكثر من 630 إماما وشخصية دينية كبيرة في إطار حملتها على مسلمي الإيغور في إقليم شينجيانغ منذ عام 2014 وفقا لتقارير نشرتها منظمة حقوقية لدعم مسلمي الإيغور.

الدراسة التي نشرتها منظمة ايغور ريمون رايتس بروجيكت، أفادت بأن هناك 13 شخصية دينية وافتها المنية أثناء الاعتقال أو بعده بقليل.

يتابع أيوب الحديث حول هذه النقطة: ”العدد ليس 630 فقط، لدينا أكثر من ذلك، لكن المشكلة أنه من الصعب التأكد لأننا خارج الصين، وينقطع الاتصال بين معظم الناس وعائلاتهم“.

 

وأردفلا نعرف تحديدا ما يحدث بالداخل لذا من الصعب التأكد، لكن هذا العدد هو المؤكد فقط، بعضهم تم الحكم عليه بالفعل، على سبيل المثال، عبد القادر صوب، نائب رئيس المركز الإسلامي في شينجيانغ حكم عليه بالحبس لـ15 عاما“.

واسترسلومعلم آخر من خوتان، عبد الحميد تاموليم، حكم عليه بالحبس مدى الحياة، وهو في الـ70 من عمره، وعابدين أيوب في الـ90 من عمره وحكم عليه بالحبس 10 أعوام“.

أحد المقبوض عليهم في تلك الحملة، هو يوسوبجان عابدين، الذي ولد لأسرة متعلمة في عام 1965 بعد تخرجه من المدرسة الابتدائية والمتوسطة في مسقط رأسه، درس الدين تحت إشراف عالم الدين الشهير محمد دامولام، ثم تم قبوله في المعهد الإسلامي في أورومتشي عام 1987 وعرضت عليه وظيفة التدريس بعد تخرجه من المعهد عام 1992.

يوسوبجان عابدين - أحد أئمة الإيغور المحتجزين

يوسوبجان عابدين – أحد أئمة الإيغور المحتجزين

 كان قد درب العديد من العلماء الإسلاميين المتميزين وكان مشهورا بمهاراته في الخطابة ومعرفته الراسخة في الدين الإسلامي.

اعتقلته السلطات الصينية بتهمة مزيفة في أكتوبر 2000 وسجن لمدة 18 شهرا وفقد القدرة على السمع بإحدى أذنيه بسبب اعتداء الشرطة عليه في السجن.

بعد إطلاق سراحه عمل في التجارة حتى عام 2017، ورغم عدم انتهاكه لأي من القوانين الصينية لمدة 17 عاما، إلا أنه كان دائما تحت المراقبة ومع ذلك اختفى منذ أبريل 2017 ولا يعرف أحد حتى الآن ماذا حدث له.

 

لماذا تم القبض على أئمة مسلمي الإيغور؟ الإجابة هنا

يتحدث أيوب لـ أخبار الآن في هذا الصدد: ”أشخاص يتخطون حاجز الـ80-90 عاما، كيف يمكنهم تهديد أي شخص أو القيام بأي نشاط إرهابي؟“.

وتابعكانوا في منازلهم، لا يمكنهم حتى الاعتناء بأنفسهم، كيف يمكن وضع مثل هؤلاء الأشخاص في معسكرات الاعتقال؟“.

واستطرد غاضبا: ”كيف يمكن معاملتهم وقتلهم كإرهابيين؟ لم يستخدموا سلاحا قط، لم يهددوا أي أحد، فقط كانوا يحملون القرآن ويعلمونه، هل تلك جريمتهم؟ هل هذا إرهاب؟“.

وأكمل حديثه: ”أشخاص مثل أبيلميت إيهموتي عضو المؤتمر السياسي والاستشاري للشعب الصيني ورئيس الاتحاد الإسلامي في ختن وإمام مسجد، تم الحكم عليه بالحبس مدى الحياة“.

أبلميت إيهموتي - استهداف أئمة الإيغور

أبلميت إيهموتي – استهداف أئمة مسلمي الإيغور

استهداف واضح من الحكومة الصينية لرموز وأئمة مسلمي الإيغور واتهامات مختلفة ومرنة للغاية تحتمل أكثر من معنى، لكن التدقيق والتحليل في بعض مذكرات الاعتقال كشف أن بعض المقبوض عليهم، سجنوا لأنهم كانوايخالفون القوانين الوطنية بشأن أحكام عقود الزواج“.

الأمر الذي صب في قصة أخرى وهي تحديد النسل القسري لمنع تكاثر مسلمي الإيغور ضمن حملة ممنهجة لإبادتهم جماعيا، واستهداف الأئمة حلقة ضمن سلسلة طويلة من الخطوات.