تنظيم القاعدة في اليمن يفشل باستغلال معركة مأرب لرص صفوفه

 

أدت سنوات من النكسات إلى إضعاف فرع القاعدة اليمني، لكن المسلحين يحاولون انتهاز الفرصة لتجديد قوتهم – ولكن دون جدوى – بينما تخوض الحكومة والمتمردين الحوثيين معركة في الشمال.

قال مسؤولون أمنيون حكوميون وشيوخ عشائر، إن المعركة الشرسة على مأرب، التي احتدمت الشهر الماضي، تخلق فراغًا أمنيًا يحاول الإرهابيون استغلاله. كان يُنظر إليهم في السابق على أنهم أقوى فرع للقاعدة، فقد عانوا من عدة هزائم في السنوات الثلاث الماضية ، مما تركهم محرومين من الأراضي والمقاتلين ، وفي ظل الغموض الذي يحيط بمصير القيادة.

قال أحد مسؤولي المخابرات: “محافظة مأرب كانت المعقل الرئيسي للقاعدة في شبه الجزيرة العربية لسنوات”. في حين تكبد المقاتلون الرئيسيون في حرب اليمن التي استمرت ست سنوات خسائر فادحة في محاولة للسيطرة على مدينة مأرب، لا يزال تنظيم القاعدة الإرهابي في شبه الجزيرة العربية موجوداً في أماكن أخرى من المنطقة حيث يحتفظ بنفوذ في القرى والبلدات الصغيرة. وأضاف المسؤول: “بينما ينشغل الآخرون في القتال، فإنهم يحاولون تدريب المقاتلين مرة أخرى ويطلبون “الدعم المالي” من المجتمعات المحلية، إلا ان محاولاتهم تبوء بالفشل.

مدينة مأرب، عاصمة المحافظة الغنية بالنفط، هي آخر معقل شمالي للحكومة المعترف بها دوليًا والمدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية. وقال مسؤول مخابرات يمني آخر: “الحرب في مأرب يمكن أن تنهي حملة الضغط الأقصى التي كادت تقضي على (القاعدة في شبه الجزيرة العربية) في اليمن في السنوات القليلة الماضية”.

بعد توالي الهزائم.. تنظيم القاعدة في اليمن يحاول رص صفوفه دون جدوى

جنود يمنيون يقفون أمام سجن بداخله عناصر من القاعدة . المصدر: غيتي

صعود سريع قبل الإنهيار

جرى إنشاء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اجتماع للإرهابيين في يناير (كانون الثاني) 2009. المجموعة كان يقودها ناصر الوحيشي ونائبه سعيد الشهري، وهم سجناء سابقون في صنعاء وغوانتانامو.

في عام واحد، جند التنظيم مئات المقاتلين، وجذب الإرهابيين من آسيا وأفريقيا، وادعى القيام بالعديد من الهجمات، وحاول تفجير طائرة مدنية أمريكية. حتى أنه أصدرت واحدة من أولى المجلات الجهادية الإنكليزية على الإنترنت، بعنوان Inspire.

حتى قبل ذلك ، ظل تنظيم القاعدة يخيم على اليمن، وأعلنت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم عام 2000 على المدمرة “يو إس إس كول” في مدينة عدن الجنوبية والذي أسفر عن مقتل 17 عسكريًا أمريكيًا.

ويقول الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة حسام ردمان من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أنه عند ولادة الجماعة في 2009، كانت لدى عناصرها “أرضية قوية للتحرك وملاذات آمنة”.

لكن التنظيم لم يبلغ ذروته إلا في 2014 عندما بدأ باجتياح البلدات ثم سيطر على مدينة المكلا الجنوبية في 2015 لمدة عام كامل، بينما كان منافسه الرئيسي، تنظيم داعش الإرهابي، يتمدد هو الآخر في العراق وسوريا.

خارج اليمن، هاجمت الجماعة المجلة الساخرة الفرنسية شارلي إيبدو في عام 2015، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا.

انحدار تنظيم القاعدة في اليمن

عندما قادت المملكة العربية السعودية تحالفا عسكريا في اليمن في مارس (آذار) 2015 بهدف وقف تقدّم الحوثيين، كانت عينها على الجماعة المتطرفة أيضا.

وتولت الإمارات، العضو الرئيسي في التحالف، زمام المبادرة وقامت قواتها بطرد تنظيم القاعدة من القرى الواحدة تلو الأخرى بمساندة القوات الأمريكية وأسلحتها واستخباراتها.

في موازاة ذلك، تمكنت الطائرات بدون طيار والقوات الخاصة الأميركية من تحديد مكان القادة وقتلهم، بمن فيهم الوحيشي في عام 2015.

وبرز أمام التنظيم تحد آخر هو سعي تنظيم داعش الإرهابي الى التوسع على حسابه، فتصارع الخصمان على الأرض وتقاتلا على مدى سنوات.

ويقول مصدر قبلي لفرانس برس “كل هذه العناصر أضعفت قاعدة الجهاد في جزيرة العرب التي تواجه اليوم مشاكل مالية. وقد اتهم عدد من عناصرها بالخيانة، بينما انضم آخرون الى تنظيم داعش”.

على الرغم من كل ذلك، واصلت الجماعة “استغلال الفراغ الأمني الناجم عن الصراع المستمر” و”شن هجمات في مناطق جنوب ووسط اليمن مع إفلات نسبي من العقاب”، وفقا لتقرير أميركي سنوي عن الجماعات الإرهابية في 2019.

ووفقا للتقرير، بلغ عدد مقاتلي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بضعة آلاف في 2019.

ثم جاءت معركة مأرب التي تبعد نحو 120 كيلومترا شرق العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين.

ويؤكد المصدر القبلي إن القتال يساعد الجماعة على “إعادة تنظيم نفسها”.

 

القاعدة بعد الظواهري.. قيادات متصارعة على الزعامة و”العصابات” سمة أفرعها
الحادي عشر من سبتمبر، أحداث نيويورك الأليمة التي شكّلت بداية الإنحدار في نشاطاته تنظيم القاعدة، الذي على الرغم من دمويته في بعض الأحداث الفردية، إلّا أنّ قيادته بزعامة الرجل الهرم، أيمن الظواهري، أثبتت يوماً يعد يوم فشله، ففقد التنظيم القاعدة حضوره ميدانياً، فتراجعت ثقة أوساطه به في المنطقة، على مدى السنوات الماضية، وبات كلٌّ يغنّي على ليلاه.