منذ أسابيع قليلة عادت المرحلة الثانية لصاروخ إطلاق للفضاء، كان من نوع Falcon 9 التابع لشركة سبيس إكس، ذلك الصاروخ الحامل الذي يعد من اقوى أنواع الصواريخ التي تذهب للفضاء.

مهمة الصاروخ كانت إطلاق أقمار اتصالات صناعية ضمن كوكبة Starlink التابعة لشركة سبيس إكس.

أجزاء من ذلك الصاروخ عادت إلى طبقات الغلاف الجوي للأرض وأضاءت سماء مناطق بورتلاند وواشنطن بعد عودة المرحلة الثانية لكوكب الأرض.

الآن، يتوقع خبراء رحلات الفضاء بوجود ما وصفه البعض بكارثة، لكن هذه المرة بصاروخ من الصين.

فما قصة هذا الصاروخ الصيني؟

صاروخ Long March 5 أو كما يعرف بـ تشانج زينج 5، هو مركبة إطلاق مدارية قادرة على رفع ما بين 20 إلى 50 ألف كيلو غرام إلى مدار الأرض المنخفض.

الصاروخ تم تطويره بواسطة الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا مركبات الإطلاق، وهي أول مركبة إطلاق صينية يتم تصميمها لتستخدم بشكل حصري بدون استعمال تركيبة وقود الدفع التلقائي الاشتعال المستخدمة في محركات الصواريخ التي تشتعل مكوناتها تلقائيا عند ملامسة بعضها البعض.

ويعد النسخة الخامسة من فئة صواريخ Long March، والتي سميت على اسم المسيرة الطويلة للجيش الأحمر الصيني في الفترة من 1934-1935 خلال فترة الحرب الأهلية في الصين.

خلال عام 2007 توقعت الصين أنها ستحتاج في المستقبل إلى قدرات أكبر في المدارين المنخفض والنقل الثابت للأرض، وهدفها الرئيسي من هذا البرنامج هو استغلال زيادة الطلب على تلك الفئة من المنصات خلال فترة الـ20-30 عاما التالية.

بدأت الاختبارات على المحرك وإمكانية استعماله في يوليو 2012، وفي مارس 2015 ظهرت الصور الأولى للمشروع الذي كان يخضع لعدد من الاختبارات.

الصاروخ الذي يبلغ ارتفاع نواته إلى 30 مترا، أطلق بشكل ناجح يوم 29 أبريل الماضي من مدينة وينشانغ الصينية، وعملية الإطلاق كانت جزء من 11 مهمة مخطط إليها سلفا من أجل إنشاء محطة فضاء صينية، والتي كان من المتوقع أن تكتمل في أواخر عام 2022.

المحطة الفضائية التي ستكون على شكل حرف T ستزن حوالي 60 طنا وتعتبر أصغر من محطة الفضاء الدولية التي أطلقت نموذجها الأول في عام 1998 وتزن حوالي 408 طنا.

وتعد قطع حطام الصاروخ الكبير هي أكبر كتلة تعود للأرض بشكل لا إرادي منذ محطة الفضاء التابعة للاتحاد السوفيتي Salyut 7 في عام 1991، وكذلك محطة الفضاء Skylab التابعة للولايات المتحدة الأمريكية عام 1979.

جوناثان ماكدويل عالم الفيزياء الفلكية في جامعة هارفارد تحدث لصحيفة جارديان حول الأمر وقال إن ما سيحدث ليس جيدا.

وصرح ماكدويل: “في المرة الأخيرة التي أطلقوا فيها صاروخ لونغ مارش 5 بي، انتهى الأمر بضبان معدنية طويلة كبيرة تحلق في السماء وتلحق بالضرر في ساحل العاج”.

معظم تلك القطع احترقت لكن كانت هناك قطع معدن كبيرة ضربت الأرض، ولحسن الحظ لم يصب أي شخص بمكروه.

قصة الصاروخ الصيني.. من آمال البناء إلى حطام تائه واتهامات بالإهمال

الصاروخ الصيني “لونغ مارش 5 بي” الذي يحمل الوحدة الأساسية لمحطة الفضاء الصينية. المصدر: getty

الآن ما الذي حدث لذلك الصاروخ ولماذا أصبح هناك خطر بسببه؟

بطريقة غير متوقعة بعد وصول الصاروخ إلى المدار، عاد أدراجه إلى الأرض، بعد انطلاقه بشكل ناجح وانفصاله عن المرحلة الرئيسية لمنصة الإطلاق بعد 492 ثانية من الطيران.

معظم المراحل الأولى للصواريخ التي تنطلق للسرعة المدارية تعود إلى الغلاف الجوي وتهبط إلى منطقة عودة محددة سابقا، أما الأجزاء الكبيرة من المراحل الثانية للصواريخ فهي تحترق أثناء الخروج من المدار لخفض الارتفاع وتقليل الوقت وكذلك تقليل فرص الاصطدام مع المركبات الفضائية الأخرى أو العودة على الفور إلى الغلاف الجوي.

كانت هناك بعض التكهنات بأن Long March 5B الصاروخ التائه في المدار حاليا، سيقوم ببعض المناورات لكي يبعد نفسه من المدار، لكن ذلك لم يحدث.

أصبح من المستحيل حاليا أن يتم التكهن أين ومتى تهبط أجزاء الصاروخ، سيزداد اضمحلال مداره مع انخفاض مقاومة الغلاف الجوي له، وتتوقف سرعة العملية على حجم الجسم وكثافته، وتشمل المتغيرات كذلك تغيرات الغلاف الجوي نفسه وتقلباته التي تتأثر بالنشاط الشمسي وعوامل أخرى.

