الخناق بدأ يشتد على نظام كوريا الشمالية وذكرت مصادر لإذاعة آسيا الحرة ، أن بيونغ يانغ تشجع الناس على الحفاظ على المواد الغذائية ، وتعاقب الذين يهدرونه وذلك في إطار حملة وطنية تهدف الى حل موضوع نقص الغذاء الذي تفاقم بسبب الفيضانات الأخيرة.

وفي سياق ما وصفته بأنه “صراع لإنقاذ الغذاء” ، تحاول السلطات الكورية الشمالية تعويض نقص الحبوب الناجم عن الفيضانات الشديدة خلال الصيف والتي تسببت بها ثلاثة أعاصير متتالية في أغسطس / آب وفي سبتمبر/ أيلول , وأدت الى إتلاف الأراضي الزراعية وتدمير المحاصيل.

وتفيد التوجيهات الصادرة عن اللجنة المركزية لحزب العمال الكوري أن حماية الاقتصاد الاشتراكي تعتمد على قدرة المواطنين حفظ المواد الغذائية ، في وقت تقوم السلطات بقمع الأشخاص الذين يصنعون الكحول سرا من الحبوب ، وتهدد “بعقوبة قانونية شديدة”.

وقال مسؤول من مقاطعة شمال هامغيونغ في شمال شرق البلاد للخدمة الكورية في إذاعة آسيا الحرة يوم الاثنين “في بداية هذا الشهر ، أمرت اللجنة المركزية السكان بالمشاركة بنشاط في حل أزمة الغذاء لدينا هذا العام كجزء من الصراع لتوفير الطعام”.

وأكد المسؤول نفسه الذي رفض الكشف عن اسمه ان هذا الترتيب يشير الى أن النضال لا يحل فقط مشكلة كيف سنأكل ، بل هو مسألة حماية النظام الاشتراكي. كما حذر من أن السلطات ستكثف حملات القمع والعقاب بحق كل من يهدر الطعام.

أضاف أن ما وصفه بالكفاح هو إجراء مضاد للتعامل مع الانخفاض الكبير في إنتاج الحبوب. لافتا الى أن كوريا الشمالية لا تملك القدرة على تلبية طلبها على الحبوب في معظم السنوات ، لكن العجز زاد سوءًا بسبب الفيضانات هذا الصيف.

 

 

علاوة على ذلك ، فقد تسبب فيروس كورونا بإغلاق كوريا الشمالية لحدودها مع الصين, وتعليق كل انواع التجارة في يناير ، ما يعني أن الاعتماد على الواردات الغذائية ليس حلاً قابلاً للتطبيق لحل الأزمة.

وقال المسؤول في مقاطعة شمال هامغيونغ في شمال شرق البلاد إن اللجنة المركزية للحزب أمرت بعدم تجهيز الموائد الإحتفالية بأطعمة مصنوعة من الحبوب, وفرضت حظرا على كعك الأرز والخبز ، واقترحت الاستعاضة عنها بالفواكه والخضروات فقط.

أضاف المصدر نفسه أيضا أن المسؤولين لن يتمكنوا من الاستفادة من وضعهم لخرق القواعد ، ويجب أن يكونوا قدوة للناس.

وقال “لقد حذروا من أنه إذا تم القبض على المسؤولين وهم يهدرون الطعام ، فسوف يتعرضون للنقد والعقاب بشدة.”

وأكد مصدر آخر ، من مقاطعة ريانجانج المجاورة ، لوكالة إذاعة آسيا الحرة فياليوم نفسه أن السكان تلقوا الأمر هناك أيضًا.

وقال المصدر الثاني الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية “المزارعون الذين يضطرون لبيع الحبوب لشراء أشياء أخرى يحتاجون إليها, تعرضوا لإزعاج كبير, لأن سكان الريف ممنوعون الآن من بيع الحبوب في السوق”.

أضاف أن الحكومة يجب أن تجلب مساعدات غذائية من المجتمع الدولي في أوقات النقص ، لكن السلطات بدلاً من ذلك تجبر الناس على تقنين ما لديهم.

“الناس غاضبون ، ويقولون إن التحكم بتوزيع الغذاء سيجعل الوضع الصعب للجميع أسوأ.”

هذا وقد قدرت وزارة التوحيد في كوريا الجنوبية في مايو الفائت أن كوريا الشمالية سيكون لديها نقص بحوالى 860 ألف طن لإطعام سكانها.

لكن هذا التقدير تم إجراؤه قبل الفيضانات والأعاصير التي حدثت في أواخر الصيف ، والتي فقدت خلالها ما يقدر بنحو 200 ألف طن إضافي ، حسبما قال كوون تاي جين ، الخبير الكوري الجنوبي المتخصص في الزراعة في كوريا الشمالية ، لإذاعة آسيا الحرة.

وتواجه كوريا الشمالية، نقصا واسعا في الغذاء، تفاقم بسبب قرار إغلاق الحدود مع الصين بسبب فيروس كورونا المستجد، حيث تعتبر بكين مصدرا رئيسيا للغذاء لبيونغ يانغ.

وأدت الكوارث الطبيعية إلى تضرر موسم الحصاد في كوريا الشمالية، حيث ساهمت الفيضانات بالقضاء على المحاصيل في عدد من المدن الرئيسية في البلاد.
وأعلن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أنه سيواجه الموقف بشجاعة، مؤكدا أنه لن يقبل أي مساعدات خارجية بسبب الفيضانات التي شهدتها بيونغ يانغ.

وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي، شهدت كوريا الشمالية مجاعة مروّعة، على خلفية تفكك الاتحاد السوفيتي ودول معسكر  شرق اوروبا . أودت بحياة مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، وأصبح الأطفال يهيمون على وجوههم في الطرقات يتسولون ويسرقون، ما أجبر الحكومة على اللجوء إلى إجراءات غير عادية، مثل طلب تقديم مساعدات الغذاء من المجتمع الدولي.