هل توجد حوادث سابقة مماثلة؟

لنقسم تلك الحوادث إلى اثنين.. حادثة الاتحاد السوفيتي وحادثة الولايات المتحدة الأمريكية

أولا.. Salyut 7

 

بسبب نشاط مرتفع للغاية للنشاط الشمسي في أواخر الثمانينيات، تسبب ذلك في زيادة مقاومة الغلاف الجوي على المحطة وتسريع اضمحلالها المداري، ثم دخلت كوكب الأرض في هبوط غير مضبوط أو يمكن التحكم به في فبراير 1991 فوق بلدة كابيتان بيرموديز في الأرجنتين، بعد أن تجاوزت نقطة دخولها المقصودة، إذ كان من المفترض أن تتحطم في المحيط الهادي.

ثانيا.. Skylab

مجددا، زاد النشاط الشمسي أكثر من المتوقع، ما تسبب في تسخين الطبقات الخارجية للغلاف الجوي لتزداد الجاذبية أكثر وتتأثر محطة ٍSkylab في أواخر عام 1977.

التوقعات كانت تشير إلى أن هناك أكثر من 25 طنا من الحطام سينقسم إلى 500 قطعة ثم يسقط فوق منطقة مساحتها أكثر من 6400 كيلومتر وعرضها 1600 كيلو متر.

تمكنت ناسا من العمل لكي تعيد الاتصال مع Skylab مرة أخرى في 1978 وإعادة شحن بطارياتها، وكانت ناسا تخطط أكثر لكي تعزز المحطة بمكوك فضائي في 1978، لكن في ديسمبر من نفس العام، تخلت ناسا عن الفكرة، حينما أصبح من الواضح أن المكوك لن يكون جاهزا في الوقت المناسب لإنقاذ المحطة.

حدث سقوط محطة Skylab كان كبيرا للغاية عام 1979 واهتم الإعلام الدولي بالخبر للغاية، بل إنه كانت هناك قبعات وقمصان تباع بسبب الحدث نفسه.

ناسا حسبت الاحتمالات وقتها بأن نسبة 1 إلى 152 بأن الحطام سيضرب أي إنسان، ونسبة 1 إلى 7 بأن الحطام سيضرب أي مدينة بها 100 ألف شخص أو أكثر.

لكن المحطة لم تحترق أثناء عملية الهبوط كما توقعت ناسا، الحطام هبط على بعد 300 ميل من شرق بيرث في أستراليا الغربية آنذاك، بسبب خطأ بنسبة 4% في الحسابات.

الحطام هبط في منطقة غير مأهولة، لكن ناسا كانت تخشى أن يكون هناك أي إصابات بشرية أو تلف في الممتلكات وهو مالم يحدث.

 

 

قصة الصاروخ الصيني.. من آمال البناء إلى حطام تائه واتهامات بالإهمال

الصاروخ الصيني “الذي يحمل الوحدة الأساسية لمحطة الفضاء الصينية” الذي يحمل الوحدة الأساسية لمحطة الفضاء الصينية. رويترز

ما مصير الصاروخ الآن وأين يمكن أن يسقط؟

 

يوم الثلاثاء كانت نواة الصاروخ تدور حول الأرض كل 90 دقيقة بسرعة 27 ألف و600 كيلو متر على ارتفاع أكثر من 300 كيلو متر.

انخفض مدار النواة حتى الآن أكثر من 80 كيلو متر، وتشير التقارير إلى أن بعض الملاحظات أثبتت أنه يتدهور وليس تحت أي سيطرة، ما يجعل من المستحيل التنبؤ بمكان هبوطه عندما يسحبها الغلاف الجوي للأرض في النهاية.

ماكدويل قال إن النتيجة الأكثر ترجيحا أنها ستسقط في البحر، إذ يغطي المحيط حوالي 71% من الكوكب.

لكنه عاد ليؤكد أن بعض قطع الصاروخ ستنجو من عملية إعادة الدخول وسيكون الأمر بما يعادل تحطم طائرة صغيرة متناثرة على مسافة أكثر من 100 ميل.

منذ عام 1990 لم يُترك في المدار أكثر من 10 أطنان تعود إلى كوكب الأرض بشكل لا يمكن التحكم به ودون ضوابط، يعتقد أن النواة الأساسية لصاروخ لونغ مارش فايف بي ستكون حوالي من 21 طنا.

ووصف ماكدويل أن ما حدث هو إهمال كبير من جانب الصين، إذ أنه لا يمكن أن تتُرك هذه الكمية لتسقط بهذا الشكل إلى الأرض.

استنادا إلى مدار الصاروخ الحالي، فهو يمر فوق الأرض شمالا حتى نيويورك ومدريد وبيكين وجنوبا حتى جنوب تشيلسي وويلينغتون ونيوزلندا ويمكنه العودة إلى الأرض إلى أي نقطة داخل هذه المنطقة.

وبالنظر إلى سرعته، فتغيير بسيط في مساره قد يحدث فارقا كبيرا في مكان سقوطه، من المتوقع أن يعود إلى الأرض يوم 10 مايو بحد أقصى، وربما أقل من ذلك التاريخ بيومين.

فور معرفة يوم عودته بشكل واضح، سيتمكن الخبراء من تحديد موقع سقوطه في مسافة 6 ساعات.

الصاروخ ينذر بكارثة إن لم يتم التعامل معها بحكمة، فأين سيسقط وهل يتم تدارك أي أزمة قد تنذر بها عملية السقوط؟